الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية الكردية ودور الشعب العراقي

عبد العالي الحراك

2009 / 2 / 4
القضية الكردية


لقد استعرض الاخ سليم مطر اراء بعض الاخوة المثقفين الاكراد حول القضية الكردية وما وصلت اليه من ازمة انسداد الابواب في طريقها نحو تحقيق امال وطموحات الشعب الكردي في نيل حقوقه الانسانية والعيش الكريم كبقية الامم والشعوب..استعرض في مقالته المنشورة على موقع الحوار المتمدن ليوم السبت الماضي الموافق الحادي والثلاثين من الشهر الماضي, تلك الاراء التي تناقش(خيبة امل بعض المثقفين الاكراد من تجربة الادارتين الكرديتين في شمال العراق) بشكل منطقي وسلس جدا الا انه لم يستشهد باسماء هولاء المثقفين وارائهم التفصيلية وحجم تأثيرهم في الوسط الثقافي الكردي والعراقي وفي الواقع الاجتماعي الشعبي.
صحيحة الاراء التي تتحدث عن انتفاخ القضية الكردية اكبر من حجمها قياسا لمثيلاتها في الدول المجاورة خاصة في الاعوام الاخيرة بعد السقوط وقيام الاحتلال. هذا ليس عيبا في اعتقادي اذا كان الامرتطورا وتقدما نضاليا في القضية الكردية, وليس انتفاخا, لان الانتفاخ حالة مرضية . الحقيقة كان هناك تطورا وتقدما في القضية الكردية العراقية بسبب نضال الشعب الكردي ودعمه من قبل الشعب العراقي بقيادة وتوجيه عموم الحركة الوطنية العراقية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي واخطاء الحكومات العراقية القومية الشوفينية, تخلله حالات انتفاخ مرضية بين الحين والاخر, عندما تضعف الحكومات العراقية او عندما تستغل القضية الكردية من قبل قوى خارجية لها مصالح في زعزعة اوضاع العراق السياسية والاقتصادية الداخلية..فبين التقدم والانتفاخ ظهرت حالات تقهقر وانحدار ظلت فيها القضية الكردية دون مستوى نضال الشعب الكردي ودون الارتقاء الى مستوى حركة تحرر وطني تحظى بالدعم المحلي والدولي كبقية الحركات السياسية النضالية في العالم.
لقد انتفخت القضية الكردية بشكل غيراعتيادي منذ اوائل التسعينات ونتائج حرب الكويت وسقوط صدام السياسي وعندما اعلن حظر الطيران الجوي على شمال العراق واعتبار المنطقة الشمالية من العراق واقعة تحت الحماية الدولية بعيدا عن نفوذ وتأثير صدام.. استقلت تقريبا عندها القيادتان الكرديتان وشكلتا حكومتين واحدة في اربيل بقيادة مسعود البارزاني والاخرى في السليمانية بقيادة جلال الطالباني تتصارعان وتتقاتلان على النفوذ والمصالح. هنا بدا الانتفاخ الثنائي والتصرف بالشعب الكردي والمنطقة الشمالية على اساس قومي معادي للشعب العراقي حيث الغيت اللغة العربية واستعيض عنها باللغة الانكليزية وهو تعبير عن العداء والكره القومي وليس موقفا ضد حكومات عراقية ظلمت الشعب الكردي..ازداد الانتفاخ بعد السقوط في نيسان من عام 2003 وقيام الاحتلال حيث تمددت القيادتان الكرديتان الى بعضهما واتحدتا في سبيل كسب المزيد من المصالح على حساب كيان عراقي يتقلص وينكمش وشعب عراقي يقصف بالطائرات ويقتل ابنائه واطفاله ونسائه والقيادتان الكرديتان تتفرجان بل تنهمكان في التحضير والاعداد لتحالفات قومية مع الطائفيين والابتعاد عن الوطنيين والديمقراطيين واليساريين الذي دافعوا كثيرا عن قضية الشعب الكردي وتحملوا في سبيلها الكثير وقيام حكومات عراقية على اساس المحاصصة الطائفية والقومية هي بالضد من مصالح الشعب العراقي ووحدته الوطنية..انه انتفاخ سياسي مرضي بدعم خارجي وليس بقوة كردية ذاتية, لم يرض عنه الشعب العراقي وهو السبب في موقفه من تصرفات القادة الكردية الموحدة ظاهريا التي تتحمل مسؤلية كبيرة لما حصل للشعب العراقي وما سيحصل للشعب الكردي من مآسي جديدة مستقبلية.
ان القوة الحقيقية للشعب الكردي اتت من نضاله العنيد وتحالف الشعب العراقي وقواه الوطنية والتقدمية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي الذي اعطاها زخما وحجما يبدو اكبر من حجمها قياسا باحجام مثيلاتها في الدول المجاورة وليس من انتفاخه المرضي الانتهازي الذي تستغله القيادة الكردية في اوقات المشاكل والازمات لصالحها..فبدون التلاحم الكردي العربي في العراق مع القوميات والاقليات الاخرى المتآخية لا يمكن للقضية الكردية ان ترتقي الى قضية تحرر وطني فعالة وناجحة بل قوة قومية في صراع مستمر مع قوى قومية اخرى تعيش معها في نفس الوطن.
لا تحتاج القضية الكردية الى تصريحات عاطفية انفعالية وانما الى نضال حقيقي يوصل الشعب الكردي مع عموم الشعب العراقي الى التمتع بحياة حرة كريمة متآخية وما كان نضال الحزب الشيوعي العراقي في السابق الا على هذا الاساس ولهذا الهدف وبموجبه احترم شعاره الذي ينادي بالديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان العراق.
نعم لقد ارغم نضال الشعب الكردي ودور الحزب الشيوعي العراقي فيه صدام حسين على القبول بفكرة الحكم الذاتي للشعب الكردي لكنه شوهها واستغلها لاسباب سياسية ولايذاء الشعب الكردي والضحك على قياداته المتهالكة على السلطة .
ان مشروع الحكم الذاتي ليس مشروعا بعثيا وليس كرديا خالصا وانما مشروعا شيوعيا عراقيا تبناه مثقفوا الحزب وقياداته الواعية وما كانت تنشره مجلة الثقافة الجديدة في السبعينات من اراء ومواقف وحوارات لماجد عبد الرضا ومكرم الطالباني وغيرهما الا دليل على ذلك.
امر محمود ان يناضل الشعب العراقي وقياداته الوطنية في سبيل قضية عادلة.. اما اذا واجهته القيادات القومية الشوفينية الكردية بمذابح جماعية فهي الجريمة التي يقترفها هؤلاء القوميون الكرد كما اقترف القوميون الشوفينيون العرب مجازر بحق الشعب الكردي والعراقي عموما وكلاهما السبب في معاناة الشعب العراقي عربا واكرادا في الماضي وفي حاضر الزمان.. فهل نأخذ عبرة من هؤلاء ومن ازمانهما؟
لايمكن الغاء الدور التقدمي الكردي الذي كان ممزوجا عبر نضال الحزب الشيوعي العراقي وجعل الدور العراقي هو الحاسم فالامر كان مشتركا في اعتراف العرب والعالم بنضال الشعب الكردي وعدالة قضيته.. فللاكراد عموما دورهم في النضال الوطني وايصال صوتهم الى العالم..الان ضروري جدا ايجاد البديل الوطني الديمقراطي التقدمي ليس للاكراد فقط وانما لعموم الشعب العراقي عندما ينتبه الشعب الكردي متآخيا مع عموم الشعب العراقي لايجاد هذا البديل المنفتح على مصالح الشعب دون انفصال او استئثار او تمييز.. ولن يتم هذا في ظل قيادة كردية تتحالف بصيغة قومية محدودة مع قوى طائفية رجعية لا تعرف مصالح الشعب الوطنية وانما تنشغل بمصالحها الفئوية والطائفية.
الممارسات الحالية للقيادة الكردية في شمال العراق ومنذ الاحتلال ممارسات غير مقبولة وسوف تتراجع بسببها القضية الكردية الى الخلف كثيرا دون ان تتقدم الا في الظاهر. وسيبدأ القادة الاكراد بالقلق على ما حققوه لانه باطل ومناقض لمصالح الشعب العراقي عموما وسيجدوا انفسهم بين كماشة دول مجاورة لا صديق فيها للقيادة الكردية التي قضت معنويا على اصدقائها الاخيرين في العراق الا وهم الوطنيون الديمقراطيون واليساريون العراقيون الذين ضعف دورهم كثيرا لاخطائهم الجسيمة ولغدرهم من قبل القيادات الكردية ذاتها عندما ذهبت تتحالف مع قوى اسلامية طائفية.
ان اراء هؤلاء الاخوة المثقفين الاكراد اراء صريحة وجريئة في قول الحقيقة ونقد القيادات الكردية.. فهل تعتبر هذه القيادات وتراجع نفسها وتصحح اخطائها وتغير مواقفها في سبيل الشعب الكردي والشعب العراق معا..؟؟ اذا احس بعض المثقفين الاكراد بالخطأ فأمامهم طريق طويل وصعب من اجل التصحيح ولن يتحقق هذا دون الالتحام بالمثقفين الواعين العراقيين عربا واكرادا وتركمانا واقليات اخرى في عمل وطني ديمقراطي تقدمي لا انفصالي يعيد في باديء الامر للحزب الشيوعي العراقي وحدته التنظيمية لا انقسامه على اساس قومي اضعف كثيرا نضال الشعب الكردي اولا ولم يقويه.. يتلاحم ثانيا مع القوى الوطنية والديمقراطية التي تحترم الشعب الكردي وجميع قوميات واقليات الشعب العراقي, لان القضية الكردية هي قضية عراقية وطنية وانسانية, يحب العراقيون اخوتهم الاكراد لا ان يكرهوهم بسبب مواقف القيادات الكردية الحالية ولن تنقرض القضية الكردية ما دام هناك تآخي وتحالف وطني يشمل الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقالة جاده
نديم عادل ( 2009 / 2 / 3 - 20:39 )
مقالة جريئه , جاده ومفيده , حيث انها تثير اسئلة عميقه لها تأثير كبير على مستقبل العراق وشعبه.
اسئله بحاجه الى المزيد والمزيد من النقاش المعمق.
تحياتي


2 - تحطيم حلقة العنف يبدء بتشخيص جذور المشكلة
اسماعيل ميرشم ( 2009 / 2 / 3 - 22:44 )
هل قامت العراقيون وخاصة بعد التغيير بتشخيص ودراسة ما حصلت لهم في الماضي خلال العقود الاريعين؟ هل ارجعت الحقوق لمن حرمت منها؟ هل بدء بنشر ثقافة جديدة انسانية تعامل الجميع على اساس انسانيتهم قبل عشيرتهم او مذهبهم او قوميتهم في العراق الجديد؟ ام ان الماضي يكرر نفسها؟؟
اعتقد تحن بحاجة لبداية جديدة بعيدا عن المجاملة بل يرجع الحقوق سواء كانت معنوية او مادية اوغيرها لاصحابها الاصليون وتحدد المفاهيم وبوضوح كالوطنية والدولة والحكومة وقبلها جميعا مفهوم المواطنة وحقوقها رغم الاختلافات الثقافية او العرقية او المذهبية ليعيش الجميع متساويا في التمتع بخيرات بلده وفخورا بهويته مها اختلفت وبكرامة انسانية في بلد تكون فيه حقوق المواطنة اسمى واقدس من المسميات الاخرى


3 - شكرا لكما
عبد العالي الحراك ( 2009 / 2 / 4 - 07:37 )
شكرا لك ايها الاخ العزيز نديم عادل
دورك مهم ايضا في طرح الاسئلة العميقة والاجابة عليها بكل جرئة وشجاعة ووضوح ويفترض ان يتقدم الاكراد التقدميون قضيتهم التي هي قضية الشعب العراقي وان تتسع المطالبة بالحقوق وتشمل جميع المثقفين الواعين دون الاقتصار على بعض منهم فقد اشعل هذا البعض شرارة المطالبة المطلوب ادامتها وانارة الطريق امام الشعب الكردي وعموم الشعب العراقي فالمرحلة خطيرة والفرصة مؤاتية لان يأخذ الشعب العراقي بعربه واكراده وتركمانه واقلياته الاخرى زمام المبادرة دون ان يسمح بتبديل دكتاتورية مقيتة ساقطة بطائفية ظلامية وقومية عشائرية متهالكة تتوافقان وتتساومان على المكاسب الشخصية والفئوية دون اخذ رأي الشعب ودون مشاركته

شكرا للاخ اسماعيل ميرشم
لقد ظهر الساسة العراقيين بعد التغيير بثوب طائفي متخلف وقومي انعزالي عشائري متحالفين بالضد من الوطنية والوطنيين المخلصين وقد انضوى تحت خيمتهم وطنيون اخرون ضعاف واندفع الجميع لتعويض الماضي عن طريق كسب المزيد من المال والجاه والسلطة وهي نقطة الخلل الاساسية.فاذا كان الانسان المظلوم سياسيا في السابق وهو الان في السلطة ولم يستطع تحقيق طموحاته وطموحات شعبه بالطريقة الوطنية والانسانية بل استعاض عنها بطريقة المحاصصة والتوافق فماذا ينتظر من هكذا

اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر