الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور علي الوردي وحليب السباع

علي السعيد

2009 / 3 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الاستاذ الدكتور علي الوردي عالم الاجتماع والمؤرخ العراقي(1913-1996) صاحب التوجه العلماني الجريء , والذي تعرض للقتل من قبل المتشددين والاميين , والذي يشكل الان لدى الكثيرين , خوفا وألما,من سعي قوى الظلام من تحريف اراءه وافكاره وكتبه . حيث اعيدت طبع ونشر كتبه نفس قوى الظلام التي ارادت قتله . وجدت عند باعة الرصيف وبعض المكتبات (المرموقة) نسخ من مؤلفاته طبعت ونشرت من مكاتب ودور نشر ايرانية ومن قم بالذات !.كما نخشى ايضا على الكثير من نتاجات عقولنا العلمية والادبية وفي طليعتهم مؤلفات الراحل عبد الرزاق الحسني وغيرهم من رواد الفكر والثقافة والادب والتاريخ والذين تركوا ارثا علميا شامخا .جاهد الوردي بتحليل علمي لطبيعة المجتمع العراقي الحديث .مارا بعهود قديمة مؤثرة في سيكولوجية الانسان العراقي درس عهد العباسيين والمماليك والعثمانيين.تميز صفة كتاباته وابحاثه بالانثرولوجية, بحث في واقع المجتمع البغدادي خاصة والمجتمع العراقي عامة,واغنى في بحوثه المكتبة العربية بوجه العموم .درس وشخص الكثير من عاداته وتقاليده ذات الاصول العباسية ودخل في تشخيص وتفكيك الكثير من العلل والامراض المعاصرة ,في دراسة علمية حديثة كانت ولازالت تتأطر بالحداثة والتنوير .وقد جعلتني الايام أعيد قرائته بين فترة واخرى لحاجة ذاتية الى ذلك . تمتاز كتبه ومؤلفاته بسلاسة الاسلوب وبساطته وتواضعه .واخترت احد الابواب التي درسها وتطرق اليها وهو باب الخمر والخمارين مما جعلني انقل حرفيا وبدون تصرف جزءا منها ومن كتابه((دراسة في طبيعة المجتمع العراقي)) من منشورات المكتبة الوطنية - بغداد .يقول الاستاذ((يندر استعمال الخمر في الريف,وهو يكاد يكون غير موجود في البادية. اما في المدن فهو منتشر الى درجة كبيرة.والعامة من أهل المدن يطلقون عليه لقب(حليب السباع)والكثير منهم يفاخرون بشربه ويعدونه من مظاهر الرجولة فيهم .مما يلفت النظر أن الافيون والحشيش أو غيرها من المخدرات لم ينتشر استعمالها في العراق على نطاق واسع. ولايزال الخمر هو المشروب المحبب الى قلوب أهل المدن العراقية.ان الافيون منتشر انتشارا واسعا في ايران .وقد بدأ ينتقل الى العراق منذ عهد بعيد ,عن طريق الايرانيين الذين يأتون الى العراق للزيارة او السكن.ولكن العراقيين لم يألفوه ولم يميلوا الى تعاطيه الا في نطاق محدود .الشائع بين العراقيين أن الافيون يقلل من(الغيرة)ويضعف الرجولة.والظاهر أن هذا كان من أهم الاسباب في قلة ميلهم اليه.فهم يريدون شيئا يقوي من رجولتهم لا يضعفها. ولعلهم قد وجدوا في الخمر مطلوبهم.ولهذا نراهم يستأسدون عند شرب الخمر,وكثيرا ماتظهر عليهم امارات العربدة والميل الى المشاكسة والعراك.والمعروف عن بعض الافراد أنهم يتظاهرون بالعربدة ,دون أن يشربوا المقدار الكافي من الخمر, ولعلهم يقصدون منذلك اظهار قوتهم وشجاعتهم . من طبيعة السكر أنه يكشف عن دخائل النفس البشرية ,وما فيها من قيم أو عقد مكبوته ...الظاهر أن أهل المدن العراقية يجدون عند شرب الخمر مجالا ينفسون به عما يعانون من كبت في حياتهم الاجتماعية.فهم قد اعتادوا في طفولتهم على قيم(التغالب)ثم وجدوا في كبرهم أنهم غير قادرين على تحقيق تلك القيم احيانا,فيكبتونها في أعماق نفوسهم.وهم اذن ينتهزون فرصة الشراب لكي يعوضوا بها عما فقدوا في حياتهم الواقعية. مما يجدر ذكره في هذا الصدد أن البدو كانوا في أيام الجاهلية يتعاطون الخمرة,ويفاخرون بها. فكانو يرون ان الخمر لا يجدر به الا الشجاع المقدام,اما الرعديد الجبان فليس خليقا أن يشرب غير المرق.وقد شرب المسلمون الخمر في صباح يوم بدر ليزيدهم جرأة وشجاعة في قتال المشركين -احمد محمد الحوفي -الحياة العربية من الشعر الجاهلي .هناك قرائن تدل على ان البدو كانوا عند شرب الخمر يميلون الى العربدة الشديدة. ولعل ذلك كان من أهم الاسباب التي جعلت الاسلام يحرم الخمر على أتباعه.ومما يلفت النظر أن البدو استطاعوا,بعد دخولهم الاسلام ان يتركوا شرب الخمر . وهذا بخلاف مافعله أهل المدن,فهم قد استمروا يتعاطون الخمر.على الرغم من تحريم الاسلام له.فما هو السبب في ذلك ؟ يغلب على ظني أن شرب الخمر كان من العادات الطارئة على البداوة , وربما جاء الى البدو في الجاهلية من جراء احتكاكهم بالمدن,كمثل ماجاءت اليهم عبادة الاوثان وغيرها من العادات الحضرية.ان البدو لايحتاجون الى الخمر من اجل التنفيس عن رغباتهم المكبوته كما يحتاج اهل المدينة.فمن النادر ان يعيش في البادية أفراد جبناء أو أذلاء يتخذون من السكر مجالا لكي يظهروا فيه بمظهر الشجعان الاغراء على نمط ما رأيناه في أهل المدن .)) - انتهى الاقتباس . مما يجدر ذكره هنا انه طرق سمعي من احد الاصدقاء ان للراحل وصية في نشر بعض مؤلفاته بعد وفاته . وان تلك المؤلفات لازالت دون نشر لدى عائلته الكريمة .نتمنى من عائلته افادة المكتبة العراقية والعربية من مؤلفاته . واعتقد هذا الجانب قريب من الواقع , لان كيف تمر فترة حكم جائر ومستبد وحروب وقلاقل وحصار والدكتور الوردي يبقى بعيدا عن كل ذلك دون أن يتناوله بالتحليل والدراسة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علي الوردي ووعاظ السلاطين
عدنان عباس سكراني ( 2009 / 3 / 9 - 23:09 )
شكرا على هذا الموضوع الذي اعطى جانبا مشرقا للموسوعي العراقي الكبير الاستاذ علي الوردي ومن كتبه التي اشر بها بدقه حول اسليب النظام الدكتاتوري في العراق لتجنيد رجال الدين والاعلاميين المزيفين من اجل مصلحته هو كتاب وعاظ السلاطين

اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ