الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبدالله بن سبأ اليهودي ونظرية المؤامرة

شامل عبد العزيز

2009 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لفت إنتباهي تعليق للدكتور عمرو اسماعيل على مقالة الاستاذ ابراهيم علاء الدين المنشورة يوم 27 /1/2009 بعنوان ( الخطاب الديني للاخوان المسلمين في خدمة اليهود) .. جاء في بعض فقرات التعليق مأيلي:
( ألم نقل أن عبدالله بن سبا اليهودي هو السبب في احداث الفتنة.... إنها نظرية المؤامرة المتغلغلة في عقولنا لنبرر هواننا وضعفنا وشرورنا) .
هناك كتاب للدكتور طه حسين عنوانه ( الفتنة الكبرى) يبحث في مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان والاحداث التي جرت في تلك الفترة وامتدادها بعد ذلك لمعارك علي بن ابي طالب مع السيدة عائشة في معركة الجمل ومع معاوية في معركة صفين والكتاب بجزئين . الاول . عثمان . والثاني . علي وبنوه.. فهل حقيقة ان تلك الاحداث الجسام التي حصلت كان سببها عبدالله بن سبا اليهودي؟؟
تشير اكثر المصادر وخاصة من قبل علماء الاجتماع والباحثين المتخصصين الى ان شخصية عبدالله بن سبا شخصية وهمية اخترعها المسلمين الاوائل لكي يبرروا ماحصل في تلك الفترة وخاصة ان الاسلام كان في بداياته ولم تتحمل عقولهم الوقائع الحقيقية لمجريات الاحداث فنسبوا كل تلك الدماء والقتل والصراع الى شخص غير موجود الا في اوهامهم. هل يُعقل أن شخصاً واحداً استطاع ان يؤلب ويخطط وينفذ ماجرى في تلك الفتنة ؟ اذا كان ذلك حقاً فاننا نعتبر عبدالله بن سبا هو افضل رجال تلك الفترة خاصة انه عاش مع المسلمين الاوائل والمبشرين بالجنة والفاتحين للبلدان والحاكمين بالكتاب والسنة والمحافظين على بيضة الاسلام ..
ولكن هناك اسئلة يابى العقل ان يقبلها دون ان يجد لها اجوبة ؟ والاجوبة عند اهل الدين من العلماء والشيوخ غير موجودة؟؟
كيف تسنى ل عبدالله بن سبا ولوحده ان يقوم بذلك ؟ من همْ اتباعه؟ من همْ معاونيه ؟؟
اين كان المسلمين منه ؟ لماذا تركوه يعبث بهم بحيث استطاع ان يلعب الدور الرئيسي والاكبر في تلك الاحداث ؟ اين دهاة العرب منه ؟
هل يستطيع احداً أن يصدق ذلك وان عبدالله بن سبا ولوحده قد غير مجرى تاريخ الدولة الفتية ؟؟
المسلمين دائماً يبحثون عن مبررات لاتمت للحقائق باي صلة .. لابد من شماعة لكي يعلقوا عليها كل سلبياتهم ...
يقول طه حسين : قصة ماأراها تستقيم لانها تخالف طبيعة الاشياء ولايُسيغها إلا أصحاب السذاجة او الذين يتكلفون أو يُريدون تصوير التاريخ كما كان بمقدار مايريدون تصويره كما تمنوا أن يكون....
لابد من ابليس حتى تكتمل الرواية وكان ابليس الجماعة في هذه القصة ذلك اليهودي الذي اسلم باخرة ومضى في الامصار يُفسد على الناس امور دينهم وامور دنياهم ويؤلبهم على عثمان وهو عبدالله بن سبا اليهودي المعروف بابن السوداء ...
ويبقى العقل منشغلا ويسأل ؟
لماذا لانجد في كتب التاريخ حول تلك الفتنة اسئلة مثل الاسئلة التالية ؟؟
لماذا ابطا عمال عثمان عن نصره حتى اُتيح للثائرين أن يحاصروه فيطيلوا حصاره وان يقتلوه بعد ذلك ودمه على صفحات القرأن ؟؟ وتستمر الاسئلة ؟؟
اين كانت جيوش المسلمين ؟ اين كانت الدولة الاسلامية الحلم وخليفتهم يُقتل امام اعينهم ؟؟ أليس عثمان من العشرة المبشرة وذو النورين ؟؟
لقد تم حصار عثمان في داره اربعون يوماً ؟ لماذا لانتحاور في مثل هذه الاسئلة ؟ لماذا يستغفلنا علماؤنا الافاضل ويقولون لنا ( تلك فتنة نجانا الله منها بايدينا فلا نُريد الخوض فيها بالسنتنا) .. هكذا بكل بساطة ..ولكن من جهة ثانية يُريدون ان يُعيدونا لكي نعيش ذلك الماضي الذي لايريدون الخوض فيه بالسنتنا فيقولون لنا ( انظروا اليهم لقد اتبعوا الحق فنجحوا وليس لنا الا ان نتبع طريقهم بحذافيره لكي ننال النجاح مثلهم ) . هل هناك تناقض أفضع من هذا التناقض؟؟
لم نجد في كتب التاريخ من يقول لنا ان عثمان لعب دور المؤسس لمصالح بني امية ؟ فجميع الولاة كانوا من اولاد عمومته وكانت العطايا لاهل قرابته .. وأنه قد أحال مفهوم السلطة الى حق الهي للحاكم وأحال حقوق العامة الى حقوق خاصة وغلَب القرابة على الكفاءة ... حتى عندما حاوره الثائرون في حصارهم له قال :
لاأخلع سربالاً ( قميصاً) سربلنيه الله .... منذ ذلك التاريخ ولحد الان لابد من مبررات ... لابد من عبدالله بن سبا حتى تستقيم الروايات وحتى نظهر للعالم بابهى صورة ولكن الشمس لايسترها غربال ...
ان رجال الدين وعلى امتداد عصورهم يفضلون البحث في مجتمع خيالي يبتكرونه بدلا من المجتمع الحقيقي الذي حدثت فيه كل مجريات ووقائع واحداث التاريخ ...
يُريدونه مثالياً خالي من اي شائبة لكي يتغنون به ولكي يعتاشوا من وراءه بتغييب العامة ....
ثم تستمر الرواية ويستلم السلطة علي بن ابي طالب ويخوض اكبر معركتين في التاريخ الاسلامي والتي شرذمت المسلمين والى الابد .. ولايقبل شيوخنا الا ان يبرروا كل الذي حصل باوهامهم ويتجاوزنه باستغباء الاخرين ... واغرب شيء يتجاهلونه هولاء السادة : ان نرى معاوية يطالب بدم عثمان فلما انتصر ترك دم عثمان ولم يطالب به احد ؟؟ لماذا ؟؟ لانه كان يخشى أن يقتص من احد ما فيثور عليه الناس ويفلت من يده زمام الحكم ؟؟؟ فما معنى هذا ؟؟
معناه انه كان يطالب بالخلافة لابدم عثمان والذي اصبح قميصه من اشهر المبررات ؟؟؟
ثم فجأة وبلمح البصر اختفى عبدالله بن سبا من مسرح الاحداث ؟ فاين نجده ؟ لااحد يعلم؟؟ رجل واحد لااحد يعلم تاريخ ولادته ولاتاريخ وفاته ولا من اي عشيرة او قبيلة فقط ابن السوداء من اهالي اليمن يكون المحرض والمحرك الرئيسي لفترات عصفت بالمسلمين الاوائل ومزقتهم كل ممزق والى الابد ؟
هناك رواية تاريخية تقول ان عمار بن ياسر الذي قتلته الفئة الباغية كان لقبه ابن السوداء ؟
إن نظرية المؤامرة هي سرطان العقل العربي وبدائية العرب وانهزامهم على مر العصور ؟؟
لاتحزنوا ياسادة فقديما كان عبدالله بن سبا والان ملايين ابن سبا .. اذن لم يتغير شيء ؟؟ نحو احفاد احفاد اهل الفتنة ولولا وجود ابن سبا في القرن الواحد والعشرين
لكان حالنا افضل بكثير ...
ان العقل الذي يفكر بهذه الطريقة عقلاً لايصلح الا ان يُدفن ويُقبر في مكانه ؟؟
عقل ساذج وتابع والعقل التابع يؤدي الى كل شيء تابع ..
فمتى سوف نخلع من عقولنا ابن السوداء لكي نحوله الى ابن البيضاء ؟ ونُريح ونستريح....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه الافكار لن تخلع
جمال الهنداوي ( 2009 / 2 / 1 - 19:38 )
سيدي العزيز
المستغرب ان فكرة عبدالله ابن سبأ تعتبر نظرية مفصلية في التاريخ الاسلامي والكلام فيها نوع من الخوض في المقدس لدى الكثير من علماء الامة..رغم ان الكثير من الدراسات اثبتت اختلاقه وغيره من الشخصيات حتى عد منها السيد مرتضى العسكري اكثر من 150 اسطورة اشهرها القعقاع ولكن هذه الاساطير هي نوع من التأويلية المبيتة التزوير للتاريخ الاسلامي ونوع من التبريرية الفجة للرموز الداعمة للسلطان المؤيد بالسماء
هذه الافكار لن تخلع من العقل الاسلامي لان الراس الذي لا يحملها يكون مهددا بالقطع
شكرا على هذا المقال سيدي


2 - يشتمون أسلافهم
مختار ( 2009 / 2 / 1 - 22:05 )
يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه، هذا القول ينطبق تماما على علماء الإسلام الذين ليس لهم من العلم إلا الاسم، ذلك أنهم دون أن يدروا يقدمون صورة مغرقة في السلبية عن أسلافهم الذين تمكن رجل واحد باسم عبد الله بن سبأ من إغراقهم في فتنة لا تزال أصداؤها تدوي حتى اليوم رغم مساعيهم المسعورة لإخراس كل نقاش يتعرض لهذا الطابو بالنقد.
علماء الإسلام يواصلون تقديم الصور السلبية ذاتها عن أسلافنا حتى أن من يصدقهم سوف يخرج بقناعة راسخة أن المسلمين طوال قرون كانوا معتوهين. نعم معتوهون، وإلا كيف نفهم أنهم عاشوا انحطاطا دام قرونا وعندهم العلاج الشافي بين أيديهم وهو الإسلام كما يزعمون.
نحن هنا أمامنا أمرين: إما أن الناس كانوا مجانين لا يعرفون ما ينفعهم وما يضرهم، بحيث يرفضون العمل بالإسلام الذي يخرجهم من التخلف وينصرهم على أعدائهم، وإما أنهم كانوا أكثر جنونا لأنهم ظلوا طوال قرون يتناولون دواء تقادم عهده ولم يعد صالحا (الإسلام) شأن كل دواء لم يتطور ولم يتجدد. واعتقادي أن الحالة الأخيرة هي الأصح.
نفس الصورة السلبية يحاولون أن يغرسوها في أجيال اليوم، عندما يصورون العالم مهووسا ومفتونا بالتآمر على المسلمين، لا يتوقف عن السعي لإخراجهم من هذا النور الذي هداهم الله إليه ليدخلوهم في ظلمات الجاهلي


3 - رويدك
المنسي القانع ( 2009 / 2 / 1 - 23:32 )
رويدك أخي شامل , قبل أن تلغي شخصية إبن سبأ فإن هذا سوف يغضب اليهود قبل المسلمين , فكم يطيب لليهود أن يقال بأنّ يهودي واحد إستطاع أن يلعب بعقول المؤمنين ! في مصر والعراق والشام وكيف كانت المعلومات تنتقل بسرعة بين الامصار( كما لو كان ابن سبأ هذا يمتلك الموبايل والانترنت وحتى الثريا في حال عدم وجود تغطية) وإلّا كيف إستطاع نشر الاخبار التي أدت الى الفتنة ولعل الامر الأمّر هو كيف يهتز إيمان المؤمنين خصوصاً ان اكثرهم صحابة وعدول !!! فهل كان الإيمان بهذه الدرجة من الضعف , جائز !!! ودليل ذلك أن المؤمنين اصبح تعدادهم 1500 مليون وما زالوا يعتقدون أن آخر إنتصارات المسلمين سوف يكون بعد حرب فاصلة مع 15 مليون يهودي هم كل يهود العالم (أقل من سكان القاهرة) وقد وعدوا أن الله والملائكة والحجر والشجر سوف يقاتلون معهم رغم أنه مقابل كل يهودي هناك مئة مسلم وفي االقتال المؤمن الواحد يغلب عشرة كفار(ما معناه أن المؤمنين يمكنهم التغلب على سكان المجرة كلهم) رغم ذلك هم ما زالوا يعدون ما استطاعوا من قوة !! فلا تستهين باليهود أخي شامل ودمت بخير


4 - للأسف ..وهم عبد الله ابن سبأ أقوي منا
عمرو اسماعيل ( 2009 / 2 / 2 - 00:52 )
إن الاحداث التي حدثت أثناء خلافة عثمان بن عفان وما تبعها من احداث الفتنة الكبري .. تلقي بظلالها الأليمة علينا حتي الآن ولا نستطيع منها فكاكا .. ولكي نريح عقولنا تم اختراع وهم عبد الله ابن سبأ .. لقد حاول مفكر عظيم مثل طه حسين أن يزيل الغبار عن عقولنا .. ولكن انظر ماذا حدث .. من اعتبروه زنديقا نجحوا في القضاء علي ثورته الاصلاحية .. اصلاح العقول .. وهم الآن المسيطرون علي العقل الجمعي في العالم العربي عندما استطاعوا اقناع العامة أنهم المتحدثون الرسميون لله ..هل هناك أمل؟ .. لا أخفي تشاؤمي .. أشكرك أخي الفاضل علي هذا المقال


5 - شخصيه غير حقيقيه
فاتن فبصل ( 2009 / 2 / 2 - 08:01 )
يقول الدكتور على الوردى فى كتابه وعاظ السلاطين عن ابن سبأ يقولون سأءة انتشار الاسلام وانتصارة فجاء يريد تحطيمه على رؤوس اصحابه وقد نجح اللعين نجاحا منقطع النظير اما راى الوردى يقول ان الملكيات الكبيرة الى نشأت ايام عثمان اوجدت تذمرا كبيرا من العامه ازاء الثروات المفرطه لاقارب عثمان من بنى اميه فنسبوا هذا التذمرلابن السوداء اليمنى ويقصدون به عمار ابن ياسر ويقول رحم الله ذلك الداهيه الذى اخترعها فهو قد اخترع بها أله فكريه لاتقل فى فائدتها عن أله الطنبور اذ يضرب عليه المبتهج والحزين ويتلذذ به الفقير والمسكين


6 - شكرا سادتي سيداتي
شامل عبد العزيز ( 2009 / 2 / 2 - 11:44 )
الى جمال ؟ اين أنت ؟ شكراً جزيلا. الى الجزائري المتفتح والمتجدد شكرا والف شكر.الى المنسي لاتحرمنا من تعليقاتك. الى الدكتور أصل الفكرة من تعليقك. الى السيدة فاتن . شكرا جزيلا على المداخلة . اتمنى لكم المزيد