الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام بين التطهير والتغيير

سامر خير احمد

2004 / 3 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ازمة المسلمين الحضارية الراهنة سببها ان من يتصدون للعمل السياسي والدعوي منهم لا يرمون الى اكثر من «تطهير» المجتمعات مما يعتقدون انه علق بها من افكار ورؤى واعتقادات ووسائل لا تنتمي الى النموذج الاسلامي الذي يفهمون الاسلام به. وهكذا فهم لا يهدفون الى «تغيير» واقع الذهنية التي تسير هذه المجتمعات وتحدد نشاطها من عدمه، ولا يقصدون تجديد فهم الاسلام واعادة تنظيم الفكر الاسلامي بما يوائم هذا العصر الجديد ويتجاوز ظروف عصور المسلمين القديمة.
هم اذن يريدون «تطهير» المجتمع وذلك عبر محاكمته الى نموذج ما في ذهنهم بحيث يبقى ما هو جزء من هذا النموذج، ويزال ما ليس منه. وهذا «النموذج» ليس واحدا وثابتا عند جميع حركات العمل السياسي والدعوي الاسلامي الراهن، فمنهم من يتخذ من ماضي المسلمين وحده نموذجا له، خاصة في عصر الخلفاء الراشدين، ومنهم من يحدد نموذجا توفيقيا بين التراث والحضارة الغربية تحت اسم «الاصالة والمعاصرة»، ومن هنا يأتي الاختلاف بين حركات مثل التكفير والهجرة والاخوان المسلمين والقاعدة، او دعاة مثل سيد قطب ويوسف القرضاوي وعمرو خالد، حيث تتنوع النماذج ولكن يبقى المنهج واحدا وهو تطهير المجتمع بغرض تحويله الى النموذج الذي يرى كل واحد منهم انه هو «المجتمع الاسلامي».
هكذا فان تنشيط العقل لا يقع في دائرة اهتمامات واهداف تلك الحركات وهؤلاء الدعاة ولذلك فان برامجهم السياسية ومضامين دعوتهم قائمة على استذكار المسلمات والثوابت التي يحفظها كل واحد باعتبارها ما هو مقدس في الاسلام برغم ان منها ما هو اجتهاد جماعة من المسلمين في عصر ما او ظرف تاريخي محدد، لكن تلك البرامج والمضامين ليس فيها ابداع للجديد وليس فيها تفكير يعيد النظر بالمسلمات بما يتطابق مع قاعدة صلاحية الاسلام لكل زمان.
في ظل هذا الجمود الفكري بات العقل العربي يشبه الكمبيوتر الى حد بعيد، فكل ما يفعله هو اخراج ما خزن فيه من معلومات ومقارنة اي جديد يتلقاه معها، فاذا اتفق الجديد مع نسق المعلومات قبله، والا رفضه، غير انه لا يفكر في الجديد ويقلبه منطقيا فلعله يتواءم ومقاصد الاسلام وغاياته حتى ولو كان غير متطابق مع المسلمات.
ان اية دعوة او حركة سياسية لا تستهدف حث الناس على «طرح الاسئلة» اي تفعيل العقل، عوضا عن تكرار المسلمات وكأنها محفوظات لن تكون قادرة على تحقيق نهضة المسلمين على المدى البعيد وهذه هي المعضلة التي تشترك فيها جميع الحركات الاصلاحية والاصولية، السلمية والعنيفة ، المهادنة والانقلابية ، ولذلك فنحن جميعا ندور في حلقة مفرغة، وخاصة اصحاب الدعوات الاسلامية الذين لا يدركون ان الاسلام لم يحدد نموذجا ثابتا وقالبا واحدا لافكار الانسان وتنظيم المجتمع ، فلو كان كذلك لحدد ذلك النموذج بشكل صريح وواضح، ولكفى المسلمين واجب التفكير والتجديد، وصولا الى «التغيير» وبالتالي تحقيق النهضة الحضارية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 121-Al-Baqarah


.. 124-Al-Baqarah




.. 126-Al-Baqarah


.. 129-Al-Baqarah




.. 131-Al-Baqarah