الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكرة الله في التاريخ الاسلامي كانعكاس للواقع الاجتماعي

صفاء بطاينة

2009 / 3 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" الدين هو انعكاس خيالي في رؤوس الناس لتلك القوى الخارجية التي تتحكم بوجودهم اليومي, هو انعكاس تاخذ فيه القوى الارضية شكل قوى غير ارضية" كما يقول انجلز. ان افكار الانسان هي انعكاس لواقعه المادي, فالوعي هو نتاج الواقع. فكرة الله هي ايضا انعكاس للواقع الطبيعي والاجتماعي في اذهان الناس. لقد صاغ الناس فكرة الله على صورة الحاكم, والعلاقة بين الله والناس كالعلاقة بين الحكام والمحكومين. ولانه انعكاس لواقع موضوعي فقد كان كذلك في ايديولوجيات الفئات المؤيدة لنظام الحكم كما في ايديولوجيات الفئات المناهضة للحكم, فقد صاغت تلك الفئات صورة العلاقة بين الله والناس كما تريد ان تكون هذه العلاقة بين الحاكم والمحكوم انطلاقا من واقعها. في الفكر الاسلامي كذلك كان الخلاف حول طبيعة الله خلافا حول طبيعة الحاكم وطبيعة سلطته.

في العصر الاموي كان اتجاه الفئات الحاكمة الى تجسيد الله واضفاء صورة مادية عليه كمحاولة من جانب الفكر الجبري لتأكيد سلطة الحاكم كحاكم مطلق. لا يستطيع العقل البشري ان يفهم احكامه. ويروي الاشعري في "مقالات الاسلاميين" ان هشام بن الحكم قال: " ان الله جسم محدود, عريض, عميق, طويل, طوله مثل عرضه وعرضه مثل عمقه...ذو لون وطعم ورائحة ومجسة...". ويروى عن الجواربي انه قال عن الله " هو اجوف من أعلاه الى صدره, مصمت, سوى ذلك. وان له وفرة سوداء وشعرا قططا". ومن كان يعارض النظرة التجسيدية كان ينكل به فعندما قال الجعد ابن درهم ان كلام الله لا يشبه كلام الناس ارسل الخليفة الاموي هشام بن عبد الملك الى خالد القسري, واليه في العراق, يأمره بقتل الجعد.*

منذ عهد المأمون العباسي كان الاعتزال هو المذهب الرسمي للحكم. ويقوم المذهب المعتزلي على مبدأ التنزيه المطلق للذات الالهية. وهذا يتضمن وحدانية الحقيقة, وهي الحقيقة الدينية, أي الشريعة ذات المصدر الالهي الاوحد. وهذا هو الاساس لايديولوجية الطبقة الحاكمة في دولة الخلافة الاسلامية. ودولة الخلافة تضع نفسها كممثل شرعي ووحيد للنظام الاجتماعي الذي تحدده الشريعة الالهية.**
اذن فالنظام الاجتماعي الذي تؤيده الشريعة هو نفسه نظام الخلافة. والشريعة مقدسة لانها الهية اذن فنظام حكم الخلافة مقدس.. وهذا يعني ان للطبقة الحاكمة حق السيطرة المطلقة والاعتراض عليها اعتراض على حكم الله. لقد وطد العباسيون الحكم الثيوقراطي المطلق وكان الحكم العباسي في مرحلته الاولى الحكم الاقوى من بين جميع العصور الاسلامية وفيه بلغت الدولة اوج ازدهارها والخلافة اوج قوتها.

في عصور ضعف الدولة العربية الاسلامية وبالتحديد ابتداء من عصر المتوكل العباسي بدات مركزية الحكم تتفكك. فتعددت الوسائط الحاكمة بين مركز الخلافة والمجتمع بقدر تعدد حكام الاقاليم فانقسمت السلطة وتعددت وتصارعت فئاتها وظهرت مظاهر الخلل في البنية الاجتماعية للنظام الاجتماعي. انعكس هذا الواقع في الفكر, حيث انتشر الفكر الاشراقي الذي يمثل التحول من روية العلاقة المباشرة مع الله الى العلاقات المتعددة الوسائط بين السماء والارض. فنور الانوار (الله) يفيض على العقل الاول الذي يبدع النفس الكلية ثم على الافلاك السماوية التي اذا تحركت بتدبير النفس انتجت الطبائع البسيطة ثم تحركت فتركبت المركبات واتصلت النفوس الجزئية بالابدان. فالنور الالهي ينتقل عبر سلسلة من الوسائط حتى يصل العالم المادي الذي هو ادنى درجات هذا النظام.

---------------------------------
* يمكن الرجوع الى كتاب العالم مادة وحركة , لغالب هلسا
** النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية, حسين مروة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah