الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة المستكشف الدانماركي ( نيبور ) الى العراق في القرن الثامن عشر- دراسة لتاريخ وجغرافية العراق ( القسم الثاني والأخير )

عبد الجبار منديل

2009 / 1 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بعد ان انهى ( نيبور ) زيارته الى النجف الأشرف وكربلاء توجه الى الحلة في طريقه الى بغداد . وعرج على بابل القديمة ولكنه وجدها عبارة عن اكوام من التراب والاجر من الصعب ان يجد فيها أثار جنائن بابل المعلقة .
سافر الى بغداد مع قوافل المكاريين ووصلها بعد اربعة ايام . يصف بغداد بانها كثيرة البساتين وشوارعها ضيقة واسواقها مسقوفة . ويقول ان ابوابها الرئيسية ثلاثة . الباب الأول هو باب المعظم نسبة الى الإمام الأعظم ابي حنيفة ( وقد نسفه الأتراك بعد انسحابهم من بغداد اثر دخول الجيش البريطاني في عام 1917 ) . والباب الثاني هو الباب الوسطاني ، وهو مايزال قائما والباب الثالث هو باب الطلسم ومكانه باب الشرقي الحالي وقد هدم منذ زمن طويل ، ويقع السراي الذي هو قصر الباشا العثماني على نهر الدجلة والذي لا يزال قائما في نفس المكان بعد ان تم تجديده وتوسيعه في القرن التاسع عشر ويسمى حاليا ( القشلة ). وغير بعيد عنه تقع المدرسة المستنصرية ويقول انه تحول جزء منها الى خان والجزء الأخر الى بناية للضريبة .
اما المدرسة الرئيسية في بغداد فهي مدرسة مرجان بجانب خان مرجان ومسجد مرجان . وقد طلب نيبور من احد الملالي ان يسجل له الكتابة العربية الموجودة على امتداد مبنى المدرسة المستنصرية وهي تقول ( قد امر بانشاء هذه المدرسة الشريفة لطلاب العلم سيدنا ومولانا المستنصر بالله امير المؤمنين امتع الله المؤمنين باعزاز سلطانه وايد دولته بطول حياته وذلك سنة ستماية وثلاثين ) .
يقول المستكشف ان عرض نهر دجلة في بغداد من 600 – 620 قدما ويوجد جسر تحته 34 مركبا صغيرا ربط الواحد منها بالأخر بواسطة سلاسل ضخمة ، ويقول انه رأى في منتصف شهر كانون الثاني 1766 عندما هبت رياح قوية تفككت السلاسل وجرف التيار السفن الصغيرة والجسر ونفقت بعض المواشي اما البشر فقد رموا بانفسهم داخل السفن حفاظا على حياتهم .
يورد بعد ذلك قائمة بأسماء حوالي ( 50 ) باشا تركي حكم بغداد خلال قرن ونصف قرن تراوحت فترة حكم كل واحد منهم بين سنة وسنتين ( وهم الأغلبية ) وثلاث او اربع سنوات ( وهم القلة ) . ويورد العديد من الحكايات عن حكم الباشوات المماليك وفسادهم . وكان الشغل الشاغل لباشوات بغداد في ذلك الوقت هو القضاء على الثورات والتمردات في منطقتي الفرات الأوسط وكردستان .
المماليك هم في الأصل غلمان مسيحيين من جورجيا جنوب روسيا يباعون كعبيد وتتم تربيتهم من قبل ادارة باشا ويلتحقون بخدمته حيث يتدرجون في المناصب بالجيش الإنكشاري ويصبحون ضباطا او حتى باشوات واغلب حكام بغداد من هذا النوع . يأتي الكخيا بالمرتبة الثانية بعد باشا بغدادوهو بمثابة الوزير ويليه ( بابك باشي )وهو قائد الجيش ثم ( الدفتردار ) وهو امين الخزينة ويأتي بالمرتبة الثالثة ال ( تشوقدار ) وهو رئيس الحرس الخاص والخدام . ومن بين الحرس الخاص ال ( قهوجي باشي ) الذي يقوم بتحضير القهوة للباشا و ( ابريق دار باشي ) الذي يحمل الماء للباشا وغيرهم .
في الثالث من اذار 1766 يتوجه الى كردستان والموصل ويقول ان كردستان تتألف من ثلاث ولايات . الولاية الأولى هي ( قلعة جولان ) وهي الجزء الجنوبي من كردستان ومنها اقليم شهرزور . والجزء الثاني هي ولاية ( كويسنجق ) ولم تكن انذاك مدينة السليمانية موجودة اذ تأسست بعد ذلك بحوالي مائة سنة . ويتبع كويسنجق قرية اربيل وما حولها وقرية التون كوبري وهتان الولايتان تتبع باشا بغداد ولكن تحكمها عوائل كردية . وتوجد مقاطعات صغيرة تخضع بصورة غير مباشرة اذ تتبع الولايات السابقة مثل العمادية وزاخو ومنطقة ( جكارية ) وتقع شرق العمادية ويسكنها النسطوريون ولهم بطريرك خاص بهم .
في 10 اذار وصل الى كركوك ويقول عنها انها تقع في وادي جميل وخصب وفيها حامية للإنكشاريين وتضم اضرحة الأنبياء دانيل وميخائيل واليعازر .
ويسافر من كركوك الى اربيل التي يقول عنها انها تشتهر بزراعة القمح الجيد وتضم حامية انكشارية ، وفي طريقه الى الموصل يمر بالعديد من القرى المسيحية مثل كرماليس والقوش ويقول ان بطريرك النسطوريين يقيم في القوش واسمه ايليا واخبره ان مناطق نفوذه تشمل 300 قرية مسيحية .
يقول نيبور عن الموصل انها تقع على الضفة الغربية لهر دجلة قبالة مدينة نينوى القديمة وعدد المنازل فيها يتراوح بين 20 – 24 الف منزل وهي مبنية من الطين والصلصال ولها ثمانية ابواب منها باب سنجار وباب الجديد وباب الجسر وغيرها . وابرز معلمها السراي او قصر الباشا وقد شيده الأمير لؤلؤ الذي حكم الموصل في القرن السبع الهجري . وهناك العديد من الجوامع الجميلة . كما يملك مسيحيو الموصل عشر كنائس ويقول لم يشاهد مثلها في بلاد الشرق ولاسيما كنيسة النسطوريين وكنيسة اليعقوبيين. كما يقول انه فوجئ بجو التسامح الديني الموجود في المدينة حيث لايوجد في اي بلد في الشرق مثل هذا الجو . ويبلغ عدد منازل المسيحين 1200 منزلا ومنازل اليهود 150 منزلا ورأى ان اليهود يتمتعون في الموصل بحرية تفوق تلك التي يتمتع بها يهود اوربا .
تضم مدينة الموصل 15 خانا ينزل بها الأجانب ، وتحوي حمامات ومقاه واسواق شعبية معظمها لعائلة عبد الجليل اي اقارب امين باشا حاكم المدينة ، ويقول ان عبد الجليل كان نسطوري الأصل . وعائلة عبد الجليل ذات نفوذ واسع في المدينة الذي اجبر السلطان على تعيين احد افرادها حاكما على الموصل ، ويتحدث عن الذكريات المريرة لأهالي الموصل خلال فترة الحصار قبل ربع قرن والتي فرضها عليهم نادر شاه الذي اضطر الى الإنسحاب 41 يوما من الحصار بعد ان سمع باندلاع ثورة في بلاد فارس
ويختتم نيبور سفرته الى العراق بالسفر الى ماردين وحلب مع قافلة تضم 400 فرد و150 من الجنود لحراسة القافلة ويحملون بضائعهم على 2000 من الجياد والبغال والجمال وتضم العفص من كردستان و الأقمشة من الهند وفارس وبغداد والموصل اضافة الى القهوة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشير شوشة: -من الضروري نشر المحتوى التاريخي على جميع المنصات


.. حماس تعلن وفاة أحد المحتجزين.. وإسرائيل توسع عملياتها باتجاه




.. في ظل الرفض العربي لسياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية في غزة..


.. روسيا تكتسح الغرب في -معركة القذائف-.. المئات يفرّون من القت




.. جبهة لبنان على صفيح ساخن .. تدريبات عسكرية إسرائيلية وحزب ال