الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدين في مصر نحو مزيد من الفساد

باسنت موسى

2009 / 2 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في استطلاع للرأي أجراه معهد"جالوب"الأمريكي عن المجتمعات التي يحتل فيها الدين مكانة كبيرة في نفوس أفراده تصدرت مصر القائمة التي شملت 143 دولة من مختلف أنحاء العالم بواقع مشاركة 1000 شخص من كل دولة في الفترة بين عامي 2006 و2008.
أشار من قاموا بالاستطلاع أن الفقر كان العامل المشترك بين المجتمعات التي يحتل فيها الدين مكانة واضحة في حين أن الدول الناجحة اقتصادياً كالسويد على سبيل المثال لم يحتل فيها الدين أي مساحة تذكر من التأثير.
الكتاب والصحفيين المصريين تعاملوا مع نتائج الاستطلاع سالف الذكر بتباين واضح فبتاريخ 18 فبراير 2009 بجريدة الجمهورية كتب السيد مجاهد خلف مقال رأي تحت عنوان" التدين في مصر وماذا يريد جالوب؟"موضحاً من خلاله أن كون مصر الدولة الأكثر تديناً بين دول العالم أمر غير محتاج لاستطلاعات رأي وذلك لأن مصر برأيه هى نبع التوحيد ومهد الأديان المختلفة من اليهودية للمسيحية إضافة لما اسماه الكاتب"فتح مصر لذراعيها للفتح الإسلامي".
الدين باعتقاد مجاهد كان دائماً في مصر محرك لحركات الإصلاح والتجديد بل أنه على مدار التاريخ أستخدم الدين كوسيلة تأثير في الشعب المصري لاستمالته وكسب وده حتى لو كان ذلك من خلال إعلان الحاكم لاعتناقه الإسلام للتقرب من المصريين!
وهذا كله برأي مجاهد مؤشر يدل على حجم قدسية الدين لدي المصري والذي لم يتأثر بما أطلق عليه الكاتب"موجات المد الإلحادي"في خمسينات وستينات القرن الماضي والتي اعتبرت أن الدين ما هو إلا "أفيون"للشعوب ثم فشلوا بعد ذلك في إقناع المصريين برؤيتهم للدين مما ساهم في إعادة الدور للقيادات من الإسلاميين الذين يعتمدون على المسجد لبناء المجتمع الإسلامي.
لأعداء الدين داخل المجتمع المصري وفق رؤية مجاهد مشروع يتخلص في عدد من النقاط وهى:
**تقليص تدريس مادة الدين في المدارس ومنع تدريسها في الجامعات إضافة للحيلولة دون دراسة مواد الثقافة الإسلامية والتضييق على المعلمين ذوو التوجه الإسلامي.
** مقاومة اللغة العربية الفصحى في وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة وحصر الفصحى داخل كتب اللغة العربية في المدارس على عدد صغير من المحفوظات.
**البحث داخل كتب التراث الديني عن فتاوي وأراء تتربص بالإسلام والدين لإثارة الرفض حوله.
د.محمد السيد سعيد كتب لتحليل نتائج استطلاع "جالوب" بجريدة البديل المصرية بتاريخ 14 فبراير 2009 تحت عنوان"التدين والتقدم "مشيراً إلى أن نتائج الاستطلاع ليست بجديدة فكل مصري يعرف جيداً ما وصل له الفريق البحثي لـ"جالوب" بل وأن المصريين يعتزون بسلوكهم الديني.
الطريف في الأمر كما قال سعيد هو أن المسلمين والأمريكيين متقاربين في الاهتمام بالدين وتلك حقيقة أكد سعيد أن من عاش في أمريكا يدركها جيداً خاصة في الأماكن التي تعرف باسم"الحزام الإنجيلي" حيث لا تختلف طريقة التفكير هناك في قضايا الدين عن منطقة القبائل في باكستان،وذلك ينفي باعتقاد سعيد ما وصفه بأسطورة التعارض بين المجتمع الحديث والتقليدي حيث يظهر في قلب المجتمع الأكثر حداثة بالعالم نوع من التدين الصارم الذي يقترب في حدته من القرون الوسطي.
أكد سعيد أيضاً أن القول بأن التدين في حد ذاته هو سبب للتقدم أو للتأخر فكرة لا يؤكدها الاستطلاع المشار له حيث أن تركيا وإيران المتأثران بالدين بصورة أو بأخرى داخل منطقتنا الإسلامية حققوا تقدم تكنولوجي واقتصادي ملحوظ،ففي تركيا نجحت الحكومة الإسلامية الأخيرة بها من تحقيق معدل نمو اقتصادي لم تحققه تركيا في تاريخها الحديث وتركيا وفق تقييم سعيد متأثرة في تدينها بالتقاليد الصوفية والخبرة البروتستانتية التي عاش في ظلها الأتراك فترة طويلة.
إيران رغم أنها تعيش ما أطلق عليه الكاتب"ثورة أيدلوجية دينية متواصلة" إلا أنها تمكنت من إرسال قمر صناعي مصنع محلياً للفضاء إضافة لتحقيق معدلات نمو صناعي واقتصادي هائل.
اختتم سعيد مقالة مؤكداً أن التدين ليس مشكلة وإنما المهم هو المحتوى الثقافي والأخلاقي للتدين بمعنى أنه قد تجد شعب متدين لكنه لا يعرف دافع ليتطور بل يرفض كل مظاهر التطور المادية مؤكداً أننا في مصر نفتقد لأن يكون التدين لدينا له محتوى أخلاقي وثقافي عالي فأصبحنا في السياسة عاجزين عن الأخذ بحل ديموقراطي كما تركيا وفي التراث العلمي والمعرفي هناك احتقار شديد من قبل من ينظرون لأنفسهم على أنهم حراس للعقيدة إضافة إلى انعدام وجود علاقة بين القيم الإيجابية للدين وسلوك الفرد الفعلي مما جعل المرء الأكثر تديناً هو الأكثر فساداً واستغلالاً والأبعد عن العقل والأحكام القضائية التي صدرت العام الماضي واحدة من أكثر الدلائل التي يراها سعيد مدعمة لأطروحاته.
د.شريف الشوباشي كتب في جريدة الوفد المصرية لتحليل ذات الاستطلاع تحت عنوان"الدين 100٪ لكن ماذا عن التطبيق ؟" وأبدى في مقدمة مقالة تعجبه من أن الشعب المصري وصل في احتلال الدين لمساحة تأثير في حياته الـ100٪ وهى النتيجة التي لم يصل لها شعوب دول إسلامية متشددة كبنجلاديش وإيران وغيرها بل أن دولة إسرائيل التي قامت على أساس فكرة دينية لم يتجاوز تأثير الدين في حياة من شملهم الاستطلاع عن حدود الـ50 ٪.
وتساءل الشوباشي عن عدد الأفراد في مصر الذين يمكنهم أن يختموا يومهم دون أن يكونوا أصابوا أحدهم بأذى لينظروا لمرآتهم بعين راضية لما اقترفوه في يومهم ثم أستطرد الشوباشي مجيباً على سؤاله بأن من يمكنهم فعل ذلك حتماً هم قله قليلة جداً في واقع مصري مليء بالفساد في كافة المناحي والمؤسسات ليؤكد أن الدين لم يشمل في تأثيره داخل حياة المصريين حيز المعاملة الطيبة للأخر.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إستطلاع مضلل
سلام فؤاد ( 2009 / 2 / 21 - 20:20 )
معهد غالوب ( الأمريكي) معروف بإستطلاعاته المضللة، والسبب هو أن القائمين عليه هم من الأمريكان الذين يجهلون الكثير من الأمور التي تخص ثقافة الشعوب الأخرى. ففيما يخص التدين الأمريكي والمصري، لا يوجد أي وجه للمقارنة بين الإثنين. ذلك أن التدين الأمريكي هو عبارة عن ممارسة فردية، شخصية، علمانية، لا أكثر. كما أن أمريكا دولة يستند دستورها على الفصل التام بين الدين والدولة، وكل قوانينها مدنية علمانية. أما تركيا فهي دولة علمانية ذات قوانين مدنية، بما فيها قوانين الأحوال الشخصية. وحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم لم يستطع أن يطبق أجندته الإسلامية حتى الآن، نظراً لخوفه من رد فعل المؤسسة العسكرية التي وظيفتها الرئيسة حماية النظام العلماني الذي وضع أسسه كمال أتاتورك. أما المجتمع المصري فتدينه له سمات تختلف عن تدين المجتمعات الأخرى.. فالمجتمع المصري مجتمع زراعي، ومن أهم سمات المجتمعات الزراعية الخضوع للطبيعة والقدر المحتوم. لأن الفلاح يرتبط محصوله بظواهر الطبيعة، فمهما إجتهد في البذر والزرع والسقي فهناك جانب مؤثر لا دخل لإرادته فيه، مثل الآفات والفيضانات والأعاصير وغيرها من الظواهر الطبيعية. ومن هنا نشأت، في المجتمعات الزراعية، ظاهرة التدين العميق. وهذا يفسر لنا تعدد آلهة قدماء المصريين وكثرة م


2 - السيد سلام فؤاد
علي السعيد ( 2009 / 2 / 21 - 21:02 )
شكرا على الايضاح والتحليل العلمي ..المجتمعات العربية على العموم مجتمعات ريفية فطرية ,فهي قد لا تتجاوز الايمان بالله ورسوله والصوم واصلاة والحج وهي بالاحرى لاتختلف عما كان عليه الاسلاف .الانسان المتخلف يتمسك بعقيدة الهية وطقوس دينية تساعده في ان يقف على قدميه وان يتلمس الطمأنينه .وبهذا كانت له كافيون تخفف عنه تقلبات الطبيعة وتبعث في نفسه العزيمة لمواجهة الخسارة .


3 - عادة وليست عبادة !
المنسي القانع ( 2009 / 2 / 21 - 23:08 )
المحترمة باسنت ---- تحية وتقدير
قبل كل شيء انا عَلماني حتى النخاع ولكني متابع للدين والمتدينين , واجلس متفرجاً سعيداً بما أرى من حجم الكذب والرياء لدى المتدينين ومن كافة الاديان . ولا أقصد متديني هذا الزمان فقط ولكن منذ ظهور الاديان , فمثلاً في الدين الإسلامي كان التكليف للمؤمنين لا يقتصر على الشهادة والصلاة والصوم والزكاة والحج وإنما جاءت هذه التعاليم والتكاليف في القرآن ولم تأخذ مكانها كما أخذت الخمسة أعلاه وهي مكتوبة على المؤمن مثلها مثل الخمسة المذكورة ومنها ما يلي:-
يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى --- البقرة 178
يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ---- المائدة 1
ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ---- الاسراء 34
وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا --- الاسراء 34
وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ---الاسراء 35
ولا تمشِ في الارض مرحاً ---- الاسراء 37
يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها --- النور 27
أو ليست كل هذه تعاليم وتكاليف مطلوبة لا فكاك من المؤمن , فلماذا أصبحت ( أو جعلوا ) الصلاة او الصوم وحتى الحج الذي من إستطاع اليه سبيلا , أقول لماذا أصبحت أهم . ولابد أن الجواب يكمن


4 - Possible explanation.
A Reader ( 2009 / 2 / 22 - 01:20 )
Of the many mental tricks that human mind can conjure, compartmentalization comes straight to attention. It is the faculty of using parallel, diametrically-opposite systems of judgment and thought in different domains of human affairs. To give an example, a typical highly specialized Iranian physicist, Egyptian physician, or Maronite businessman might apply well-calculated scientific techniques in his or her respective field of endeavor, reaching in the process the zenith of achievement, while holding his or her Muslim or Christian tenets on faith alone, shielding it from any attempt of systematic deconstruction, or logical inquiry. This results in societies that may or may not be technically advanced (depending on how numerous are those distinguished individuals), but never politically ponderous or socially significant due to the lack of an all-inclusive rational approach to life.

This phenomenon of compartmentalization, while very common in the orient, is less frequent in the occident; rarely do you find a true western scientist, physician or businessman, who holds strong re


5 - هل الاستطلاع كامل ام مجتزأ ؟
سعد السعيدي ( 2009 / 2 / 22 - 12:53 )
كنت افضل من باب التعليق على الموضوع ان ينبري احد ما بالبحث عن اسباب مبادرة معهد غالوب هذا في نشره لهذا الاستطلاع قبل التبحر في التحليل. لا اظن هذا المعهد يقوم باستطلاعاته هذه لا على التعيين او لوجهه تعالى. انما هو يقوم غالبآ بتنفيذ طلبية لجهة ما تحتاج لمثل هذه الاستطلاعات. كذلك ففي نهاية كل استطلاع يوجد استنتاج مكتوب يبين الغاية من الاستطلاع زائدآ الملاحظات على النتائج الواردة فيه. فهل يا ترى انتبهنا الى ضرورة ذكر كل هذا في التعليقات وفي المقال لإثراء النقاش ام اكتفينا بعرض خبر الاستطلاع بشكل مجتزأ ؟


واضع مساهمتي الآن في قضية التدين. ارى ان الموضوع يحمل اكثر من حجمه. فليس هذا بموضوع نقاش. فمالذي سيفيدنا او يفيد الآخرين البحث في درجة تدين ايآ كان ؟؟؟؟ وإذا اردنا التعليق مع ذلك حول الموضوع فساقول اولآ ان لكل دولة ظروفها في ظهور التدين فيها بشكل صارخ ام لا. ويبدو لي ان التعليقات قد خلطت بين التدين عند الاشخاص وفي المجتمعات بشكل ما عندما تم اقحام موضوعي تركيا وايران في الموضوع.
مسألة تدين تركيا وعلاقة هذا بالتطور قد تم توضيحه في التعليقات لكن ليس بشكل كامل, كذلك طرحت مسألة تدين ايران وتطورها بشكل مجتزأ واعتباطي بدون تمعن. واتعجب كيف فات على الجميع مسألة الترحيب الدولي او عد


6 - أثر الدين
عبدالعظيم ( 2009 / 2 / 22 - 15:36 )
لا أثر لأي دين في مجرى الحياة فالناس كل الناس تجري وراء تحصيل أسباب عيشها وإن ادّعت بالتديّن فلأجل ذلك . أنا أراهن بأن زغلول النجار يعلم تماماً بأنه يكذب في كل إدعائاته وأنه إنما يقول ما يقول لما يقتضي تحصيل ما يحصّل

اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في