الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحول سايكولوجية الطفل العراقي .

ناهده محمد علي

2009 / 2 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



لقد تغيرت وسائل اللعب لدى الطفل العراقي من اللعب الإنسيابي الجماعي الى اللعب الإنفرادي العنيف , وإمتلأ السوق العراقي بأنواع من اللُعب العسكرية كالمسدسات والسيوف والبنادق ومسدسات الماء ( والصجم ) , ومما يسترعي الإنتباه أن الطفل قد يلعب بيديه ممارساً اللكمات والكدمات بدون قصد ولا يعترض على هذا النوع من اللعب غير الوالدين حيث يضطران لعلاج طفلهما أحياناً من الكسور ونزيف الأنف .
إن مسار اللعب سواء كان مُسالماً أو عنيفاً سلبياً أو إيجابياً يعتمد على منهاج الحياة الإجتماعية وتعامل المجتمع مع الفرد والفرد مع المجتمع .
إن الطفل مخلوق ذكي بشكل عام يمتص الإطار العام للحياة الإجتماعية ويتقمصها ثم يفرزها على شكل سلوك إجتماعي في البيت والشارع , وأضرب مثلاً على ذلك ما شاهدته من مظاهر العُنف في القنوات الإعلامية العراقية ثم ما رأيته حقيقة في الشارع العراقي حيث أمسك أحد الأطفال بزميل له واضعاً إياه بين قدميه مع وضع أحد قدميه فوق رأس الطفل المُلقى وتوجيه رشاشته البلاستيكية الى رأسه وهو مُقنع . كان الطفلان يضحكان لأنه وببساطة مجرد لعب , إلا أنه إنعكاس واضح لنفسية الطفل العراقي الذي إمتص كل ما حوله من مشاهد العُنف اليومي والتي قد خفتت نسبياً إلا أن ذاكرة الطفل لا تنسى بسرعة بل تبقى وللأسف لسنوات طويلة تحمل هذه البصمة وكأنها مطبوعة على طبقة من الإسمنت لا تمحوها إلا تراكمات مضادة عكسية تعكس إتجاهاً آخر مسالماً وردياً لا تشوبه الكثير من الأزمات ولفترات زمنية طويلة إذ أن من المعروف أن العلاج النفسي بعكس العلاج الجسدي قد يطول مداه , كذلك يستوجب تعاون العائلة والمجتمع مع جماعة الأقران الذين يُوجهون أيضاً إتجاهاً سلوكياً إيجابياً وهذا يترافق مع حركة المجتمع السلمية الإيجابية لكي يُمكن أن تُصقل وتُزال تراكمات الماضي من نفس الطفل وذاكرته .
إن ذاكرة الطفل أشبه بمخزن تتزاحم فيه الذكريات والتجارب السلبية والإيجابية , وهناك تجارب ومعلومات أساسية حول الحياة بمختلف إتجاهاتها ونواحيها , الغذائية , الصحية , الدراسية والعلمية , العاطفية والعلاقات الإجتماعية , ولكل هذا تدرج في الأهمية , وفي نفس المجال , وأضرب مثلاً على ذلك في مجال العلاقات حيث تتدرج فيه المعلومات تدرجاً هرمياً لدى الطفل وتتكون من معلومات وذكريات حسب أهميتها وتجاوب الطفل معها , وذلك يتبع أُسس ذوقية ومزاجية وتربوية وأحياناً وراثية , فقد يُفضل الطفل في مجال المعلومات الإجتماعية , كيفية إقامة العلاقات بأنواعها , الترابط بينها ومدى إستقامتها , كيفية ديمومتها , وعلى هذا الأساس يبني علاقاته , كذلك بالنسبة للمعلومات الصحية فلديه أيضاً أفضليات وإتجاهات يحددها نمط تفكيره وتربيته ومحيطه الإجتماعي . وهكذا تتراكم المعلومات المفضلة في كل نوع لتصبح الخزين رقم ( 1 ) لديه وتشكل ملامح ثقافته الأولية وشخصيته وميوله , والتي يُمكن التحكم الجزئي بها خاصة في السنوات الأُولى من عمره . ويبقى مزاج الطفل وميوله هو المتحكم الرئيسي في أفضليات المخزون .
إن العائلة والمجتمع هما الممولان الرئيسيان لهذه المعلومات وعلى هذا الأساس يجب الحذر من نوعية التراكم الكمي لأية معلومات نوعية لأنها ستشكل شخصية الطفل وميوله كما ذكرت نحو الصحة والنظافة أو اللامبالاة الصحية نحو العلاقات الإجتماعية الصحية أو المريضة , نحو العُنف أو اللاعنف , نحو حب المعرفة أو مقتها , نحو بناء المجتمع أو تحطيمه .
قد يتبادر الى الذهن أن ذاكرة الطفل يُمكن أن تمتلأ بشاشات معرفية بالصوت والصورة لمعارف مختلفة , إلا أن الحقيقة هي أن الطفل يعيش داخل هذه الشاشات المعرفية , يتعايش مع ما يريد ومن يريد ويرفض ما يريد أن يرفض وذلك بسبب التكوين السايكولوجي والمعرفي المسبق . وهكذا تتكامل شخصية الطفل وما دور المجتمع والعائلة إلا في التمويل المعرفي والتوجيه , لكي يحيط به جو صحي وسليم لا يجعله يغرق في تجارب خطرة مثل العُنف والمخدرات والأُمية الثقافية أو الرغبة في تحطيم العائلة والمجتمع الذي ينتمي إليه ثم الذات جزئياً أو كلياً عن طريق إدمان المخدرات والبطالة أو العُنف والسلاح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من مسافة صفر.. استهداف دبابة إسرائيلية بعبوة -العمل الفدائي-


.. متظاهر يهتف -غزة- خلال توقيفه بنيويورك في أمريكا




.. إسرائيل تؤكد إصرارها على توسيع العملية البرية في رفح


.. شرطة نيويورك تعتدي على مناصرين لغزة خلال مظاهرة




.. مشاهد للدمار إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة خفاجة غرب رفح ب