الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البنوك الاسلامية بين الدجل والواقع

سامي الرباع

2009 / 2 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في ظل الازمة المالية المحيطة بالعالم يتسائل البعض ترى هل ما يسمى بالبنوك الاسلامية تختلف عن غيرها من البنوك العادية المنتشرة في كل انحاء العالم؟ هل تنهج هذه البنوك نهجا مصرفيا يختلف عن غيرها؟ هل هي فعلا اسلامية؟ هل تأثرت هذه البنوك كغيرها بالازمة المالية الحالية؟

كتب وليد الطبطبائي ، عضو مجلس الامة الكويتي ، مقالا في جريدة الوطن (26.9.2008) يقول فيه ان المانيا واليابان وغيرها من دول العالم غير الاسلامي تدرس نظريات الاقتصاد والمال في الشريعة الاسلامية بغية تطبيقها في مجتمعاتها . لقد ايقنت هذه الدول ان الحل الوحيد لمشاكلها يكمن في الاسلام ، وان الربا - المحرم في الاسلام - هو السبب الرئيسي لمشاكل هذه المجتمعات غير الاسلامية. وهذا ماينادي به الاسلام منذ 1400 سنة.

بامكان الطبطبائي ان يعتقد ما يشاء. حقيقة الامر ان الالمان - وأنا أعيش بينهم منذ اكثر من ربع قرن - يطلعون على القراَن ليس بغية التعرف على نظرياته في الاقتصاد والمال ، ان وجدت اصلا، وانما للتعرف على الدوافع الدينية وراء العنف والتطرف لدى العديد من المسلمين .

أنا وغيري لم نسمع حتى الان بان فلانا قد بحث في "نظريات المال والاقتصاد الاسلامي" وتم ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام. كل مايتحدث عنه الاسلام والشريعة يقتصر على تحريم الربا وفرض الزكاة.

مايسمى بالبنوك الاسلامية تدعي بأنها لا تتعامل بالفائدة وتعتبر ذلك ربا علما بانها في الواقع تتقاضى ارباحا هائلة من زبائنها على القروض التي تمنحها لهم ولكن ضمن مسمى "المرابحة".

مثلا اذا اردت في الكويت شراء سيارة باي مبلغ ولا تستطيع دفع ذلك المبلغ بكامله وتضطر لأخذ قرض من بيت المال الكويتي, وهو بنك اسلامي، يعطيك ذلك البنك القرض على ان تسدده بفائدة تترواح بين 8-10% . بيت المال طبعا لايستخدم لفظ "الفائدة" بل لفظ "المرابحة" . اذا مالفرق بين هذا البنك الاسلامي والبنوك "الربوية" ؟

لاحم الناصر ، احد شيوخ السعودية، يدعي في جريدة الشرق الاوسط (اكتوبر 15، 2008) ب "ان البنوك الاسلامية لم تتأثر بالازمة المالية التي تجتاح العالم لانها لا تتعامل بالبورصة والربا" وهو كلام غير صحيح. ففي السعودية هناك سوق للاوراق المالية يتم من خلاله بيع وشراء الاسهم المحلية والعالمية كغيره في كل انحاء العالم . والمتعاملون بالاوراق المالية تعرضوا لخسائر كبيرة كغيرهم في مجتمعات اخرى.

من هنا فان ادعاءات الطبطبائي و الناصر عبارة عن دعاية فارغة لاتمت بصلة للواقع المحيط بنا.

وكان الاجدى بالاسلاميين التعرض للممارسات غير الاسلامية والانسانية التي يعاني منها المسلمون في المجتمعات العربية والاسلامية.

تفيد تقارير الامم المتحدة الخاصة بالتنمية كان اخرها عام 2007 بأنه بلغ حجم استثمارات شيوخ البترول العرب من سعوديين و كويتيين و قطريين و امارتيين في الغرب عام 2006 اكثر من ثلاث الاف مليار دولار امريكي . بينما كان حجم استثمارات هؤلاء الاثرياء في الدول العربية لايزيد عن 1% من تلك الاستثمارات.

كان الاولى بالطبطبائي و الناصر وامثالهم التعرض لهذا الامر وحث المسلمين العرب على تشغيل اموالهم في الدول العربية الفقيرة بدل استثمارها في الغرب الغني. علما بأن هؤلاء الاثرياء يدعون بأنهم مسلمين صالحين. ولكن لا الطبطبائي ولا الناصر يجراَن على انتقاد هؤلاء الاغنياء لان مصيرهم سيكون كغيرهم ، خلف القبضان. بدل ذلك يفضل الاسلاميون القاء الخطب واخبارنا بأن العالم الكافر ينوي تطبيق الشريعة في المال والاقتصاد وان المصارف الاسلامية لاتتعامل بالربا وان دفع الزكاة افضل من اي نظام ضريبي في الغرب.

اما عن استغلال الملايين من العمال المسلمين وغيرهم في دول تدعي بأنها تطبق الشريعة كما هو الحال في السعودية او تستمد منها قوانينها كالكويت التي يسيطر عليها الاسلاميون من امثال الطبطبائي فحدث ولا حرج.

الطبطبائي على سبيل المثال اعيد انتخابه اكثر من ثلاث دورات برلمانية في الكويت وحتى الان لم يعمل على اصدار قانون واحد يحمي العمالة المستوردة من الاستغلال الذي يحرمه الاسلام وكل الاديان السماوية. بدل ذلك يتبجح هذا النائب الاسلامي بأن الحل لمشاكل العالم كله يكمن في تطبيق الاسلام. وكان الاحرى به تطبيق ما يوعظ به في موقعه كنائب في برلمان بلاده واعطائنا مثالا حيا لقدرة الاسلام على حل مشاكل الناس على ارض الواقع. فالحكمة ليس بالوعظ وانما بالتطبيق.

حينما خرج الاف العمال من بنجلاديشيين و هنود في الكويت منذ اكثر من نصف عام مطالبين باجورهم الزهيدة التي لم تدفع لهم لاشهر عديدة طالب الطبطبائي بطردهم من البلاد وهذا ما تم بالفعل. هذا هو الاسلام العملي الذي لايتحدث حوله الطبطبائي ، بدل ذلك يتنبئ الطبطبائي بأن العالم سيتحول الى عالم اسلامي.

في تقرير لاحد مراسلي التلفزيون الالماني قال احد المتظاهرين "اذا كان هذا هو الاسلام الذي ينادي به الطبطبائي فانا قررت ان اتحول الى كافر."

في كافة تقاريرها السنوية تندد كل منظمات حقوق الانسان ومنظمة العمل الدولية بالممارسات اللا انسانية اليومية في دول البترول الخليجية خاصة تجاه العمالة الاسيوية. على اثر كل تقرير تعد حكومات هذه الدول باتخاذ الاجراءات اللازمه لحفظ حقوق تلك العمالة ولكن تبقى الوعود حبرا على ورق.

باختصار شديد الربا تعبير فارغ المعنى والفائدة سواء سميت ربا او مرابحة هي عملية حسابية اقتصادية مالية يقوم عليها اي نظام اقتصادي سواء كان رأسماليا ، اشتراكيا او اسلااميا.

يتوجب على الطبطبائي وغيره من الاسلاميين الكف عن ترويج بضائعهم الاسلامية ، فقد اصبحت كاسدة لايشتريها احدا. لقد ذاب الثلج وبدا المرج.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - زى القرع
Zagal ( 2009 / 2 / 12 - 02:49 )
يتفاخرون بالشريعه ويهربون منها .... والا لماذا الساكنين فى البلاد العربيه يهاجرون منها ويفضلون العيش فى الغرب ...

العربى دايما زى القرع يمد لبره .... وتدور على دم ماتلاقى عنده ولا ذره ... وعجبى


2 - سان فرانسيسكو كرونيكل
samy ( 2009 / 2 / 12 - 11:17 )

كشفت صحيفة (سان فرانسيسكو كرونيكل) الأمريكية النقاب عن عدم تأثر المستثمرين المسلمين الأمريكيين الذين يلتزمون بالشريعة الإسلامية بالأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، بل زادت أرباحهم بسبب ابتعادهم عن الاستثمارات التي تعتمد على الفوائد الربوية.



ونقلت الصحيفة عن إبراهيم وردة أستاذ الحقوق بجامعة -تافتس- الأمريكية ومؤلف كتاب -المالية الإسلامية في الاقتصاد العالمي- قوله: -لقد كان هناك وقت منذ عامين أو ثلاثة أعوام كانوا يعتبرون المالية الإسلامية محافظة، والآن فإن الكثير يدركون أن ذلك ربما لم يكن بالأمر السيئ-.



وأشارت إلى أن الإسلام يحرم أن يبيع أحد أصولاً لا يمتلكها؛ مما جعل المستثمرين المسلمين يتجنبون الممارسات التي أدت إلى الأزمة والتي نتج عنها انهيار بورصة -وول ستريت- بنيويورك.



وتجدر الإشارة إلى أن أكبر شركات الأوراق المالية الإسلامية الأمريكية -أمانة إنكوم- و-جروث- والتي تقدر أصولهما مجتمعة بحوالي 1.2 مليار دولار أمريكي، تصدرتا قائمة مؤشر -ستاندرد آند بور 500- بمعدل 13 و7% على التوالي في عام 2008م.



كما كشفت مؤشرات داو جونز للأسواق الإسلامية تقدم شركات الأوراق المالية الإسلامية على نظيراتها غير الإسلامية بمعدل 3 إلى 4%.


3 - حتى القرضاوي
مختار ( 2009 / 2 / 12 - 17:23 )
شكرا على هذا المقال الشيق حول خرافة البنوك الإسلامية
فحتى القرضاوي لم يستطع إلا أن يعترف في مذكراته بسوء التسيير والخسائر الفادحة التي يتعرض لها المخدوعون بالتعامل معها. ولكن مقدسة والمقدس غير قابل للتطور.
فضائح هذه البنوك ليست بنت البارحة. أما فضائح عرب البترودولار فحدث ولا حرج

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي