الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصولية الدينية: الإعجاز في خدمة الأجندة السياسية

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 1 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إذا كان الفكر الديني في مجمله يحمل قيما عنصرية ؛ ترفض الآخر المختلف ؛ و تسعى إلى فرض الأحادية في التفكير و الحياة ؛ فإن الحركات الأصولية التي تعتبر أسوأ ما ولده الدين تضيف إلى هذه الروح العنصرية سوءات جديدة تتمثل في محاولة خدمة مصالح بعض الأفراد و الجماعات عبر توظيف الدين ؛ و ما يرتبط بالإعجاز منه على وجه الخصوص .
و إذا كانت الأصولية الإسلامية منذ ميلادها قد استعملت الدين في صراعاتها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية ؛ فإنها ليست تجربة فريدة ؛ بل إن الأصولية اليهودية و المسيحية كذلك عمدتا إلى هذا التوظيف الإيديولوجي للدين خدمة لمصالح بعض الأفراد و الجماعات.
و في هذا الإطار يمكن أن نستوعب خطاب جورج بوش خلال الحادي عشر من سبتمبر ؛ حيث عمد إلى استعادة المكبوت الديني المسيحي في أسوأ صوره ؛ لتبرير حربه ضد العراق و أفغانستان ؛ و ذلك حينما صرح بأنه يقود حربا صليبية باسم الإله ضد محور الشر .
و لا تختلف الأصولية الإسلامية في ذلك عن باقي الأصوليات الأخرى؛ بل تستغل الدين بشكل إيديولوجي في صراعها الداخلي و الخارجي ؛ و غير بعيد عنا يمكن أن نقرأ تصريحي حزب الله و حماس حول النصر الإلهي الممنوح لعباده المؤمنين ؛ كما يمكن أن نقرأ غزوة حماس للسيطرة على قطاع غزة و طرد كفار قريش منها (فتح) .
كما أن الكيان الصهيوني يقود منذ 1948 استعمارا و حربا مدمرة على الشعب الفلسطيني باسم الوعد الإلهي؛ الذي يبشر شعب الله المختار بأرض شاسعة تمتد من النيل إلى الفرات.
و قد أضافت الحرب الأخيرة على غزة شيئا جديدا في هذا التوظيف الديني لخدمة الأجندة السياسية ؛ حيث نقلت وسائل الإعلام مؤخرا حديثا عجائبيا لأحد حاخامات اليهود في إسرائيل ؛ الذي أكد أن امرأة حسناء ظهرت أمام جنود إسرائيليين في غزة، وكانت تساعدهم في حربهم، وإرشادهم إلى مكان مقاتلي حركة حماس، ووصف الحاخام عوفاديا يوسف دور الأم "راحيل" في الحرب على غزة قائلا : " وصل الجنود إلى منزل وأرادوا الدخول إليه وكان هناك ثلاثة من حماس في الداخل ينتظرون، لكن ظهرت امرأة جميلة شابة أمامهم وحذرتهم بألا يدخلوا البيت حيث يوجد فيه إرهابيون. وسألها الجنود من أنت ؟ فردت لماذا الاهتمام بمن أكون، وهمست أنا راحيل، ولاحقا تبين فعلا وجود مقاتلين من حماس في البيت " . ( أنظر موقع العربية نت )
هكذا تساعد الأم راحيل الجنود الإسرائيليين في حربهم على الإرهابيين ؛ و ينصر الله المجاهدين في حربهم ضد الكفار؛ أما الصراع فهو من أجل فرض أجندة سياسية ؛ عبر كسب الرأي العام بتسويق الخرافات و الغرائب ؛ في استغلال بشع للدين ؛ و الذي يمكنه لوحده أن يبرر الوحشية الإنسانية .
هل يؤكد هذا استشراف هكتنكتون لطبيعة حروب المستقبل ؛ التي هي حروب حضارية / دينية ؟
إن عودة المكبوت الديني في أبشع صوره ليهيمن على العالم من جديد؛ لتهدد الحضارة الإنسانية في العمق؛ و تحطم ما سهر الإنسان الحديث على بنائه من روح عقلانية؛ و من حرية و ديمقراطية و إنسية... طوال قرون من الصراع مع الحاخامات و القساوسة و الفقهاء ؛ الذين قاوموا بكل شراسة فكر الحداثة و التحرر ؛ حفاظا على ترسيخ الاستعباد و الجهل و التخلف ؛ كمنظومة من القيم الخسيسة ؛ التي فرضت على الإنسان كل أشكال العبودية باسم الله ؛ لكن لخدمة فئة جاهلة و متخلفة من رجال الدين ؛ لا يمكنها أن تعيش إلا في المياه الراكدة .
إن الحرب التي يجب أن يقودها رجال الفكر و السياسة و الاقتصاد المتنورين بمختلف أجناسهم و دياناتهم ؛ هي حرب ضد الأصولية الدينية ؛ مسيحية كانت أو إسلامية أو يهودية ؛ باعتبارها تهدد استقرار العالم و أمنه ؛ عبر استعادتها لقيم القرون الوسطى ؛ التي تقوم على الحروب المقدسة ؛ و التي ذهبت جراءها ملايين الأرواح البشرية ؛ سواء مع الجهاد الإسلامي ؛ أو مع الحرب المقدسة المسيحية ؛ أو مع الحروب التي يقودها شعب الله المختار ضد الشعوب المختلفة عنه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري