الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين أفيون الشعوب الفقيرة

كريم الهزاع

2009 / 2 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الأكثر فقراً في الاقتصاد يغدو الأكثر فقراً في الذهنية ثم يتحوّل إلى متدين ، والأكثر فقراً في الذهنية يغدو الأكثر تعصباً مما يؤدي به في النهاية الأمر ليقع في فخ الإرهاب ودورة العنف ولنا في الحالة العراقية مثال واضح ، فحينما تنتعش الحالة الاقتصادية وتخف حالة البطالة تخف معها مظاهر العنف ، وهكذا هو التاريخ كلما اتجهت الشعوب نحو الفلاحة والبحر حيث الثقافة المائية المتمثلة بالنهر والبحر كانت بعيدة عن التصحر والتعصب ، ومن ثم تكون قريبة من التمدن والديمقراطية ولغة الحوار وبعيدة عن التدين .
ويظل خط الفقر أو الاقتصاد بكل تمظهراته هو المعيار الأول في تلك المعادلة ، وفي الاستطلاع ، الذي أجراه معهد جالوب الأمريكي، أظهر أن نسبة التدين في مصر بلغت 100 في المئة ممن شملهم الاستطلاع ، حيث تصدرت مصر قائمة المجتمعات التي تولي أهمية كبيرة للدين، وذلك في استطلاع للرأي شمل 143 دولة . بينما تفاوتت نسبة التدين في دول عربية أخرى لتصل في لبنان مثلا إلى 86 في المئة . ويرى القائمون على الاستطلاع أن القاسم المشترك بين المجتمعات الأكثر تدينا هو الأوضاع الاقتصادية، حيث تشير نتائج الاستطلاع أن ثمانية من أصل 11 دولة الأكثر تدينا حول العالم هي من الدول الفقيرة. بينما الدول الأقل تديينا في القائمة هي دول غنية ومنها السويد واليابان. شارك في الاستطلاع 1000 شخصا من كل دولة وأجري بين 2006 و2008.
وفي سؤال وجهته البي بي سي لزوار موقعها باللغة العربية .. هل تعتقد ان التدين في مصر ودول عربية أخرى أصبح بالفعل ظاهرة واضحة ؟ هل أنت كفرد أصبحت أكثر تمسكا بدينك ؟ لماذا ؟ ما هي العوامل التي تتحكم في درجة تدينك ؟
وجاءت الإجابات أو ردود الأفعال في شكلها المتباين على أنها ظاهرة التدين الظاهري والقشري والمتمثل في النقاب والحجاب واللحية والصراخ في الميكروفونات ، وينادون على ( الصلاة ) بميكروفونات بالفجر والصبح والظهر والعصر والغروب والمساء والليل ، وعلق أحدهم قائلاً : " اعتقد ان الله يقول (كفاية ) أنا سمعت نفس الكلام قولوا شيء جديد ، وثانياً : ألا يعلم الله خافية السر والعلانية ، فلماذا كل هذا الصراخ ؟ " ، هذا إلى جانب وجود دكاكين الفتوى ، فتاوى الميكي ماوس والمرأة العورة والنجسة ، والمرجعية الدينية في المنطقة العربية والإسلامية تتكئ على ( لا تسألوا عن أشياء أن تبدو لكم تسيئكم ) كنص ديني مركزي في تغييب الحقيقة عن البشر ، إلى جانب وجود فضائيات تأخذك إلى الجنة وأخرى للدجل والشعوذة عن طريق غزو منظم وممول شمل المجتمع المصري بكل فئاته وطبقاته ... وذلك لا يسمى تدينا لان الإنسان المتدين هو الذي يتحلى بمكارم الأخلاق ولا يحمل في قلبه مثقال ذرة من حقد أو غل أو بغضاء اتجاه الآخرين وهو المخلص في ايمانة سرا وعلانية دون وسطاء أو أوصياء ويعمل لدنياه كأنة يعيش أبدا ويعمل لآخرته وكأنة يموت غدا... أنه ليس تدينا... بل غزو أصولي متطرف منبعه الصحراء تم توزيعه بشكل أو آخر على أفغانستان ومصر والعراق وأماكن أخرى ، وتمثلاته تأخذ أشكال كثيرة مثل ممثله تتحجب ... شباب يلتحي... شيوخ على المنابر يوعدون الفقراء بالجنة ان صبروا...لاعب كرة فدم يسجد بعد تسجيل هدف ... تناحر على ارض لبناء مسجد أو كنيسة...( التقوى, الإيمان, الورع, النور، أسماء لمحلات تجاريه ) هذا هو التدين الذي يقصدونه ! الوصول للمقاعد البرلمانية ، لكن ماذا عن الفساد المستشري .. السرقات ... ارتفاع نسبة الطلاق... ارتفاع نسبة الزواج العرفي... الرشوة. العنف الأسري. . حقوق الإنسان ؟ وكل تلك الأشكال هروب من واقع مر، والدين أفيون الشعوب الفقيرة المضطهدة فهم كلما زادو في إدمانهم زاد خمولهم وفقرهم ليتركوا العمل للإله . ووفق تلك المعادلة : مصر- أنت تفعل الفعل الصحيح من اجل مقابل وهو الأجر ( الدين )- السويد : أنت تفعل الفعل الصحيح من دون ان تنتظر مقابل ( اللادين ) ، كم هو الفرق شاسع ، في الحالة الأولى يتحوّل الدين إلى مرهم ومخدر مؤقت للمشاكل ، أن هذا النوع من التدين جاء على شكل مؤامرة على الشعوب إذا تمت أسلمت المجتمعات العربية وخلق حالة تسمى ( تورا بورا ) بدلاً من علمنتها أو عقلنتها والأخذ بيدها لكي تكون مضادة لثورة دينية مشابه في معطياتها وهي الثورة الدينية الإيرانية ، إذ غدت الشعوب بين المطرقة والسندان أو بين فكي كماشة ، ومن بغداد علق أياد العطار : " اعتقد شخصيا ان هذا البلد سائر إلى الهاوية. دعهم يجربون الأحزاب والحكومات الدينية و حينها سيترحمون على أيام العلمانية , مؤسف حقا , مصر الثقافة و التسامح و الحرية ستتحجب عن قريب , مشكلة الكثير أنهم يرون حل مشاكلهم في الدين مع العلم انه سيزيد المشاكل فقط و يؤدي إلى حروب طائفية وعزلة و انغلاق المجتمع على نفسه. " وستدفع السلطات الحاكمة في الوطن العربي الثمن باهظاً إذا لم تسعى من الآن لاتخاذ الخطوات الصحيحة لإنجاح الديمقراطية والقضاء على معوقاتها، فهل من منصت ؟ هل من عاقل ينصت لصوت الحكمة ؟ إذ في ظل الديمقراطية وحدها ممكن للبشرية في عالمنا العربي والإسلامي معرفة ماهية الدين.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فقر وديمقراطية لا يمكن
ابراهيم علاء الدين ( 2009 / 2 / 18 - 19:51 )
الاستاذ كريم
تحية واحترام
تحية لوجهة نظرك واتفق معك تماما بان الفقر أب وأم كل الشرور واعتقد انه لا يمكن وجود نظم اجتماعية ديمقراطية في ظل الفقر
واعتقد ان الديمقراطية هي نتاج التطور الراسمالي للمجتمعات التي تتحسن فيها الاوضاع المعيشية للمواطنين مما يقلل من اعباء الفقر الي يرزح تحتها فقراء الدول الفقيرة
الشواهد اكثر من ان تحصى بما فيها صور من واقع بعض دول الخليج العربية
واوافقك الراي ان التدين قرين الفقر والعنف قرين الفقر والتخلف قرين الفقر
ولذا فلا يمكن مواجهة الموجة العاتية مما اسميتها التحجب الا بالعمل على تطور مجتمعاتنا وانتقالها من مجتمعات شبه ريفية شبه بدوية الى مجتمعات حديثة عصرية وذلك لن يتحقق الا باعطاء عملية التنمية الاقتصادية اولوية بغض النظر عمن يكون فرسانها والذين لا اظن انهم سيكونوا من خارج البرجوازية الوطنية
مع التحيات والمودة


2 - يد واحدة لاتصفق
كريم الهزاع ( 2009 / 2 / 19 - 11:57 )
الجميل ابراهيم علاء الدين المحترم
أتفق مع ماجاء في ردك وسنظل نراهن على البرجوازية الواعية التي تؤمن بدور المؤسسات المدنية ، مع أن هناك دول ومجتمعات غنية ولكنها متعثرة في حراكها الديمقراطي ووعيها السسيوثقافي بسبب سلطة الدين والقبيلة ويد واحدة لاتصفق
محبتي البهية


3 - شكراً
شامل عبد العزيز ( 2009 / 2 / 19 - 17:18 )
سيدي الفاضل . خير الكلام ماقل ودل . لقد أصبت . اتمنى لك المزيد . تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال


.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا




.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي