الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في زمن الخسارات

باسم الخندقجي

2008 / 12 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


راديكالية الأدب

من هول الماساة يبرز بشدة قهر المستحيل,و لا شىء ينقص الآن سوى اكمال ما بداه الذين قال عنهم مكسيم غورغي ..(الشعراء هم رسل الحق,و انبياء الكلمات)
اولئك الكتاب و المفكرين الذين بكلمات بسيطة استطاعوا ! ان يخلقوا ! وطنا يدفىء الوطن الذي بات يحتضر من شدة البرد و الجنون .
في (المسالة الفلسطينية ) الفعل الحقيقي المؤثر المتكامل مع أي فعل آخر, هو فعل الكلمات التي يدركها المرء صاحب القدرة الذكية على التفاهم مع انعكاسات ماساته, و من هذه الاخيرة ينجز المبدع الاسطورة الخاصة لمن يمثلهم .
فالقدرة الخارقة لدى الشعب الفلسطيني,و التي تتمثل في ظهور و تجدد الابداع على هيئة اشخاص خارقين بدورهم للمأساة ,تساهم بشكل فعال في تعزيز الاندفاع تجاه تحقيق المنشود,و من هنا فان عملية البحث عن نص يصل في عمقه و صدقه الى درجة القداسة في نقله للمأساة الفلسطينية يساعد في تحويل الابداع من طفرة او حالة تتجدد ما بين فترة و اخرى , الى نمط سائد يباغت الاخر و يفاجىء الذين لا يتوقعون شيئا من شعب فقد ارضه و شرد في اصقاع الارض .
و التاريخ في جدله المثير يدعم و يؤكد التجربة الابداعية (الكلماتية) الفلسطينية من خلال ما يحتويه من تجارب و امثلة تتقاطع في بعض الجوانب مع رسل الكلمات لفلسطينين, فالذين حملوا على كاهلهم و اقلامهم تمثيل المعاناة الجماعية و التطلعات (الثورية لشعوبهم ) اما ادبا او فكرا او ثقافة هم الذين اسسوا تاريخ الأدب الانساني الاسطوري الذي يعد جواهر نفيسة تسعى جاهدة الى اضفاء مسحة جمال على جسد الانسانسية المثخن بالجراح.
كما ان الابداع الادبي على وجه التحديد , هو نتاج لانعكاسات ماساة او حدث ادمى قلب العدل و الانسانية, و لكن وحدها التى تجعل الاندماج و التوحد ممكنين ما بين الكاتب و ماساته هي تلك القدرة على التقاط الهاجس لاذي تطلقه الماساة في اجواء الكتابة , دون ان ترشد المتأثر و الملتقي اليه ,فهو بعبقريته او بالاحرى سعيه الى ايجاد دفقات الكلمات ووقودها يقوده الى التقاء الهاجس, و الاهم من ذلك هو تمكنه من اعداد اللغة المناسبة للتناغم ما بين الكاتب و هاجسه فهذا الاخير هو الذي يحتوي داخلة على خلاصة و كثافة الماساة التي تتمثل في ضرورة ايصال (او حكي القصة)و الايمان بان نشرها بابداعية ساطعة كفيل بالاسهام في حماية الذاكرة الجمعية من جهة , و تلبية التطلعات و الاهداف الشعبية المنشودة من جهة اخرى.
هاجس الماساة هو وقود الكلمات بل هو منبعها الخالي من شوائب الابتزال و المالوف و الحقد المزيف, و في المرحلة الحالية لا يمكن القول ان هاجس الماساة ما زال يتمتع بوهج ساطع, فالمتغيرات في عوامل القضية الفلسطينية الذاتية ادت بصورة غير مباشرة الى اضعاف عناصر الماساة و اهمها هاجسها الذي يطالب بعدم تهميشه,و المطلوب الان بعد رحيل شاعر التيه و هوميروس الفلسطيني (محمود درويش) هو البحث عن هاجس غيابه و تاثيراته , بعد ان كان شاعل الثورة رسولا لماساته من خلال الكلمات و القصائد الملحاحية تتمثل في ايجاد (تقنية ) ادبية تتناسب و تجربة الشعب الفلسطيني و المفعمة بالحزن و الخذلان,تقنية تحفز على الابداع المستمر و تستفز الهاجس بشدة لكي يتمرد الأدب و يتحرر اكثر من أي وقت مضى و في مرحلة الخسارات و ضياع الارض ثم استرجاع بعضها ثم اختلال هذا البعض,تتجلى ضرورة حماية الأدب بشكل خاص و ابرازه و تجديده عبر مفكرين و نقاد و ادباء و كتاب ,يعتمدون منهجا علميا صارما و (تقنيا) في التعامل مع الحراك الادبي الفلسطيني و كيفية تحويله ادب يمثل بوضوح و براديكالية صادقة (عمق الماساة لكي يصبح ادبا فلسطينيا مؤسس على قاعدته الاصيلة الا و هي الأدب المقاوم الذي كان نتاجا عظيما لعقليات مبدعة و عبقرية نشات و ترعرعت في اجواء ما بعد النكبة و هواجسها .
لذلك فان الاسئلة الكبيرة المتعلقة بالانتاج الادبي و (الثقافي) الفلسطيني تبرز بعد الغياب المفجع لمحمود درويش ,و الاجابة الصحيحة تتمحور في تحويل الأدب الوطني و(المحلي) الى ادب عالمي في زمن و عالم مفتوحين على كل الفضاءات ,الا ان التحول نحو العالمية يصبح تهديدا و خطرا كبيرين اذا لم يكن الأدب متينا و متماسكا و قادرا على محاكاة الآداب الاخرى بعناصره الخلاقة و المبدعة ان الاتفاق على تسمية الانتاج الكتابي المقروء في كافة المجالات و الاصناف ادبا .
لا يمكن ان يتم و ان يحقق هدفه الانساني النبيل ,التمثيل الصادق للمعاناة و الفرح و الحزن و العرس و الجنازة .
اذا لم تكن التقنية الشرفة على استيعاب و اعداد و بناء الأدب قائمة على اساس نقد معرفي, نقد لا يتعاون مع الرديء و لا يعترف بحلول الوسط مع الانتاج المكتوب,
و لعل ابتكار تلك التقنية وحده ما يكفل الوصول الى الأدب الفبسطيني الذي يواجه العالمية بطمأنينة و صدر رحب .
و الان اكثر من أي وقت مضى على المبدع ان يستمد الكلمات من وطنه و ماساته و من رسل الكلمات الذين رحلو مخلفين وراءهم الكلمات و قهر المستحيل

الاسير باســـــــــــم الخندقجي
سجن جلبوع المركزي
الحكم مدى الحياة
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل


.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف




.. استطلاع: ارتفاع نسبة تأييد بايدن إلى 37% | #أميركا_اليوم


.. ترامب يطرح خطة سلام لأوكرانيا في حال فوزه بالانتخابات | #أمي




.. -أنت ترتكب إبادة-.. داعمون لغزة يطوقون مقر إقامة وزير الدفاع