الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سفر الذكريات...صور عن الرياضة والرياضيين في مدينة النجف الاشرف5

فلاح صبار

2009 / 3 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في بدايات عام 1967 انتعشت حركة الرياضة النجفية على صعيدين مهمين‘ اولهما في العاب كرة السلة ‘والطائرة‘ والملاكمة‘ والمصارعة‘ وكرة الطاولة‘ وبعض الالعاب في مجال الساحة والميدان‘ وثانيهما في لعبة كرة القدم وتحديدا على صعيد الفرق الشعبية...
لقد حدثت حالة فريدة في مجال كرة القدم في المدينة في عام 1967 وهي تأسيس فريق البلدية الكروي ...فقد ارتأى بعض القائمين على النشاط الرياضي‘ خلق حالة رياضية متقدمة تعيد امجاد فرق كرة القدم ابان الخمسينات... مثل فرق اتحاد الفرات‘ وفيصل ‘والانوار والفضلي‘ والاهلي وغيرها من الفرق ‘ اذ دأبت الفرق المشهورة في المدن الكبرى ‘ مثل مدن ...كركوك ‘و الرمادي ‘والديوانية ‘والحلة‘ والبصرة ‘والسماوة‘ اضافة لفرق المقدمة في العاصمة بغداد‘ على زيارة فرق النجف الكروية‘ واقامة اللقاءات الودية‘ كفرق المصلحة‘ وامانة العاصمة ‘والقوة الجوية ‘والاثوري‘ ونادي اتحاد الفيلية‘ واتحاد بوشناق وغيرها .
وقد اتيحت لنا الفرصة في تلك الحقبة من الزمن ‘مشاهدة نجوم الكرة العراقية امثال اللاعب الفذ ناصر جكو‘ وعمو بابا‘وارميك وعمو سمسم ويورا ايشايا ‘ وحامد فوزي‘ وحسن فيوري ‘ولطفي عبد القادر وغيرهم... وجدير بالذكر ان حارس منتخب العراق احسان بهية‘ كان يلعب فى احدى الفرق النجفيه‘ واظنه فريق اتحاد الفضلي او الاهلي .
كانت سنوات ضمت لحظات جميلة تلك ‘حيث ستظل عالقة في الذاكرة ولا اظنها ستزول يوما‘ اذ خلقت الرياضة حالة بهيجة في حياة المدينة ‘ولعل سرد البعض من صور سفر الذكريات هذا ان يضئ بعضا من ملامحها .
كان بالقرب من خان المخضر( العلوة) وراء حديقة الحرية ( حديقة كشكول) الواسعة‘ والتي كانت تظلل شارع الكوفة – بين شارع المدينة وبيت القائم مقام... بالقرب من تمثال الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم - وقد اصبحت ساحة ثورة العشرين الخالدة – كانت المنطقة تلك ساحرة باشجار الصفاف العالية والكالبتوس العطر‘ الذي كنا نستعمل اوراقه عند اصابتنا بالزكام في فصل الشتاء‘ من خلال فركه بايدينا ثم استنشاقه . كانت هناك مجموعة – قهاوي- جميلة منتشرة خلف الحديقة بالضبط ...وروادها شرائح متعددة من المجتمع...منهم الموظف‘ والطالب ‘والكاسب ‘والمزارع وغيرهم الكثير‘ يجلسون في ساعات العصر الجميل‘ وخاصة في فصلي الربيع والصيف ‘يلعبون الدومينو والطاولي‘ وكانت رائحة الباقلاء المسلوقة‘ والطرشي الحامض ورائحة - شواء الفشافيش - تعطر سماء المنطقة ‘وكانت المسجلات – الكروندك وفيليبس ولوي اوبتا ...ام البكر - تصدح باغاني متنوعة‘ لمغنين محليين وعرب مثل ...محسن الكوفي‘ و هجان ‘ومجباس‘ وجعفوري وبعض اغاني الغجر ‘ اتصالا باغاني صباح وفريد الاطرش‘ مرورا بحضيري ابو عزيز‘ وداخل حسن...وشكلت تلك البيئة اجواء رومانسية جميلة وساحرة للروح‘ حيث تحلق عاليا ‘في ملكوت التأمل و التوحد‘ والوجد والبهجة .
وشاءت الصدف ان تكون احدى تلك المقاهي‘ مقرا لفريق اتحاد الفرات‘ وصاحبها او مؤجرها ‘كابتن الفريق المرحوم نعمان مرزة - ابو زغلول- واخوانه طارق وفلاح‘ وكلاهما رياضيان.. حيث كانت الاعلام التذكارية والهدايا‘ تزين جدران المقهى. وكنت اذهب مع اخوالي واخوتي في اغلب الاحيان‘حيث يتجمع اعضاء واصدقاء الفريق‘ لمناقشة المباريات المقامة محليا ودوليا ‘وطرق التدريب ايضا .. . كانت المباريات الدولية‘ تنقل عبر الراديو في تلك الحقبة الزمنية‘ لعدم توفر التقنيات الالكترونية او التلفزيونية لنقل المباريات . واتذكر حالة دائما ما تحصل في بيتنا‘ حيث كان يتجمع مجموعة من الرياضيين‘ لمتابعة المباراة من خلال المذياع‘ ويستمعون لتعليق‘ المعلق الرياضي في تلك الفترة الاستاذ المرحوم اسماعيل محمد... . كانت امامهم اوراقا‘ واقلاما‘ وهم منهمكون ‘ يرسمون ساحة الكشافة ‘ ويكتبون اسماء اللاعبين‘ من كلا الطرفين المتباريين‘ ورسم مواقعهم على الورق‘ كي يستنتجوا‘ ويتعرفوا‘ على الخطة التي يلعب بها المنتخب‘ لتطبيقها لاحقا علىتمارين فريقهم اتحاد الفرات .
سنوات تحمل من الجمال والعفوية والمحبة صورا خيالية وثقافة رياضية رفيعة المستوى ... لقد زرعت في نفسي تلك السنين‘ وفي نفوس كثير من الصبية حينذاك ‘ من الذين اتيحت لهم فرصة ا للقاء بشباب يافع‘ يؤمن بالانسان وابداعه ‘ وفي دور الرياضة‘ كعامل مهم وحيوي‘ لبناء افاق رحبة من الاحلام والامال ‘ كتل من الوفاء والايمان.... زرعتها تلك السنين في نفوسنا - نحن الفتية - ورودا للمحبة طيبة‘ ومثل عليا‘ تدعوا الى التفاني و الاخلاص لكل شئ...لكل شئ... في الحياة !!!
عود على بدء:
ان تأسيس فريق البلدية في النجف اواخر عام1967 اعطى دفعة متقدمة للحركة الرياضية‘ حيث بدأت حالة اشبه بالاحتراف الرياضي...واصبح لنا فريق مؤسساتي الى حد كبير في المدينة .وكانت غالبية اعضاء الفريق المذكور‘ من مدينة النجف‘ اضافة الى لاعبين من مدينة الحلة واحدهما اسمه جودة. لقد بدأت دائرة البلدية في المدينة ‘بتعيين لاعبي الفريق الكروي كموظفين و تمنحهم راتبا شهريا ‘ الا ان مهمتهم الاساسية ‘هي لعب كرة القدم لتمثيل دائرة البلدية‘ وكان منهم الاخوة ناجي الدباغ‘ وكامل هاني ‘ونزار سياب‘ وراضي فليفل وطارق شمس علي‘ وقاسم شربة ‘وجعفوري البهبهاني وغيرهم . ان الطريف والممتع في الموضوع لنا كلاعبين في تلك الفترة‘ هو اننا كنا احيانا نتمرن على ملعب البلدية ذاك ‘والواقع على شارع ابو صخير او بالقرب منه‘ ولاول مرة وقتها نلعب على ارض مزروعة بالثيل... وقد كانت الساحة المعشبة الوحيدة في النجف انذاك.
/ مرة او مرتين/ حاول القائمون على الرياضة المدرسية حينها ‘زراعة ساحة كرة القدم في اعدادية النجف الا انهم لم يوفقوا لاحقا ... وبقيت ارضا – سبخة- وكانت رائحة الارض بعد رشها بالماء ساحرة في ملعب البلدية الاخضر ... ويعرف تماما من يلعب الكرة اي جمال يكون ‘ عندما تجد ساحة اللعب معشبة.
و بالعودة الى الفرق الشعبية المهمة في تلك المرحلة ‘كانت هناك فرق متميزة كما ذكرت سابقا‘ ومنها فريق نادي الغري و الجمهور الرياضي ‘واتحاد الفتيان فريقنا ‘و فرق شارع المدينة‘ حيث كان لديها لاعبين مهمين‘ منهم الاسمر عبد الحسين فيروز...وكان يتميز بمهاراة فردية رائعة/لا زلت اتذكر الهدف الذي سجله ضد فريقنا اتحاد الفتيان‘من ضربة زاوية وبطريقة- اللوب- في احدى بطولة الفرق الناشئةعام1968 على ملعب الادارة المحلية ‘وقد يكون هذا اللاعب‘ هو الوحيد في المدينة الذي يدحرج ويصوب الكرة‘ نحو الهدف بهذه الطريقة في تلك الفترة/.
بدأت رحلة الفرق الشعبية الرياضية تأخذ موقعا تحت شمس الرياضة النجفية. كان للقائمين على الحركة الرياضية‘ دور متميز يجاهد في سبيل اعلاء حركة الرياضة ‘ ومنها بالتحديد كرة السلة‘ والطائرة والاثقال‘ والمصارعة‘ وكرة القدم ‘ حيث كان لنادي الغري في تلك المرحلة صيتا جيدا ليس على صعيد الفرات الاوسط ‘ بل على صعيد العراق وبشكل خاص في لعبتي السلة والاثقال وبرز منهم اللاعبون كاظم سيد خضير وعلي عبد الحسين ابو شبع ومحمد رضا الاعسم والخليلي وغيرهم . لقد نظم نادي الغري سباقات ودورات متعددة‘ في كرة السلة‘ لجميع اندية العراق في هذه اللعبة...وكانت تسمى – دورات الصاعقة لقصر مدتها الزمنية ‘حيث لا تتجاوز اليومين - وتقام في ملعب النادي الذي يقع بالقرب من محطة البانزين باتجاه طريق كربلاء. حضرت الى مدينة النجف ‘ فرقا مهمة في هذه اللعبة‘ وعلى سبيل المثال ‘من مدينة الحلة‘ وبغداد‘ والديوانية‘ وغيرها ‘حيث كان نادي التحرير من الاندية المتميزة في اللعبة ونادي الهومنتمن‘ والارمن‘ والشرطة‘ والاعظمية ‘والكرخ وغيرها...وتعرفنا على الاسماء المهمة في لعبة كرة السلة ‘ ومنهم فوزي عسكر‘ وعبد الغني‘ واحمد الحجية ‘ ومحمد عربو واخرين...وكانت دهشتنا كبيرة ونحن نشاهد هؤلاء العمالقة فنا وقامة.
لقد بدأت كما ذكرت سابقا حركة رياضية متصاعدة‘ خاصة بعد تقديم السادة والاساتذة في مدينة النجف الاشرف‘محمدعلي البلاغي مدير البنك التجاري في المدينة‘ ورؤوف كمونة مدير مصلحة نقل الركاب‘ وعبد الرزاق الحبوبي مدير ثانوية الكندي‘ وحبيب عمران مفتش التربية واخرين... طلبا لتأسيس نادي النجف الرياضي في عام 1967.
كان لتأسيس نادي النجف الرياضي بوجود نادي الغري الرياضى اثر بالغ في نفوسنا نحن الفتية هواة لعبة كرة القدم ‘في تلك المرحلة.كانت الوجوه الاجتماعية‘ والرياضية في المدينة ‘لا تبخل اطلاقا ‘بتقديم كل وسائل الدعم المادي والمعنوي‘ كانوا جميعا على اتفاق ‘ لا يمنعهم اختلاف رأي‘ اوطبيعة عمل‘ او زي‘ في منح كل اشكال الدعم الى الرياضة النجفية ‘ ومنهم ...من مؤسسي نادي الغري الاساتذة الافاضل ناجي حسوة ‘وكاظم معلة‘ ورؤوف قسام‘ وحامد النجم‘ وعلوان السفير وغيرهم...
ان هذه الحالة الرياضية الجديدة خلقت تنافسا شريفا بين لاعبي كرة القدم ‘ الجيل الاقدم ويتمثل باللاعبين علوان منى ‘وفؤاد الصايغ‘ ومالك فلفل‘وهنوني‘ وكريم بجون‘ وكامل هاني واخرين ‘ وكنا نحن الفتية نمثل الجيل الاخر في تلك المرحلة ‘ في فريق اتحاد الفتيان‘ وفريق الجمهور وفرق من شارع المدينة وشارع والهاتف وحي السعد .
كان الجميع يطمح لتمثيل احد الناديين في كرة القدم‘ اضافة لوجود فريق البلدية الذي جمع نخبة متميزة من لاعبي الكرة في المدينة‘ وكان قد تلاشي نشاط نادي الجماهير ‘الذي لعب دورا لا يستهان به في كل الاحوال ابان عام 1963 حيث اقام نشاطات متميزة‘ مع اندية الخابور السوري والجهاد اللبناني ونادي الامة الاعظمي ‘ وبعض الاندية والفرق العسكرية العراقية.
لقد بدا ملعب الادارة المحلية في النصف الثاني من الستينات‘ يعج باللاعبين‘ وبورشات عمل ‘ قمنا بها لتسوية ارض الملعب....كانت الارض متموجة‘ لا تصلح حقا للعب كرة القدم... كم ...وكم مرة... اصبنا بالتواءات في كاحل القدم ‘نتيجة الارض السبخة والمتموجة ! ومعالجتها في بيوتنا – بالموميه- وهي مادة سوداء كنواة ...تمر الهندي... تسخن ليطلى بها الكاحل الملتوي ثم يشد باربطة صوفية لعدة ايام .
لقد كان الملعب شبه مهجورتقريبا الا في مواسم بطولات الساحة والميدان ‘على صعيد رياضة التربية المدرسية حيث ترش الساحة ومضامير الركض بالماء ويزين الملعب بالاعلام وتصدح مكبرات الصوت باغاني عذبة متنوعة‘ وتجوال بائعي الباقلاء والمشروبات الغازية ومنها المشروب المحلي ذات اللون الاحمر والاصفر – سيماء- وهو يشبه مشروب السينالكو...والحلويات والجوز واللوز في المدرجات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فلاح وعلي الفحل أحبك
ذياب آل غلآم ( 2009 / 3 / 1 - 14:08 )
ايها المتألق بالذاكره كقبلاتنا لشباك علي ع ....حين تنتهي سوف اكمل انا عن ذكرياتي الرياضيه وانت ايها الوتر في القلب والرياضي والانسان ....لم تذكر لعبة فريق النجف الاهلي مع منتخب الطوبجي في اعداية النجف وكنا معا من المشجعين والنتيجه التعادل بهدف لكلا الفريقين عمو بابا سجل الهدف لمنتخب الطوبجي من كرة ثابته من بعد حوالي 30 يارده لم يستطع احسان ابهيه من صدها لقوتها...ومن لعبه جميله من وسط الساحه مابين علي قاسم وعلوان منه رفعت الى فؤاد الصائغ الذي سجل على محمد ثامر هدف الاهلي النجفي واتذكر الحكم الدولي صالح فرج هو الذي حكمها وكانت مباراة جميله واتذكر ان محمد ثامر بعد انتهاء المباراة قال لفؤاد قبل سنتين لعبنا وفزنا على النجف 2/1 وانت الذي سجلت عليّ واليوم انت ايضا تسجل اهنأك انت لاعب فذ...انتظرني في حلقة عن الرياضه ... دمتم محبة ومسرة وسلام... ومزيدا عن النجف في العراق الاشرف


2 - لك شئ كثير من الحب والذاكرة...عليك به وانثر عبق الحبق
فلاح صبار ( 2009 / 3 / 1 - 19:24 )
عزيزي ذياب
شكرا لك ايها الصديق الوفي ان ماذكرته عن تلك المباراة لهي

حقيقة لا يمكن تجاهلها وان دلت على شئ انما تدل كم من المواهب الرياضية كان يحتويها العراق الاصيل ولكن حكام العهر والمحسوبيات لعبت دورا غير حميد اذ ابعدت الموهبة في المحافظات واعتمدت على لاعبي العاصمة مع الاحترام والتقدير لهم.
!!!اي اللواعيب


ياذياب لنا لقاء مع اماني صادقة وقد تكون هذه الوريقات من

الذكرى تقرب مسافات البعد الذي فرضت نفسها علينا
مع الحب

اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف