الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة السياسية الكردية في الميزان..!

دهام حسن

2009 / 1 / 23
القضية الكردية


سبق لي أن تناولت شأن الحركة السياسية الكردية في سوريا، وأشدت بتاريخ الحركة، رغم ما شاب هذا التاريخ من أخطاء وعثرات، كما أثنيت على قيادة الحركة بمختلف تلاوينها، على ما ضحت وبذلت، وعلى ما ناضلت وفق الظروف المتاحة، دون التشخيص بالاسم لهذا أو ذاك،لا مدحا ولا قدحا؛ فقد ناضلت القيادة بواقعية، واستطاعت أن تجنب شعبها كثيرا من الغلو والشطط في ممارساته وشعاراته، وهذا الضبط والواقعية تعد نقطة مضيئة، تسجل لمصلحة القيادة، عند جردة الحساب كما يقال لنصف قرن خلا من عمر الحركة...
اجتازت الحركة الكردية مراحل وظروف وحكومات مختلفة؛ فقد ولدت الحركة في أزهى حقبة من تاريخ سوريا، من حيث ازدهار الحريات وإشاعة الديمقراطية السياسية، وأعني الفترة من سقوط الشيشكلي في عام 1954 إلى قيام الوحدة السورية المصرية في شباط عام 1958 حيث جاء ميلاد الحركة السياسية الكردية في حزيران من عام 1957...ثم واصلت نضالها في ظلّ الوحدة السورية المصرية، وفي الحكومة التي دمغت بحكم الانفصال، عندما سقطت تجربة الوحدة في عام 1961 ...
اتفق أن اعتقلت في عام 1962لأسباب حزبية سياسية، وكان في السجن ملا محمد جميل سيدا، الذي استضافني مرحبا، وكان معه درويش ملا سليمان رحمهما الله، كعينة من المناضلين الكرد، وكان في السجن أيضا شباب ناصريون، ثم جيء بمعتقلين آخرين، الشاب الاقتحامي الجريء كمال محمد ( كمال شامباز ) وهو أيضا قومي، الذي قتل غيلة فيما بعد في لبنان، ورفيق سياسي متميز بين الطلاب هو سعيد منتش، واعتقل معنا الرفيق المرحوم ديبوإلياس، وكان قد سبقنا إلى السجن الرفيق صبحي أنطون، وهو من الحسكة، الذي حادثني ونبهني إلى أشياء لحداثة سني....

انتهى حكم الانفصال في عام 1963 بمجيء حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة إثر انقلاب ثوري في الثامن من آذار 1963 وما زال الحزب هو الحاكم الفعلي لتاريخه.. وقد شهد حزب البعث صراعات داخلية انتهت أخيرا بالحركة التصحيحية التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد رحمه الله في تشرين الثاني من عام 1970...
لقد شهدت الحركة السياسية الكردية كل هذه الإرهاصات، واستطاعت مواصلة نشاطها السياسي بدأب ضمن هذه الأجواء المتغيرة سريعا، والمتلبدة دوما بالغيوم، كل ذلك بهمة واقتدار من قبل كوادر الحركة من هنا وهناك...
إن الذين يحكمون اليوم على تاريخ الحركة الكردية بالقصور أو بالسلبية والتهجم، عليهم أن يدركوا حجم القضية التي اضطلع بها السياسيون الكرد أولا، وعليهم أيضا أن يدركوا مع من كانوا يتعاملون في طرح قضاياهم، في أنظمة شمولية وقمعية دوما ثانيا، ويعوا الظروف عامة ثالثا ورابعا... لاسيما الظروف الذاتية لشعبنا...التخلف، الجهل، الفقر ، التوزع الديموغرافي غير المؤاتي، هذه الأسباب مجتمعة وربما غيرها من الأسباب، كانت العائق الحائل دون تحقيق أحلام وتطلعات الكرد، لكن لا يمكن أن نغبن الحركة حقها، بما توصلت إليه من بروز الحركة اليوم على ساحة الوطن كمعادلة لا يمكن تجاوزها، أو تجاهلها، ولولا جهد الماضي لما كان هذا الحاضر، فقد غدت حركة وطنية على صعيد البلاد، تخطب ودّها الحركة القومية العربية وسواها من الحركات الأخرى كالحركة الآثورية مثلا، واستطاعت عبر أنشطتها وعبر ممثليها في الخارج أن توصل صوتها إلى سائر القارات...
بعد هذا نأتي فنقول .. ما ذا استجد اليوم.؟ وما هو واقع الحركة الراهن.؟ وأخيرا...ما العمل.؟
إن الحركة تعاني اليوم حالة من التشتت والتشرذم واضحة لكل ذي بصر وبصيرة،.. بضعة عشر حزبا أو تنظيما، روح الجفاء والتنابذ، الذي نلحظه في الشارع، وفي الصحافة، فضلا عن الضعف الواضح داخل كل تنظيم، افتقار الحركة إلى رؤية منهجية للنضال التكتيكي والاستراتيجي، تباعد الشعارات المطروحة بين هذا الفريق وذاك، بروز كوادر قيادية جديدة تفتقر للخبرة رغم حماسها، على حساب آخرين أكفاء يقصون بالتكتل والكيدية، ظهور دونكيشوتي الثورة، الذي يحاربون في الهواء بشعارات غير واقعية على الأقل في الظروف الراهنة دونما حسبان للواقع المعيش، طغيان الذاتية والأنانية المفرطة على فاعلية الحزب أي حزب، تفشي لغة العمالة والتخوين، تشرذم الحركة إلى فصائل جدا صغيرة، كثيرا ما يتباهى فصيل ما بولائه لمدرسة، ناسين أن النضال العملي والممارسة اليومية، وترجمة الأقوال إلى ممارسة وأفعال، هو الذي يكسب الحزب مصداقية وحسن سلوك ، وليس الولاء لطود شامخ مهما سما، فالأمجاد لا تبنى بالولاءات، إذا كنا متراخين، دون أن نقوى ذاتيا، وبالتالي ماذا يكون مصيرنا إذا ما انقطع عنا الدعم المعنوي، والسيل المادي، وازورّ عنّا ولي النعمة، لسياسة نحن رسمناها وفق رؤيتنا الخاصة بنا، ولم نلتزم بأجندته التي قد تجانب حقيقة واقعنا السياسي ...!
هذا هو الواقع الراهن، فما الذي استجد اليوم على الحركة.؟ الحقيقة إن الذي استجد هو كبير وكثير..! لكن هل قدرنا على قراءة صحيحة للمستجدات.!؟ يكفي أن نقول هذا التحول الكبير الذي يشهده العالم برمته ، وهذه الثورة، ثورة المعلومات والاتصالات، التي جذبت حتى انتباه المغفلين، فتفتحت العيون لأشياء جديدة، لعالم جديد، أصبحنا نتابع، ونقرأ ونسمع لمفكر في أقاصي الدنيا، يحكي ويشرح لنا السياسة بلغة معرفية جديدة، وصرنا ــ بالتالي ــ نملّ بعد هذا أن نقرأ صحيفة، أو نسمع محاضرة من سياسي من عندنا كلاسيكي في فكره الماضوي، هو نفسه ( دقة قديمة)، لا يجيد ألف باء السياسة، سوى أن يكون في القيادة فحسب، ويحكي دوما أنه على حق....!
إذا كان هذا هو الواقع، فما العمل اليوم .!؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يقف عنده كل معني، ومتابع.. اليوم تطرح مسألة المرجعية، ورغم الشكوك التي تراودني من أن هذا الطرح ربما يكون موسميا لانقشاع سحابة ما، أمام بعض الداعين إليها، وليست دعوة صادقة من قبل البعض على الأقل، وصعوبة اتفاق قادة الأحزاب فيما بينهم على صيغة المرجعية من حيث المهام والصلاحيات، لذلك قلت بأنه ضرب من الخيال، صعب تحقيقه، ثم أن المنضوين تحت خيمة المرجعية، سوف يعملون وفق ما ترسمه هيئاتهم الحزبية، ولن يرضخوا بالتالي إلى طرح من (متطفل) من خارج الحزب، جاء متفلسفا يسدي إليهم النصائح، هذه حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها، رغم هذا الشك الذي قد يراود الكثيرين سواي فلا بد من السعي لإنجاز المرجعية ولو بشكل غير مرض، ودون مستوى المراد، كما يحلم المنادون به.... هذا من ناحية ولكن الشيء الذي أفكر فيه اليوم هو شيء آخر...أتجرأ وأقول إن الأحزاب الكردية ليس بإمكانها فعل أي شيء ضمن هذا الإطار الحالي المشتت من التنظيم، لابد من إطار تنظيمي جديد، حيث الشكل الحالي ما عاد يجاري لغة اليوم، والإطار الجديد هذا، لا يتأتى، ولن يتحقق، إلا بوقفة جريئة مع الذات، والإقرار بالحقيقة الساطعة، وهي أن تنضم بعض التنظيمات إلى بعضها لتشكل بالتالي حزبا حقيقيا، من المعيب أن تسمي بعض التنظيمات نفسها حزبا سياسيا، في حين هي عاجزة أن تغطي لجنة حزبية بكادر كفوء..! على القيادات أن تضحي ولو مرة واحدة، في سبيل شعبها الكردي، وأن ترفع شعار الوحدة، وحدة الأحزاب والتنظيمات الكردية، وأن تنزلها في برامجها لا في سبيل المزايدة، بل كحقيقة تتطلبها المرحلة، وتقتضي بالتالي التضحية من الكوادر في سبيل قضية نبيلة تحتمها الأخلاق، هي قضية وحدة بعض فصائل الحركة الكردية كما قلنا، وإلا فهؤلاء سوف ينقرضون كالديناصورات القزمة ولن يرحمهم التاريخ.... ليس أما م الأحزاب الكردية سوى أن تسعى لكي تنتظم في حزبين، فإن تعذر فثلاثة أحزاب فحسب، حتى يصادقوا شعبهم، ويصدّقهم شعبهم، والوضع التنظيمي لكل الأحزاب مكشوف لكل الناس بأنه وضع بائس... والذي يهرب من الوحدة، يعرفه الآخرون، وهروبه نابع من ضعفه وعجزه أو بسبب ولائه، الذي يقتات به، وبه تكون استمرار يته.... تلك بعض الأسباب، أما المخلص والواثق من نفسه، فلن يضيره إن توحدت الأحزاب ولو خسر هو كرسيه، لأنه لن يفقد دوره داخل المجتمع.. ولكن هيهات أن ينتصح من في آذانهم وقر...وعلى شعبنا الكردي أن يدفع بهذا الاتجاه، اتجاه تلاقي الأحزاب،بالتنسيق ثم بالتوحد، فهذا لمصلحة الشعب الكردي ومصلحة الأحزاب أيضا، وإلا فانتبهوا للقادم، ربما كان القادم أدهى وأعظم وأظلم...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف


.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال




.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي