الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مصادقة الرئيس الفلسطيني على -السيداو-

ريما كتانة نزال

2009 / 3 / 15
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


بمناسبة يوم المرأة العالمي، صادق الرئيس محمود عباس على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة"السيداو"، بعد أن كانت السلطة الوطنية الفسطينية قد أعلنت عن انضمامها والتزامها بالاتفاقيات والقوانين الدولية منذ تأسيسها عام 1994.
لقد أُعلنت اتفاقية "السيداو" التي احتوت على ثلاثين مادة في عام 1979؛ وبوشر في تنفيذها عام 1981. وعلى مدار سبعة وعشرين عاما؛ تكون جميع الدول العربية قد صادقت على الاتفاقية، باستثناء قطر والسودان والصومال. لقد وقعت خمس دول عربية في مرحلة الثمانينات من القرن الماضي كانت مصر في مقدمتها، وفي التسعينات صادقت عليها سبع دول عربية أخرى، ومن ثم قامت ست دول عربية بالمصادقة وذلك في الأعوام التي تلت عام 2000؛ كان من بينها سوريا والسعودية.
ومما يجدر ذكره بأن مصادقة الدول العربية لم تخل من ابداء التحفظ على عدد من المواد، الأمر الذي يفقد الاتفاقية من بعض مضامينها أحيانا، ويعبر التحفظ في الحالة العربية عن ان مبدأ المساواة ما بين المرأة والرجل لا زال غير محسوم، وبأن إرادة الدولة المتحفظة لا زالت مترددة ازاء الغاء التمييز الممارس ضد المرأة. ومن هنا تأتي أهمية تصديق الرئيس الفلسطيني دون ابداء اي تحفظ على الاتفاقية انسجاما مع النظام الاساسي الفلسطيني من جانب، ومن جوانب آخرى فهو يعبَر عن عدم وجود تحفظ لدى السلطة على مبدأ المساواة، وبأن ارادتها تتجه الى ارساء قاعدة قانونية لتحقيق المساواة بين المواطنين. كما أن السلطة ومن خلال مصادقتها على الاتفاقية، تقوم بتطوير مكتسبات المرأة اعترافا بنضالها ودورها. وهو تعبير هام عن عدم خضوع السلطة لابتزازات مباشرة او غير مباشرة للتيار الأصولي والثقافة التقليدية المغلقة. ومن جهة أخرى، فان قيمتها الخاصة للمرأة الفلسطينية تكمن في أنها تشكل حصانة لمكتسباتها من الارتداد للوراء في ظل الوضع الفلسطيني السياسي المتحرك. وبالمحصلة فان السلطة الوطنية الفلسطينية في خطوتها تسلَح الحركة النسائية بأداة جديدة توظفها في نضالها الرامي لالغاء كافة مظاهر التمييز بحقها.
إن السلطة ومن خلال مصادقتها على الاتفاقية تعبرعن نظرة حاسمة ومتوازنة اتجاه التعامل مع الشرعية الدولية، وبأنها لا تمارس موقفا انتقائيا من تبني المعاهدات والقوانين الدولية، بل تنظر اليها نظرة متكاملة ومنسجمة، وتعتبرها كنتاج وحصيلة لخبرة وتجارب الانسانية ومعاناتها في مجال ارساء ما يكفل تحقيق العدالة واحترام حقوق الانسان.
لا شك بأن المصادقة ترتب خطوات عملية لا بد من القيام بها، ويقف بأولويتها؛ عملية ابلاغ الأمم المتحدة رسميا بانضمام فلسطين للاتفاقية، وتحضير كافة المراسيم الرئاسية المطلوبة على الصعيد المحلي. وعلى الرغم من كون دولة فلسطين عضوا مراقبا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الا انها يجري التعامل معها على نحو اعتباري خاص، حيث يترتب عليها في ضوء هذا الإلتزام العمل مبدئيا باتجاهين: اولاها يتمثل على الصعيد القانوني بمراجعة التشريعات السارية بهدف الوقوف على النصوص التمييزية تمهيدا لتجاوزها، وثانيهما يتمثل على الصعيد العملي بالسعي لضمان التطبيق الفعلي لمبدأ المساواة في جميع المجالات الحيوية، فالمصادقة ولكي لا تتحول الى اعلان اعلامي فحسب؛ مطلوب ان تستكمل بوضع السياسات الحكومية والاجراءات التي تقود وتؤدي الى تحقيق المساواة التامة، عبر ردم الفجوات بين النساء والرجال، وبما يلبي مراقبة الالتزام والايفاء بالسياسات والاجراءات الموضوعة. ومن زوايا أخرى لا بد من التعرض الى أنه وبعد ابلاغ الجهات الدولية المعنية بالمصادقة، فسيتعين على الدولة وبعد عام من بدء نفاذ الاتفاقية، الى تقديم تقارير الى اللجان المعنية عن التدابير المتخذة من قبلها لتطبيق الاتفاقية، وأن توضح في تقاريرها العوامل والصعاب التي تؤثر على مدى الوفاء بالالتزامات المقررة في الاتفاقية.
وأخيرا، يطرح التصديق على الاتفاقية أيضا المهام على الحركة النسائية الفلسطينية، للقيام برصد دائم لوضعية المرأة ومكانتها في المجتمع، ويطرح عليها تحديد مكامن التفاوت بين أوضاع المرأة والرجل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بهدف مطالبة السلطة تنفيذ السياسات والاجراءات والتعديلات القانونية المؤدية الى تجسير الفجوات القائمة، وستكون الحركة النسائية معنية بإعداد تقرير الظل الموازي للتقرير الرسمي، والذي يستعرض أوضاع المرأة والانتهاكات التي تتعرض لها، حيث سيكون أحد آليات المراقبة وأدوات القياس للجنة مركز المرأة في الأمم المتحدة، وهي أحد اللجان المخولة بمتابعة أداء الدول في تطبيق الاتفاقية وتقييمه.
ان الفلسفة التي تقف خلف اقرار اتفاقية الغاء اشكال التمييز ضد المرأة من قبل المجتمع الدولي، تقوم على أساس أن عملية التغيير ينبغي أن تبدأ من الأعلى الى الأسفل في النظام الدولاني؛ وذلك دون انتظار التطور البطيء والتلقائي في المجتمع، وبمعنى آخر بأن على الدولة أن تقوم بوضع التشريعات والاجراءات والسياسات الضامنة للمساواة، على اعتبار أن القانون أحد أدوات التغيير للوعي المجتمعي النمطي السائد، وأن يقوم المستوى الأعلى للهرم السياسي في الدولة بحماية ومراقبة القوانين المنصفة للمرأة المترافقة مع اجراءات جزائية. فهذا من شأنه أن يقود الى التغيير في البنى الاجتماعية والفكرية بوتيرة أسرع باتجاه الغاء الميز وتحقيق المساواة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا عن الانتهاكات في الحرب في السودان خصوصا بحق النساء؟


.. بسبب أصولها الإيرانية.. ملكة جمال ألمانيا تتلقى رسائل كراهية




.. تمرين تعزيز الحجاب الحاجز | صحتك بين يديك


.. إصابة طفلة بقصف الاحتلال التركي على منبج




.. لقاء صحفي يتناول موضوع المتاجرة بالنساء المغربيات إعلامياً