الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديدان الارض

عمار السواد

2009 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم يخطيء مارتن لوثر عندما وصف رجال الدين الكاثوليك بانهم ديدان الارض، فمهمة اولئك كانت التهام الحرث والنسل، وهم دائما مؤهلون لاكل الاشياء التي يجدونها في طريقهم والبحث عن المزيد اذا لم يوضع لانتشارهم الفوضوي حد... ولم تكن ثورة لوثر عليهم الا محاولة قدر لها النجاح لاحقا من اجل منع تلك الديدان البشرية من ان تستمر بالتهام عقول وافكار ودماء واموال الناس تحت ذريعة الدين..
ويعتقد البعض ان الوضع في اروبا القرون الوسطى يمثل ادانة للكاثوليكية على وجه الخصوص، وهناك تكمن المفارقة، فقد سمعت احدهم، وهو رجل دين مسلم، يتحدث عن الكنيسة وظلمها في القرون الوسطى وكأنه يرى ان المشكلة هي الكنيسة دون ان يجهد نفسه، هو وامثاله من رجال الدين الذين يسرهم انتقاد كنيسة القرون الوسطى، ويفكر، هو والاخرون، بان المشكلة الاساسية تكمن في الجذور التي بلورت ومنهجت عمل الكنيسة، ونقلتها من بيت يلتئم فيه الناس ليتحدثوا مع الله الى بيت يتحكم بمصيرهم ويستعبد خياراتهم ويأكل اموالهم.. وهذا لا ينطبق على الكنيسة فقط، بل ان كل رجل دين يسعى الى ان يصبح نبيا او رسولا ما هو الا تكريس لاستعباد الناس باسم الله وفي بيوته، مستفيدا من جهل المجتمعات وتخلف الامم.
واي تحرك يحاول ان يستثمر علاقة الانسان الفطرية بالله وحاجته الماسة للغيب للحصول على مكاسب سياسية او اجتماعية او اقتصادية... هو نسخة اخرى عن افعال كنيسة العصور الوسطى.
ولكن هل كان لمثل هذا التحرك ان يتحكم بالمصائر، لو لم يجد القائمون به من يسمع اليهم، ويطيعهم بلا تأن او تفكر؟ وهل كان لهذه المجتمعات ان تخضع لاستبداد الساسة وظلمهم واستحمار رجال الدين لهم لولا قابليتها على ان تكون قطيعا يساق مثل غنم وراء نزوة العجز والانسياقات الجمعية غير المستندة الى قليل من العقلانية.
هذه المجتمعات باتت مثل اولئك القوم الذين اتاهم حامل علم ليخلصهم من خرافات شيخهم فاذا بهم يتركون القادم ويتمسكوا بماض سيء بسبب تخلفهم.. بعد ان انطوت عليهم خدعة شيخهم الذي طلب من حامل العلم ان يكتب حية فكتب ورسم هو حية فطلب من القوم المقارنة ليجدوا ان الحية هي تلك المرسومة وليست المكتوبة، دون ان يميزوا الفرق بين الكتابة والرسم.
والغريب ان المشكلة تعم في هذه البيئة، التي تلاعب بها يوما اصحاب النضالات "الوطنية" والقومية والاممية، ويتلاعب بها، اليوم، المجاهدون والمقاومون "الشرفاء"، فتتسع لتشمل النخب التي تعاني من خلل جوهري في التفكير وفي اليات التعبير، خاضعة في ذلك لفوضى رجال الدين واصحاب المصالح الخاصة من السياسيين والقادة "الاصلاحيين". فرجل لا يستطيع ان يدرك الفرق بين الحرية والعبودية او بين المدينة والريف، او بين السلام والحرب، او بين الدولة والسلطة، قادر على ان يتحكم بمصير نخب مثقفة وسياسية واكاديمية ومهنية فقط لانه يعرف الفرق بين صلاة الصبح وصلاة الظهر، او بين دمي الحيض والنفاس.
ورغم الدور الذي لعبته بعض الاوساط الدينية في حماية السلم الاهلي ودافعت عن حقوق الناس، بعيدا عن الشعارات الفضفاضة، الا ان هذا يذوب امام الدور الذي لعبته اوساط اخرى في حرمان الناس من حق التفكير في مستقبل افضل لابنائها بعيدا عن شعارات استخدمت مرارا ولم تقدم الا الويل والحرمان. فهناك مدن بقيت كما كانت عليه، لانها وبدلا من ان تفكر بمصيرها ورفاهيتها، سيقت رغما عنها، والسبب تخلفها، نحو شعارات جرت عليها مزيدا من الحرمان والضياع والدمار.
ان صناع الطاعة الدينيين لا يختلفون كثيرا عن "ابو سفيان" او "ابو لهب" او "ابوجهل" الذين كرسوا ضياع قومهم باسم الهة مدفونة خلف جدران الكعبة.. والتصدي لهم لا يأتي بمواجهتم فقط، بل بالسعي لبث المعرفة الضرورية القادرة على رفع الغشاوة عن البصائر والعيون.
ويبقى القول ان رجال الدين ليسوا هم المشكلة الوحيدة في هذه الامة، ولكنهم قطعا احد اهم اسباب التخلف، وبانتشار المعرفة والعقلانية ستنكشف كذبة راسم "الحية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كارثه
عراقي شابع قهر ( 2009 / 1 / 9 - 04:30 )
ياسيدي لقد ظلم مارتن لوثر الديدان فحتى الديدان لها فوائد لاتحصى واسال اي متخصص في التربه سيعدد فوائدها ولكن مافائدة رجال الدين انهم بالملايين ياكلون ويفرزون دون اي عمل يقدمونه هل الله يحتاج الى مترجم لاقواله وهل الله ينزل للناس احاجي ونصوص عويصه لايفهمها الناس الا من خلال هؤلاء العاطلون انها تجاره وتجاره مربحه دون جهد او عمل والله لو حمل كل رجل دين معولا وحرث او طوبه وبنى لما بقى مشرد دون ماوى وما جاع احد تحياتي


2 - مصيبتنا علماء الدين
رند طلال ( 2009 / 1 / 9 - 11:32 )
يااخي تسلم ايدك على هذا المقال الرائع والحقيقة اصبت العلة في مكانها فالمصيبة في رجال الدين الذين يستخدمون الدين قناع وواجهة لخدمة افكارهم ومصالحهم المريضة والمصيبة الاكبر فيمن يتبعهم دون تفكير او ادراك فهم يساقون الى اوامر هؤلاء ويعتبرونه كلاما مقدسا ينزل سخط الاله كل من خالفه او كذبه ياريت في دواء لهذه العلة التي ارجعتنا ملايين من الاميال الى الوراء وشكرا لك على هذا المقال


3 - شكرا
عمار السواد ( 2009 / 1 / 9 - 12:15 )
الاخت رند الاخ عراقي شابع قهر
شكرا لزيارتكما.. واضم صوتي الى الاضافات التي وضعتموها على ما طرحت
شكرا

اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah