الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنوير في اوروبا والتظليم في عالمنا

عبد العالي الحراك

2009 / 2 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يرتبط الحديث عن التطور في اوروبا بعصرالنهضة الاوربية وعصرالتنويرالذي جاء بعده . والعصران لا ينفصلان عن بعضهما بل يتكاملان في نقدهما لعصرالقرون الوسطى الظلامية الذي سبقهما وحكم الدين السياسي (الكنيسة) وسيطرته على حياة الناس.. حيث غلب العصران منطق العقل على منطق الغيب واللاهوت واستبدادية الكنيسة,كمصدر واداة للحكم الظالم.. استخدمت الفلسفة في نقد الدين وتعميق الافكار والاسئلة ووضع علامات الاستفهام حول اي امرغير معقول,دون خوف او تردد.. وقد تحمل دعاة النهضة والتنوير في حينه ما تحملوه من اضطهاد الكنيسة وتعسفها.. استخدم اولئك الدعاة العقل على اساس العلم الذي يبني الفرضية العامة ثم يأتي بالحجة والبرهان,ليستلمها بعد ذلك رجال التطبيقات العملية,نظرية مجربة وجاهزة للتطبيق العملي , لأستخدامها في تطوير حياة الانسان اليومية.. وهكذا تطوروا رغم ما تخلل هذا التطور من اخفاقات ومظالم بحق البشرية,عبر مراحل الاستعمار المختلفة وبشاعة الاستغلال الرأسمالي,التي لا علاقة لها بالعلم واستخدام العقل..الا ان العلم ما زال اساس الحياة في اوروبا وغيرها والتطور مستمر رغم الازمات التي قد تكون منطلقات لتطورات قادمة اخرى الى الامام ,ان حسن استغلالها,رغم تدخل الكنيسة من جديد للتأثير في حياة الناس بعد ان انسحبت الفلسفة العلمية من حياة الناس واصبح هناك بعض المجال لهرطقة البابوات ورهبان الكنيسة وغزو الدين للسياسي.. الا ان الحال الان في اوروبا ليس كحالنا ويصعب التفكيران نقترب منها, خاصة بعد الردة الحضارية الكبيرة التي تعيشها مجتمعاتنا الان.. فنهضة تلك الشعوب الاوربية وتنورها وتطورها التي اعتمدت على تفتح العقل عبر السؤال الفلسفي واستخدام العقل العلمي,نقابله نحن المتخلفون بردة الى الوراء في الايغال بتحطيم العقل عبر الخرافة وتسيس الدين وزجه في الحياة السياسية العامة ومنع الفلسفة واستهلاك منتجات العلم التي يصنعها الاخرون..فبالاضافة الى اننا ما ملكنا نهضة ولا تنويرا في يوم ما ولا فصلنا الدين عن حياتنا وسياستنا في لحظة واحدة ,حيث ينغمس في العادات والتقاليد والسلوك والممارسات.. نصطدم بالعلم في اوروبا ثم نعود الى الخرافة والاعتماد على الاخرين في بلادنا..لم يظهر لدينا فلاسفة وعلماء وادباء وفنانين الا واعدموا او سجنوا او ابعدوا بحجج مختلفة,اولها الكفروالزندقة واخرها العمالة للأجنبي واستيراد الافكار الأجنبية والدخيلة. لم يزدهر في مجتمعاتنا الا العسكر ورجال الامن والمخابرات واللصوص واصحاب العمائم المسيسين والعنف والارهاب.. فكما نهض وتنور وتقدم الاخرون نغص في نومة عميقة نحن ونظلم الدنيا في فضاآتها وفي غرفنا وبيوتنا.. تسيطر علينا من جديد افكار القرون الوسطى. كنا في الخمسينات نقول ان اوربا قد سبقتنا بخمسمائة عام , اما الان فبكم قرن تسبقنا؟ ليس ضروريا الكلام عن من يسبق من ..انهم في وادي وحياة اخرى ونحن في قعر وادي اخر ولا حياة اخرى. هذا موقفي ورأي ليس موقف التشائم على الكلام واللاحقيقة ولكنه دعوة اخرى للعلماء والمثقفين والفلاسفة عندنا ان يعملوا بشجاعة وجرءة على تطوير الحياة التي كان يتبناها اصحاب الفكر الماركسي على وجه التحديد ففي فكرهم تتجلى جميع المراحل التنورية في الحياة العامة.. فهم اصحاب النهضة في الثقافة والفن والادب.. واصحاب الدعوة الى استخدام العلم في العقل وهم ايضا اصحاب التنوير المناهض للخرافة والشعوذة والداعي الى اطلاق الحريات العامة والاعتراف بحقوق المرأة ونهضتها ومساواتها بالرجل.. وهم قادة مشاريع ثورات التحررالوطني المبنية على اساس الوحدة الوطنية ضد الاحتلال والاستعمار والاستغلال.. وهم دعاة الديمقراطية والحكم للشعب والمطالبين بحقوق الفقراء.. وقد تحملوا في سبيل ذلك كل المظالم والمهالك,حيث لم يسبقهم ليبرالي اوعلماني في الدعوة والعمل لتطويرالمجتمع كما حصل في اوروبا.. ولم يظهر عالم في مجتمعاتنا الا من بين صفوفهم او من اصدقائهم ومسانديهم.. والا قتل او سجن او ابعد او همش على اقل تقدير. فالشاعر شاعرهم والفنان فنانهم, مطربا كان او ممثلا او مسرحيا. فالحياة كانت لهم بنهضتهم التي ما دامت وبتنويرهم لطريقها ولكنهم منعوا وبشدة وقسوة غيرمتناهية..الحياة الان لدينا مهددة بمختلف التهديدات الانية والمستقبلية فهل من ناهض ينهض وهل من منور ينورلنا هذا الطريق المظلم؟؟؟؟
عبد العالي الحراك 24-2-2009










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من الأمثلة على الليبراليبن والعلمانيين... أمجاد زنوبيا الملك
مواطن غيور على الوطن ( 2009 / 2 / 26 - 21:36 )
من الأمثلة على الليبراليبن والعلمانيين... أمجاد زنوبيا الملكة بريئة من مجموعة من الفاسدين الفاشلين

تعاني قناة زنوبيا الوليدة مشاكل وعثرات كبيرة أدت الى فشلها، فعند انطلاقتها نظر اليها البعض على أنها الأمل بمستقبل واعد، ولكن لم تكد تبدأ ارسالها حتى بانت أولى بوادر فشلها، وكانت أولى بوادر ذاك الفشل اختيار الرجل عير المناسب لادارة الفضائية، فالسيد جهاد خدام ما زال يعيش بعقلية الابن المدلل للمعلم (ابن نائب الرئيس) الذي كان يتمتع به في سوريا فكل العاملين في الفضائية هم بالنسبة له اشباه عبيد ولا يسمح لأحد بابداء رأيه ومن يتجرأ على ذلك فهو من المغضوب عليهم والأمر الثاني الذي لا يعقل هو الأموال الطائلة التي تصرف بشكل عبثي فالسيد جهاد خدام لا ينزل الا في جناح في أفخم الفنادق بفاتورة تصل أحيانا الى آلاف الدولارات في الليلة كما أن السيجار الفاخر الذي يدخنه يبلغ ثمنه 70 يورو للسيجار الواحد وعلى ما أعلم فهو يدفع ما لا يقل عن 3000 يورو شهريا فقط للسيجار فكيف ومتى سيفكر خدام بنهضة المواطن السوري الذي شارك هو نفسه في سحقه ونهبه يوما ما، أما مصيبة المصائب فهي تلك العاملة المذكورة من المغرب العربي والتي باتت تعيث فسادا في تلك الفضائية فمن لا يعجبها ولا يخضع لعنجهيتها سيطرد لا محالة لأن كلمتها


2 - قراءة دوغمائية
سلام فؤاد ( 2009 / 2 / 26 - 23:09 )
ما ورد في المقال بشأن التنوير في أوربا هو عبارة عن قراءة دوغمائية للتجربة الأوربية، الأمر الذي يدل على عدم إطلاع السيد الكاتب على القراءة الحديثة والصحيحة للمعجزة الأوربية. ثمة قرائتان للتاريخ والتجربة الأوربية : الأولى وهي قراءة المدرسة الوضعية العلموية، وهذه القرءة سادت منذ الربع الأخير للقرن 19 ولغاية منتصف القرن العشرين. أما القراءة الثانية ( الحديثة ) فقد ظهرت خلال العقود الثلاث الماضية. القراءة الأولى تميزت بالدوغمائية الإلحادية الإسقاطية، وهي التي أشاعت خرافة القرون الوسطى المظلمة، وخرافة صراع العلم والدين. فالقرون الوسطى، التي وصفتها تلك القراءة بالمظلمة، لم تكن أكثر من مرحلة إنتقالية إنتقلت الشعوب الأوربية خلالها، في غضون 4 قرون -فقط- أي من القرن 12 ولغاية القرن 16 ، من مرحلة البربرية الى الحداثة، مجترحة بذلك مأثرة الحداثة التي عجزت عنها العوالم والحضارات السابقة لمدة آلاف السنين. أقترح على السيد الكاتب الإطلاع على القراءة العلمية الجديدة أولاً، ومن ثم العودة الى طرق هذا الموضوع مجدداً.


3 - تعقيبك في واد والمقال في واد آخر
عدنان عاكف ( 2009 / 2 / 27 - 06:20 )
الأستاذ سلام فؤاد كرس تعقيبه للحديثعن نوعين من القرأة لتأريخ الحضارة في أوربا، في حين ان مقالة الأستاذ البراك مكرسة للحديث عن واقع المجتمعات العربية، ولم تكن الإشارة الى أوربا إلا وسيلة للكشف عن السبب الرئيسي الذي أدى الى تخلفنا عن ركب الحضارة. والسبب كما وضحه الكاتب هو بالذات ما لا يرغب الكثيرون الأعتراف به، وهو موقع العقل - عندهم - و - عندنا - ويقف في مقدمة هؤلاء الكثيرين الذين يرفضون الاعتراف بهذه الحقيقة مثقفون ومفكرون كبار. لقد اختار الأوربيون منذ عصر النهضة ( وكما أشار اليه الكاتب )منهج العقل في كل شيء، وأصبح التفكير العلمي هو السائد في كل مجالات الحياة. في حين ما زال التفكير العلمي غائبا حتى في مجالات البحث العلمي.
الذي فهمته من التعقيب ان القرون المظلمة كانت مجرد أربعة قرون - من القرن 12 الى القرن 16 - انتقلت خلالها اوربا من مرحلة البربرية الى الحداثة. اذا كان مافهمته صحيح، فماذا عن المرحلة التي تمتد من سقوط الامبراطورية الرومانية وحتى القرن الثاني عشر. بالمناسبة ان الحضارة العربية الاسلامية وابتدءا من القرن الثاني عشر أخذت تبطئ من مسيرتها ومن ثم أخذت بالتراجع.


4 - شكراً جزيلاً
شامل عبد العزيز ( 2009 / 2 / 27 - 09:05 )
الاستاذ الفاضل . تقول : دعوة للعلماء والمثقفين والفلاسفة على تطوير الحياة التي كان يتبناها أصحاب الفكر الماركسي على وجه التحديد وفي فكرهم تتجلى جميع المراحل التنويرية في الحياة العامة .من هو الذي تبنى الافكار الماركسية ؟ أليس الاتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية . فهل وجدت ماتقول عند هذه الدول ؟ واذا ماكان جوابك نعم ؟ فكيف سقطوا اذا كانوا مثل ماوصفتهم. الافكار اذا نتركها على الرف تبقى كما هي ولكن لابد من ترجمة لها على ارض الواقع ولقد ترجم الاتحاد السوفيتي الافكار الماركسية على ارض الواقع ولكن أنظر ماذا حل بهم وبشعوبهم ؟ اما اذا قلت ان الخطا في التطبيق فاعتقد ياسيدي الفاضل فان الجميع يعزف على هذه النغمة . اتمنى لك التواصل . محبتي وتقديري


5 - ارجو ان لا تخلط الاوراق
عبد العالي الحراك ( 2009 / 2 / 27 - 14:55 )
ارجومن الاخوة المعقبين والمتداخلين ان لا يخلطوا الاوراق, ففيها افكار نيرة وفي الاخرى افكار مظلمة.. التمييز ضروري والفصل بين الثقافة والعلم التنويري شيء والسياسة شيء اخر..ارجو الانتباه واعادة القراءة لما كتبت وهي فكرة بسيطة وواضحة

الاخ سلام فؤاد
قرائتك جامدة لما كتبته انا فلقد ذهبت بعيدا في موضوع مفكك لانك كما يبدو ومن التيه الذي فيه تحبذ العيش في ظلام القرون الوسطى ولهذا لا تعرف كيف تدافع عنها وكيف تستوعب العلم في التصدي لها والحلول محلها
تقول ان هناك (قراءة علمية)( للتجربة الاوربية..) اية قراءة علمية واية تجربة اوربية؟؟ فهل هناك قراءة دينية او خرافية تقابلها؟ ثم ان النهضة والتنوير بدأ وانطلق من اوربا ..فهل هناك تجربة اخرى موازية في مكان ما ان لم تكن استمرارا وامتدادا لها؟ وماذا تقصد ب(المعجزة الاوربية) واوروبا العلمية لا تعترف بالمعجزات وان كانت هناك اكتشافات خارقة في علميتها , فهي العلم ومنتجاته وليس غير..تقول ان هناك قراءتان للتاريخ والتجربة الاوربية (الاولى وضعية) ولم تحدثنا عن القاءة الثانية ماهي هل ستكون لاهوتية؟؟ بالتأكيد القراءة الوضعية هي القراءة العلمية التي انتجها عصري النهضة والتنوير, والقراءة اللاهوتية انتجتها الكنبيسة وبقية الاديان عبرالظلام السابق في اوروب

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah