الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتحاد الوطني الكردستاني ، ومحاولات التغيير من الداخل !!

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2009 / 1 / 10
القضية الكردية


تردي الاوضاع المعيشية والخدمية في كردستان العراق بات محور الحديث لدى مختلف الشرائح الاجتماعية ، تفشي الفساد داخل الاجهزة الحكومية والحزبية على حد سواء ، يعتلي اليوم قمة هذا التردي، بحيث اصبح من احدى الهموم الرئيسية للناس، فبدأً من انعدام الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء والخدمات الصحية والتعليمية ومرورا بالبطالة، الغلاء، الفقر، تفشي الامراض .... انتهاءً بتقييد الحريات السياسية ،اعلامية كانت ام حزبية، في ظل تفرد الحزبين الحاكمين ( الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الدمقراطي الكردستاني ) بالسلطة هي هموم يومية يعشيها الانسان داخل هذا المجتمع.
انعكاس هذه الاوضاع لدى الناس وَلَد حالة من الاستياء والغضب العارمين لدرجة اصبح من غير الممكن السكوت عنه، كل ذلك يجري في ظل تجاهل تام من قبل هذين الحزبين وبرلمانهما وتشبثهما بقوة بالسلطة دون ان يعترفا بالفشل في ادارة المجتمع، في وقت تتدفق على كردستان المليارات من الدولارات التي تصرف وتنفق غالبيتها على توفير رفاهية العيش لقلة من المسؤليين الحزبيين والحكوميين وحفنة من الرأسماليين المرتبطين بهم .
انعكاس هذه الاوضاع على الحياة الحزبية داخل هذين الحزبين ، بات من الامور البديهية واحدى اهم الاسباب المؤدية الى ظهور خلافات، لا بل وصراعات داخلهما.

هذه الصراعات داخل الحزب الدمقراطي الكردستاني لم تظهر بنفس القوة التي ظهرت بها داخل الاتحاد وذلك لكون السلطة العشائرية التي تتحكم في امور هذا الحزب جعلت من نفوذ عائلة البارزاني خطاً احمرلا يمكن تجاوزه ، وقد أسست لذلك العديد من الاجهزة الامنية داخل الحزب لاسكات اي صوت معارض وبالقوة ان تطلب الامر.
يعاني الاتحاد الوطني الكردستاني ثاني اكبر الاحزاب القومية الحاكمة في كردستان العراق ومنذ مدة ليست بالقصيرة من استياء واعتراض داخل صفوف تنظيماته بعد تفشي الفساد وتنامي المحسوبية والمنسوبية داخله. هذا الاستياء وتطوره من جهة ، ومحاولة التغطية عليه وكبح جماحه من قبل المتنفذين في السلطة ، كانتا الوجه الابرز للحياة الحزبية داخل الاتحاد لدرجة اصبح انهيارة يشكل حاجز خوف كبير لدى مسؤوليه وكوادره، خصوصا من المعارضين لنهج جلال الطالباني سكرتير الاتحاد.
ظهور ما يسمى بالجناح الاصلاحي ( ريفورم ) عام 2004 على يد نوشيروان مصطفى الشخصية الثانية في الاتحاد كانت الصيحة الاقوى حيث حاول الاخير وما يزال اصلاح الاجهزة الحزبية ومن ثم الحكومية وفق النهج الذي يتبعه من خلال انتقاده للفساد المستشري بين صفوف حزبه في محاولة لجمع المؤيدين لنهجه بهدف احداث التغيير من الداخل ! . بعد فشل هذا الجناح في الانتخابات الحزبية الاخيرة في الفوز بالاكثرية امام جناح الطالباني، اكتفي بتأسيس شركة اعلامية اطلق عليها اسم ( الكلمة ) وهو ما زال يمارس هذا العمل الاعلامي متفاديا ، كما يقول مؤيدوه الوقوع في صراع مع جناح السلطة خشية انهيار الاتحاد الوطني الكردستاني والذي سيجني ثماره غريمه التقليدي الحزب الدمقراطي الكردستاني .
آخر محاولات اصلاح الاتحاد من الداخل ومنع انهياره، خصوصا وان مؤسسه وقائده الحالي يعاني من اختلالات صحية خطيرة ربما تؤدي بحياته ،جاءت على يد مجموعة من قدامى كوادر الاتحاد حين اعلنوا عن تاسيس ( تيار التغيير الدمقراطي ) - ره ك- اي ( العصب ) . بمجرد اصدار البيان التاسيسي لهذا التيار واعلانه ، بادرت قيادة الاتحاد وعلى رأسهم شخص السكرتير الى اصدار بيان يتضمن طرد هؤلاء من صفوف الاتحاد واتهامهم بالغوغائيين ومثيري الشغب والفتن !!وهو ما يعكس هشاشة اوضاع هذا الحزب الداخلية.
هذه المجموعة وبناء على ماجاء في بيانهم التاسيسي أو من خلال لقائاتهم بوسائل الاعلام،اعلنوا صراحة خشيتهم من انهيار الاتحاد مدركين خطورة الوضع الذي يمر به ، فهم يسعون ، كما يدعون ، الى انقاذ الاتحاد ومن ثم تقويته من خلال تعريفهم لاصل المعضلة بانها فردية وشخصية جاءت بسبب تبوء اشخاص غير لائقين لدفة الحزب والحكومة وانفرادهم بتقاسم السلطة والاموال مطالبين اياهم بالتنحي!

ان التغيير لا ياتي من الداخل ، وحتى وان جاء ، كما يتمنى هؤلاء، فلن يكون سوى شكليا يؤدي في نهاية المطاف الى تضييق الخناق اكثر فاكثر على المجتمع، فقسم من هؤلاء المعارضين كانوا هم انفسهم يوما ما من المتنفذين والمشاركين في قيادة الاتحاد، وان ما آلت اليه الاوضاع الداخلية لهذا الحزب وانعكاسها على المجتمع، كان لهؤلاء الدور البارز فيه ان لم يكن الابرز، لذا فان تجميل وجه الاتحاد على ايديهم وتجاوز معضلاته ليس سوى وهم ، لان المشكلة ليست شخصية ، او حتى فئوية ، بل هي مشكلة نهج وخط سياسي منبثق عن هذا النهج .
الاحزاب القومية في كردستان العراق وخلال ما يقارب العقدين من الزمن اثبتت فشلها في ادارة المجتمع وتحقيق ايا من الطموحات القومية للشعب الكردي بما فيها الانفصال وتأسيس دولة مستقلة. هذه الاحزاب تعاني اليوم من نفاذ صلاحيتها كاحزاب قومية لا يمكنها ان تحقق ابسط ما يتطلع اليه الانسان في هذا المجتمع ، لذا فان محاولات تغير أي منهما من الداخل ليس سوى وهم وجهود عقيمة لم و لن تؤدي الا الى اطالة العمر الزمني ، وان كان قصيرا ، لهذه الاحزاب التي انتهى دورها منذ امد ليس بالقصير.
ان العالم المتحضر يسير اليوم نحو كنس هذه الموديلات من الاحزاب، صغيرة كانت ام كبيرة ، في السلطة كانت أم في المعارضة، خصوصا بعد الانهيار المالي الاخيرللمؤسسات البرجوازية العالمية والتي لا بد ان تؤدي بدورها الى انهيارات سياسية وايجاد عالم يتطلع الى حياة حرة كريمة تليق بالانسان والتي لن تتحقق الا في ظل الاتيان بالبديل الاشتراكي الكفيل بانقاذ العالم من مآسي الرأسمالية ، وسوف لن تكون كردستان بمنأى عن هذا التغيير او خارج هذا النطاق.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر