الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة من أبي

سُلاف رشيد

2009 / 2 / 15
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


إلى روح الشهيد والدي

البارحة وأنا بين النوم واليقظة ، جلس والدي على حافة السرير ، كان ينظر إلي َّ والفرح يشع من عينيه ، وبهدوء مسح بيده على شعر رأسي ، ودون أن يتكلم شيئا وضع تحت مخدتي هذه الرسالة .
أبنتي العزيزة
منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً ، كتبت هذه الرسالة ، وكم حاولت أن أرسلها إليك ، ولكن تعذر عليَّ إرسالها ، رغم إنني ختمتها بدمي ، ولكن يبدو أن دماءنا ما عادت لها من قيمة ، لهذا تراني بحثت عنك طويلا ، كنت أضنك في الوطن ، وبالفعل لقد درت في شوارع بغداد طويلاً ، ورغم معرفتي الجيدة في شوارعها ، إلا إنني تهت كثيرا ، فبغداد لم تعد بغدادنا ، تلك التي حلمنا بها كثيرا، ولكن صدقيني أنا الذي كنت أتصور نفسي أعرف بغداد مثلما أعرف راحة يدي ، صدقيني دخت حتى وصلت منطقتنا ، وهنا بدأت مشكلة أخرى ، كيف لي أن أصل إلى بيتنا ، وقد أحاطت بكل الأرصفة أعمدة الأسمنت ، ولكنني أخيرا ً وصلت إلى بيتنا ، وأحزنني حال البيت كثيرا ، رأيت الحديقة مهملة ، والورد ذابل بها ، ولم أرى أحداً منكم ، وهذا ما أثار استغرابي ، أين أنتم ؟
حاولت أن أجد مبرراً لغيابكم جميعاً ، لقد كنت أوعدتكم أن أعود سريعاً ، وها أنا عدت ْ، ولكنني لا أعرف، كم من السنوات مرَّ على غيابي ؟ وليس هناك غير الحب ، دليل لي كي أصل إليك ، أصدِقك القول أن الوصول إليك لم يأخذ وقتا طويلا ، ولكن المفاجأة هي إنك في بلد، رأيت سيارته مثل نوع السيارات التي تسير في شوارع بغداد .
أبنتي العزيزة
أعرف جيداً من إنك تتذكرين اليوم الذي فارقتكم به ، وأعرف من أنك كنت تنتظرين عودتي ، ولكنني يا حبيبتي ، ضعت في أقبية ودهاليز ، لا يعرف الله لها منفذاً ، عذبوني بكل الأساليب التي لم يعرفها بشرا ً من قبل ، ولكنهم لم يتوصلوا إلى السر الذي دفنته في روحي ، مزقوا ظهري بسياطهم ، وفقأوا عينيَّ بأصابعهم ، وحرقوا صدري بأعقاب سكائرهم ، ولكنهم لم يتوصلوا إلى حقيقة ذلك السر ، وبعد أن تعبوا مني ، قرروا أن أودع جسدي ، وها أنا مثلما ترين روحا ، أتحرك أين ما أريد ، ولكن ما أحزنني ، أنكم تحتفون باستشهادنا أكثر ما تحتفون بالمبادئ التي من أجلها أستشهدنا ، أطبع قبلتي على جبينك ، لأنك مازلت تحملين ألأفكار التي من أجلها قدمت حياتي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي