الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تفكر؟

جعفر الغرابي

2009 / 2 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تلتزم قوى الادارك بمحورين من التفكر, نحو على وقائع القواعد المنطقية ,واخر على نحو الراي, وكلاهما مُستمد من الواقع ولكن الفارق بينهما ان الاول يعتمد على مبادى ثابتة او مسلمة ,اما الاخر
فيعمتد على التجربة الشخصية والاستنتاج والحدس او الاحراز.اما الاول فهو المتصدر للمعرفة الحقيقية والمنطقية (تبعا) للثوابت التي يعتمد عليها او ينطلق منها باتجاه المجهول.وايرادنا لكلمة تبعا بين قوسين هو لاظهار ان الاخير مشروطا باحكام خاصة تسود المنهج الاستدلالي وقد تقوضه الى نحو التشكيك مادام هناك طابع شرطي يهيمن على القضية ويرمي بها في قاع النسبية التي قد لايلتفت اليها المُستدل او صاحب النظرية.ومن هنا قد يثار تشكيك مباشر بكل النتائج المُستدل عليها مادام هناك تعددية في المنطلقات الفكرية, وتباينات في الاسس.فكيف تمُيز النتيجة الحقيقية من بين جميع الاستدلالات المُستخلصة في حين انه توجد انطلاقات يشوبها الشك في ضعف الوظيفة المؤدية الى تحصيل النتيجة!.والجواب على هذا الامر مُحدد بايجاد الصيغة الصحيحة لنظرية المعرفة,وهذا الايجاد يوجب البحث في جميع النظريات المطروحة والاكتفاء بالواحدة التي تستطيع ان تبلغ المدى الصحيح في تلبية جميع متطلبات الواقع العلمية ,وفي الحقيقة ان النظرية العلمية الوحيدة التي تتصف بالطابع الواقعي والعلمي الدقيق هي التي تجعل العقل المصدر الاول من مصادر المعرفة,تليها التجربة,ثم المتعقلات, والمسلمات, والمتواترات.وقد ثبت علميا بطلان النظريات الأخر التي تزمتت بصرف العقل عن الاولوية في كشف الحقائق والاكتفاء بالتجربة دون غيرها من المصادر. بدليل عدم امكانها على كشف كل ماهو مُدرك بواسطة التجربة دون الرجوع الى العقل في الحكم ,ناهيك عن الامور التي لايستطيع اي كائن ان يقوم عليها بتجربة مثل مبدا عدم التناقض.وهكذا فان الاداة العقلية المُتخذة للكشف عن الحقائق لها الحق الامثل في اعطاء النتيجة العلمية كونها مهيئة تكوينا لهذا الامر ولها قابلية الاستيعاب الاكثر للواقع المادي والمجرد,ويطلق على هذه القابلية بالملكة او العقل الفلسفي.


العقل المنطقي

يتميز العقل المنطقي بالالتزام بالثوابت التي تكون في ذاتها المحطة الاولى لمنطلقاته في الابحاث والاستدلال,وهذه الثوابت هي ليست الا موارد او معطيات من الواقع الخارجي اي( الطبيعة)حيث يقوم العقل بانتزاعها طبقا لمدلولات ظاهرية ومحكمة ,تتشكل من موضوع ومحمول وروابط ضرورية وذاتية ,بالاضافة الى المبادى الثابتة ,والدلالة باقسامها,ويتعين على الباحث في هذا المطاف الالتزام بجميع القواعد المستوحاة من هذه المجالات كون المتحصل منها يتشكل -الامكان والامتناع- والذي يعتبر مقياس فاصل لتحقيق المطالب فضلا عن تحقق وجودها ,ويطلق على هذا الاخير(بالامكان والامتناع المنطقي)والامكان المنطقي هو عبارة عن حقائق ثابتة منتزعة من العالم الخارجي تكون بدورها اداة كاملة لقياس فقرات معينة تسبق الخضوع الى التجربة ,وهذه الاداة هي ليست الا القانون الذي يكمن فيه واقعنا الطبيعي,اما الامتناع فهو لايختلف شيئا عن الامكان من ناحية الوظيفة الا انه يقع في قبال النتيجة العكسية التي تصدر من الامكان,وقد يكون الامكان وحده كافيا للقياس كون القضية التي لاتتخذ مجالا في الامكان ,فبالضرورة تكون واقعيتها ممتنعة.







العقل العرفي

يعتبر العقل العرفي نموذجا للاتجاه الذي يعتمد على قضايا مسلمة عرفيا دون احالتها للمنطق او العلم ,فالانطلاقات التي يحتويها هذا الاخير لاتعطي معالم حقيقية للوصول الى الهدف بصورة سليمة كونها مستمدة من واقع متذبذب يميل حسب مؤشرات مقتبسة من عالم خاص او تجربة خاصة,
لذالك تجدها مختلفة من شخص الى اخر.ومن هنا فلا لزوم من الاستفادة من تجارب الاخرين على نحو مطلق,ولاضرورة من اقتفائهم على نحو الاثر المترتب من تجاربهم,.ويتحتم عليه ممارسة التجربة بشكل شخصي لمعرفة النتيجة,او تتبع الاستقراء حسب المباني الاساسية التي يمكن ان يظهر من خلالها مدلول يوصل الى معرفة ما.لان الظروف الموضوعية التي تحيط بالقضية لها واقعها الخاص المنفرد والذي يشكل هيئة متكاملة لانتاج مطلب معين.وعلى ضوء هذا الامر يمكننا ان نفسر الراي الشخصي المنبعث من عقلية عرفية لايمثل في الواقع سوى رؤية غير منهجية ومزدوجة النتيجة وتكون اغلب تقديراتها العلمية مبنية على اساس سيكلوجي يضمر في داخله توافق المصحلة الخاصة,والمحدودية او القصر في ادراك القضايا.ولهذا لانستطيع ان نجعل لها اساس علمي متبع كونها قضية بعيدة كل البعد عن الثوابت والمنطلقات الصحيحة..


دمج الاتجاهان!

ظهر لنا اتجاهان من التفكير وكلاهما يريد التوجه نحو الوصول هدف واحد الا وهو النتيجة الايجابية او الحقيقة التي لازمت البحث,وقد بان لنا من خلال الطرح المبسط عدم اطلاق التجربة بمناى عن العقل للوصول الى معرفة حقيقية.وبالرغم من ان بعض المذاهب الفلسفية قد افرطت في استخدام التجربة كاداة وحيدة للادراك كالماركسية والظاهراتية والبراغماتية,الا ان الاخير لم يفي بالتقديرات التي قدرت لهذا الامر مما دعى الى بقاء هذه المذاهب في قوالب جامدة ,مع عدم بروزها في الواقع كمنظار لرصد الحقائق بدقة وفاعلية.اما الامر الاخر فهو العجز في العقل العرفي الذي ذكرناه سابقا,وعدم تحصيله للاداة العلمية الكافية التي تقوده نحو الهدف المعين, فضلا عن المنهج المتبع في خيالاته والذي لاينبع من دراسة مسبقة تحت اطار معرفي ثابت,بل ان العاطفة والانانية والقصور في المعرفة هي الاطر العلمية لتحصيل النتيجة.وعليه يترتب عدم امكانيته من نيل اي مطلب علمي بصورة مستوفية, والامر الاخر الذي لايستطيع تحصيله هو جعله في محتوى واحد يناظر من خلاله العقل المنطقي في الابحاث,كون المبادى التي يعتمد عليها العقلين تتنافى من ناحية الاسس والتوجه,فضلا عن عدم التزام العقل العرفي بالثوابت والمنهاج السليم,فلا ضير من ابعاده عن المخيلة العلمية والاكتفاء بالعقل المنطقي كاساس وحيد للتفكير لاستيفائه بالشروط المعتبرة واليقينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية