الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُثقفون الجُدد ...

شامل عبد العزيز

2009 / 2 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليست العبرة بما خلَف أي إنسان من كِتابات ولكن العبرة بما خلَف من أثر علمي في القلوب والعقول ...
من هذا المنطلق هل يحُق لنا أن نتساءل ؟ ماذا خلَفت لنا النخبة العربية المُثقفة خارج التنظير الاكاديمي ؟ هل كان للنخبة الدور الكبير في ترك أثر علمي في القلوب والعقول ؟ واذا مافعلوا ذلك فأين هي النتيجة ؟ هل القصور في النُخبة ؟ أم في المتلقين ؟ هل أستطاعت النُخبة المُثقفة أن تنقل أفكارها الى الواقع بحيث أستطاعت أن تُحرك ذلك الواقع الى الافضل ؟ أم أن النُخبة أكتفت بالتاليف الاكاديمي وحصرت نفسها في الدراسات النظرية بدون أن تتفاعل هذه المجهودات في تغيير الواقع أو ترك أية آثار إيجابية ... أن وصول ألامة الاسلامية عموماً والعربية خصوصاً الى ماهي عليه حالياً لم يأتي من فراغ إنما جاء من تاريخ مليء بالحوادث والافكار التي ترسخت في العقول وعلى أمتداد قرون عديدة وكان لابد لهذه الترسبات من معاول حتى تستطيع أن تُزيلها .. أن الفقر والمرض والجهل لم تتولد في يومنا هذا إنما هي إمتدادات لعصور طويلة فهل أستطاعت النُخبة المُثقفة والمعول عليها أن تُطيح بهذه الامراض خارج الزمن ؟
لقد دأب هولاء السادة على دراسات أكاديمية لم يتلقوها في بلدانهم وإنما هي دراسات حصلوا عليها بعد تركهم لاوطانهم وإبتعادهم عنها وعن واقعها المعاش بالشكل التفصيلي ... غالبيتهم لم يستطيعوا أن يخرجوا من الدراسات النظرية والتي بينها وبين الواقع البون الشاسع .. لم تتمكن هذه النخبة بصورة صحيحة من اعطاء العلاج اللازم لمجتمعاتها على الرغم من تشخيصها للامراض المصابة بها تلك المجتمعات .. قاموا بتاليف كتب عديدة وألقوا محاضرات واشتركوا في ندوات ولكن أثارها لم تكن بالمستوى المطلوب .. لم ترتقي هذه الكتابات الى ملامسة القلوب والعقول إلا لدى القلة القليلة والتي من طبعها الميل الى التنظير اكثر من الممارسات العملية ..
أن خطاب النخبة خطاب خاص لمتلقين تستهويهم هذه النمطية ... في كتاب المثقف العربي ( همومه وعطاؤه ) الصادر من مركز دراسات الوحدة العربية / مؤسسة عبد الحميد شومان الطبعة الثانية 2001 والذي يقع في 326 صفحة وهو عبارة عن محاضرات قام باعدادها 13 مفكر سوف نختار مايلي :
هناك خللاً أساسياً ألم بدور المثقف العربي وسلوكياته خلال حقبتي السبعينات والثمانينات فقد اصبح الانتاج الفكري والثقافي ينحو نحو التكنوقراطية ويبدو في معظمه باهتاً وهشاً وقد تحول الانتاج الفكري في احوال كثيرة الى اداة لترويج وتسويغ الخطاب السياسي الرسمي ( المحلي ) او الدولي الجديد وفي حالة الفكر المعارض غلب عليه طابع الدعاية او التحريض من دون مضمون عملي لبرنامج يؤائم بين الطموحات المشروعة والامكانيات والقيود الحاكمة ..
يبد أن هناك أزمة اخرى تتعلق بسيادة الانتاج السلعي الصغير في الوطن العربي وماينتج منه من فردية وذاتية شديدة للمثقف العربي مما ادى الى عدم نشوء مدارس فكرية حقيقية بل حوانيت فكرية فلقد اختار المثقفون العرب في معظمهم اسلوب العزف المنفرد في عزلة عن حركة الجماهير في المجتمع وفي عزلة بعضهم عن بعض وانتشرت بينهم امراض ( الفردية) وحفلت المنطقة العربية بنموذج المثقف الطاووس يختال عجباً بنفسه الذي لايرى الا نفسه في المرآة ولايرجع سوى الى اعماله ..
لم تتكون مدارس فكرية على غرار ماحدث في اوربا ... أن كل مالدينا هو مساهمات فردية هنا وهناك ولكن لاتوجد مدارس فكرية متجددة الروافد راسخة الاقدام وهو يعود الى السلوك الاقطاعي لبعض كبار المثقفين واساتذة الجامعات في وطننا .. حيث تحدث عملية ( تاليه) لائمة الفكر يقابلها عملية ضعف التاهيل الفكري للبراعم الجديدة... نحن الان نحتاج الى مثقفين يُركزون على واقعنا والموروث منذ الاف السنين ينتقدونه ويحللونه ويشخصون الداء ثم يصفون العلاج .. هذا هو المطلوب ..
هذا المثقف هو الذي لابد أن تلتف حوله الجماهير وتقرأ له وتسير على خطاه .. لانريد تكراراً لاعمال السابقين بحيث تبقى الجماهير تلف وتدور حوله ولا تحرك ساكناً.
أن موقع الحوار المتمدن أبرز لنا كُتاب يستطيعون وبدون مجاملة مخاطبة الجماهير مباشرة وبدون قيود وبدون مصطلحات تزويقية لفظية .. كتابات أسهمت في تحريك العملية الفكرية لدينا .. ( وفاء سلطان . كامل النجار. عبد الخالق حسين .فؤاد النمري. ابراهيم علاء الدين ) على سبيل المثال وليس الحصر وهناك الكثير غيرهم ..
وابسط دليل على مانقوله هو المتابعة لاعمال هولاء السادة والتعليقات التي تُكتب بخصوصهم مما يدل على أن هناك عملية فكرية قد تبدو صغيرة الا أن الايام كفيلة بان تجعلها كبيرة .. قد يعترض علينا مُعترض بان هذه الكتابات تفتقد للاصول العلمية والمنهجية.. ونحن نقول لايجب أن نتقيد بضوابط مفروضة علينا لم تساهم سابقاً في خلق أي محصلة فكرية وعملية للشعوب .. أن عصر الانترنيت والكتابة فيه من الوسائل العلمية والعملية والسريعة في وصول الافكار للناس وبسرعة البرق...
هناك كثير من السادة اصحاب التعليقات ولايكتبون على الموقع يمتلكون رؤية علمية ممتازة ويساهمون مساهمات فعالى تُثير الانتباه يجب على السادة المثقفين المعترضين أن ينتبهوا لهذه المسالة...
أن لكل عصر من العصور وسائل واساليب ونحن الان في عصر الانترنيت الذي يخاطب العقول مباشرة وهذه ظاهرة عصرية مع العلم أن لكل ظاهرة نواحي ايجابية ونواحي سلبية فليس من المعقول أن نُركز على السلبيات ونهمل الايجابيات يجب النظر الى الحالة من زوايا متعددة وليس من زاوية واحدة تنم عن نظرة ضيقة ..
يجب أن نمتلك لغة خالية من التعقيد ولكن في نفس الوقت لغة متماسكة مترابطة تطرح فكرة ثم تصل الى غايتها في النهاية ...
أن الطروحات الفكرية التخصصية الاكاديمية لاتفعل فعلها الحقيقي في خلق أثر علمي في القلوب والعقول وإنما العكس هو الصحيح ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وقفة وتأمل
علي السعيد ( 2009 / 2 / 18 - 20:26 )
نعم سيدي ..نحتاج الى عمليات تفكيك وغربلة للكثير من الظواهر ,اسلامية , اصولية , ثقافية , تربوية .نأمل من عقولنا ومفكرينا وهي موجودة ولها تاثير كبير في الفكر العربي والانساني .مع احترامي للاشخاص الذين ذكرتهم الا اننا نملك وعلى مستويات مختلفة الكثير من العقول التي افادت الانسانية ولا زالت .جورج طرابيشي ,محمد آركون , جلال صادق العظم ...الخ .انا وغيري احد الحلقات التي تنقل وتوصل الثقافة الى مستوى الشارع والمعمل والبيت والمجتمع عموما .ونامل ايضا الى استخلاص نتائج جيدة من النخبة المثقفة .وكلامك جميل ومنطقي وواقعي ...لانكم معشر المثقفين تتحملوا مسؤولية كبيرة في اقلامكم ومعاولكم وفي سيادة الديماغوجيا المهيمنة على العقل العربي والاسلامي فيما إذا تهاونتم .شكرا لك سيدي على دقة التصويب .


2 - شكراً
شامل عبد العزيز ( 2009 / 2 / 18 - 20:48 )
من يستطيع أن ينكر هولاء الاعلام الذين ذكرتهم فنحن نتعلم منهم ونقرأ لهم ولكن الماساة هي محاربة الجديد الذي يستطيع أن يصل الى قلوب وعقول القراء بافتراءات وأوهام ولاندري ماهو السبب تمنياتي لك بالخير والمواصلة ودمت محبتي وتقديري علي السعيد


3 - بالفعل ،، الإنسان يتجاوب مع الخطاب المخلص للحقيقة المباشرة
محمد عبد القادر الفار ( 2009 / 2 / 18 - 21:25 )
بالفعل،، لغة بعض الكتاب بل حتى منطقهم النخبوي نفسه يضع أكواماً من الجليد بينهم وبين القراء

وأخطر ما في تلك -النخبة- المثقفة هو تجنب الاقتراب من المناطق الوعرة والخطرة في الوعي الجماعي مثل الدين بل والتشكيك في من يفعل ذلك ،،، وذلك على حساب الإخلاص للحقيقة والضمير... فهم يتنصلون من مواجهة الأمراض الخطيرة المسيطرة على العقول ،، يختبؤون خلف عبارات رنانة مثل عدم جدوى النقد خارج الإطار الزماني المكاني والدور الوظيفي للدين وغير ذلك من خنادق يختبؤون فيها ليهاجموا في المقابل كل من يحاول مكاشفة الناس ومصارحتهم بالحقائق الصادمة والثقيلة،، لكن الحقيقة أسمى من كل شيء،، ولا سبيل إلى التغيير بالتمسك بالأوهام،، فنحن بذلك نتمسك بأسباب المرض في مواجهته؟!

وهناك أسماء أخرى لكثير من الكتاب الذين يستخدمون المباشرة والوضوح والصراحة مع القراء،، وبالنسبة لي أستثني السيدة وفاء سلطان رغم اتفاقي مع بعض ما تكتبه،، فأسلوبها صاخب زيادة عن اللزوم وفيه تجاوز لحقائق كثيرة،، ولا يخلو أحياناً من التبشير بالمسيحية بل وحتى الدفاع عن سياسات المحافظين الجدد! وهذا يجعلها عبئاً ثقيلاً على التنوير

أستاذ شامل،، المقال مهم،، يستحق الشكر والتقدير


4 - الى الاستاذ محمد
شامل عبد العزيز ( 2009 / 2 / 19 - 15:50 )
شكراً جزيلاً على المشاركة أتمنى لك المزيد . تحياتي


5 - الجهود الضائعة
مختار ( 2009 / 2 / 19 - 19:09 )
حبذا لو كان عندنا المنظرون الأكاديميون الذين يساعدوننا على فهم واقعنا وتشريح عوامل الخلل في منظوماتنا الفكرية والعقائدية،.
أنا أعتقد أننا حاولنا حرق المراحل بدون أن نعد العدة لذلك. لأن الأغلبية لم تكن مستعدة للسير نحو الحداثة ولم تكن الديمقراطية ولا هي الآن مطلبا شعبيا. القارئ للصراعات الثقافية التي دارت بين المثقفين خاصة في القرن العشرين، يلاحظ بكل أسف كيف كانت الجهود تستهلك في معارك حامية دامية بين مثقفين كان يجب أن يقفوا في خندق واحد ضد التخلف وعوامل التخلف. صنعنا صراعا طبقيا وهميا بين البرجوازية والطبقة العاملة رغم غياب هاتين الطبقتين بالمعنى الحديث للكلمة، كما خاض المثقفون حروبا على أساس هذا التصنيف الأرعن بدل توحيد الجهود لانتشال الشعوب من مخالب الخرافة والأوهام المرتبطة بالدين. شن اليساريون حملات على اليمينيين واليمينيون حملات على اليساريين كانت أشبه بحملات دون كيشوت على طواحين الهواء. مثال ذلك ما تعرض له فكر طه حسين العلماني التنويري من هجمات من كتاب يساريين مثل أمين العالم وسلامة موسى زعما منهم أنه ينتمي إلى الفكر البرجوازي. وعندما عقد مؤتمر في الكويت للتباحث في أزمة العقل العربي، هاجمه اليسار بحجة أن الأزمة هي أزمة البرجوازيات العربية وليس العقل العربي. وكأن هناك برجواز

اخر الافلام

.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا


.. كل يوم - اللواء قشقوش :- الفكر المذهبي الحوثي إختلف 180 درج




.. الاحتلال يمنع مئات الفلسطينيين من إقامة صلاة الجمعة في المسج


.. جون مسيحة: -جماعات الإسلام السياسي شغالة حرائق في الأحياء ال




.. إبراهيم عبد المجيد: يهود الإسكندرية خرجوا مجبرين في الخمسيني