الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربةالى مفهوم الهوية الوطنية

كامل داود
باحث

(رويَ اêيçï المïèçل ئ الكêçè في الïيوçنيé)

2008 / 12 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في خضم هذه الحزمة من المفاهيم المعاصرة التي طفحت على سطح الخطاب السياسي النخبوي ، أصبح من الصعوبة بمكان، أن نجد تعريفا محدداً لمفهوم الهوية ، ولعل مرد هذا الاستعصاء على الوضوح هو نجاح مفهوم الهوية في الانتشار السريع وذيوعه اللافت سواء على الْسِنة السياسيين أو أقلام المشتغلين في الاجتماع السياسي ، حيث إن اتساع دائرة التداول للمفاهيم لا يزيدها الا غموضا والتباسا وهذا يكاد أن ينطبق على معظم فروع المعرفة .
ومما زاد الأمر تعقيدا تداخل مفهوم الهوية بقوة مع مفاهيم أخرى مثل المواطنة أو الولاء حتى أوشكت أن تتبادل مواقعها عند الكثير من الذين يتداولون ها المفهوم .
فلو اُريد التنقيب عن هذا المصطلح في مظانه لوجِد انه لا يعدو أن يكون مصطلحا غربيا كالعادة ، وانه قد ظهر في الستينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة تحديدا وقد انحصر استخدامه في طرح مشكلة الاقليات ، اما المصطلح العربي فيشير الى مدلول اقرب الى الفلسفة منه الى علم الاجتماع ففي كتابه "التعريفات" يُعَرِّفُ الجرجاني الهُوِيَّةَ بأنها: "الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق إشتمال النُّواة على الشجرة في الغيب المطلق" فمن المؤكد ان تشم رائحة الفلسفة في هذا التعريف فيما نرى ان الهوية (تلفظ عند الاقدمين مضمومة ) وعليه يمكن الجزم ان اشتقاقها من الضمير ( هو ) ، في حين ان المصطلح الحديث ينتمي الى علم الاجتماع ويكاد اشتقاقه اللغوي يقترب من( الهوى) او الانتماء الذي ممكن ان يتحول الى ادراك متعمق للوجود يجعل العلاقة مع الآخرين متكاملة.
فيما تحدد المواطنة كنه الرابطة بين الدولة والفرد وهي دالة قانونية تبنى على منظومة الحقوق المدنية والسياسية ،الأساسي منها والمكتسب ، فضلا عن الواجبات التي تحددهما القوانين الأساسية للدولة وان مفهوم المواطنة ينبثق من الوطن كرابط جغرافي أما الهوية فتكون اقرب إلى التاريخ، والهوية ممكن أن تتسامى وتتحول إلى مواطنة وحينئذٍ تكون الأساس لبناء الدولة الحديثة .فالمواطنة تتعدى كل الهويات الفرعية الأخرى وهي هوية كبرى وانتماء موضوعي للدولة الحاضنة للجماعات المتشاركة في جغرافية الوطن .
ان الهوية ممكن ان تكون دافعا للرفاه تمنح حامليها دفء الانتماء للجماعة وتمدهم بالتضامن والاستقرار، ولكن عندما تضيق محدداتهها وتختزل القواسم المشتركة، تتحول الى مصدر للترويع والعنف حينها يكون التفرد مدخلاً لتعاطي فن الكراهية وامحاء الاخرين.
ويبدو الاهتمام بالهوية الوطنية العراقية قد فرض نفسه كناتج عرضي لسقوط الدكتاتورية وهروع الهويات الفرعية بقفزة واسعة الى الوراء بما يناهز قرن من تاريخ العراق المعاصر والعكوف لمراجعة العقد الاجتماعي الذي تشكلت به الدولة العراقية عام 1921وبعثرة حبات هذا العقد ومن ثم التزاحم على لظمها بخيط من غزل آخر يقوى على تحمل الشد بأيدي متعاطي السياسة في الموزائيك العراقي.
فلم يلد ذلك سوى الاختلال في مسار الهوية الوطنية وتمظهره بالانكفاء على الو لاءات الصغيرة والحاضنات الفرعية والجنوح بدفة الانتماء صوب الصراع على عملية توزيع المواقع السياسية والاجتماعية والاحتكام إلى المحاصصة على وفق تلك الولاءات الأمر الذي يكرس عوامل التقسيم والاحتماء بالعصبيات النكوصية .
لا ريب إن الدولة المدنية الحديثة بمختلف مؤسساتها الوطنية تمتلك القدرة على تفكيك منظومة الولاءات الجزئية والارتقاء بها إلى أفق أوسع من غير أن تلغيها بالقسر والإكراه وترمي مواطنيها في أتون الضياع والاغتراب، والحالة هذه يسهل استهدافهم من قبل (دوقات) الطوائف وتجييشهم في تحقيق أهداف ذاتية غالبا ما تكون مصدرا لتهديد السلم الأهلي وتقويض بناء دولة المواطنة والحيلولة دون قيامها بأهم واجب من واجباتها وهو إدارة الفعاليات الاقتصادية والاستفادة من الموارد والطاقات وإيجاد الفائض الاقتصادي المطلوب في تذليل المشكلة الاقتصادية وإعادة بناء العلاقات الإنتاجية المؤدية للعدالة الاجتماعية من خلال تحقيق أقصى ناتج إجمالي .
فلا بد للدولة أن تضع نصب أعينها كل ما يبعث التوازن والاستقرار في المجتمع والذي بدوره يكون قاعدة لتطوير الإنتاج وخلق حالة من النمو والتكامل بين القطاعات الاقتصادية المختلفة مما ينعكس على زيادة الإنتاج الاجتماعي وانتعاش المواطنة السليمة لتكون الأساس المتين لصنع المنجز الحضاري وهنا تكون العلاقات الإنتاجية هي جوهر الحركة الاجتماعية المجسدة لهوية الجماعة الوطنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق تركي ينجح في صناعة طائرات مسيرة لأغراض مدنية | #مراسلو_


.. انتخابات الرئاسة الأميركية..في انتظار مناظرة بايدن وترامب ال




.. المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور إسرائيل لتجنب التصعيد مع


.. صاروخ استطلاع يستهدف مدنيين في رفح




.. ما أبرز ما تناولته الصحف العالمية بشأن الحرب في قطاع غزة؟