الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العزاء للعراقيين بيوم 8 شباط الاسود

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2009 / 2 / 9
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اذا عد المؤرخ حسن العلوي انقلاب بكرصدقي هو البداية الحقيقية لسلسة الانقلابات السوداء في تاريخنا الوطني فان انقلاب 8 شباط1963يمثل الذروة الكارثية والبداية الحقيقية للنكبات التي اصابت الامة العراقية والعراقيين فيما بعد.
وان كانت الاجيال الجديدة والناجين من حكومة البعث الثانية مازلت تحمل في اعماق ذاكرتها وخارطة جسدها الجراحات الاليمة والكوابيس المرعبة.
فان طعم الوقائع المرعبة ووخز الذكريات الموجعة وبصمات العذاب لايام الحرس القومي لايمكن ان تنساها ذاكرة ما تبقى من ضحاياها وما تركته من جيوش الارامل واليتامى والتي لم تسلم من ارث عصابات الحرس القومي التي خلفت اكبر مؤسسة قمعية في العالم وابشع تقاليدالقسوة التي طورها الجيل الثاني من الحرس القومي في انقلابهم التموزي الثاني في 1968 فاهلك اولئك اليتامى وما ولد من اجيال في حروب وسجون وثرامات ومناف.
لم يمض يومان عقب زحف دباباتهم الهمجية على وزارة الدفاع واغتيال الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم حتى تم الشروع ببناء اكبر منظمة سرية مهمتها تصفية الخصوم والتفنن في اساليب الاغتيال وابتكار اساليب غرائبية من القسوة.
من هناك افتتح اخطر مشروع سياسي في العراق اباد وبطش بالعشرات من المبدعين والعلماء والمناضلين الذين يشكلون الرأسمال البشري لامتنا العراقية.
وعند مرور هذه المناسبةالدموية فان الذاكرة العراقية تستحضر العشرات من الوثائق والشهادات والعشرات من المصادر والمراجع والاوراق التي لم تر النور بعد ومذكرات وحقائق وشهادات مرعبة اخرى طمست في قلوب ضحاياها.
عشرات من المراجع لكتابة تاريخ هذا الفصل التاريخي الدموي باقلام شعراء وعلماء وساسة ومستشرقين اجانب ومواطنين بسطاء معهم الاف القصص الشفاهية غير المدونة عن هذا اليوم الاسود.
افتتحت هذه الاستذكارات التاريخية بكتاب اصدرته مديرية الاستخبارات العسكرية لحكومة عبد السلام عارف " المنحرفون" وبعدها توالت مذكرات بعثيين تائبين كهاني الفكيكي وطالب شبيب وحازم جواد،وشهود من الشيوعيين العراقيين كزكي خيري وصالح مهدي دكلة ورحيم عجينة وبهاء نوري ومؤرخين اجانب محايدين كحنا بطاطو ومؤرخيين محليين كعلي كريم سعيد وشعراء عاصروا المحنة كفاضل العزاوي في كتابه الروح الحية.
الا تثير هذه الوفرة في المراجع والشهادات والمذكرات لاهم حقبة سياسية عراقية الرغبة والتفكير الجدي بانشاء مركزا متخصص لدراسة ثقافة الانقلابات والقرصنة السياسية والتي مثل انقلاب شباط الاسود نمو ذجها الصارخ.
ونحن نعلم بان الشعوب المتحضرة تسعى لانشاء مثل هذه المراكز البحثية لشؤون اقل شانا وادنى قيمة تعنى بالبيئة والطيور والتلوث وغيرها.
فكيف ونحن امام ثقافه غريبة ادت لطمس تراث هذا البلد ومزقت نسيجه الاجتماعي وأجهزت على مكوناته الوطنية بما لم تنجح فيه السياسات الاستعمارية نفسها، كماكانت هذه التقاليد الانقلابية سببا مهما لاهدار الثروة الانسانية لحياة الملايين من العراقيين الذين هلكوا في سلسلة من الحروب الحمقاءودهاليز مظلمة من السجون السرية وبالتالي تشريد الالاف من المبدعيين و ما تسبب من اهدار وطني لثرواتهم الفكرية والعلمية والثقافية.
ان مركزا للابحاث بهذا الطراز تسهم فيه النخب السياسية والفكرية والثقافيةكفيل بالاجابة على مشاعر القلق وهو اجس الخوف لما تبقى من ضحايا هذه الثقافةبعدم عودة هذه العصابات الحزبية المنظمة لممارسة قرصنتها الانقلابية ومؤامراتها المشبوهة.
ويثبت مثل هذا المركز بما لايقبل الشك بان الذاكرة العراقية لايمكن ان تتعامل مع وقائعها التاريخية وفصولها المهمة بمنطق الاهمال واللامبالاة.
ومن اهم الثمار المستخلصة لمثل هذا المركز هي تلك التطمينات التاريخية للامةولللاجيال بان المسار الديمقراطي هو الخيارالحتمي لها لعدم عودة مناخات وشروط هذه الثقافة من جديد.
فخالص العزاء في هذا اليوم الاسود للمفجوعين بالبطل الخالد الزاهد عبد الكريم قاسم وايتام شهداء اليسار العراقي الذين ذبحتهم قامات الحرس القومي وللشعب العراقي بكل طوائفه الذين عاشوا ويلات العذاب من هذا اليوم الاسود الى يوم فجر التحرير في نيسان 2003.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مع الاسف الشديد
سعد الحزين ( 2009 / 2 / 9 - 19:07 )
مع شديد الاسف ان الذين استلموا مقاليد الامور في العراق الجديد نسوا او تناسوا ضحايا شباط الاسود واولهم الشهيد خالد الذكر عبد الكريم قاسم ورفاقه وكل الشرفاء الذين قاوموا الانقلاب الاسود.ربما لكونهم من اليسار.حتى عندما نعق صدام وزمرته ومن ورائهم عرب كوبونات النفط بعدم شرعية المحكمة لم يرد احد بمقارنة الطريقه الهمجيه التي تمت بها تصفية الزعيم الشهيد من قبل البعث الفاشي مع الفارق الكبير بين زعامة بحجم الزعيم الشهيد وعصابجي مثل صدام.بل لم نسمع اي رد اعتبار للزعيم وصحبه والمناضلين من ضحايا شباط الاسود الا من احتفال يتيم لحزب نصير الجادرجي يوم 14 تموز 2003. فأين ذهبت ذاكرة الحكام العراقيين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ 

اخر الافلام

.. المغرب.. قطط مجمدة في حاوية للقمامة! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. موريتانيا: مع تزايد حضور روسيا بالساحل.. أوكرانيا تفتتح سفار




.. إسرائيل تحذر من تصعيد خطير له -عواقب مدمرة- بسبب -تزايد اعتد


.. هدوء نسبي مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن -هدنة تكتيكية- انتقده




.. البيان الختامي لقمة سويسرا يحث على -إشراك جميع الأطراف- لإنه