الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


33 قرنا من تاريخ الأمازيغيين

أحمد عصيد

2009 / 1 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تحت هذا الشعار قررت الجمعيات الأمازيغية الإحتفاء بتاريخ المغرب العريق على امتداد السنة الجديدة، بعد أن انصرمت سنة "أهل فاس" التي حولوها من 12 قرن من تاريخ مدينة إلى 1200 سنة من التواجد العربي ـ الأندلسي بالمغرب، هذا بالطبع مع الفارق الكبير بين احتفالات الأندلسيين التي حظيت بـ 35 مليار سنتيم من دعم الدولة و بين احتفالات الأمازيغ التي ستكون كالعادة بتضحياتهم و إمكانياتهم البسيطة، لكن في النهاية و مهما كان الأمر فلن يصحّ إلا الصحيح، و سيكون البقاء في الأفكار للأصلح.
الشعار الذي اختارته الجمعيات هو في الأصل عنوان كتاب للأستاذ محمد شفيق، نفذت بشكل ملفت جميع طبعاته الأربع و ظلّ مطلوبا حتى الآن، مما يدلّ على أنّ الطابو المغربي الأكبر يظلّ هو التاريخ، و أنّ حاجة المغاربة الأولى هي أن يكتشفوا ذواتهم بعد أن أتخموا بمعرفة الغير. كما يبدو من كلّ الصراعات حول الهوية و القيم الرمزية بأنّ منبع المشكل في بلادنا هو استمرار السلطة في إصرارها على أن تقيم شرعيتها على أساس تأويل معين للتاريخ، مما يحدّ من آفاق البحث و المعرفة، و يجعل مراحل التاريخ و حقائقه مناطق مسيّجة تثير من الحساسيات أكثر مما تبعث من فضول الإستكشاف و من مشاعر الإعتزاز بالعمق الحضاري للوطن.
و قد اعتُمد التأويل الرسمي للتاريخ بنسبة كبيرة في الدفع بالأمازيغية إلى مناطق الظلّ و الهامش منذ 1930، تاريخ نشأة الحركة الوطنية السياسية بجهود نخبة من أبناء العائلات الأندلسية، و هي حركة قامت أساسا على مبدإ النضال من أجل أن لا يتمّ اعتبار القوانين العرفية الأمازيغية قوانين للدولة، لأنّ ذلك من شأنه ـ حسب ما جاء في عريضة الرباط ـ أن يجعل هؤلاء "في حكم الأقلية"، و لهذا كان الهاجس الذي شغل العديد من منظري الوطنية السياسية في تلك المرحلة هو ترسيخ المكون العربي ـ الإسلامي و الأندلسي كمرتكز للدولة و اعتبار المكونات الأخرى هوامش و روافد محلية و دفعها إلى الإنمحاء التدريجي، و يبدو هذا الهاجس بوضوح أكبر في كتاب "النبوغ المغربي في الأدب العربي" لعبد الله كنون، حيث بذل المؤلف كلّ جهوده ليقنع قارئه بأنّ العروبة وحدها هي الأصل، و بأنّ الثقافة العربية الإسلامية هي الثقافة الوحيدة الموجودة بالمغرب. منذ ذلك التاريخ اشتغلت آليات العقل الإيديولوجي على انتقاء عناصر الوجود العربي على حساب البنيان الحضاري العام للمغرب، و تمّ تتويج تلك الجهود بعد الإستقلال بإدماج كل ذلك في المدرسة العمومية، حيث أصبح تاريخ المغرب في فجر الإستقلال يبدأ من جزيرة العرب، و صارت الأمازيغية كلمة مذمومة ترادف الإستعمار و المؤامرات الأجنبية.
طبعا حكم منطق التاريخ الذي لا يرحم ببطلان الكثير من البديهيات القديمة للوطنيين، و تبيّن بعد خمسين سنة من الإستقلال بأن المغرب قد خسر أهمّ رهان حضاري هو رهان إثبات الذات، و أقرّت السلطة عام 2001 ضرورة التصحيح، غير أنّ أهل الأندلس ما فتئوا يتململون و يعبّرون بصيغ ملتوية عن تذمّرهم من تصحيح قد يعصف بأزيد من سبعين سنة من الجهود النظرية في اصطناع هوية بديلة للمغرب غير ما هو بالفعل، و كانت آخر محاولاتهم هي سنة فاس و التماهي مع تاريخ الملكية عبر محاولة إحياء أسطورة "الأدارسة مؤسسي الدولة المغربية".
و السؤال الأساسي الذي نطرحه اليوم هو التالي : لقد أسّس الملك محمد السادس معهدا خاصا بإعادة قراءة التاريخ و كتابته على أسس علمية موضوعية، أين وصل عمل هذه المؤسسة التي تشتغل في صمت بعيدا عن ضوضاء النقاش العمومي ـ و من حقّها ذلك ـ هل ستساهم فعليا في حلّ عقدة التاريخ لدى المغاربة و لدى السلطة، و تجعل تاريخ المغرب أرضية لإعادة بناء مفهوم الوطنية على أسس سليمة ؟ أم أنّ القراءة المرتقبة لن تستطيع تجاوز خطوط حمراء رسمتها السلطة مما سيعني إضاعة مزيد من الوقت و تكريس الطابو التاريخي و استمرار النزاع حول الهوية بين الفرقاء المختلفين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟


.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د




.. مطالبات بايدن بالتراجع ليست الأولى.. 3 رؤساء سابقين اختاروا


.. أوربان يثير قلق الغرب.. الاتحاد الأوروبي في -عُهدة صديق روسي




.. لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.. فرنسا لسيناريو غير مسب