الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهالي بني غني

باسنت موسى

2009 / 1 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تحت عنوان"هي دي مصر.. أهالي بني غني بالمنيا تعاونوا في بناء مسجد وكنيسة" نشرت جريدة الجمهورية المصرية اليومية أمس خبراً محتواه أن محافظ المنيا وعدد من رجال الدين المسيحي والإسلامي سوف يقوموا بافتتاح مسجد وكنيسة إنجيلية بقرية"بني غني" والجديد أو الذي يدعو للتأكيد أن تلك هى مصر وفق الخبر أن أهالي القرية تعاونوا من مالهم الخاص لتحقيق عملية البناء لدوري العبادة على حد سواء دون إعلاء من قيمة دور على حساب الأخر.
الخبر يبعث فعلياً بعض السرور ويورد على الذهن عبارات من قبيل"مصر بخير ...ولسه في ناس بتحب بعضها...الإنسان المصري جواه طيب ومش متعصب بس محتاج فرصة لإظهار معدنه الحقيقي"
لكن هذا السرور سرعان ما يزول عندما يفيق القارىء على الكوارث الطائفية الدامية التي خلفها الصراع من أجل إنشاء دور العبادة المسيحية في مناطق عدة من مصر وخاصة في الجنوب الذي يستشري بداخله التعصب الديني بصورة تفوق المناطق الأخرى في حجم القسوة والعنف حيث يعضد التعصب التقاليد والأعراف الصعيدية الجافة الشديدة الصلابة في وجه أي حوار أو تغيير حقيقي وفي ظل وضع كهذا لا يمكننا أن ننسي أن القوانين الغير عادلة التي تبيح لمن يشاء إقامة مسجد أو زاوية إسلامية ولا تسمح ولو بقدر ضئيل من المرونة مع المسيحي هى بمثابة وقود يزيد من اشتعال التعصب بين المسيحيين والمسلمين،فالمسلم المتعصب الرافض لأن يتعبد المسيحي داخل مكان يليق بطقوس العبادة لله يجد في القانون ما يحمي تعصبه بل ويعطيه مشروعية الاستكمال في الكراهية.
أثناء زيارتي لعدد من قرى المنيا وأسيوط منذ سنوات ليست بالطويلة لعمل تحقيقات عن الكنائس التي أغلقت هناك لأسباب أمنية لم تنتهي رغم مرور السنوات الطوال على الإغلاق،لمست حجم معاناة المسيحيين في القرى البسيطة التي تلعب الكنائس بها خدمات ليست دينية فقط وإنما أيضاً اجتماعية وثقافية بمعنى أن تلك القرى الفقيرة المهمشة من على خارطة التنمية تحتاجها الأمية وتسودها أنماط وأفكار عنيفة دموية تبيح كل أنواع العنف لاعتباره الوسيلة الجيدة للإنسان الذي يريد أن يحيا بشكل جيد في مجتمعنا الذي يشبه الغابة كما صوره لي أبناء تلك القرى،داخل تلك الثقافة الخطرة فعلاً والتي تحول البشر لحيوانات مفترسة يأتي دور مهم محجوب عن الأداء تقوم به الكنائس في تلك القرى حيث تهذب سلوك الأفراد هناك وتعلمهم الحب والهدوء والمعرفة والتفهم والكثير من تلك الأمور التي تساهم بشكل ما في جعل المجتمع مع تراكم الخبرات والسنوات أفضل بكثير تنقله من العنف للتحضر والرقي السلوكي على أقل تقدير.

أذكر قصة رواها لي كاهن من الصعيد المصري عن عائلة مسيحية تعيش بقرية فقيرة جداً بالمنيا ولم يعرفوا معنى الذهاب للكنيسة منذ أن أغلقت كنيسة قريتهم في سبعينات القرن الماضي، وتحولوا مع الزمن لأناس شديدي العنف لا يعرفون غير لغة العصا والقوة البدنية المطلقة ودعم ذلك المجتمع بتقاليده وأعرافه العنيفة،وعندما بدأ البعض من أفراد تلك العائلة الذهاب لأقرب كنيسة التي تحتاج لأن يسافروا ليصلوا لها وجد الكاهن صعوبة كبيرة في تهذيب سلوكياتهم إضافة لشعوره بالأسف لأن الأطفال الصغار لا يعرفون كيفية القيام بأبسط الإشارات الدينية المسيحية وإنما يعرفوا أن يلفظوا أكثر الشتائم قسوة على الأذن.

لهذا كله دور العبادة الإسلامية والمسيحية على حد سواء عليها دور داخل قرى الصعيد الفقيرة الغير موجودة على الخريطة التنموية،وهذا الدور مهم أن يكون إيجابي للتغيير نحو الأفضل وليس لتدعيم أفكار العنف لذلك يجب مراقبته جيداً وإتاحة الفرصة للكنائس للقيام به من خلال السماح بوجودها بشكل سلمي وليس فوق بركة دماء لأناس لا يطالبوا سوى بأن يكون لهم مكان لمخاطبة الله وليس الكفر به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العلاقة المتبادلة بين الأمية والتعصب
أحمد الشافعي ( 2009 / 1 / 28 - 09:11 )
عشت عام دراسي ونصف في أرمنت الوابورات كمدرس في المرحلة الإعدادية من عام1969حتى عام 1971 وقد لا حظت التعامل الجاف مع الأغراب ومع التقاليد التي ينقلها هؤلاء معهم ، لم تزعجني معاملاتهم وعصبيتهم لأني كنت ملتزما ، أما ما لفت نظري معاملاتهم مع أشقائنا المسيحيين، كنت أجلس في حجرة المدرسين وكان معنا أخصائي إجتماعي مسيحي وجلس وهو يضع ساقا على ساق ، في وجه بحري والقاهرة ليس في هذا السلوك ما يوحي بعدم الاحترام، وحين دخل علينا مدرس اللغة العربية الشيخ عبد العزيز الأزهري إربد وجهه واكفهر ونهر الرجل ، قائلا ألفاظا لا يجب أن تصدر من إنسان متعلم لإنسان لا يقل عنه علما. فاعترضت على الرجل وألفاظه فكاد أن يتطاول عليّ ولكني منعته بإشارة من يدي : فقال أنت من بحري لكم تقاليدكم ولنا تقاليدنا وعرفت بعد ذلك أن أوضاع المسيحيين في تلك البلاد غير مريحة مالم يلتزموا بالتقاليد المتواضع عليها من مئات السنين، فهم مواطنون لا يتمتعون بحقوق المواطنة التي يجب توافرها في المواطن ( مسلما أو مسيحيا)مادام صالحا ومتمتعا بقيم وعادات وسلوك البيئة التي يعيش فيها . وقد شعرت أنهم مواطنون من الدرجة الثانية كمواطني أمريكا من السود ( تمييز عنصري ديني) فلم ترق لي هذه المعاملة. كانت نسبة الأمية الكبيرة بين الناس ودرجة الحرارة الشديدة

اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah