الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صكوك الغفران الإسلامية

طاهر مرزوق

2009 / 1 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعرف الغالبية أن صكوك الغفران أصدرها رجال الدين الكاثوليكى فى أوربا فى العصور الوسطى والتى بمقتضاها كان يتم القول زوراً وكذباً للأشخاص الغلابة الذين يدفعون الأموال لشراء صك الغفران أنه بالسلطان البابوى لدى الله قد تم غفران خطاياهم وسقط العقاب عنهم وبذلك يكون طريق الجنة مفتوح أمامهم .
ومن الأقوال المشهورة فى تلك الفترة المظلمة من تاريخ الكنيسة المسيحية الفاسدة " ما أن ترن قطعة النقود فى الخزينة حتى تقفز النفس من المطهر " ، لأن البابوات تمادوا فى خطاياهم حتى أنهم كانوا يبيعوا صكوك الغفران للأموات أيضاً أى يشتريها أقارب الميت ليغفر الله له فى قبره .
هذا يعطى أنطباعاً عن الواقع الذى يتم فيه أستغلال جهل البشر فى كل الأديان بما لديهم من كتب مقدسة ، وقيام رجال وعلماء الدين بإظهار جانب معين من الحقائق التى تخدم مصالح دينهم ومصالهم الشخصية أيضاً ، لأنه فى أستمرار تعاليمهم الباطلة أستمرار لوجودهم على كراسى الفقه والكهنوت يتسلطون على التابعين بما لديهم من سلطان ينبع من التسليم المطلق من الأفراد لهم وجعلهم يتسلطون عليهم وعلى عقولهم .
لكن الثابت تاريخياً وحتى نعطى كل ذى حقٍ حقه أن أول من أخترع صكوك الغفران هو محمد مؤسس دين الإسلام
ليكون هو صاحب براءة ذلك الأختراع بلا منازع ، ورجال الدين الكاثوليكى قد أقتدوا به فى العصور الوسطى
وإليكم بعض الأحاديث التى توضح ذلك :
{ ( قال أبو عبدالله ابن مَنده : رُوَمةُ الغِفاريُّ صاحب بئر رومة رَوَى حديثَه عبدُالله بن عمر بن أبان، عن عبدالرحمن المحاربيِّ، عن أبي مسعود، عن أبي سلمة، عن بِشْر بن بَشِير الأسلمي، عن أبيه قال : لما قدم المهاجرون المدينة أستنكروا الماء و كانت لرجل من غفار عين يقال لها رومة و كان يبيع القربة بمد فقال له الرسول العظيم ( تبيعها بعين فى الجنة؟ ) فقال : ليس لى غيرها لا أستطيع فبلغ ذلك عثمان فأشتراها بخمس و ثلاثين ألف درهم ثم أتى النبى فقال أتجعل لى مثل الذى جعلت له عينا فى الجنة إن اشتريتها ؟ قال نعم قال : قد اشتريتها و جعلتها للمسلمين ) .
وفى صحيح البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم من يحفر بئر رومة فله الجنة فحفرها عثمان وقال من جهز جيش العسرة فله الجنة فجهزه عثمان بسبعمائة أوقية من الذهب " و عن أبى هريرة قال اشترى عثمان من رسول الله الجنة مرتين يوم رومة و يوم جيش العسرة " } .
مع تعدد الروايات فى السرد لكن الحقيقة تبقى واضحة لا تحتاج إلا لعقول حيادية تفهم ما تتناقله الألسنة والكتب التاريخية ، والقيام بتقييم وتحليل كل كلمة بما يتناسب مع محبة وحكمة الله وقدرته العظيمة التى تتضاءل أمامها كل المخلوقات ما فى السماء وما على الأرض وما فى الكون كله ، حيث تتبين لنا ريادة رسول الإسلام فى بيع صكوك الغفران .
الغريب أن عثمان لم يستطيع أن يفهم أن محمد كان يهزأ بعقلية هذا البدوى الجاهلى بكذبة لا أساس لها ، فالجنة لا تباع ولا تشترى ولا يملك محمد نفسه أن يُدخل أحداً الجنة التى يقول عنها وذلك بيقين القرآن نفسه ، كيف يمكن أن يصدق عثمان هذه الأكذوبة التى قالها رسوله لهذا الأعرابى والتى رفضها لأن فطرة الإعرابى تقول " عصفور فى اليد ولا عشرة على الشجرة " ! لكن صدقها عثمان الرجل المؤمن وبناء عليها عندما سمع بذلك عثمان قام من فوره بشرائها ، وذهب فرحاً إلى رسوله يبلغه النبأ السعيد وبسذاجة قال " أتجعل لى مثل الذى جعلت له عيناً فى الجنة ؟ " .
أمام هذا الجهل الساذج من جانب عثمان وتشوقه العظيم لهذه الجنة المليئة بالعذارى والخمر والغلمان يطلب من رسوله أن " يجعل له عيناً فى الجنة وهذا الكلام يجعلنا نسأل: " هل الجنة هى من أملاك رسول الإسلام حتى يجعل له ويعطى لمن يشاء ؟
ونحن نعيش فى عصرنا الحاضر ، ألم يخطر على أذهان القراء والمتصفحين لتلك الأقوال محاولة أن يتوقفوا أمامها ويسألوا أنفسهم بصدق : كيف أصدق هذا الكلام الذى يرويه بشر ناقصين ولا منطق فيه إلا منطق من لا يريد أن يبصر الحق ؟
كيف يمكن أن أصدق كلام تلك الأحاديث بالرغم من تناقضها مع جوهر وعقيدة كتاب القرآن ؟
ألم يقل الرسول وثبت في الصحيحين : " لن يُدْخِلْ أحداً منكم عملُهُ الجنَّة" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله تعالى برحْمَةٍ منه وفضل" ( رواه البخاري ومسلم ).
إذا كانت أعمال المسلمين لن تدخلهم الجنة ولا رسول الإسلام نفسه إلا إذا رحمهم وغفر لهم الله ، وهذا موضوع غير مضمون لأن الله فى منطق الإسلام يفعل ما يشاء ومتقلب المزاج فلا يمكن لبشر أن يتيقن مستقبله فى ضوء ذلك ولا يمكن لمحمد أن يدخل الجنة إلا إذا غفر الله له وهذا فى علم الله أيضاً ، إذن كيف يبيع ما لا يملك (الجنة ) التى لا تباع ؟
أسئلة منطقية تطرأ على ذهننا ونحن نقرأ هذا الكلام وكأننا نقرأه لأول مرة ، بالرغم من أن الملايين قد تصفحوه عشرات المرات خلال حياتهم ، لكن بحكم الإيمان المطلق والخوف من الخطأ فى حق ما يعتقدون أنه كلام الله ، فإن الكثيرين يحجمون عن الخوض فى فهم تلك الكلمات ويكتفون بسؤال العلماء الذين يؤدون وظيفتهم الفقهية فى حجب الحقيقة ببلاغة لغوية والله أعلم.
" فى غزوة تبوك جهز جيش العسرة فقد جاء عثمان بألف دينار فى ثوبه فصبها فى حجر النبى صلى الله عليه و آله و سلم فأخذ يقلبها بيده و يقول ( ما ضّر عثمان ما عمل بعد اليوم ) رواه أحمد
فى ضوء تلك الرواية نسأل : هل لأن عثمان ألقى فى حجر الرسول ألف دينار ليحارب ليقتل بها البشر يستحق من الرسول الدخول إلى الجنة ولا يضيره أى عمل بعد ذلك ؟
كلام يحتاج فقط لمن يتأمل فيه ليكتشف إلى أى مدى التعصب الدينى يحجب الحق عن أعين البشر ، لكن الحق يكتشفه كل إنسان يطهر قلبه ولديه أستعداد لفهم قصد الله الحقيقى مهما كان مغايراً لما يعتقد دون خوف من أى إله لأن الإله الحقيقى لا يقبل بالخرافات الجاهلية التى تعمى الأبصار.
يبقى لنا فى خاطرتنا هذه أن نضعها أمام العقول والقلوب المستنيرة التى لا تحب أن تسير وتفكر مثل " كدابين الزفة " ، فالإنسان الحقيقى هو من يعرف أن يكون سيد نفسه وسط الأزمات ووسط ما يقابله من قضايا تحتاج منه إلى أتخاذ رأى شجاع مهما كانت طبيعة هذا الرأى ، لكن يكفي الإنسان سيد الموقف أن يكون حيادياً فى أحكامه وإن أختلف مع الأغلبية .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع اخ طاهر
فايز ( 2009 / 1 / 3 - 21:07 )
احب اضيف ان المشايخ ومنذ مدة يوزعون صكوك غفران- فجر نفسك اضمن الجنه بلا حساب و لا رقاب اللهم سدد ديونك وتوكل فجر نفسك وسط سوق او مسجد او كنيسه او سفارة او اوا او .. ومبروك اكثر من سبعين حوريه .. تضاجعها وتفض ابكارهن ,, تحياتي للعقلاء


2 - كشف التناقضات
salah ( 2009 / 1 / 3 - 22:06 )
كشف التناقضات في النصوص هو اول خطوة في التنوير وكان سبينوزا عند نقده لتناقضات العهد القديم فتح باب للعقل تبعه اخرون حتى تحرر العقل الغربي من كابوس اللاهوت والكنيسة الفاسدة


3 - حقبة
التلسكوب ( 2009 / 1 / 4 - 10:36 )
يمر المسلمون الان بنفس الحقبة التي مرت بها الكاثوليكية في القرون الوسطى ,وبرايي يحتاج المسلمون الى ما يقرب من المئة عام للخروج من هذا النفق .


4 - النبي لا يتكلم الا عن وحي
أحمد محمد عبد الهادي ( 2011 / 3 / 22 - 18:54 )
أولا المقارنة مرفوضة لعدم استواء أطرافها
أنت تقارن بين قسيس أو رجل دين مسيحي يأخذ أموال من الناس و يخبرهم أنها ثمن لمغفرة الله لهم
هل هذا القسيس يوحى اليه من السماء أم أنكم تعتبرون أن القسيسين عنكم أنبياء أو آلهه يعلمون الغيب
هذا تجيبوا عليه أنفسكم بمنطقكم الذي تقيسون به الأمور
ان كنتم تعتبرونهم آلهة يغفرون الذنوب فهذا له رد آخر
و ان كانوا بشرا لا يملكون لأنفسهم نفعا و لا ضرا فكيف لهم أن يفعلوا ذلك
اللإجابة لسذاجة عقول أتباعهم و لاستخفافهم لهم
قال تعالى عن فرعون (فاستخف قومه فأطاعوه) انتهى
-----------
أما نبينا فقد قال الله عنه (وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يُوحَى) أي أنه ما يتكلم من عنده نفسه فهو -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم الغيب ولا يتكلم الا بما أوحى الله له به
وقد لقبه قومه قبل الرسالة بالصادق الأمين
و الأدله كثيرة لا يتسع المقام لذكرها
---
شيء آخر
القسيس يأخذ الأموال في جيبه و يقول من أجل المغفرة
فهل أخذ رسول الله محمد (العين أو أموال جيش العسرة) لنفسه ؟
أم أعطاها لمن يستحقها؟
---
أنصفوا هداكم الله
و تجردوا من هذا الكُره و البغض
و اقرؤوا عن الاسلام و باقي الأديان
و اختاروا

اخر الافلام

.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة