الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية -الشوكة-/ الحلم ملاذ المهمشين

مايا جاموس

2009 / 3 / 18
الادب والفن



تحكي المسرحية حكاية فنانة مسرحية ثانوية ومغمورة، امتلكت الكثير من الأحلام والطموحات تجاه المسرح لكنها لم تتمكن من تحقيقها بسبب تهميشها في المسرح، إذ لم تحصل إلا على أدوار ثانوية وصغيرة، لكنّ هذا لم يمنعها من تحقيق هذه الأحلام، إنما في الخيال لا في الواقع. ورغم تعرضها لحادث سير ألحق بها الأذى، إلا أنها تستمر في الحلم، وتستمر بتأدية أدوار وشخصيات مسرحية هامة في الخيال.
تلتقي هذه الممثلة المسرحية (اليزابيث- زينة ظروف) بشاب (لوسيان- سعد لوستان) يعمل نادلاً في فندق متواضع، يعشق المسرح منذ رأى أول عرض مسرحي جوال قدمته فرقة في بلدته، تكذب عليه وتخبره أنها ممثلة معروفة وأدوارها هامة جداً في المسرح وإنها تترفع على تمثيل أدوار تُعرض عليها من قبل أهم الجهات، كما تخبره أن مستواها المادي جيد وإنها لم تأت إلى هذا الفندق المتواضع إلا رغبة منها في التمرن على دور فتاة فقيرة ستلعبه قريباً. ويصبح هذا الشاب أمل الممثلة في الحياة، ودافعها للعيش وتقديم المسرح، تعتني بثقافته المسرحية عبر حواراتها معه، وتقديم الكتب المسرحية إليه، وتقرر أن تقدم له – وهو جمهورها الوحيد- عرضاً مسرحياً بمشاركة حبيبها الممثل أيضاً (إيفان- محمد مصطفى)، الذي لا يتوقف عن التذمر منها بسبب كذبها وأوهامها، فلا يتمكن من التمثيل معها، ليتابعه عامل الفندق بمهارة وتنتهي المسرحية وهو يقول لإليزابيث إنها ستنجح. ونكتشف أن المسرح يسكن اليزابيث ويتغلغل في روحها، وأنها حقاً ممثلة موهوبة لكنها لم تحظَ بالفرصة المناسبة. ولنعرف أيضاً أن المسرح كالحياة يمكن لأي شخص أن يحيا فيه إن كان محباً له، ووجد من يسانده ويدعمه.

إذاً تجد هذه الممثلة المغمورة في العامل الشاب من يحتضنها ويوفر لها الفرصة لتقديم دور مسرحي رئيسي، من هنا قد نجد أن الحكاية مطروحة ومكرورة مرات عديدة في الفن، لكنّ القضية ليست محصورة بدور في المسرح فحسب، بل تتجاوزه لتعمَّم على الحياة، ليقول العرض إن الإنسان حين لا يتمكن من تجاوز مراكز القوة التي تحجب عنه فرصه التي يستحقها في الحياة، فإنه يضطر إلى الكذب، وإلى الحلم. ورغم أن المسرحية لا تطرح الأسباب التي يمكن أن تودي بالإنسان إلى وضع مهمّش ومهمل كالذي عاشته هذه الممثلة، ليبدو الأمر وكأنها استساغت الكذب وعدم السعي لتحقيق ما هو أفضل، إلا أن السبب ليس ذاتياً يتعلق بمستوى الطموح والمهارة، بل هو وكما ذكرت مسألة مجتمع وعلاقات وقوى مسيطرة.
تقدم المسرحية في داخلها مسرحية أخرى هي العرض الذي تقدمه اليزابيث وإيفان للوسيان، وخلاله تعرض شكلَ فرجة أو تلق مباشر قائم على العلاقة الحية بين الممثلين والمتلقين، وذلك حين يبدأ لوسيان بالاستفسار عن العديد من التفاصيل في المسرحية، فنجد اليزابيث تتعامل معه باستيعاب عال، تحاول تعليمه كيف يتلقى، في حين أن إيفان يضيق صبره بسرعة، كأنما هي دلالة على صدق اليزابيث في مشاعرها تجاه المسرح ووفائها له، على عكس إيفان الذي يحتج على تقديمه مسرحية ويسميها تهريجاً لصغير مثل لوسيان، وأساساً فإن إيفان الذي يرضى بالقليل جداً من الأدوار في المسرح، ويعتبر أحلام اليزابيث تافهة ومهزلة، يبدو مستسلماً، غير صادق مع نفسه تجاه المسرح.
هذا النص للكاتبة الفرنسية فرانسواز ساغان، يذكّر بحياتها وما تعرضت له، من حادث سيارة كاد يفقدها حياتها، كما يحمل الكثير من الحالة التي عاشتها في الفترة الأخيرة من أيامها، وحيدة، لا اهتمام بها، تعاني من صعوبات اقتصادية. لكنه كما باقي الأعمال الأدبية لساغان فإنه يتميز بقدرته على التعبير عن شرائح واسعة من الناس، عن طموحاتها وانكساراتها وهمومها وأحلامها، ورغباتها في حياة أفضل مما تعيشه.
حافظ المخرج على أسلوب ساغان وروحها في البساطة والوضوح، إلى حد تقديم المسرحية بأكثر الحلول الإخراجية مباشرةً وبساطة، ليظهر العرض كدراما واقعية مباشرة إيهامية بكل عناصرها المسرحية، وعلى الأخص الديكور الذي كان الهدف منه إيهامياً، لم يُستفد إلا من القليل مما وضع على الخشبة، إذ رغم أناقة هذا الديكور لكنه كان زائداً عن حاجة الإيحاء والإيهام. بل ربما لم يتمكن ذلك الديكور أن يدلّ بأن المكان هو فندق متواضع بل أوحى بالعكس من ذلك، لنتعرف على المكان من خلال الحوار.
أداء الممثلين أيضاً تميز بواقعيته وانفعاليته وحرصه على إظهار المشاعر المتنوعة في المسرحية، فنجد زينة ظروف تتمكن من تقديم نموذج لشخصية مدمرة تكسب التعاطف رغم كذبها وأوهامها، أما محمد مصطفى فإنه يقدم شخصية سلبية غير متفهمة، تُقدم على علاقة حب مزدوجة، بل تظهر وكأنها تريد تدمير أحلام اليزابيث وتجري خلف كذباتها لكشفها، الجانب الإيجابي فيها هو التزامها الأخلاقي بتأمين حاجات اليزابيث المادية. شخصيته دائمة التذمر ورغم منطقية احتجاجه على سلوك اليزابيث فإنه بأدائه يتمكن من توجيه المتلقي للنفور من هذه الشخصية ووضعها في موضع معارضة الأحلام والطموحات. سعد لوستان الذي يؤدي دور عامل الفندق، يقدم نموذجاً للخادم الذي يعمل بالأوامر، ولشخصية بسيطة جاهلة نسبياً، لكن تمتلك الأحلام والأخلاق النبيلة لتتمكن من تقديم الدعم للممثلة المسرحية، والتفاعل مع المسرح ولأجله.
- المسرحية من إخراج منصور السلطي، تمثيل زينة ظروف، سعد لوستان ومحمد مصطفى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة