الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاتجاه المعاكس لتعدد الزوجات

أبو خولة

2009 / 2 / 2
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


خصص برنامج "الاتجاه المعاكس" بقناة الجزيرة حلقة 9 ديسمبر الماضي لموضوع "تقنين تعدد الزوجات" بناء على مشروع قرار في البرلمان الكردي في هذا الاتجاه. و من المهم التنويه بان المشرف على البرنامج قد عنون الحلقة - و عن استحياء واضح– بتقنين التعدد لا إلغاءه كما حصل في العام 1956 مع صدور مجلة الأحوال الشخصية التونسية، و هي النموذج لما يجب أن تكون عليه القوانين الحامية لحقوق المرأة في ديار الإسلام. و هذا ما حصل أيضا في المغرب بصدور "المدونة" في مايو 2003 ، أي بعد حوالي نصف قرن من التخلف، لكن من الأفضل أن تأتي الإصلاحات الضرورية متخلفة بعض الوقت من ألا تأتي إطلاقا.

كان الأستاذ الأزهري إبراهيم الخولي ضيف البرنامج الممثل للرأي الداعي لتعدد الزوجات بلا حدود – باستثناء الحدود التي وضعها الشرع حسب مفهومه هو و من على شاكلته بطبيعة الحال - ، بينما مثل وجهة النظر المختلفة إقبال بركة رئيسة تحرير مجلة أم الدنيا المصرية. و بالرغم من أن اختيار هذه الأخيرة يمثل هو الآخر محاولة من "الجزيرة" على تقديم وجهة نظر تدعو في أقصى الحالات إلى وضع ضوابط لهذه الممارسة المشينة و المهينة لشعور المرأة و آدميتها، بينما كان من الإنصاف استدعاء احد الأبناء الروحيين لزعيم الحداثة التونسية – الحبيب بورقيبة – مثل العفيف الأخضر أو د. خالد شوكات أو احد ممثلي الحركة النسوية التونسية التي تتصدر الدعوة هذه الأيام إلى المساواة في الإرث بعد أن أصبح إلغاء تعدد الزوجات و الحقوق الآدمية و الاجتماعية و الاقتصادية للمرأة في الربوع التونسية تحصيل حاصل.

و بما أن وجهة نظري تتناقض مع وجهة نظر الشيخ الأزهري أكثر منها مع ما ورد على لسان الأستاذة إقبال بركة، فقد ركزت في هذا المقال على ردي على الأستاذ إبراهيم الخولي، بناء على ما ورد على لسانه في النص الكتابي للبرنامج المنشور على موقع "الجزيرة" على الانترنت.

دشن الأستاذ الخولي مداخلته بالحديث عن علاقة الرئيس ميتران بعشيقته التي كانت "تسكن على بعد أمتار من قصر الايليريه" متسائلا الم يكن من الأفضل (له و لزوجته الرسمية و لعشيقته) أن تكون هذه الأخيرة زوجة (ثانية) و شريكة حياة في الضوء، لو كانت فرنسا تنعم بتشريع الاهي يقر بتعدد الزوجات. و الحقيقية انه بمقدور فرنسا العلمانية و من خلال برلمانها المنتخب ديمقراطيا الأخذ من التشريعات الطالبانية المعمول بها حاليا في كافة أنحاء العالم العربي و الإسلامي التعيس – باستثناء تركيا و تونس – لو رأت الأغلبية البرلمانية الفرنسية مصلحة في ذلك. و السبب الوحيد انه لا ميتران و لا زوجته الرسمية و لا عشيقته و لا الرأي العام الفرنسي قد طالب بتعدد الزوجات كحل لمشاكل الخيانة الزوجية، و هو أن تعدد الزوجات لا يمثل حلا لهذه المشكلة بدليل أن هذه الظاهرة متواجدة بكثرة في جنات تعدد الزوجات – مثل مصر و المغرب و الجزائر – و في دول الخليج حيث تزدهر السياحة الجنسية لبعض الدول الاسياوية لا لغرض آخر سوى ممارسة الجنس.
ثم انتقل الأستاذ الأزهري إلى الشماعة التي يعلق عليها فقه التخلف براهينه على مساوئ إلغاء تعدد الزوجات ألا و هي انتشار العنوسة، مذكرا بوجود 10 مليون عانس في مصر، ليتدخل مقدم البرنامج بتصحيح الرقم و هو 12 مليون عانس في المحروسة. و هذا بطبيعة الحال دليل على المدافعين عن تعدد الزوجات و لا يصب في صالحهم. فمصر هي احد اكبر جنات تعدد الزوجات في العالم العربي و الإسلامي، و لو كان هذا التعدد حلا للعنوسة لما بلغت هذه الظاهرة هذا الحد. و كما سبق لي أن كتبت في مقال سابق على صفحات إيلاف : " إن منع تعدد الزوجات لا يمكن اعتباره سببا للعنوسة، حيث أن السبب الأول لهذه الظاهرة في الوقت الحاضر [في الدول التي تقدمت شوطا هائلا على طريق الحداثة مثل تونس] هو مدة الدراسة التي تستغرق سنوات طويلة. لقد سبق و أن طالب راشد الغنوشي [مؤسس حركة النهضة الأصولية و شيخها مدى الحياة] في مقال له بمجلة المعرفة سنة 1980 بعدم ترك الفتاة تكمل دراستها العالية لان "دورها الطبيعي في البيت" و العناية بالأطفال كما قال، تماما كما سبق للزعيم النازي ادولف هتلر أن حصر دور المرأة "الطبيعي" في الإنجاب". و أضفت في نفس المقال: " والاهم أن الادعاء بان منع تعدد الزوجات يسبب العنوسة هو ادعاء خال من الصحة. لقد وفرت لنا العقود الأربعة الماضية "تجارب مخبرية" ، حيث الغي تعدد الزوجات في تونس و لم يحصل هذا في أية دولة عربي أخرى، لذلك ستكون فرضية الغنوشي صحيحة إذا ثبت بالتجربة أن العنوسة زادت في تونس أكثر منها في الدول العربية الأخرى، و هذا ما لا يؤيده الواقع الإحصائي... في الجزائر، لا وجود لمنع تعدد الزوجات للأسف، و لم يمنع هذا من زيادة عدد العوانس بحوالي 200 ألف سنويا, ليبلغ عددهم الإجمالي 5 ملايين للفئة العمرية 35 سنة فما فوق. فكيف حصل هذا إذا كان تعدد الزوجات الدواء الشافي لهذه الظاهرة كما يدعي فقه التخلف و عداء المرأة الدفين؟

و الأكثر فظاعة في تدخلات الأستاذ الأزهري هو دفاعه المستميت عن جريمة تزويج الفتيات الصغيرات، محاولا في ذلك التستر على فتاوى بعض الشيوخ في المغرب و السعودية و غيرها التي تصب في نفس الاتجاه، أشهرها فتوى الشيخ السعودي عبد العزيز آل الشيخ "إن الأنثى إذا تجاوزت من العمر العاشرة فهي قابلة للزواج". و كان عذر الأستاذ الخولي أقبح من ذنب عندما أراد تقديم تزويج الفنيات دون ست 18 كحل لمشكلة العنوسة، لان العنوسة تطال الفتيات اللاتي تفوق سن الــ 25 دون أن يحالفهن الحظ في الزواج، و التساهل في السماح بتزويج الفتيات الصغيرات يمثل جريمة مضاعفة في حق الفتاة الصغيرة التي يتم اغتصابها عنونة و جريمة ثانية في حق العانسات لان إمكانية الزواج بالفتيات الصغيرات تمثل منافسا قويا للاتي هن اكبر سنا.

ثم من قال إن العزوبية بالنسبة للمرأة المتحررة لا يمكن أن يكون اختيارا. على سبيل المثال، ورد في تقرير لوكالة رويترز للأنباء منذ سنتين : "عديد التونسيات اخترن بكل حرية حياة العزوبية، و أن 16 ألفا من المتزوجات رفعن قضايا طلاق خلال 2005 من بينها 11 ألفا صدرت فيها أحكام بهذا المعنى." كما أكد التقرير أن النساء التونسيات تستفدن كثيرا من القانون "الذي يجيز للمرأة التونسية تطليق الرجل حسب ما نص الفصل 30 من الأحوال الشخصية". و أضاف "إن الطلاق في تونس قضائي، أي انه لا يقع إلا أمام المحكمة، خلافا لما هو معمول به في عدة دول عربية أخرى"، حيث يرمي الزوج زوجته إذا ملها أو شاخت كما يرمي خوذة حذائه البالية!

خلاصة القول إذن، إن تحرير المرأة كما جاء في مجلة الأحوال الشخصية التونسية -و بالأساس منع تعدد الزوجات- لا يمكن تحميله، بأي حال من الأحوال، مسؤولية العنوسة أو الطلاق. و هذا هو الاستنتاج السليم الذي توصل له الملك المغربي الشاب محمد السادس الذي عبر عن شجاعة سياسية خارقة باعتماده للقوانين التونسية عند إصداره "المدونة" اثر تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية في 16 مايو 2003، مستغلا الوضع الحرج الذي وجدت نفسها فيه قوى التخلف و عداء المرأة (العدل و الإحسان و حزب العدالة و التنمية، أساسا)، و هذا ما شجع على ما يبدو حكومة كردستان العراق على المضي قدما لتقديم مشروع قانون يقنن تعدد الزوجات. و هذه إجراءات متأخرة و قد تبدو محدودة، لكن آثارها المستقبلية على وضع المرأة سيتعزز في كامل المنطقة. و أول الغيث قطر ثم ينهمر...
[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مراجعة كتاب
وجدي ( 2009 / 2 / 1 - 21:26 )
تعدد الزوجات ليس من التشريعات الطالبانية انها من التشريعات الاسلامية و يمكنك مراجعة كتاب اسمه القرآن صدر مند أكثر من 14 قرن ، وأظن حسب علمي البسيط أن حركة طالبان لم تكن موجودة في دلك الزمان و ارجو أن تصحح لي هده المعلومة ان كنت مخطأ. و شكرا


2 - استعباد المرأه
nadaaljawadi ( 2009 / 2 / 1 - 22:34 )
نحن في القرن الواحد والعشرين ايها الساده ولسنا في القرون الوسطى .لقد عانت المرأه المسلمه الويل على ايدي الرجال سواء كان هذا الرجل اباها او اخاها ام زوجها وما كادت تخرج من سجن الا لتدخل سجن اخر تعاني فيه اقسى انواع العذاب على يد الزوج الا القله القليله من بعض المثقفيين وحتى هولاء يصمتون في احيان كثيره خوفا من المجتمع.ان الكره الذي تولد لدى المرأه التي تعاني من زوجها الامرين سواء بسبب سوء المعامله او طعنها بكرامتها والزواج باخرى رغما عنها او لاي ..عذر تافه يزيد من قوة المرأه ويدفعها للمطالبه بحقوقها وسوف ياتي اليوم الذي تحصل فيه المرأه على حقها بالقانون واتمنى ان يكون ذلك ليس ببعيد


3 - تعدد الزوجات
اياد العراقي التركماني ( 2009 / 2 / 2 - 09:28 )
لقد ان الاوان لتحرير عقليه الرجل من فهم الامتلاك الى فهم التعايش مع الجنس الاخر وان القوانين التونسيه هى الاصح في احترام حقوق الانسان بعيدا عن تاثير الاديان والتشريعات المتخلفه والعنصريه


4 - [email protected]
علماني ( 2009 / 2 / 2 - 10:12 )
يعطيك العافية على الجهد المبذول و بتمني تكون المواضيع القادمة أكثر عمقا


5 - تعليق على تعليق وجدي
سعيد ( 2009 / 2 / 2 - 17:44 )
إن ما ذكرته يا صديقي يعني إن طالبان كانت موجودة بالفعل قبل أربعة عشر قرنا وأن الملا عمر هو خليفة المسلمين بلا منازع ، فهل ترضى لنفسك خليفة جاهلا كالملاعمر وبن لادن؟؟
لا أعتقد أن الكتاب الذي تتحدث عنه قد جاء لاشباع الرغبات الجنسية للذكور العرب والمتأسلمين. سامحك الله ،لا أعتقد ان شقيقاتك سيرضين أن يعشن في كنف رجل له أربعة زوجات.

اخر الافلام

.. ناشطات تخشين أن يصبح مشهد مقتل النساء أمراً اعتيادياً


.. رئيسة جمعية المرأة والمواطنة بالكاف كريمة البرين




.. لوحة تمثيل الثروة


.. بعد سنوات من تحرير الطبقة النساء تشاركن في الانتخابات الب




.. رغم قسوتها لا يمكن للحرب في اليمن أن توقف الحياة