الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيهما يستحق الجنة؟

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2009 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في ذروة هزائمنا بمعارك التقدم والحروب والثقافات والحضارة زفت الينا ام كلثوم البشرى بحيازتها لبندقية صدئة تذهب بها لفلسطين لتحريرها من العدو الغاشم (اصبح عندي الان بندقية ...الى فلسطين خذوني معكم )تلك البندقية الصدئة المتهرأة التي حازتها ام كلثوم شعريا كانت تختصر بصدئها وزيفها كل هزائمنا ملوكا ورعايا، دولا ومجتمعات في العالم النائم بأفيون الاغاني والغارق بمصل الشعارات القومية الطالعة والمخدرة بامجاد التراث الذي يقطر من صفحاته نجيع الدماء وزهو الفتوحات العقيمة .
لم تعلن ام كلثوم( ببشارة البندقية )هزيمتنا الحربية في سوح القتال فقط بل كانت بداية لسلسلة من الهزائم المتوالية ابتدأت بتسلط الدكتاتوريات التي قادها جنرالات الهزائم العائدون من حروب التحرير خائبين وقراصنة الشعارات الذين هزمتهم خنادق العدو،فعادوا متفرعنين على شعوبهم المقهورة في ثنائية غريبة مابين غابات السجون التي زرعوها وسط صحراء مترامية والتخلف بكل مستوياته على خزائن النفط المطمورة .
خسرنا الحرب ولم ننتبه لخديعة الانتشاء بامتلاك البنادق المزيفة التي ادخلتنا في زمن المزايدات والشعارات ومحنة السجون الرهيبة ،وكذلك لم ننتبه الى سرطان التخلف الذي امتد من العائلة الى مختبرا ت الجامعة الخاوية .
بعد عقود من السنين من اغنية ام كلثوم اصبح بامكاني ان اتغنى على طريقة ام كلثوم بتغيير بسيط في كلماتها (اصبح عندي الان لابتوبا) وهو جهاز صغير يجعل العالم كله بين يدي..يضعني في لحظة امام فرجة مجانية لمنتجات الحداثة الكونية واخر انباء العالم المحتدم بالصراعات والوقائع والمبتكرات بضغطة زر رقيقة بديلة لضغطة الزناد المرتجفة للبندقية الصدئة واصبح بامكاني من خلال هذا الجهاز الصغير ان اعبر عن افكاري وتواصلي مع بني البشر ولكن هذه المرة بالافكار وحوار الكلمات وليس بخدعة البنادق وصليل سيوف التاريخ واوهامه .
من المفارقة بالامر ان انتشائي باللابتوب وحيازته كان قد سبقني اليهاالطفل الياباني منذ عقود عندما كانت اجيالنا تتسمر على المذياع بانتظار اطلالة ام كلثوم لتزف لهم بشرى البنادق وتنثر عليهم عطور النوم وخدره اللذيذ في مساءات الحروب واستلاب الارادةوتسلط جنرالات الهزيمة ،لااعتقد ان استبدالنا بندقية الهزائم بلابتوب الحضارة الجديدة سيردم الهوة بين زمنين وحضارتين بهذه السرعة الممكنة .
ولااعتقد ان المسافة بين البندقية الكلثومية واللابتوب الحضاري اصبحت ضيقة للدرجة التي تعافينا فيها تماما من زمن الخديعة والاوهام والاكاذيب .
ولكني اتساءل فقط في هذه المسافة الفاصلة بين البندقية واللابتوب ،من يستحق ان يرث الارض ويكون خليفتها بجدارة .. صانع البنادق الصدئة وأوهامها أم صانع اللابتوب ومباهجه ؟
.من يستحق الجنة وخلافة الارض حقا ...ذلك الذي يصرخ باسم الله في بيوته ويسرق وقت العمل وقضاء حاجات الخلق بصلواته الكثيرة وادعيته الطويلة في الوقت الذي لايتورع ان يصادر عقول الناس ويوغل بتسطيحها وينبش روائح التخلف والظلامية من قبورها لعيون سلطته الدينية او الدنيوية ومصالحه الانانية ،ام ذلك الذي يقضي نهاراته في مختبرات العلم ومواقع الاكتشاف لينير ظلمات الارض ويكشف اسرارها المخبوئة ويضعها في خدمة بني البشرية ويصنع من الطبيعة وكنوزها مصادر للسعاة الانسانية دون أن يتكلم نيابة عن الله اوغيره وانما بجدارة منسوب حضارته التي بلغها بالجد والبحث والاجتهاد والمكابدة والاخلاص .
من يستحق وراثة الارض وخلافتها هذا ام ذاك ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجنّة لليابان
رياض الحبيّب ( 2009 / 2 / 28 - 21:06 )
لقد أثارت مقالتك شجوني وأنا أتذكر السنين العجاف التي انشغل الشعب العربي الرازح تحت نير الإحتلالات العثمانية- باسم الإسلام كالعادة لأنه قائم على اغتصاب حقوق الشعوب بتشريع إلهه خير الماكرين ونبيّه خير الغدّارين- بأغاني الحزن والعذاب وخصوصاً الأبوذيّة المعروفة عند العراقيين (أي أبو أذيّة) لكيلا يفكر الشعب المغلوب على أمره بالثورة على المحتلين الجدد فينشغل بالأغاني والأفلام الرخيصة. ومن جهة أخرى تذكرتُ الفتى الياباني الصغير الذي كان يعرض جهاز حاسوبه للبيع وقد صنعه بيديه! فأين منّا نحن المتغنين بالأبوذية والمقامات من استطاع أن يصنع إبرة معدنية للخياطة؟ علماً أنّ اليابان يوماً تسلمت من إحدى دول المقدّمة إبرة دقيقة جدّاً للدلالة على دقة الأجهزة التي توصلت إليها تكنولوجيا تلك الدولة. فما كان على اليابانيّين إلاّ أن يردّوا الإبرة المذكورة إلى بلدها الأمّ وهي مثقوبة طولياً! ر ح


2 - جنتهم هي الواقع، بينما جنة المتدينين هي الحلم
وائل الياس ( 2009 / 3 / 1 - 04:59 )
صدقت يا رجل، و صدقني أنني اليوم كنت أخبر صديق لي، أنني بفضل اللابتوب و الانترنت ، أصبحت أرى العالم كله من مكتبي، هذه هي الجنة، و أبشر المسلمين أن الجنة السماوية ملكهم وحدهم فقط، لأن العالم الحر قد بنى جنته على هذه الأرض منذ زمن بعيد، و أول مفاتيحها هو الانترنت و القادم أجمل.

تحياتي لشخصكم الكريم


3 - أمة إقرأ كلها امية !!!!!!!
جميل ( 2009 / 3 / 1 - 15:14 )
فرسول الاسلام زرع فيهم حب الأمية حتى لو عرفوا القراءة والكتابة
ربنا يشفيهم من هذا المرض الخطير


4 - أنا وأنت !
المنسي القانع ( 2009 / 3 / 1 - 18:18 )
عزيزي توفيق --- مساء الخير
أن وأنت نستحق جنة الدنيا الجميلة ---- فبضغطة زر بسيطة --- نسري ونعرج
ونفرح ونتعلم ونتثقف ونستفيد --- أوَ ليس هذا هو الإعجاز --- !!!.
تحياتي

اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah