الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ستة وأربعون عاماً على مجزرة شباط الأسود
نسرين وصفي طاهر
2009 / 2 / 9دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في مثل هذه الأيام من كل سنة، ومنذ ستة وأربعين عاماً حتى الآن، تتحفز ذاكرة الوطنيين العراقيين بكل حدة وتيقـّـظ، لتعيد إلى الأذهان والعقول، فضلاً عن القلوب، فواجع الثامن من شباط 1963، ومآسيه التي أطلقت العنان، وإلى اليوم، عواصف الدم والحقد والعنف في البلاد، فكراً وأسلوباً وممارسة، على أيدي الجلادين والدكتاتوريين وأنصارهم وأعوانهم القدامى، والجدد.
وبعيداً عن العواطف، والتفاصيل، ولكي لا ننكأ المزيد من الجراح والآلام التي يعيشها شعبنا، المتطلع إلى الشمس والتقدم، بعد عقود من الظلام واليأس والقمع والتنكيل، أقول: ان استذكار فواجع تلك المجزرة يجب ان يدفع التواقين حقاً لعراق جديد، لتوثيق ردّة شباط، أم الجرائم، وقائع ودوافع وتداعيات، وتحديد المسؤولية المباشرة عنها، لا بهدف الانتقام والثأر من قتلة ثورة تموز وأبطالها، ولا حتى لمقاضاة المدبرين الرئيسيين، وعتاة العنف والارهاب، وفقاً للقانون لا غير... ولكن من اجل ان يمنع الفاشيون من العودة مجدداً لاشاعة الموت وتدمير الحياة، وان تبزوا بأردية أخرى، مهلهلة لا تستر الحقيقة بأية حال... وبحسب أحد الفلاسفة الأحرار: ان من لم يتعظ من الأمس، فسيبقى بليداً مهما كان ذا ذكاء...
أقول ذلك، وأمام الجميع مجادلات هنا، واخرى هناك، باستحياء مرة، ووقاحة مرات، تريد ان تجمل ذوي العاهات والقبائح، وتحت لافتات الوحدة الوطنية، والتسامح والمصالحة، وما إلى ذلك من عناوين حق يراد بها باطل... وقد راحت ترددها حتى ثلة من رفاق وأصدقاء شهداء انقلاب الثامن من شباط الغادر المرير... وان كان الحديث يدور في الخفاء، وفي العلن أحياناً، عن امكانية اعطاء فرص جديدة للمجرمين، فلعل أولئك المتحدثين بدون تخويل أحد، يحاولون ان ينسوا، او يتناسوا، كم من الفرص قد أعطيت فعلاً، فكانت الحصيلة انهار دم أخرى تارة، ومقابر جماعية حيناً، وقصفاً كيميائياً بينهما... ويطول العدّ والتعداد.
نقول نعم للتسامح، ولنسيان الماضي (أو السعي لتناسيه بتعبير أدق) ولكن مع من يجب التسامح؟ وأين هم الذين يستحقون مثل تلك الحالة الانسانية الرائعة؟ ... ثم لماذا ننسى، فنصفح، ونصافح؟ أمن أجل توفير دروب اضافية للغدر، والغادرين، وتمكينهم من العودة الى ممارسة فكرهم، وسياساتهم، وشعائرهم التي تعودوا وتربوا، بل وجبلوا عليها، طينة ودماً وفكراً...
نتسامح نعم، ولكن فليلوح المعنيون أولاً ببادرة أسف، أو خجل، على الأقل، ولا نقول المزيد... إذ اننا، وخلاف ذلك، نرى ونسمع بين وقت وآخر، استمرار صلافة وحقد الورثة الشرعيين لأرباب وفرسان شباط الأسود، بإصرار وتجاوز سافرين، متحدين المشاعر والأحاسيس الانسانية لضحايا عهودهم المشؤومة التي ابتدأت منذ انقلابهم الفاشي عام 1963 ثم تواصلت وتبشعت يوماً تلو آخر، وطوال أربعة عقود... بل راح عديد من أولئك الجلادين يفكر في "العودة"، عبر حزب بتلك التسمية، الى سلطة القتل والحروب والدمار...
وان كان ديدن أولئك الذي نعنيهم، معروفاً، وطبيعياً، تأتي المأساة الأكبر حين يجدون أصداء (أو تأييداً بهذا الشكل أو ذاك) لدى ثلة مناضلين سابقين عانوا أنفسهم من ارهاب أهل الثامن من شباط، وورثتهم. وإذا ما كان أولئك "الرفاق والأصدقاء القدامى"، أو بعضهم، قد سلم صدفة، أو شطارة من الموت أو السجن والتنكيل، فقد راح ضحية تلك الجرائم أحباء وذو قربى، وأقران لنا، ولهم، لا نعرف كيف يُنسون أو يركنون للتاريخ، بحسب اجتهادات فردية تقيّم الأمور وفقاً لأهواء ونزوات واجتهادات ذاتية ليس إلا...
وإضافة لكل ما سبق التطرق إليه، وبعيداً عن القانون والعدالة وسواهما كثير، دعونا نسمع ونرى بالمقابل، وقفة تقدير أو انحناءة عرفان، أو قولة وفاء على أوسط الايمان، لشهداء الشعب والحرية، ثم لتعلو بعدها "دعوات" التسامح و"صلوات" المصالحة و"بخور" التبريك، للذباحين والقتلة الذين ما برحوا حتى الأمس القريب يواصلون نهجهم في الارهاب والإيغال بدماء الشعب... ان ما ندعو إليه ليس اكتشافاً خارقاً، بل هكذا يقول المنطق الانساني الذي تعلمه تجارب الشعوب المناضلة...
وأخيراً ... فما أحوج الدعوة، وبكل حماسة واخلاص، لجميع الذين عاشوا مآسي شباط الأسود، وعانوا منها أو تابعوها، أن يوثقوا للتاريخ وللأجيال القادمة شهاداتهم، فقد حان الوقت، وربما منذ زمن طويل، لكي يكتب المؤرخون الموضوعيون عن هذه الحقبة بكل ما فيها، وعليها، بهدف التوثيق أولاً، ثم لدحض "المؤرخين" الذين زوّروا وشوّهوا، ومازالوا يشوّهون ويزوّرون، ليس الأحداث والحقائق فحسب، بل ودور رجال ثورة تموز الأبطال ونضالاتهم الوطنية، الخالدة في الضمائر الحية، الانسانية على الأقل، وهي الأخلد من كل الزيف والرياء الذي لابد وان تذريه الرياح، لتبقى الوقائع راسخة، تفيض بالعنفوان والشموخ... وذلك ما نريد، ونطمح إليه بكل حرص، ونعمل من أجله بكل جهد...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - في هذا اليوم تم اغتيال الثورة الوطنية بقادتها وابنائها
د . مهران موشيخ
(
2009 / 2 / 9 - 00:56
)
تحية اجلال وتقدير لك يا نسرين ومن خلالك للمراة العراقية في مبادرتك الى تنبيه جيل دعاة - المصالحة الوطنية - من غدر رعاة شباط الاسود. شعبنا بامس الحاجة اليوم الى قراءة دوافع قتل ثورة تموز، من قام بها ومن خطط لها ومن ساهم في تحقيقها . كوكبة مجيدة من الشهداء اغتالتهم برابرة 8 شباط وتصدرتها مجموعة الضباط الاحرار بضمنهم والدك البطل المقدام . ما احوجنا اليوم الى رجال بذات المعدن مصقولين بالوطنية والاخلاص والتضحية من اجل الوطن ولخدمة الشعب بدون تمييز
2 - المجد لقادة ثورة 14/تموزوالخزي والعار لاعدائها على تعاقب اجي
سعاد خيري
(
2009 / 2 / 9 - 10:42
)
تحية حب وتقدير
سيبقى العار يلاحق كل من ركب ويركب القطار الامريكي واقترف ويقترف افضع الجرائم ولاسيما ابادة طلائعه الثورية التي سجلت اروع صفحات تاريخ شعبنا وسيبقى شعبنا وفيا لشهدائه ويقظا ازاء اعدائه وكل ادواتهم ولاسيما قادة ردة شباط وحاملي شعاراتهم عبراجيالهم المتعاقبة
3 - مقال رائع جدا جدا
رحيم الغالبي
(
2009 / 2 / 9 - 13:58
)
http://m1.ankido.net
ونشر هنا لاني من رابطة 14 تموز الادبيه
.. في ظل تعذر إقرار ميزانية 2025.. فرنسا تلجأ إلى -قانون خاص- •
.. هل تنجح المعارضة بطمأنة المجتمع الدولي لقيادة مرحلة إنتقالية
.. غارات إسرائيلية عنيفة على قطاع غزة تقتل عشرات الفلسطينيين
.. سكاي نيوز عربية ترصد تقدم دبابات إسرائيلية في الجولان
.. لماذا تحركت إسرائيل في سوريا بعد سقوط الأسد؟