الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهلا فالشيوعيون ابناء العراق

صابر معروف

2009 / 2 / 8
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


لم يتعرض فصيل وطني عراقي على مدى تاريخ العراق الحديث لماتعرض له الحزب الشيوعي العراقي من صنوف المواجهات لتحجيمه او الغاء تاثيره في الساحة العراقية سواء بالاساليب المقبولة كرد على انشطته الفكرية او بالقمع باشكال مختلفة ارتقت الى التصفيات الجسدية التي لاتغيب عن ذاكرة العراقيين ,ابتداءا باعدام فهد سكرتير الحزب ورفاقة في المكتب السياسي التي نفذها نوري سعيد ومرورا بكل المجازر المتصاعدة التي قادتها تنظيمات البعث بعد انقلاب 8 شباط عام1963 الذي اجهض مسيرة ثورة تموز مستندا على تحالف غير مقدس بين الامريكيين وعصابات البعث المحتضنة في قاهرة عبد الناصر بعد تنفيذها جريمة محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم في رأس القرية في بغداد
التي كانت نواة التحضير لاسقاط ثورة تموز بعد استشعار تلك الاطراف خطورة الاسناد منقطع النظير الذي وفره الحزب الشيوعي العراقي لثورة تموز من خلال المظاهرة المليونية التي لونت شوارع بغداد بلون الوطنية الداعم للفقراء والمساند لزعيم الثورة المنحدر منهم بعد اصداره لقوانين وطنية زلزلت الارض تحت اقدام المستعمرين الممثلين بشركات النفط وحلفائهم الاقطاع وجيوب الرجعية والبرجوازية الصغيرة التي كانت مفصلة بمقاساتها على فلسفة حزب البعث في تلك المرحلة من تاريخ العراق التي توجت بحمامات الدم التي استهدفت تنظيمات الحزب في جميع مدن العراق بقسوة لم تغب عن ذاكرة العراقيين ولن تغيب على مدى تاريخهم المنظور ,فقد طالت خيرة الوطنيين من علماء ومفكرين واساتذة في صنوف المعرفة وعمال وفلاحين وطلبة وبسطاء الناس رجالا ونساء
في سابقة لم تتكرر في العراق والمنطقة الا في نهاية السبعينات عندما ارتقى سليل القتل والاجرام المدرب في الجولة الاولى على ايدي الامريكيين في الحاضنة المصرية صدام حسين ,ارتقى الى كرسي القيادة بعد ازاحته البكر في مسرحية لم يحتاج العراقيون جهدا في كشفها ومعرفة دوافعها في حينه ,حيث نفذ الصفحة الثانية لكتابه في الاجرام حين ضرب عرض الحائط بكل الالتزامات المتفق عليها فيما يسمى بالجبهة الوطنية والقومية التقدمية التي جمعت الحزب الشيوعي العراقي بحزب البعث في منتصف السبعينات والتي كانت احدى الفواصل الخاطئة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي التي نفذتها قيادة الحزب انذاك متقاطعتا مع رفض قطاعات واسعة من قواعد الحزب التي اجبرت على السكوت عن تصرف القيادة التزاما بمفهوم نفذ ثم ناقش في ذلك الوقت الذي يستند على ان القيادة في الحزب هي ليست اي قيادة لان اليات الارتقاء لها في الحزب الشيوعي العراقي ليست بسيطة ,لكن تاريخ الحزب يؤكد لمن يقرئه بحياد بان هذا الحزب العريق الذي هو الان في العقد الثامن هو حزب قواعد مخلصة لم تفرط بالتزامها للفكر الذي اقتنعت به رغم كل ماتعرضت له من استهداف قاسي اودى بجياة الالاف دون ان يحقق مبتغاه في دفعهم الى خيانة ما امنوا به من اجل شعبهم ,هذه العله التي يعاني منها اعداء الشيوعيين في العراق مستنده على ان الانتماء للحزب هو انتماء قناعات وليس مكتسبات يحصل عليها المنتمي كأغراءات كما كان البعث مدرا على اعضاءه بشتى انواع الفوائد التي كانت نتيجتها الخراب الذي عم العراق على كل المستويات والتي كان اخطرها هو ما اصاب الجامعات والمؤسسات التعليمية بكل مستوياتها نتيجة لاعتماد الولاء للبعث وصدام في قبول الاعداد الهائلة من الفاشلين والضعفاء علميا في بعثات الحصول على الشهادات العلمية من الجامعات العالمية وقبول المتقدمين للجامعات العراقية والمعاهد من المنتمين لحزب البعث حصرا في كليات خاصة كالتربية مثلا وتخرجهم ناقصي الكفاءة والابداع العلمي لينتظموا في المدارس العراقية والمعاهد والجامعات وليساهموا في تردي المستوى التعليمي في كل مراحل الدراسة التي هي الاساس في تنمية البلد وبنائه تنفيذا لسياسة عقيمة تستند الى ان المهم ليس ان تكون كوفئا لوظيفتك انما ان تكون مخلصا لمنهج حزب البعث وصنمه صدام .
حين نقول ان الحزب الشيوعي العراقي هو حزب قواعد وليس قيادات فاننا نستند على الوقائع التي اكتنزها تاريخ الحزب طوال هذه العقود والتي تؤكد على ان ضربات السلطات التي استهدفت قيادات الحزب في العهد الملكي وخلال انقلاب شباط الاسود بتصفية فهد وسلام عادل واعضاء القيادة في حينها لم تستطع ان توقف عمل الحزب ولم تؤدي الى انهيار القواعد التي كانت متمسكة بما امنت به عن قناعات لاتفارقها بسهولة ,ورغم ان عمليات التصفية الواسعة والمدروسة والمنظمة التي اعتمدتها قيادة البعث في نهاية السبعينات في جميع مناطق العراق كانت عملية قاسية وشاملة اقترنت باسلوب ارهابي وذلك باعتماد التوقيع الشخصي على قرار 200 سيء الصيت
الذي يفرض اعدام المخالف لمبدء التخلي عن العمل في صفوف الحزب الا ان حزب البعث نفسه لم يكن مقتنعا بالتزام الشيوعيين الموقعين على ذلك القرار بتنفيذه بدليل استمرار الاذرع الامنية المكلفة بمراقبة تنفيذ القرار باستدعاء الشيوعيين الموقعين بانتظام لتهديدهم بعواقب خرق القرار في كل مدن العراق طوال سنوات حكم البعث اللاحقة حتى سقوط السلطة في عام 2003 .
ومع ان البعث وقيادته الاجرامية كان قد حاول اكثر من مرة طوال سنوات مابعد ضرب الحزب في نهاية السبعينات تنصيب هيكلية قيادية لحزب شيوعي بديل ليكون معينا على فحص نتائج خطواته التدميرية للحزب من خلال استقطاب اسماء قيادية معروفة تبنت منهجه في تكملة فصول المسرحية كي تجتذب قواعد الحزب المنتشرة في عموم مدن العراق واريافه الا ان كل محاولاته باءت بالفشل الذريع لسبب بسيط هو ان وعي القواعد كان اكبر من ترتيبات البعث وماتحتفظ به تلك القواعد لاسرار الشفرة الشيوعية العصية عالاختراق وهي ان الالتزام بالمبادئ هو قناعة شخصية متأتية من نصاعة التاريخ الشيوعي المبنية على امثلة انسانية حية تعيش معهم اينما كانوا في المحلات الشعبية ومواقع العمل ومن ذكريات مشرفة لمواقف الشهداء وسجاياهم والمغادرين وماتركوا من صحائف بيضاء ناصعة بالوطنية والاباء والاخلاق التي يتصف بها العراقي قبل ان يستهدفها البعث ببرنامج مدروس كي يشيع ثقافته المتدنية والتي زرعت الفساد بكل الوانه لكنها لم تستطع ان تنجح في برنامجها لان غالبية العراقيين لم يفارقوا ماتعلموه من قيم التماسك الوطني والمحافظة على النسيج الاجتماعي المتنوع الذي يمثلهم على مدى التاريخ.
هذه القواعد التي بقيت وفية لمبادئ الوطنية العراقية هي نفسها التي فتحت مقار الحزب في كل مدن العراق لتعلن عودة العناق الحار بين فقراء الشعب وحزبهم المجيد بعد اربعة عقود من الاغلاق القسري على يد الجلادين ,ولتبدء من جديد تفتتح نهاراتها باناشيد الحب لشعبها والوفاء لحزبها والدفاع عن حقوق الناس في سيمفونية اذهلت الجميع فقد فتحت بعض المقرات ابوابها قبل ان يسقط صنم الدكتاتور وقد صدرت طريق الشعب كأول جريدة عراقية في بغداد وكأن الشيوعيون يردون على جلاديهم المتعددين بأنهم ابناء الشعب الاوفياء والمجتهدين والفخورين بحاضنتهم الوطنية التي
لاتنسى ملامحهم والمشتاقة اليهم منذ عقود.
ان حزبا كهذا لم تستطع كل اساليب الغدر والاقصاء والتدمير تغييبه ولاابعاد العراقيين عنه سوف يبقى متجذرا في الارض العراقية محميا بمناضليه وانصاره ومحبيه ومشرقا ومنيرا لدروب العراقيين مهما تراكمت الصعاب واشتدت الازمات ومهما تلونت واختلفت اساليب تحجيمه لان الاطراف التي تعمل على ذلك الان كانت هي نفسها قد جربت ولمرات قبل عقود وفشلت وان ادعت الان ان العالم تغيرو المنظومة الاشتراكية قد انفرطت والامريكان هم الضامنون فان كل ذلك لم يعد فاعلا ونحن نتلمس عالارض تضاعف الظلم والاستغلال والتجويع ومصادرة الحقوق وكاننا نعيش في القرون الوسطى.
هذه الاطراف التي تستهدف الحزب الشيوعي العراقي منذ عقود عرفت تماما صعوبة مقتله بسبب ان حامل هذا الفكر وهذه المبادئ لايبتغي من ورائها الا خدمة شعبه وقد تجلى اختلاف الشيوعيين عن باقي التنظيمات الاخرى بعد سقوط سلطة صدام بتاكيدهم على جوهر ذلك الالتزام وادامته ,وكان الفعل المميز الذي تلقفته كل وسائل الاعلام لابو تحسين وهو ينفذ وصية العراقيين للرد على جلادهم دون الاهتمام بعمليات النهب والفوضى التي عمت بغداد في وقتها خير دليل على نوعية البناء الفكري والوطني الذي لم ينكسر طوال سنوات القهر والحرمان, ومافعله ابو تحسين هو مقدمة لاداء الشيوعيين المنضبط وطنيا واخلاقيا والذي حازوا من خلاله على ارفع وسام من شعبهم عندما اطلق عليهم اصحاب الايادي النظيفة في مرحلة احتل العراق فيها المرتبة الاولى في قائمة الفساد الحكومي وهم بذلك يترفعون عن التلوث بأثام يلبسها الكثيرون لبسا.
قد يتصور البعض ان ما الت اليه الانتخابات الاخيرة في العراق هي مؤشر للافتراق بين الحزب الشيوعي وانصاره والشعب العراقي معتمدين على الارقام الاحصائية ومتناسين مايمر به العراق من اعادة لتكوين وبناء حياة افضل وقد يذهبون بعيدا في ان ماعجزت فيه اساليب البطش سوف تنجح فيه اساليب التضليل ,الا ان كل ذلك سينجلي وسيعود الناس الى اختياراتهم المبنية على الافعال المفيدة وستنهار قوى المتاجرة بالشعارات مهما تجبرت لانها تملك ادوات الترهيب والمزايدات وقوت الفقراء وستدور الدوائر من جديد وستكون للعبة الديمقراطية والانتخابات فعلها الحاسم عندما يوضع السلاح على جانب وتتبارى الاطراف بتواريخها الوطنية وباياديها غير المدنسة بالسرقات وبالدم وسيقول العراقيون كلمتهم ويسقطون الاقنعة لتظهر الوجوه الكالحة وفي حينها لن يجد الشعب حرجا في ان يقول كلمته ,واذا كانت الاطراف الفائزة الان معتمده على اسماء قياداتها الرنانة في هذه المرحلة والتي استندت على مواقعها السياسية او الروحية فأن الحزب الشيوعي العراقي متجددا بتمسك اعضاءه ومناصريه بالمبادئ النبيلة التي تجمعهم وهي عنوانا للعدالة الاجتماعية والحق ومناصرة الفقراء وقد يكون الحزب الوحيد الذي تنمو قواعده بتواصل دون اغراءات بالمنافع التي يغدق الاخرين على مناصريهم منها لكي يطمئنوا على تماسكهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تواصل
صابر معروف ( 2009 / 2 / 8 - 11:30 )
تواصل الحوار الذي يوفره موقع الحوار المتمدن يفتح افاق كبيرة امام الجميع ممن يسعون جادين للعمل من اجل اوطانهم بعيدا عن الاقصاء والظلامية ,ومهما كان مردود اي حوار بسيطا في بدايته لابد ان التراكم سيكون في الجانب الايجابي على الصعيد الفكري اضافة الى العلاقات الشخصية وربما العائلية التي اعتاد عليها العراقيون في بلدهم وهم يفتقدون حميميتها ودفئها الانساني في بلدان الاغتراب ,اشير الى ذلك وانا سعيد بكم الرسائل التي تفضل بارسالها لي البعض ممن اطلعوا على مقالي السابق الشيوعيون العراقيون وانتخابات المحافظات وانا هنا اقدم لهم جميل شكري واحترامي للملاحظات والتعليقات التي تفضلوا بها ولايفوتني ان اسجل احترامي الخاص للاستاذ الفاضل الدكتور علي حسين الساعدي احد اساتذتنا الاجلاء الذي تتذكره اجيال عديدة من طلبة جامعة البصرة في سنوات التعليم الرصين وهو يساهم في البناء العلمي والوطني لسنوات طويلة مع رعيل الاساتذه العراقيون الذين تشهد لهم اروقة الجامعات العراقية والعربية التي خدمو فيها والتي لم تتوفر للكثير منهم الى الان وبعد سنوات من سقوط الصنم فرصا بمستوى كفائاتهم وتاريخهم النظيف ليعودو لبلدهم مكرمين بعد ان غادروه مجبرين .تحية من القلب لكل جهد وعقل مفتوح لخدمة العراق وشعبه الذي يستحق جهودنا جميعا

اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح