الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلم الضائع التركي في وادي الأكراد

روشن قاسم

2009 / 2 / 15
القضية الكردية


أن الاهتمام الذي حصدته الدراما التركية المدبلجة خلال العام الفائت وحتى الآن، لدى الشارع العربي بدا واضحا وجليا خاصة وان الكم الهائل من هذه الدراما بدت تجتاح العديد من الفضائيات العربية بعد أن كانت مقتصرة على قنوات mbc ولاشك إن الدراما التركية المدبلجة باللهجة السورية والمؤدلجة للأفكار والثقافة التركية أصبحت تستحوذ على شاشات بل واهتمامات الشارع العربي بصورة فاقت التصورات، ولكن أن يتعدى الأمر المتعة البصرية والحسية للقصص التي تجسدها الشخوص الدرامية لتغدو وسيلة وتفريغا ساخرا لتطلعات السيطرة المقنعة والطوعية للدولة التركية من خلال نوعية درامية تٌسخر للولوج إلى مبررات التدخل التركي ومحاولات تركيا الرامية لبسط سيطرتها واسترجاع حلمها الضائع في السلطنة العثمانية.
و حال الدراما التركية هي حال الإعلام التركي الذي فطم على الفكر الشوفيني التركي القائم على تشويه الحقائق وتزييف الوقائع لخدمة غطرسة دولة العسكر ،ومسلسل وادي الذئاب والذي يعرض حاليا على قناة أبو ظبي يعتبر خير دليل على ذلك، فان هذا المسلسل قد أثار السخط والامتعاض لدى الشارع الكردي بعد أن تعرض في حلقاته للعديد من الشخصيات الكردية واتهامها بدعم المافيا في تركيا إضافة إلى إلقاء اللوم على إقليم كردستان ووصفها بؤرة للمافيا، كل هذا كان مرافقا لتلك المحاولات الغير المجدية والتي تسعى من خلالها تركيا إيجاد مسلك تستطيع من خلاله التدخل في الشأن العراقي عامة وإقليم كردستان بشكل خاص.
وعلى الرغم من أن الدراما التركية تعتمد التقنية المتقدمة إضافة إلى قدرتها في تجسيد المشكلات وتطلعات وهواجس الشارع التركي إلا إنها تبقى رهينة الفكر التركي الشوفيني وهي أداة بيد السلطة التركية و وسيلة تركية للنفوذ إلى دول الجوار وإيجاد أرضية ملائمة لتطلعاتها الهادفة إلى الهيمنة وإيجاد دور لها في المنطقة و الملاحظ في هذه الدراما هو الإصرار على نزاهة أنظمتها و التركيز على الأخطار الخارجية التي تستهدف الأمن التركي، وهي ترهات أخفقت السلطة التركية في إقناعنا بها، ولا يخفى على أحد أن خلف تلك المظاهر الخداعة للديمقراطية والعلمانية التي تقدمها الدولة التركية عن نظامها معتبرة إياه نموذجا للحداثة والمدنية في المنطقة أمام المجتمع الدولي إضافة إلى محاولاتها الحثيثة لكسب رضا المجموعة الأوربية وتصدير مسببات الإرهاب والمافيا إلى الدول المجاورة دون الرجوع إلى حل مشاكلها الداخلية الموروثة منذ السلطنة العثمانية.
فمن المعلوم أن الجمهورية التركية الحديثة التي أعلنها كمال أتاتورك في 26 أكتوبر 1923 من رفات الإمبراطورية العثمانية والمطلع على تاريخ هذه الدولة وممارساتها ومنهجيتها في التطهير العرقي يدرك أن المادة الواقعية في الداخل التركي لا تستطيع أن تبرر وتبرهن تلك الادعاءات التركية أمام المجتمع الدولي وتغير النظرة إليها كونها دولة لها تاريخ حافل في سياسات التطهير العرقي تجاه العديد من القوميات التي أصبحت من نصيب الدولة التركية بعد اتفاقية سايكس بيكو ومنها الشعب الكردي.
وما تعرض مسلسل وادي الذئاب للشخصيات الكردية الاعتبارية واتهاماتها الصريحة لإقليم كردستان إنما ترد إلى دوافع هي ذاتها التي تستهدف أصلا الوجود الكردي في المنطقة من قبل العقلية الكمالية والذي -الوجود الكردي- كان ومازال يؤرق دولة العسكر في تركيا ما جاء في وادي الذئاب من اتهامات لإقليم كردستان إنما هو استكمال للمخططات التركية وغيرها من الدول لطمس هوية هذا الشعب وتشويه تاريخه وماهيته القومية ولا ننسى إن الأسس التي تقوم عليها الدولة التركية هي أسس شوفينية كرسها كمال أتاتورك العسكري وسار على نهجه خلفاؤه العسكر الذين يحكمون ويديرون سدة الحكم في الدولة التركية، والتاريخ مازال يذكر عندما عبر الرئيس التركي ((كمال غورسيل)) عن إعجابه بكتاب أصدره الشريف ((فرات))يقول فيه إن الكرد هم أتراك في الأصل الأمر الذي ساعد على انتشار جملة تقول(ابصق في كل من يقول لك أنت كردي ) وتجعل تلك الجملة من كلمة كردي شتيمة ومسبة.
ومازالت محاولات القضاء على جميع المظاهر الثقافية والقومية الكردية وتشويه كل ما يمت بهذه القومية بصلة تأخذ أشكالا وأدوات متعددة مرورا بالقوانين التي تمجد الترك وتميزهم عن باقي القوميات التي تعيش في تركيا، وصولا لصهر هذه المكونات إلى أن وصل بهم الأمر إلى اعتبار عيد رأس السنة الكردية (عيد نوروز) يوما للقومية التركية واعتبار ألوان العلم الكردية ( الأخضر – الأحمر – الأصفر) هي أعلام الفرق العثمانية متناسية السلطة التركية في الوقت ذاته محاولاتها السابقة لتغير ألوان إشارات المرور في( باتمان) المدينة الكردية وذلك باستبدال اللون الأخضر الكردي باللون الأزرق .
والمتتبع للسياسات الشوفينية التركية، والتي لم توفر جهدا في اضطهاد الشعب الكردي ومحو وجوده التاريخي يدرك أن المغالطات التي تحاول تركيا تمريرها وإيهامنا بها من خلال وادي الذئاب وغيرها من المسلسلات التلفزيونية التركية، هي محاولات خرقاء إضافة إلى المسؤولية التي تقع على عاتق من يبث هذه التخريفات، ومن يقومون بدبلجة هذه المسلسلات دون الرجوع لمحتواها ومضمونها ومدى توافقها مع اهتمامات الشارع العربي والتي تعتبر مسؤولية أخلاقية تعتمد الاختيار وفقا للنوعية والمضمون وليس تنفيذا لمخططات وتطلعات الدولة التركية في استهدافها لتشويه قومية ما أو شعبا ما.
وما سعي تركيا وشاكلتها من الدول الأخرى في تمرير الانطباعات المغلطة والأفكار المشوهة عن إقليم كردستان والشعب الكردي إلا تأكيد على إصرار هذه المنظومة الشوفينية لترسيخ المفاهيم الأحادية والعدائية في مجتمعاتها وغيرها من المجتمعات. والتي لا تتوافق مع الأفكار المتحمسة لإطلاق فكرة الديمقراطية وتصحيح المسارات الملتوية التي أضاعت على شعوبها فرصة العيش بسلام في ظل الحكم الاستبدادي والخطوط الحمر التي أنهكت كاهل شعوب المنطقة لصالح قلة سيطر عليها التسلط ونفي الآخر بأي طريقة كانت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #