الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التربية .. وآفاق المستقبل

ضمد كاظم وسمي

2008 / 12 / 31
التربية والتعليم والبحث العلمي


كان للنظام التعليمي في العراق صداه الأيجابي .. إذ تبوأ مستوى جيداً بين نظم التعليم في المنطقة .. لكنه آل الى التدهور لاسيما خلال العقدين الأخيرين بسبب إفتنان النظام السابق بالجهل والحروب وعمل على عسكرة المجتمع بدلاً من تعليمه وتطويره حتى أصبح العراق بيئة غير مناسبة للتعليم .. فالوضع العائلي غداً بائساً ومفككاً لايساعد على التعليم .. والمجتمع أوغل بل تطرف في الغوص في القيم المتخلفة ناهيك عن تعرضه بأستمرار الى أزمات أجتماعية وسياسية طاحنة .. فضلاً عن أنعكاس ذلك على المدرسة التي أصبح واقعها مكفهراً طالحاً أقرب الى الكتاتيب منه الى وحدة دراسية وعلمية .. حيث تسربل التعليم بمجموعة من المعلومات العتيقة .. يُطلب من الطلاب مجرد حفظها وترديدها كببغاوات وبشكل آلي .. أي أن التدريس كان مبنياً على التلقين الذي يبلد الفكر ويميت الأبداع .. وبذلك تكونت لدى الطالب مشاعر سلبية أزاء المدرسة .. وبان التمرد في سلوكهم .. وأشرأب رأس الأنحراف الى نفوسهم .. حتى أستشرت أخطاء الطلاب البليدة والممجوجة .. فيما أضمحل المستوى العلمي للمعلمين وخاصة الجدد منهم .. عندما شرعوا يركزون عند فحص أجابات الطلاب عند الأختبارات على النتائج وحدها دون النظر الى طرائق الحل .. فضلاً عن إخفاقهم في طرائق وأساليب التدريس .. لأنها عجزت عن تنمية التفكير العلمي لدى الطلاب .. كما تميزت المواد الدراسية بالجمود والنفور .. فيما عرفت إدارة المدرسة بالتزمت أو التهورمن جهة أو الأنفلات من جهة ثانية .. وعدم الألتزام بالانظمة والتعليمات وعدم تطبيقها بشكل واع .. وتميزت التربية أبان تلك المرحلة بفرض المعرفة على الطلاب قسراً .. وخاصة الأنفعال السلبي بالشخصيات التأريخية .. والباسها هالة من القداسة لاتستحقها .. وركز النظام التعليمي السائد على أهمية تفوق الطالب من أسهل المواد حتى أعقدها منطلقاً من فلسفة مثالية طوباوية .. حتى سارعت أمراض المجتمع ومؤسسات الدولة بالأنتقال الى المدرسة .. وهي محكومة بفكر واحد وحزب واحد وشخص واحد .. أي نظام أيديولوجي شمولي دكتاتوري .. وبذلك كان التلميذ عند تخرجه خاوي الوفاض من المعرفة .. اما اليوم .. فاذا أردنا أن نقيم نظاماً تربوياً يناهز النظم التربوية المتقدمة في العالم .. فلابد أن يشاد هذا النظام الذي نتطلع جميعاً اليه على جملة من الأسس يمكن ايجازها على النحو الآتي : -
١- تهيئة البيئة المناسبة على مستوى العائلة والمدرسة والمجتمع .. وهي مهمة تتولاها الدولة بالدرجة الأساس وتساهم فيها كافة الفعاليات الأجتماعية والبيئية والمهنية .. مما يتطلب توظيف الأعلام وتكثيف مهامه .. وتقنين التشريعات المناسبة المعززة .. والأهتمام الحاسم بالعنصر المنتج الأساسي في العملية التربوية – المعلم – وتنميته علمياً وتأهيله أجتماعياً .. وتهيئته كقائد تربوي .. الى فاعل أجتماعي أيجابي .
٢- تحويل الصف الى مختبر .. يتحول فيه الطلاب الى باحثين ومكتشفين – على قدر مستوياتهم – رغم أن مايكتشفونه قد توصل اليه غيرهم .. استناداً الى تفكيرهم المستقل وبمعونة المدرس والمنهج وخبراتهم .. الأمر الذي يتطلب بذل جهود كبيرة من قبل المدرسين والطلاب والبيئة .. فضلاً عن أن المشكلات التدريسية المطروحة يجب أن تتناسب مع مستوى تفكير الطلاب .. ويجب أن لاتكون عصية على الحل أومستحيلة .. كما يجب أن لاتكون تافهة يتسنى لكل أحد حلها . أي أن تجمع بين الصعوبة والسهولة ..تستثير تفكير الطالب وخبرته للحل .. وان يصاحب ذلك التشجيع والاشادة بالطلاب مهما كانت جهودهم متواضعة وبسيطة .
٣- ان يركز المدرسون عند فحص الأجابات على الأساليب المتبعة للوصول الى الحلول لا على النتائج فحسب .. ولابد من تقسيم أخطاء الطلاب الى أكثر من مستوى لاالنظر اليها بمنظار واحد . فبعض الأخطاء معقول يمكن حدوثه وهو غير بعيد عن فهم الطالب للسؤال والسير بالأتجاه الصحيح نحو الحل لكن تعرض له شبهة تفضي الى الخطأ .. أما البعض الآخر من الأخطاء وخاصة البليدة فهي تجري بالأتجاه المعاكس .. كما ان الأجابات الصحيحة يجب أن تقسم الى أكثر من مستوى منها ما هو روتيني ومنها ماهو ابتكاري يحث على التفكير يجب تشجيعه ..
٤- الأهتمام باساليب وطرائق التدريس والمواد الدراسية واكسابها الحيوية والحركة لتنمية التفكير العلمي لدى الطلاب وليتمثلوها لتصبح جزءاً من كيانهم الفكري .. وسلاحاً ثقافياً اجتماعياً . لا أن تكون تلك المعلومات لغرض الأمتحان وتمحى من الذاكرة بمجرد أنتهائه..
٥- يعد ضرباً من ضروب التعجيز أن يطلب من الطالب أن يكون عالماً وأديباً وفناناً ورياضياً وأدارياً ومتفوقاً في كل ذلك .. وما محاولات الطالب لأرضاء أهله أومدرسيه أو مجتمعه لأن يفعل ذلك الا على حساب موضوع تفوقه الأصلي .. والنتيجة اطفاء جذوة ابداعه في مضمار تخصصه الذي يتفوق فيه ..
٦- عدم الزام الطالب بالأنشغال بحفظ المعلومات التافهة مثل تواريخ الولادة والوفاة لبعض الشخصيات لأنها سهلة النسيان أو أرباكهم بمعلومات أحصائية متيسرة في كتبهم وقت مايشاؤون كمساحة دولة أو عدد سكانها .. كما ينصح بعدم الزام الطلاب بحفظ الأشياء / مثل القصائد الشعرية القديمة في الوقت الذي لايتذوق الطالب تلك القصيدة ولايفهم معناها ومعنى كلماتها العتيقة ولايستوعب مراميها وانما يجب أن يدرس مثلاً قصائد تراعي مستوى تفكيره ويتقبلها بحس أدبي مرهف تجعله يتغنى بها ..
٧- ( قد ثبت سيكولوجياً أن المعرفة غير المستوعبة والمفروضة بالقسر تكون سهلة النسيان وتثير الأمتعاض أو المقت وتبلد الذهن وتذوي الخيال ) خاصة في مجالات الدراسة الدينية والتاريخية والأدبية التي يجب ان تراعي البيئة وتحترمها وان لاتخدش المشاعر بل تستوعب كل الطيف البيئي ولكل مكوناته الثقافية : الدينية والأثنية والقومية والايديولوجية .. لا أن تتخذ نمطاً واحداً وتفرضه على الطيف قسراً مما يجعل النتائج سلبية بالتأكيد .
٨- ولعل من نافلة القول أن عجز أساليب التدريس وعقم مناهج الدراسة والأدارة المدرسية المتزمتة قد أدى بطائفة من ألمع علماء الرياضيات والعلوم الطبيعية والأدباء والساسة الى الفشل الذريع في دراستهم حتى في موضوعات تخصصهم التي برعوا فيها بعد ذلك بجهودهم الخاصة ..
حيث فشل فشلاً ذريعاً في دراسته وأتهم بالبلادة كل من أديسون وآينشتاين وباسكال ودارون ونيوتن .. ومن الأدباء أميل زولا وتولستوي ومن الرسامين بيكاسو .. وأن درجات باستور الضعيفة لم تؤهله للقبول في دار المعلمين العالية في باريس .. فيما كان رسوب بوتكاريه في درس الرسم مدعاة لحرمانه من الالتحاق بالمعهد المذكور . ولم يفلح أميل زولا في اجتياز امتحان الادب الفرنسي الذي أصبح من اكبر فرسانه فيما بعد .. وأصبح طه حسين عميداً للأدب العربي رغم انه قصر في امتحان تاريخ الادب العربي من قبل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصائل المقاومة تكثف عملياتها في قطاع غزة.. ما الدلالات العسك


.. غارة إسرائيلية تستهدف مدرسة تؤوي نازحين بمخيم النصيرات وسط ق




.. انتهاء تثبيت الرصيف العائم على شاطئ غزة


.. في موقف طريف.. بوتين يتحدث طويلاً وينسى أنّ المترجم الصينيّ




.. قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مخيم جباليا