الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد مشعل: سياسة طهي الدين

هوشنك بروكا

2009 / 1 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من استمع، أمس السبت، لخطاب سيد حماس الأول، خالد مشعل، والأرض "تزلزل" تحت "رنين" كلماته الماورائية، في "دمشق الأسد"، لا يحتاج إلى جهدٍ كبير، ليفهم ما يقوله السيد "الإلهي"، لغزة القتيلة؛ غزة الضحية ل"صلاةٍ مفخخةٍ"، خارجةٍ عليها، هي ليست لها، وإنما زُجت فيها ب"إسم الله"؛ غزة المبتلية ب"قم النووية"، وطهران(ها) الخاطفة والمصادرة ل"الإسلام"، و"اللاعبة" الذكية عليه، راهناً، والتي تريد به وبتاريخه المتعارك، المتخاصم، بين سنّة الله وشيعته، أن تنتقم الآن، من جغرافيا الإسلام، وأهل الإسلام أنفسهم، والعرب أولهم، من مشرقهم إلى مغربهم.

من قرأ خطاب مشعل السيد، المعلّق في السماء، ك"نصٍّ ورائي في الماوراء"، أو نصٍّ في "فبركة السماء"، سيلحظ مدى "الشطح السياسي"، لا بل "الجريمة السياسية" التي يرتكبها، هذا السيد السياسي، و"إيديولوجيته الجمساوية السماوية"،بحق فلسطين غزة، على الأرض، وفلسطين العرب أولاً، ومن ثم بحق كل الشارع العربي والإسلامي، الهارب من داخله الممكن إلى خارجه الكبير المستحيل، الذي لا حول له في فوقه ولا قوة، ولا ولن يزيد عليه شيئاً يذكر من قبيل الفعل، سوى صناعة المزيد من القول والقول المضاد، أو الغضب والغضب المضاد.

سيد حماس الأول، كعادته، لم يتصرف، في خطابه، أمس، كسياسي يمشي على الأرض، وأنما اعتلى الكلام السماوي الكبير، و"تسلق" الأيات القرآنية، موحياً للمتلقي، ب"نبوءةٍ قادمةٍ"، وكأنه "رسول" يطير في السماء، وما نزل منها لتوه، الآن، إلى "دمشق المباركة"، إلا ليبشّر من "قبلته" وجهة خطابه، هناك، أهل غزة، وأهل الشارع المشتعل، و"دولها" المشتعلة، من "أمته العربية والإسلامية العظيمة"، ويقرأ عليهم، في "صلاةٍ مباشرة"، على الهواء مباشرةً، "نبوءته" الحمساوية، بأن الله، يتابع "غزوة غزة" عن كثبٍ؛ ويقرأ محرقتها ونارها وخرابها وشهداءها عن كثبٍ؛ و"سينصر غزة هاشم وأحمد ياسين" عن كثبٍ، ف"ابشروا" يا أهل "غزة الحمساوية السماوية" في "السماء السياسي"، ب"أن الله لكم، وأنّ نصر الله لقادمٌ واللــــــــــــه..أنتم بحفظكم للقرآن وإرتيادكم للمساجد نصرتم الله في أنفسكم..لهذا سينصركم الله حتماً..أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم..ولذلك قال ربنا بعدها: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون".

السيد "الإلهي" المتكئ على كلام الله، يريد أن يقول لجمهوره "الإلهي"، بأنه "يعلم" مع الله العالم والعليم، بأن النصر "المعلوم المحتوم"، قادمٌ، لا محال، وإنّ الله على شهادة السيد لشهيدٌ!!!

بهذا الكلام المنقول عن كلام الله، وقرآنه، "زج" السيد الحمساوي الأول، خالد مشعل، القرآن والله، في سياسته بالوكالة عن "قم النووية" و"دمشق الفلسطينية أكثر من ياسر عرفات!"، ووزع العالم في غزة السماء القادم من النصر القادم، بين "دار إسرائيل وصديقاتها وربيباتها"، و"دار حماس"؛ بين "دار من لهم الله"، و"دار من ضدهم الله"؛ بين "دار الحرب"، و"دار السلام"؛ بين "دار الكفار"، و"دار المسلمين"؛ وبين "دار المندحرين المهزومين الشيطانيين"، و"دار المنتصرين الغانمين الإلهيين".

هذا الخطاب الماورائي، القادم من الوراء السلفي، و"المدجج" بكلام السماء(والسماء، على مستوى البشر، حيادٌ، لا ينحاز إلا لله، كما يجب لله أن يكون)، هو من شقّ فلسطين إلى فلسطينَين، وشطّر الفلسطيني إلى شطرين ضدين، أحدهما يريد فلسطين في المسجد، وآخر يريدها في أوسلو.

هذا "الخطاب الإستشهادي"، المعوّل على الدم والشهادة التي هي لأجل الشهادة، هو الذي دفع بفلسطين، أمس، إلى المذبحة المزمنة، منذ عقودٍ دمويةٍ، كثيرةٍ مضت، ولا يزال.

هذا الخطاب السياسي، الإنتحاري، المعلّب بالدين، والمغلّف بكلام السماء، هو الذي "مسّخ" فلسطين على الأرض، وحولها من فلسطين ك"قضية تمشي على الأرض"، إلى "قضية إلهية، مقدسة، تسبح في السماء".

هذا الخطاب السياسي المتديّن، المعتلي على "إيديولوجيا الدين"، هو الذي حوّل الدين في الشارع العربي والإسلامي، من غزة إلى قم وتورا بورا، مروراً بالجنوب اللبناني، والعراق "المطبّر"(من التطبير)، و"عراق المقاومة"، إلى سياسة رائجة، و"ممتازة متفوقة"، لصناعة القتل والقتل المضاد، للعبور إلى رحاب "الدول المقدسة"، و"الجماهير المقدسة"، و"الشوارع المقدسة"، و"الحروب المقدسة"، و"الإنتصارات الإلهية المقدسة"، وقلوب "القادة السادة الأئمة المقدسين المؤلهين".

كل ذلك، يُصنع في مطابخ سياسية، مختصة ب"طهي الدين"، و"طهي المقدسات"، و"طهي كلام السماء"، لأجل "حقٍ كبيرٍ يُراد به باطل أكبر"، للتسويق المحلي حيناً، والعابر للحدود أحياناً أخرى.

وهكذا، وفي سياق إيديولوجيا الدين ذاتها، ومن "المطابخ الدينية" ذاتها، طلع علينا سيد حماس، أمس، من "قبلته" الدمشقية، ب"طبيخه السياسي المتبّل بالدين وبهاراته"، كطباخٍ سياسيٍّ ماهرٍ، مختصٍّ في "طهي" الدين والمقدسات، وتحضير "وجبات" الإنتصارات "الإلهية" السريعة، في دمشق السريعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وماذا تنتظر الملائكة
سلام السوسنة ( 2009 / 1 / 13 - 04:47 )
ولا ادري ما ذا تنتظر الملائكة لتعترض طائرات ال ف 16
مرحى لك يا سيدي على هذا التحليل العقلاني للاستخدام الغوغائي للدين.

تحية تقدير واحترام


2 - الشئ بالشئ حقا يذكر
س. السندي ( 2009 / 1 / 13 - 09:03 )
خطابات المغوار خالد مشعل وهو في حضن الاسد يعطيه الحق لمثل هذه العنتريات،ويرفض وقف اطلاق حتى قبل ان ترفضه إسرائيل0

معه كل الحق فالي ايدا بالنار مو مثل الي ايدا بالدبس ،فالاخ المغوار يذكرني باحد المغاوير ايام القادسية اللعينة وعنترياته ونحن في

قاطع نوسود قبل الهجوم على الراقم شرام ،ولما بداة الصولة وانتهت المطحنةاكتشفنا ان صاحبنا قدضرب نفسه برصاصة واعترف

عند اللقاء بانه جبان،حزنت لاجله لانه كان اكبر مني رتبة وعمرا،ولكنني حييت فيه صدق اعترافه،فالموت ليس لعبة...؟

فهل يفعلها مغوارنا خالد مشعل...؟

فاهوا المغوار الحقيقي اسماعيل هنية من ساحة المعركة يقرخجولا بضرورة وقف اطلاق النار ،حقنا لما تبقى من الدماء ،من الذي

سيدفع فاتورة الزحف الاسرائيلي البري من القتلى والدمارولايزال ،والنتيجة لابد من وقف اطلاق النار،فالقيادةمسؤلية قبل ان

تكون غرور وعنجهية000

استرحم الشهداء جميعا ،وذالك القائد الشهيد العراقي البطل الذي تحدا جنوده ان يسبقوه في تسلق االقمم0



سرسبندار السندي



3 - الرجاء شرح طرق تأثير -الخطاب الماورائي- و -الخطاب الإستشهادي
صائب خليل ( 2009 / 1 / 13 - 09:23 )
السيد هوشنك بروكا المحترم،

إسمح لي اولاً أن أعبر لك عن إعجابي بقدرتك على تحليل القضية دون ذكر إسرائيل، رغم أنني كنت اتصور أن لها بعض العلاقة بالأمر.

لكن هذا أمر عام لا أريد أن أزعجك به، إنما لدي اسئلة محددة حول ما كتبت:

فرغم أني اتفق معك في أن -الخطاب -الماورائي- لا يطلق الصواريخ على الـ إف 16 كما عبر الأخ سلام بشاعرية مسلية، لكني لم افهم كيف توصلت إلى أن:
-هذا الخطاب الماورائي، القادم من الوراء السلفي، و-المدجج- بكلام السماء، هو من شقّ فلسطين إلى فلسطينَين، وشطّر الفلسطيني إلى شطرين ضدين، أحدهما يريد فلسطين في المسجد، وآخر يريدها في أوسلو.-
ففي تقديري البسيط ان من فعل ذلك هو صراع على السلطة بين لصوص لايريدون ترك كراسيهم, وحكومة منتخبة بأغلبية تريد حقها في الحكم. أرجو تنويري حول رأيكم.

كذلك لم افهم كيف توصلت إلى أن-هذا -الخطاب الإستشهادي-، المعوّل على الدم والشهادة التي هي لأجل الشهادة، هو الذي دفع بفلسطين، أمس، إلى المذبحة المزمنة، منذ عقودٍ دمويةٍ، كثيرةٍ مضت، ولا يزال-
فأنا أيضاً كنت اتصور أن هناك استعماراً واضطهاداً وحصاراً واغتيالات وإهانات مستمرة. هل تقصد أن العلمانيين كانوا سيقبلون بكل هذا إلى الأبد فلا تتحول المشكلة إلى -مذبحة-؟
ثم


4 - الى السيد صائب خليا
شامل عبد العزيز ( 2009 / 1 / 13 - 12:23 )
لااعرف ماهو السبب في اصرار السيد صائب خليل على الحكومة المنتخبة علما ان السيد ابراهيم علاء الدين وفي مقالته السابقة قد اجابه عن الموضوع ؟ لماذا هذا الاصرار؟
تحياتي للسيد هوشنك


5 - الرؤية بعين واحدة على مسار مستقيم
محمد خليل عبد اللطيف ( 2009 / 1 / 13 - 12:30 )
يبدو ان السيد هوشنك لايرى ان هناك تطرف في الدين اليهودي

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah