الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوة اليسار.. رؤية وتفائل ..!

كريم الشريفي

2008 / 12 / 27
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


يقول الفيلسوف الأقتصادي برودون في كتابة فلسفة البؤس(( يمكن التخلص من الجوانب الردئية للرأسمالية ، مثل تبادل البضائع بدون نقود، والتسليف المجاني للمشاريع..بهذه الزوائد الضارة يمكن ازالة الأستغلال ، وعدم الوقوع بالأزمات الملازمة للرأسمالية ، وبالتالي كبح شهوة الأستغلال)).وهذه الزوائد الضارة يناضل في ازالتها ومن اجلها اليسار من عقود ! رغم ذلك رّد ماركس علية بشكل مُفحم في كتابه ـ بؤس الفلسفة ـ عندما قال (( لابد من الرأسمالية ان تُخّلي المكان تماماً الى نظام أجتماعي أفضل وأرفع مقاماً )) ! يبدو ان اليسار يبرهن على هذه النتيجة وان تعددت الأساليب التي يتبعها وهي في الغالب سلمية . خصوصاً, اذا كان الخطاب مدروس بالتوجيه والتعبئة الى النخّب الليبرالية المتفتحة ، وهي اجدى وأفضل من اخطبوطات ومنّظري الغيب الديني وهذا يؤكد قول ماركس ثانية (( الطاحونة اليدوية تعطيكم مجتمعاً يقف على رأسه السيد الأقطاعي ، بينما تعطي الطاحونة البخارية مجتمعاً برئاسة الرأسمالي الصناعي)) !
إن مشهد قوى اليسار الحالي والتنظيرات التي نقرأها هنا وهناك حوله تدعو الى التفائل والطمأنينة عليه، رغم ضبّابية الصورة، وتبعثر البرامج ، وتشتت النُخّب التي تنظر له .. حيث تفتقر هذه الرؤى الى اجندة علمية تحدد ملامح هذا اليسار وتبلور شكله ومضمونه بعد تلاقح الرؤى الجديدة والأستفادة من التحولات الأجتماعية والأقتصادية التي تحصل في المجتمعات على كل المستويات .. لتؤطر برامج يسهل تطبيقها على الأرض بشكل حقيقي وممكن ليترسخ تأثيرها بين شرائح وقطاعات عريضة فاعلة في المجتمعات، لاسيما مكونات المجتمع المدني من مثقفين ، جامعيين، نقابيين، ومنظمات غير حكومية واحزاب تؤمن باليسار واطروحاته الخ.... أن قوى اليسار مرت بكبوات أثرت على انطلاقها، وواجهت الكثير من حالات التبعثر خلال الحرب الباردة بين القطبين الأتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية ، لكن كل ذلك لن يعيق عملها ..صحيح انها راوحت، وربما اصابها الخّدر، لكنها لم تتعطل .وظلت تطالب بالحد الأدنى من تحقيق الأهداف،لذلك رفعت شعارات منطقية يتسيغها الواقع ويقبلها العقل.. من هذه الشعارات هي العدالة الأجتماعية ،والرفاه الأقتصادي للمجتمعات رغم التباين الفكري والأقتصادي والأجتماعي بينها، لانها اهداف أممية واليسار فكر كوني بأهدافه وبرامجه. ان الهدف الرئيسي من برامج اليسار في البلدان الأقل تطوراً ونمواً هو بسط المعرفة والعلم وانتشارهما في هذه البلدان الأقل تقدم صناعيا وتكنلوجيا. خصوصا بعد تفشي عوامل التغيّيب العقلي ،وتجذر الخرافات ، وترسيخ المعتقدات المطلقة التي تقّيد حركة ومصير الأنسان ولجم عقله. اليسار برمته يعمل تحت الشمس وبالنور لتّحرر العقل البشري حتى يتخلص من حالات الأرتداد ،والأنكسار ، والتراجع ، نتيجة تغييب العقل المُبصر وسلب ارادته الواعية والعودة به الى البدائية في التفكير والسلوك .
قبل الخوض بأنجازات اليسار التي نراها على الأرض من خلال برامج الأحزاب الديمقراطية، والليبرالية، والأشتراكية التي إلتفت عليها بالتّبني في اوربا. علينا ان نلقي الضوء على مفهوم اليسار وجذر التسمية التأريخي قبل كل شيئ .ان مفهوم اليسار أو الجناح اليساري يرتبط دائماً اما بنظام حكم أو بمذهب فكري، أو بحزب سياسي، أو بأيديولوجية معينة قبل ان يكون فلسفة بذاته. أما جذره التأريخي ونشأة اللفظ حسب المصادر العلمية .. التي تقول انه جاء مع قيام الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1789 التي مهدت لقيام الثورة الفرنسية . حيث كان الأعضاء اللذين يمثلون الأرستقراطية يجلسون على يمين رئيس المجلس ، بينما كان ممثلو الشعب يجلسون الى اليسار منه ، حتى أصبح هذا المفهوم شائعاً في كل المجالس النيابية الأوربية . (دائرة المعارف الفرنسية). ليكون شبه عرف في بروتوكولات البرلمانات وأجندتها. حيث تتجمع العناصر الرديكالية التقدمية في المقاعد اليسرى من منصة الرئيس بينما يجلس المحافظون على الجهة اليمنى . أن توسع وشيوع هذا الأصطلاح تبلور الى اكثر من ذلك حتى اصبح هوية للمعارضين للحكومات ، بينما المؤيدون لها يُعتبرون من المحافظين . وهذا لم يكن حكراً واستعمالاً فقط في البرلمانات ، بل بمرور الزمن بدأ يحصل هذا التقسيم داخل الحزب الواحد ذات الصبغة الأيديولوجية الواحدة . بل الأحزاب نفسها تجد فيها هذا التصنيف وتسمع احدهم يساري والأخر مهادن . واكثر من ذلك هذا التصنيف شمل المذاهب السياسية ذاتها كالأشتراكية ..وانقسمت الأحزاب الشيوعية بدورها الى اجنحة يمينية ويسارية وخير مثال على ذلك هو الخلاف الذي حصل بين جوزيف استالين وتروتسكي من جهة ، وبين تيتو واستالين عام 1948 ،ثم النزاع بين موسكو وبكين فيما بعد والأمثلة كثيرة. أما اليسار الجديد هو بالحقيقة حركة ماركسية والغريب انها تطورت بالولايات المتحدة الأمريكية متخذةً اهدافاً عريضة منها الحقوق المدنية ، مشاركة السود بالأنتخابات ، تطبيق الديمقراطية ، الأسهام المباشر بقيادة النقابات، المناداة بالعدالة الأجتماعية ، نبذ الحركات العنصرية والتمييز العرقي الخ.. ومن اشهر هذه التجمعات التي تتبنى هذه المطالب هي منظمة حركة الطلاب اليسارية ،وحزب النمور السود، وحركة الحقوق المدنية للسود ..الى ان تبلور فهم جديد لليسار في اوساط الأكادميين ، والطلبة واشتهر نفوذهم من خلال التنظيرات التي قام بها المفكرين امثال نعوم شومسكي ، اميتر ، ساكو وغيرهم. تطور نشاط الحركات الطلابية حتى في اوربا التي اخذ فيها بعدا عالمياً عريضاً. كما انتشر النفوذ اليساري اواخر الستينات من القرن الماضي خصوصا تظاهرات الطلبة في الجامعات الفرنسية التي احدثت ضجة كبيرة وقتها . لدرجة ان الحركات اليسارية بدأت تنظم نفسها ونشاطاتها اواسط السبعينات لتتخذ اشكالاً من النضال السلمي ..تقوم بالمظاهرات ، والأحتجاجات من اجل اهداف اجتماعية ، وسياسية ،منها نبذ العنف ، وتأكيد السلم العالمي ، وزيادة الضمانات الأجتماعية ، وخلق فرص عمل ، واعانة العاطلين عن العمل الخ... هذه هي مطالب اليسار واهدافه. لذلك ندعو النخب والمفكرين اليساريين بأن تتوحد جهودهم على المطالب التي يناضل من اجلها اليسار اجمعه لان اهدافه اممية وفلسفته كونية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا للمراجعة البسيطة
صائب خليل ( 2008 / 12 / 27 - 12:16 )
الأستاذ كريم الشريفي المحترم
شكرا لك لهذه المراجعة التاريخية الجميلة والسريعة لليسار وبشكل خاص أجد ان المقدمة ذات فائدة مباشرة بالنسبة لي في بحث من أجل مقالة صغيرة مماثلة عن الموضوع، لذلك اشكرك مقدماً. تقبل تحياتي واحترامي

اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف