الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام و الحداثة

محمد عبد الفتاح السرورى

2009 / 3 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(اتجاه فكري أشد خطورة من اللبرالية والعلمانية والماركسية ، وكل ما عرفته البشرية من مذاهب واتجاهات هدامة ، ذلك أنها تضمن كل هذه المذاهب الفكرية ، وهي لا تخص مجالات الإبداع الفني ، والنقد الأدبي ، ولكنها تخص الحياة الإنسانية في كل مجالاتها المادية والفكرية على حد سواء )
السطور السابقة هى جوهر ولب المأسه التى تتضح من خلالها ملامح الحالة العامة التى تعيشها العقلية العربية والاسلامية فما ان تشرع فى البحث عن معنى او مرادف لمصطلح الحداثة الا و تجد امامك هذا الكم الهائل من التعريفات التى تأخذك بعيدا عن واقع الحياة و مجريات الاحداث
يمكن لأى انسان ان يدخل على شبكة الانترنت و يحاول البحث عن مفهوم الحداثة و ان فعل ذلك فلن يجد امامه الا هذة النوعية من التعريفات التى تغيب العقل و تلغى الواقع وتستبيح المستقبل لصالح التيار السلفى الغنى عن الوصف والهدف ان العالم الان يسبح فى بحر من الحداثة و المفارقة ان جميع منجزات هذه الحداثة يرتع فى خيراتها هؤلاء الذين يرمونها بأبشع النعوت وليس هذا فحسب بل ان اصحاب الفكر الغير حداثى يستخدمون كل منجزات الفكر الحداثى ليس فقط الوسائل التكنولوجية الحديثة ولكن ايضا فى اساسيات ومنطلقات الاقناع فى الحوار واعنى بذلك ان جوهر الحوار الدينى هو التلقى من مستوى اعلى (رسول- عالم – فقيه) الى مستوى ادنى اما جوهر الحوار الانسانى هو المناقشة يتساوى فيها الجميع فى خطوط متوازية حتى وان كانوا يمثلون مستويات مختلفة من الطبقات الثقافية حيث لا يستطيع احد من هؤلاء المتحاوريين ان يدعى انه الاكثر وعيا وفهما والا اعتبره الاخرين تجاوزا فى حقهم و المفارقة التى اعنيها هنا ان استخدام اساليب القناع من برهنة عقلية وخلافة هو بالفعل ما يستخدمة اصحاب التيار الضد حداثى على الرغم انه يخالف فى جوهرة متن وارضية فكرهم القائم على التلقى والتأمين (امين) دون اعمال للعقل فى المسموع
ان الدافع من كتابة مقالى هذا هو اننى كثيرا ما اطلع على موضوعات قد لا يكون لها علاقة مباشرة بالدين وكثيرا ما يلفت نظرى هو حاله التحول الحوارى التى يصاب بها المتحاورون عندما يشرعون فى ربط كلامهم بالدين على الرغم من ان الموضوع المطروح قد لا يكون له اى علاقة بالدين والكارثة الحق هى هذه الحالة العجيبة من النفور من كل شكل من اشكال التحديث فى اى مجال من المجالات ولقد اثار انتباهى المقولة التى قال بها الدكتور فتحى سرور فى الحوار الذى اجراه فى صحيفة الاهرام حين قال ان هناك قوى فى المجتمع تقاوم التحديث اللافت للانتباه هنا ان الذى قال هذه المقوله ليس محسوبا على المعارضة بمعنى انه لو كان قائل هذه العبارة من التيار المعارض لتم فهم الامر ولكنه غير ذلك وهذا معناه ان التيار (الثباتى) متغلغل فى صميم حياتنا والذى يعضد هذا التيار ليست السلطات الحاكمة حفاظا على مكانتها ولكن الذى يدعم هذا التيار هو الثقافة العامة للمجتمع ككل
الفكر الاسلامى الذى يتسيد الساحة الان هو فكر سلفى يقدس العودة لما كان علية الاقدمون وهذا معناه انه ضمنيا يرفض فكرة الحداثة شكلا وموضوعا لان فى ذلك هدما لمشروعة المطروح
ولنستعرض سويا ما يقوله اصحاب الفكر السلفى و رأيهم فى الحداثة كمفهوم (فالحداثة إذن من منظور إسلامي عند كثير من الدعاة تتنافى مع ديننا وأخلاقنا الإسلامية ، وهي معول هدم جاءت لتقضي على كل ما هو إسلامي دينا ولغة وأدبا وتراثا ، وتروج لأفكار ومذاهب هدامة ، بل هي أخطر تلك المذاهب الفكرية ، وأشدها فتكا بقيم المجتمع العربي الإسلامية ومحاولة القضاء عليه والتخلص منه ، وإحلال مجتمع فكري عربي محله يعكس ما في هذه المجتمعات الغربية من حقد وحنق على العالم الإسلامي ، ويروجون بكل اهتمام وجديه من خلال دعاتها ممن يدعون العروبة لهذه المعتقدات والقيم الخبيثة بغرض قتل روح الإسلام ولغته وتراثه .)
ومن ارائهم ايضا (يذكر د . محمد خضر عريف في معرض حديثه عن الحداثة وتعليقه على بعض الدراسات التي صدرت حولها من غير مفكريها وروادها في الوطن العربي في كتابه الحداثة مناقشة هادئة لقضية ساخنة قائلا : " إننا بصدد فكر هدام يتهدد أمتنا وتراثنا وعقيدتنا وعلمنا وعلومنا وقيمنا ، وكل شيء في حاضرنا وماضينا ومستقبلنا ")
هذا غيض من فيض ومجرد استعراض بسيط لنوعية الكتابات المكتوبة عن الحداثة ويتضح فيها اضمار هذا الكم الهائل من الكراهيه للحداثة واهلها واعمال كل معاول الهدم لكل محاولات تجاوز الواقع لما هو افضل باستخدام اساليب هى فى حد ذاتها خلاصة تجارب بشرية و منتجات فكرية لعقليات سمح لها المناخ العام فى بلادها بأرتياد افاق اوسع مما سمح لنا ( هذا على افتراض انه قد سمح لنا بأى شىء)واذا بنا نحول القضية برمتها الى قضية دينية بدلا من ان نتعامل معها على انها اشكالية حضارية تخضع للمعايير الانسانية العامة من حيث النتائج والاهداف دون ان ندخلها فى غير سياقها الطبيعى وهذا ما كنت اقصده عندما تحدثت عن هذه الحاله من حالات التحول الحوارى الذى يصيب البعض
ان قضية الحداثة قضية انسانية عامه وهى متشعبة فى كل المجالات فى الفن و الادب و السياسة والفكر هى اسلوب و نهج وليست غاية فى حد ذاتها كما انها لا تمثل دينا بشريا مستقلا بل قد تأتى نصرة الاديان من خلال منهجها اذا برع المدافعين عن الاديان فى استخدام طرائقها
الحداثة مثل العولمة لا احد يستطيع ان يتجاهلها الا بتجاهل الحياة نفسها لا اقول انها مفروضة على الجميع ولكن الكل شاؤا ام ابوا يندرجون تحت لوائها فهى الواقع ذاته هل يستطيع احد ان يتجاهل الواقع ويحيا فى عالم موازى من صنعه الخاص –المؤسف ان الاجابة نعم والدليل القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية والكتيبات والاشرطة التى خلقت عالم اخر غير الذى نحيا فبأى عقلية يمكن ان يفهم هؤلاء الكثر ان ما يحيون ليس الواقع وبأى طريقة يمكن اقناعهم ان يدخلوا فى عالم اليوم كما دخله السلف الصالح فى زمانهم –ياله من سؤال ؟

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ