الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة الشعائرالمؤجلة

عمار السواد

2009 / 1 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الوضع الطائفي المتأزم خلال السنوات الستة الماضية ساهم في تأجيل عدد من المعارك السياسية والدينية والفكرية المتوقع حصولها في العراق.. معارك عديدة سيشهدها العراق، وبعض منها قد بدأ بالفعل منذ تراجع الارهاب وهدوء التوتر الطائفي. هناك معارك بين الاسلام السياسي والعلمانية، وبين المعتدلين والمتطرفين، وبين انصار الاقتصاد الحر ودعاة اقتصاد الدولة، وهناك معارك بين الاحزاب نفسها، هناك معارك البرامج الانتخابية، هناك معارك بين الفكر الاكاديمي المقنن والفكر المنفتح غير الخاضع للقيود، هناك معارك بين الطبقات الفقيرة والغنية... ومعركة الشعائر الحسينية هي احدى المعارك المؤجلة.
ومن عاش خارج العراق قبل التغيير، وتحديدا في تسعينيات القرن المنصرم في سوريا وايران ولبنان بل وفي لندن والدول الاسكندنافية يدرك حجم هذه المعركة وتموضعات اطرافها، والآليات المستخدمة فيها، ويفهم جيدا ان هذه المعركة هي من المعارك المؤجلة وانها قادمة لان اطرافها موجودة على الارض. فالمهجر العراقي خلال السنوات الاخيرة التي سبقت سقوط النظام شهد معركة فكرية ودينية شرسة بين الاطراف الدينية وامتداداتها السياسية. وكان موضوع الصراع هو كيفية فهم الدين، والجزء الاهم منه الشعائر الحسينية باعتبارها احدى اهم الركائز التي تقوم عليها "الشيعية" الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فهناك جهات دينية ترى مع امتداداتها السياسية ان جزأ كبيرا من الشعائر الموجودة هي اضافات وبدع، وانها تساهم في التقليل من قيمة الثورة الحسينية وتضفي عليها طابعا ليست بحاجة اليه، ويقابله طرف اخر يجد ان ذلك الجزء ليس اضافة وليس بدعا بل هو جزء صميمي من الشعائر الحسينية وحق مشروع لمحبي اهل البيت.
ويبدو ان هذه المعركة قد بدأت بالظهور مجددا، ومناسبتها التزامن بين ايام محرم والدعاية الانتخابية للقوائم المرشحة لانتخابات مجالس المحافظات، وليس صعبا ان يجد اي طرف في هذه المعركة تصريحا هنا او تصرفا هناك لاستخدامه كمدخل للبدء بالمعركة. واطراف المعركة هم نفس الاطراف التي ادارت المعركة في المهجر الديني للعراقيين، الا ان المكان والزمان مختلفان، فتلك المعركة كانت في امكنة متعددة وقاعدتها الشعبية هم الجاليات العراقية المتدينة وزمانها متصل بمرحلة معارضة نظام البعث، اما اليوم فان القاعدة الشعبية ليست مجرد جاليات بل شعب باكمله، وزمانها متصل بالدولة وليس بالمعارضة. ولكن الملاحظ ان هناك بطلا تكرر في المرحلتين، هو الشيخ جلال الدين الصغير، فقد كان بطل الطرف المدافع عن كل الممارسات تحت لافتة الدفاع عن الشعائر، وهو اليوم يتصدى من جديد للمعركة، ويقول ما يحذر حلفاؤه من قوله بصوت عال وبدون أي تردد..
وجود مثل هذه المعارك امر طبيعي بل حالة صحية مادامت تدار بشكل سليم ولا يستخدم العنف فيها كوسيلة لتحقيق النصر. ولكن المأزق الذي تعيشه هذه المعركة انها تدور في الاوساط السياسية، وان مستخدميها يسعون للحصول على مكاسب محددة، وهذا يمثل خطرا كبيرا لأنه يؤسس لمزيد من الطوائف. وهذا الكلام ينطبق على الطرفين.
ومن جهة اخرى لا يبدو ان الطرف المتمسك بكل الشعائر، بدون اعادة نظر في الجزء الدموي منها، سيستفيد كثيرا من الترويج لهذه المعركة، لان هذا الجزء سيعرض عاجلا ام اجلا لنقاشات واسعة، وسيجد نفسه في نهاية الامر غير قادر على الدفاع عن قناعات زائفة، يدحضها الدين نفسه.. فكيف يمكن لامرئ عاقل ان يدافع عن التطبير انطلاقا من الدين نفسه، ومعروف ان الكثير من الاوساط الدينية تجد فيه سلوكا ملصقا بالشعائر الحسينية، ولكن الخوف يمنع بعض تلك الاوساط من التصريح بالرفض. في حين ان اوساطا اخرى قررت التصدي لمثل هذه السلوكيات، والكل يعرف ان ايران، وهي دولة دينية، منعت التطبير في الاماكن العامة.
واستغربت كثيرا من كلام لاحد رجال الدين السياسيين للحرة وهو يميز بين نظرتين، احداهما النظرة الفكرية او الثقافية التي ترفض التطبير، مثلا، لانه يسيء الى الدين والاخرى النظرة الدينية المبنية على اساس الادلة، ومثار الاستغراب هو هل ان يوجد دليل على بطلان امر اكثر من كون هذا الامر مسيئا للدين نفسه.
قد يطول الحديث ان اردنا ان نمعن النظر، ونوجه الرأي.. ولكن خير الكلام ما قل ودل.. وبقي ان يقال ان عراق ما بعد صدام ياسادة، العراق الجديد يجب ان يمتلك دولة مدنية قائمة على اسس حديثة، ولا يحق لكم ان تكونوا عامل ترويج لهذه النزعة الدموية التي تشوّه صورة جميلة عرفناها عن كربلاء والطف، فاتركوا هذا الامر للدوائر الدينية والفكرية، واما انتم فان المرجو منكم ان تهتموا بحياة الناس وتبحثوا عن السبل السليمة لبناء دولة هشمتها الايدلوجيات المختلفة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah