الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدم يزعج السلام

نشأت المصري

2009 / 1 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد اعتدت حضور عظة قداسة البابا على التلفزيون كل يوم عيد ولقد لفت نظري بل ألمني كثيراً ما قاله قداسة البابا عن سكان غزة الذين هم الآن تحت آلام القصف الإسرائيلي الداهم والذي لا يفرق بين رجل وامرأة أو كهل و طفل ,, ولكن ليس عجباً في ذلك فهذه هي الحروب وهذه هي السياسات الدولية.
وأنا هنا لست في صدد مناقشة حروب أو دول أو سياسات فهذه الأمور تم مناقشتها باستفاضة بواسطة المحللين السياسيين.
وأنا لا أخفي عنكم أنني لما قرأت بيان البابا ,, تعجبت كما غالبيتكم لما كتب, ولكنني حين سمعته تحرك قلبي فرجعت إلى قراءة ما جاء عن هذه الغزوة الإسرائيلية على غزة, أيقنت تماماً أن بشاعة الدم لا يمكن أن يتحملها أي إنسان عادي مهما كان نوع الإنسان الذي سفك دمه, فانحنيت خجلاً من نفسي وأيقنت أنني بعيداً جداً عن السلام لأن المحبة لا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق, فأطلب من ملك السلام والذي هو المحبة أن يملأ قلبي الخاطئ بالسلام والمحبة التي في قلب قداسة البابا.
الفلسطينيين ليسوا ملائكة أو اليهود هم ملائكة الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الرب,, كما أن مصرنا الحبيبة قد أهينت بكل أصناف المهانة , وكل هذا كان له بليغ الأثر على تعاطفنا كمجتمع مصري مع القضية الفلسطينية, حتى أن بيان المجلس الملي العام وبيان البابا اللذين يدينان هذا العدوان الإسرائيلي على غزة لم يلاقي طريقه في أوساط المثقفين.
ولأننا ببساطة شديدة كمسيحيين وفي وسط بلدنا مصر نلاقي كل صنوف العذاب بكافة ألوان الاضطهاد, ولم تسلم قياداتنا الدينية أو عقيدتنا المسيحية من الاعتداء بكل صنوف التجاهل والنقد والتجريح , في كل مجالات الإعلام وعلى شاشات الفضائيات , وكل هذا لم يحرك ساكن لقيادتنا الدينية في إظهار مصادر الاضطهاد أو العنف إلا في حدود قليلة .
ومع كل هذا تحرك قلب القيادة الدينية المسيحية في شخص قداسة البابا شنودة الثالث, لمعاناة الفلسطينيين في غزة , وهذا مرجعة لأن الدم يزعج السلام,,لقد أزعج منظر دماء الفلسطينيين,, قلب قداسة البابا الممتلئ سلام ومحبة بغض النظر عن شخص من سال دمه.
أما نحن ودمائنا التي سالت في بقاع كثيرة في أرض مصر فهذه هي الشهادة باسم الرب يسوع وهذه هي الضيقة والتي لا يمكن أن نهرب منها مهما بلغت شدتها ,, كما أنها وعود الإنجيل المقدس ( في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم ) فإنها شيء طبيعي للسلام في قلب قداسة البابا ’ فلم ينزعج لها.
أما القتل الجماعي في الحروب والغارات على المدنيين وبدون رحمة أزعج السلام في قلب قداسة البابا, والله لا يقر أبداً الإبادة الجماعية لشعب مهما وصل شر هذا الشعب.
البابا قلب طيب ممتلئ بالنعمة والحق والسلام , مستمد سلامه ونعمته من رب السلام وملك السلام ربنا ومخلصنا يسوع المسيح, فليس معنى أنه تعاطف مع القضية الفلسطينية ومعاناة شعب غزة أنه حاد عن التعاطف مع شعبه ورعيته في محنتهم ولكنه هو جزء منها معاناتهم هي معاناته لهذا لو طلب نهاية لهذه المعاناة فهذا معناه هروب من الضيقات, والتي تواجهه هو وشعبه.
سفك الدماء لغة الأشرار كما أن القتل أيضاً فخرهم , والسلاح علامة لأعلام بلادهم لأنهم عطشى للدماء ولأنهم متكبرون لا يبغون السلام فكل طرف يريد نفسه دون الأخر لكل منهم حجته والتي يريد فرضها دون غيرها ,, لأن داء القيادات العظمة والتكبر ,, كما قال ابن سيراخ (مخاصمة المتكبرين سفك الدماء و مشاتمتهم سماع ثقيل (سيراخ 27 : 16)
وفي العهد القديم أيضاً لم يسر الله بسفك دماء الأبرياء فأرسل من يأسر بني يهوذا في أيام يهوياقيم من أجل خطايا منسي كما جاء في سفر ملوك ثان:
أن ذلك كان حسب كلام الرب على يهوذا لينزعهم من امامه لاجل خطايا منسى حسب كل ما عمل
4 و كذلك لاجل الدم البريء الذي سفكه لانه ملا اورشليم دما بريا و لم يشا الرب ان يغفر.
إذن الله لا يسر أبداً بسفك أي دماء وبالأخص دماء الأبرياء,, وهذا بالفعل ما أزعج السلام في قلب قداسة البابا, لأن سلامه في قلبه هو إشراقه سلام المسيح في قلوب أتقياه.
ومن خلال رسالة البابا إلى العالم أجمع بوقف سيل الدم الفلسطيني في غزة ننادي بنفس الرسالة لكل العالم, وحتى لا نزعج السلام لأبناء السلام:
• ننادي حماس كفاكم تعصب أعمى لا يجني غير مزيد من الأرواح البريئة, ولا تقحموا الأبرياء والأطفال من سكان غزة في حربكم وعنتريتكم المستفزة.
• ننادي جميع الفصائل الفلسطينية, وجب الآن العمل الجاد وليس الشماتة لما يحدث في غزة عليكم توحيد فلسطين تحت قيادة السلام, لأن المنافع من القضية الفلسطينية ثمنها دماء الفلسطينيين, كما أنكم أخطأتم كثيراً في انتخاب حكومة على مرجعية دينية لأنها فكرة فاشلة, وثبت فشلها على مر العصور والأزمنة.
• ننادي كل قيادات الدول العربية للعمل الجاد الداخلي بنزع سلاح أي مليشيات مسلحة بأي غرض مهما كان هذا الغرض لأن نهايتها حروب طائفية لا تجني غير دماء الأبرياء.
• وننادي مصر الحذر كل الحذر من فتح معبر رفح إلا إلى الحالات المرضية والإنسانية, ولا تأخذكم الشفقة فتأتون بفكر حماس إلى بلادنا والتي هي الآن تقترب من المواطنة, وأيضاً ننادي المصريين جميعاً لا يغركم أحد بتفاسير دينية تبغي سفك دماء الأبرياء, ويدعونكم من خلال دينكم بزعزعة الوحدة بين عنصري الأمة المسلمين والمسيحيين, لأنها لا تبغي غير مزيد من دماء الأبرياء والتي ينزعج منها السلام.
• وننادي إسرائيل كفاكم حروب ألم تشبع بطونكم من الدماء, ألم يرهق عواطفكم منظر الأطفال والنساء والشيوخ القتلى وفي كل بقاع حروبكم, الله رفضكم فأرسل ابنه لخلاص البشرية, وليس بسيف أو رمح ولكنه بمحبته أثر كل من يؤمن به, لينال السلام مع ملك السلام.
• نتضرع إلى الله هو وحده المعين لينظر إلى هذه المنطقة ليرفع عنها الموت, ويرد الضالين والمضلين لحياة التوبة عن الحروب وسفك الدماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah