الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفنى و لكن لا نتغير!!

علي ديوب

2009 / 1 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا شيء يغيرنا، إلا إلى الأسوأ. سيبقى الحاكم المستبد قضاء و قدرا، و نازلة لا بد أن ننتظر لها فرجا من الله. و كذلك كل ما في حياتنا: أعداؤنا، فقرنا، تكاسلنا عن المخرج الأفضل. ليس الحكام وحدهم الجناة، لا و لا الأعداء.. بل كل من يشحن النفس و الغير بما يسميه الإيمان الجهادي، أو بالنضال الثوري، أو بالمقاومة المشرفة.. الخ لو قيض لنا أن نسير الخطوة الأولى في طريق التحرر و الاستقلال، لكانت هذه تتحدد بمقاومة النفس أولا، و الأسرة ثانيا، و من ثم العائلة و بعدها الأمة عن السقوط في أوهام الصراع مع الخارج، و البدء بالصراع مع الداخل، نحو تحسين هادي، بطيء و حقيقي للحياة في مختلف جوانبها. أما و الحال على ما هو عليه فليس منا من بريء بحق نفسه و أسرته و شعبه، ما دمنا نستجيب للنفخ و الشحن و الانتخاء لتغيير العالم. و أي عالم يمكن أن نربحه حين نخسر أنفسنا في الاستتباع و الضلال حيث يوجد من يريد أتباعا و تتوفر فسحة للغيبوبة. لنتحرر من أوهامنا أولا، و سنجد أننا تحررنا من أعدائنا تباعا. فعدونا فينا، يحتلنا من داخلنا، هو نوع من الفايروس المعند في ثقافتنا و عقائدنا المتنامية الانغلاق و الرفض، قبل أن يكون في عرق آخر أو دين أو لون أو مذهب. و ما دمنا لا نستطيع أن نقدم شيئا لشعب غزة المنكوب بنا و بالعدو الإسرائلي الهمجي، فلنوقف إعجابنا بصموده و تحديه لآلة الإجرام الصهيونية، و .. الخ و لنرأف بفنائه المشين لكل إنسان في هذا العالم. و لنسترحمه و نرجوه و نستحلفه بان يرأف بنفسه عبر رفضه للمتاجرين بحياته، و أولهم هؤلاء الذين يتخذون منه دريئة لهم، و يلعبون بورقته لخدمة برنامجهم الظلامي، و برنامج المتحكمين بهم في الخارج، أولئك الباحثون عن ورقة تقويهم في مفاوضاتهم مع أعدائهم في كل مكان، و أولئك الذين يتوسلون بهم تحقيق دور إقليمي يوزن بالوزن الدولي و ليس المحلي.. و إلا من يمكنه تصديق أن عملية قيامية يمكنها أن تمحو دولة إسرائيل من الوجود، من دون أن تمس بالفلسطينيين المراد حمايتهم و الدفاع عن حقهم في الوجود الحر الكريم!!!؟؟؟ أم أن ثمة قنبلة نووية دينية موعودة مزودة ببرنامج مذهبي يتقل بناء على ما في الصدور؟؟ حتى الله لم يخلق الجن و الإنس لكي يقتلوا في سبيله- إلا إذا كانت العبادة هي محض قتل للنفس؟
لا سبيل لأن ننتصر على العدو الإسرائلي، و لا أي معاد آخر، بالحرب. كما لا يستطيع العدو أن يهزمنا، بالمعنى المطلق، و لا يستطيع أحد بالقوة أن يفعل مثل هذا. فحتى الانتصار الأميركي المشين على اليابان، و الذي تجلى انتصارا عولميا في حرب قارية، تكشف أخيرا عن أمة- مثل كل أمة اخرى، حين تعترف بخسارتها- لا تقل أهمية عن أميركا، بانتهاجها سبيل المنافسة السلمي، عبر انكبابها على العلم و التقنية، و التنمية الحقيقية، متخلية عن أوهام الأحلاف العسكرية، و من دون أن تعود إلى ثانية إلى غوغائية القوة الخشنة و التجييش.
ألمانيا التي تقبلت الهزيمة بالمثل، قطعت مع القوة و التسليح و المواجهات العمياء، الأمر الذي مكنها من ولوج طريق التقدم و الارتقاء، لتحتل الرقم الأول في ساحتها الأوربية في كثير من أرقام النمو و الإنتاج و الخدمات.. الخ. أما نحن فننهزم مرارا و تكرارا، و لكن بدلا من أن نعترف، و نعيد النظر، ثم نستخلص الدروس، و نعمل على ضوئها بما يتيح لنا تعديل الهزيمة إلى نصر من نوع مختلف؛ نرفع عقيرتنا و نتبجح بالنصر المزعوم- ما دام العدو لم يحقق مخططاته(؟؟؟)، و غالبا يكون المقصود دوام حكامنا- و صورهم المقاومة- على ظهورنا، و فشل الهجمات المعادية الشرسة من تحطيم مقاومتنا و زعزعة إيماننا و هزيمتنا نفسيا: كأنما نمتلك مقاومة و إيمانا و نفوسا لكي تتحطم و تتزعزع و تهزم!! نكاد نتفرد عن سوانا من شعوب العالم بعدد الهزائم، و أيضا بعدد و حجم ادعاءات النصر. أتذكر هنا حادثة طريفة- قد لا تناسب وقار الموضوع- حول ذلك الرجل الضئيل و الأحمق الذي استفز أحد الأشخاص الأقوياء، حتى فتك هذا الأخير به، و كاد يذيقه الموت؛ لولا تدخل الناس الذين أقنعوه بأن بعف عن هذا الرجل الضعيف.. ولكن هذا الممرغ تجاهل لوم الناس الغيارى له على فعلته غير المدروسة، و راح يصرخ و يتهدد و يتوعد قائلا: إنه يستحق هذا الدرس مني، اتركوه يتربى، فهو لا يفهم إلا بالقوة!
إن ما نملكه لا يعدو أن يكون مجر تلال من الأوهام. و هو صورة من أوهام عدونا في هزيمتنا أيضا. و هو( الأوهام) الشيء الوحيد الذي حصده من عدو غبي و همجي- هو هتلر- الذي توهم أنه يمكنه أن يقضي على شعب، فانتهى لتأكيد وجوده كشعب مظلوم، غدت صورة الظلم الذي تعرض له مقياسا للكراهية و القبح و التعصب و العداوة في القرن المنصرم، على نحو معولم استدعى سن قوانين أممية على ضوئها، تحمي الأفراد من قوة الأنظمة و توفر ضمانة لشعور الأمم و الشعوب الضعيفة بالأمان من تعرضها لمخاطر القوة الجائرة من قبل الأمم الأقوى. كما تعكس تعلما للدرس المرير، و تجترح فنا في علاقات الأمم و الشعوب، يدعو إلى تقبل الاخر و يرى إليه بوصفه وجها آخر للذات. لا أشك بان البعض ممن يرون في ما أذهب إليه على أنه مجرد استسلام و جبن و نذالة امام عدو لا يفهم إلا لغة القوة سوف يجدونها فرصة سهلة لكي يدينوني من فمي، و لكني أرجوهم أن يعودوا لقراءة الحادثة الطريفة التي خففت بها آنفا من كلاحة هذه المادة. بدلا من أن تغويهم فصاحة خالد مشعل التي توفر الجرعة المهدئة لمن أدمنها و تمنحهم السكينة، و لذة العقيدة الجديدة بأن أذى الجسد عابر، و المهم الروح.. و دليله أن جسد المقاومة( ربما يقصد جسده) لم يمس! أو تصادر على أسئلتهم فتاوى الدكتور محمد نزال بان الفلسطينيين إنما يقاتلون بتوجيه رباني. و هو ما يعني بأن الفلسطيني المقاوم و الفلسطينية المقاومة هو- هي من يفترض، بل و يجب أن يفرحوا بما ينزل بهم، بأطفالهم الذين إذ يرونهم للكاميرات إنما يختالون بهم و يتغاوون على الغاوين. و ربما تفردوا عن بقية أمم العالم بالشعور بالرضى و السعادة التي لا بد ستحار تلك الأمم بتفسيرها؛ لأنها لم تحظ بنعمة التثقيف الثوري العقيدي الجهادي على يد أي من المشاعيل و النزاليين و من ارتقى إلى علييهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برافو
سوري ( 2009 / 1 / 19 - 08:45 )
أنا لن أدينك من فمك. أنا أشد على فمك أن يكثر من هذا النوع من الكتابات الرصينة العقلانية حقيقةً، والتي لا يعنيها الممانع الكاذب ولا المعتدل الكاذب
أصبت كل الحقيقة وهذا الكلام يجب أن يكون أول خطوة جدية للخروج من تحت الصفر

اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس