الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين الإلهي أم العلمانية هي النور المبين والحصن المتين

جمان حلاّوي

2008 / 12 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ردا" على مقالة السيدة ( راندا شوقي الحمامصي ) تحت عنوان ( الدين الإلهي هو النور المبين والحصن المتين ) المنشورة في العدد 2506 من الحوار المتمدن بتاريخ 25/12/2008 ، وبعد تأكيداتها المستمرة على وجود التفاهم والانسجام بين الدين والعلم وان الدين هو الحل البديل لتضامن الشعوب وتطورها. ومن منطلق التوضيح أجدني أبدأ من البداية وابحث في ماهية صانع الدين وفارض العبادة وهو الإله وأقول إن كان هناك انسجام وتوافق بين الدين والعلم فأين يكون الإله من هذا إن كان خارج المادة وخارج المنطق والتوازن الجبري ؟ فأن كانت السيدة الفاضلة تؤمن بالعلم والمنطق والتجريب الاختباري يكون الإله لا وجود له !
أما أن كانت السيدة رافضة للعلم والمنطق والتزمت بمبدأ صيرورة الأشياء التي لا تعريف لها أو تعليل والتي هي كامنة خارج الوجود المادي فأنت تعيشين فانتازيا جميلة كقصة الأميرة النائمة !
وفي كلا الحالتين يكون الإله الخفي المستتر غير موجود إذ ليس هناك مفهوم غير خاضع للتوازن والمنطق وبالتالي فأن هذا الإله المفترض لايمكن أن يحمل حكمة بدون توازن منطقي ، وأن كان هو القوة الخفية التي لا يمكن حصرها بالمادة أو طاقاتها الفوتونية فهذا كلام خارج المنطق فالقوة هي نتاج الطاقة والأخيرة هي إحدى أشكال المادة ..
لنكن عقلانيين ولنفكر في الواقع الذي عاشته الشعوب في دحض سخافات الكنيسة حين تعارضت مع حقيقة العلم التجريبي لغاليلو على سبيل المثال حين اثبت أن الأرض كروي وإنها جرم سماوي يدور حول نفسه وحول الشمس بفعل التجاذبات التوازنية في الكون لاغير فاتهمته بالهرطقة وأذلّته ، وطاردت كوبرنيكوس حين اثبت أن الأرض ليست مركز السماء وإنها ليست مسطحة كصحن الطعام.
أين الإله اللامادي ضمن هذا الوجود المادي المتوازن والمدروس !
أين هو المسيح الذي يسير فوق الماء لاغيا" الجذب الأرضي !
أين هو موسى الذي شق البحر الأحمر بعصاه ليمر أصحابه ومريديه جاعلا" السمك يتطافر فزعا" بدون ماء !!
أين هو محمد حين فلق القمر نصفين فوق جزيرة العرب ولم تلحظه الشعوب الاخرى ولم يختل نظام الأرض التجاذبي !!
هذه فانتازيا وحكايات لها أغراض !

تقول السيد الفاضلة (إن ألعباده حس فطرى وذاتي لدى الجنس البشرى) لماذا لم يحصل معي أنا بالذات هذا الحس الفطري .. إن العبادة والدين وجدا أصلا" لحل إشكالات تعويضية بسبب من إرهاب الطبيعة القاسية وعدم امتلاك الإنسان البدائي المنسلخ عن النياندرتال إلى عوامل مقاومة الطبيعة كالأظافر والفرو والأنياب وقسوة الجسد وجلادته ، كان الإنسان رقيقا ضعيف المعدة لكن كبير الدماغ فأستنتج وبسبب من قدرة دماغه الجديد المقسم المتخصص والذي يحمل إمكانيات التخيل وخلق عوالم غير موجودة في الواقع بل في خياله الخصب فحسب ، ونتيجة لعدم إلمامه بحقيقة هذه العوامل وكيفية نشوءها ليتعامل معها ويعالجها بالأسلوب المناسب لتقويضها أو الحد منها توصل وقتها إلى أن كل ما هو خارق فوق طاقته لايمكن أن يأتي من لاشيء بل أن هناك قوة مسيطرة وهي بالتأكيد ليست فوق الأرض قربه بل هي خارج هذا النطاق فجسـّدها بالشمس تارة والقمر تارة أخرى وجعل لها وسائط أرضية لتوصله إليها فكلم الشجرة العتيقة المخيفة قربه علها تكون وسيطا" مع الإله العلوي الذي لا يستطيع الوصول إليه ( كما في قصة موسى حين كلـّم الرب )
وبما أن الإنسان البدائي كان يتخيل أن إرضاء الإله وإسكات ثورته بإسكات جوعه وملء معدته كون هذا الفعل إنساني عكسه الإنسان البدائي على الرب المفترض فقام بتقديم القرابين من الحيوانات ( كالكبش في قصة إبراهيم حين همّ بذبح ابنه إسماعيل فمنعه الرب وأراد أن يأكل كبشا" بدله !!)

هكذا ظهرت العبادة ، فهي ليست حس فطري بل هي صنيع رد الفعل الانتقائي تجاه الطبيعة بسبب اتساع خيال الإنسان وإلا فلماذا لا تمتلك الحيوانات الأخرى هذا الحس الفطري وان الأمر مقصور على الإنسان فقط مادامت هي أيضا من خلق الإله ووجوب عبادته متشكـّرة منه لما فعل في إيجادها ؟!!
ومن ثم حين أصبحت هذه الطقوس العبادية مثمرة في إقناع الناس البسطاء في حل مشاكلهم دون الاستعانة بأدمغتهم الخاوية ( حسب قاعدة السذج : ارمها برأس عالم واخرج منها سالم !!) استغل رأس هذه الجماعات مكانته الأبوية ليكون وكيل وخليفة الإله المفترض على الأرض في تسيير أمور هذا التجمع البدائي فتحول الدين من طقوس رضائية كرد فعل لهجمات الطبيعة إلى قانون وضعي للسيطرة على الآخرين وفرض الإتاوات واستغلال جهد الآخرين واستعبادهم باسم الرب المفترض الذي تحول إلى عصا وسوط بيد وكيل الرب وجاء ذلك بعد اكتشاف الزراعة بالضبط وحاجة الأب / وكيل الرب وأبناءه ( السدنة ) إلى استثمار الأرض من حراثة وسقي وحصاد ..الخ

وللرجوع إلى مقالة السيدة الفاضلة نلمس مبدأ العاطفة في نهجها ألمقالاتي وكأن الأمر بين الدين السلفي وبين العالم المتمدن هو عرس وتحاب وتوافق وانسجام ! لا سيدتي ، انه ليس كذلك فالدين هو عدو العلم وهو المعيق للعلم وللتحضر وهو الذي اعدم العلماء على مر التاريخ وحرق الكتب العلمية وطارد التجريبيين لان العلم يلغي وجود اللامتوازن واللامادي ولا يقبل إلا أن يتعرف على أجزاء الأشياء ومكوناتها ليستطيع جمعها أو تفكيكها وتفتيتها ( كما في المفاعلات النووية ) لخلق مكونات أخرى ذات مواصفات مختلف تماما" عن المكونان الأولية لخدمة البشرية ( أو خدمة أغراضه التوسعية ) أما أن يكون الإله لا وصف له ولا يحده مكان وزمان فهذا مفهوم يرفضه العلم جملة وتفصيلا .

وما تذكر السيدة الفاضلة من أن الدين هو بديل العلم في تنوير وتغيير العالم نحو الأفضل ، كيف نفكر بهذه الطريقة العاطفية السمجة فالدين هو الجمود والارتكاس وهو القوالب الثابتة التي لا تقبل التغيير والمرونة والتحول الديالكتيكي ، ثم كيف نجعل الدين هداية للعالم إذا كان :
1/4 من القرآن تهديد ووعيد فأن لم تعبدوني يا ويلكم من عذاب النار !
والربع الثاني في شؤون زوجات محمد !
والربع الثالث في الجن والأبالسة المفترضة !
أما الربع الرابع والخطير والذي يمسـّك سيدتي هو تحقير المرأة وإلغاء وجودها والنظرة الدونية لها في جعلها إحدى أربع نساء يمتلكهم الرجل !
وان لها وهي المرأة العاملة التي تعيل العائلة نصف ما لأخيها الذي لا تلمـّه إلا الشوارع ( وأنت عربية تعيشين هذا الواقع المرير )خصوصا" وشعوبنا العربية عاشت ومازالت تعيش حروبا " وقودها أزواج هذه النسوة الثكلى مضطرة أن تعيل أبنائها بدل الزوج القتيل فيأتي الأخ الهارب من واجب الدفاع ويأخذ ضعف ما تأخذ من ميراث . هل هذه قسمة ظيزى ؟!!

إضافة إلى الحكايات والقصص التي تحط من مكانة المرأة كغواية حواء لآدم الغافل في أكله تفاحة الحقيقة بعد تواطؤها مع الأفعى / الشيطان !
وشبقية امرأة العزيز في رغبتها اللا أخلاقية مع يوسف وهي المرأة المتزوجة ،
أو تحريض زوج نوح بعدم الصعود إلى السفينة وتسفيهها لفعلة في عمل السفينة !
وهناك سارة التي جعلت بمكرها أن يرمي إبراهيم زوجه الأولى هوابنه في غياهب صحراء الجزيرة العربية ، في ارض لا زرع فيها ولا ماء !!
أو نساء يهود موسى اللواتي كن يغرين الرجال عدم طاعة موسى حتى أرسل لهم المن والسلوى ، لكنهن كن راقصات غاويات اسكرن الرجال ليخونوا موسى وهو يكلم الرب لإنقاذهم من التيه فينحتوا العجل
أليس كل ما قلته مذكور في القرآن ؟

هذه هي صورة المرأة في الأديان ، والقرآن بالذات .. المرأة الغاوية الفاجرة الدنيئة ، هكذا تنظر الأديان للمرأة فكيف تريدين من هذه الكتب أن تخلق مجتمعا" سويا" متحضرا" وكما نراه في مجتمعاتنا من إذلال للمرأة وجبرها على لبس الحجاب ومنعها من ممارسة حياتها أسوة بالرجل إضافة إلى قوانين الأحوال المدنية التي تعتمد على التشريع الإسلامي التي ذكرتها سابقا" .
إن سبب هذه النظرة الدونية للمرأة على مر الأزمان جاء بعد حقبة الأمومة حين كان الرجل خائفا" تحميه الأم في الكهوف .. لكن بعد اكتشاف الزراعة وسيطرة الرجل على المجتمع الزراعي بسبب من قوته الجسدية وانزواء المرأة إلى الرضاعة والخدمة المنزلية ( وأقصد منها غسل ملابس وترتيب لوازم الرجل وهو بداية الإذلال ) تحول جشع الرجل إلى سحق المرأة كانسان ضعيف إضافة إلى سحق الآخرين من الأسرى والمهزومين لاستعبادهم .

وللرجوع إلى مقالة السيدة أقول : كيف هو الانسجام بين الدين والعالم المتحضر مما قلته سابقا" ؟ وأين هو التفاهم بين المنهج المدروس مع الدين الغيبي الدوغمائي الفانتازي الذي يحيي الموتى وهي رميم وان الشمس والقمر آيتان يسجدان للأرض وان النجوم هي مصابيح معلقة تنير الأرض وان الشهب هي رجم للشياطين ؟!! وعلى ذكر الشياطين والجن والأرواح فهي كمفهوم الإله الغامض غير معروف المحتوى ولا يدركه العقل !أتساءل لماذا ؟
لماذا هذا الغموض وعدم الشفافية أن كنت تريدين فعلا سيدتي أن يخدم الدين البشرية وفي تقدم العلم والصناعة؟
إن الدين الإلهي ليس إطلاقا" هو النور المبين فهو لا يمتلك أية شفافية واضحة ، وهو ليس الحصن المتين إذ تحول الدين إلى مؤسسة إرهاب تقتل الناس الأبرياء بعد أن لم يستطع الدين إقناع الناس بضرورته إذ أن كل جهة لا تستطيع الإقناع تستعمل العنف ، فكيف يكون الدين الحصن المنيع للناس ؟
فهل هناك ثمة شك في أن العلم و العلمانية هما النور المبين والحصن المتين ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تلفييق لا توفيق
محمد المصري ( 2008 / 12 / 28 - 21:15 )
ظني أن القائلين برأي الكاتبة المشار إليها , هم ممن يقصدون تصالحا مع الذات على حساب ما هو موضوعي , فالدين الخرافي اللاموضوعي في طبيعته هو بمثابة نسيج ضام يربط الفرد بمجتمعه برباط شرعية الإنتماء لذلك المجتمع , وهو مما لا يعمل فيه الفرد العادي عقلا , بل يقوم الكهنة نيابة عنه بحشو عقله بتبريرات ودعايات التهليل والتمجيد التي تصنع من الكيان الديني الأحفوري الميت كائنا حيا, وتلك الدعاوى التلفيقية بين دين وعلم جديرة بالرد على نهج كاتب المقال, إن كنا صادقين أو مهمومين حقا باللحاق بركب الحضارة


2 - أبدعت حين كتبت
تاج الدين النوبي ( 2008 / 12 / 29 - 06:17 )
شكرا على هذا الموضوع الشيق والهادف, والشكر موصول للعلم والعلماء الذين اناروا عقولنا واخرجونا من الظلمات الى النور, واقول لكل من يعتقد بوجود اله على النمط الاسلامي او المسيحي او اليهودي بان البشر الحقيقين قد اخترعوا لك الانترنت والموبايل بدلا من جبريل ,, والكمبيوتر بدلا من الكتابة على العظام والجلود, وانك تستطيع ان تتواصل معنا باختراعاتنا, بدلا من ارسالك للهمج والمجانين والمصروعين وان احبار حاسباتنا لا تنفذ وهي لا تشبه احبارك التي تجف وتتآكل على مر الازمان؟؟؟الا تشعر بان عرشك قد اهتز قليلاً؟؟؟؟


3 - الى السيد جمان
شامل عبد العزيز ( 2008 / 12 / 29 - 12:31 )
سيدي الفاضل كنت قد علقتُ على احدى مقالات السيدة راندا وقلت لها ان مواضيعك عبارة عن محاضرات في كلية وتمنيت عليها ان تكون اكثر واقعية الا ان لكل شخص رايه وانا احترم راي الجميع كتابات السيدة لااراها الا كتابات صوفية غارقة في الاوهام المعروفة لدى صوفية المسلمين وهي عبارة عن تخيلات ووجدانيات لليس لها علاقة باي واقع وانما صاحبها يسبح في الاوهام . شكرا سيدي ومعذرة راندا


4 - ممكن السبب اعرفه ؟
علي السعيد ( 2008 / 12 / 29 - 16:52 )
كنت قد علقت على مقال السيد جمان حلاوي ونشر لمدة عشرون ساعه . لماذا الغي الان . وهذه سابقة سلبية مع احترامي وتقديري للحوار...؟؟؟


5 - تحية الى المبدعة راندا
زياد النعيمي ( 2008 / 12 / 29 - 17:57 )
تحية طيبة
حين تخط انامل راندا تتوقف نبضات اسطور لتخلق من جديد وتكون عهدا دينانكيا من الانسانية قائما على ذات حقيقة لاموهومة ، واذا كانت راندا قد كتبت فهذا يعني انها ابدعن ، كل الاقااويل ليست سوى سهام تصيب ولن تجرح .. يكفيكي فخرا يارندا انك انسانية العطاء والقلب والروح والسطور .. وهذا ملايوجد عند البعض مع الاسف

زياد النعيمي

اخر الافلام

.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah


.. 98-Al-Baqarah




.. -من غزة| -أبيع غذاء الروح