الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر التفسير الحرفي للقرآن

أشرف عبد القادر

2009 / 3 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نفرق دائماً بين الدين والفكر الديني، الدين ثابت،والفكر متغير ومتحرك بتغير الزمان والمكان، الإمام الشافعي غير فقهه عندما إنتقل من العراق إلي مصر،فالزمان والمكان هامان لفهم الآيات القرآنيه،فتاريخية النص هامة جداً لفهمه،ولقد أخطا الفقهاء خطأ فادحاً عندما أطلقوا عبارة"العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"،والعكس هو الصحيح، فالعبرة بخصوص اللفظ والحادثة لا بعموم اللفظ، فعدم معرفتنا بأسباب نزول الأيات ومكانها يربك تفكيرنا،فهناك أحداث خاصة نزلت فيها نصوص خاصة لإناس معينيين لا يمكن تعميمها على جميع المسلمين.
المتأسلمون هم خوارج هذا العصر، وهم الذين مازالوا يتمسكون بالتفسير الحرفي للقرآن،فهم يقفون أمام النصوص صماً وعميانا،فمن المعروف أن الخوارج كانوا أول من أخذ بالتفسير الحرفي للقرآن،فمثلاً عندما عرضت عليهم الآية التي تقول على لسان نوح عليه السلام: « وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً،إنك إن تذرهم يضلون عبادك ولا يلدون إلا فاجراً كفارا" فأفتوا بقتل الرجال ... والنساء ... بل وحتى الأطفال حتى لا يشبوا كافرين ويلدون كفاراً مثلهم،تماماً كما أفتي الشيخ يوسف القرضاوي بقتل الأجنة اليهود في بطون أمهاتهم.فالمتأسلمون يعذبون خصومهم والمختلفين معهم في الرأي بالفهم الخاطئ للآية"قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم وينصركم عليهم ويشفي صدور قوم مؤمنين".
وأحكي لكم رواية توضح مخاطر التفسير الحرفي للقرآن على المسلمين،وكيف أنها تخلط الأمور: يروي ابن حزم أن الصحابي الجليل عبد الله ابن خباب كان يمضي هو وزوجته في الطريق فاعترضته جماعة من الخوارج،فعلق المصحف في عنقه،فأمسك به الخوارج وقالوا:
إن الذي في عنقك يأمرنا بقتلك
فقال:كيف؟
فقالوا له:ما قولك في أبي بكر؟
فقال:خيراً.
وما قولك في عمر؟
فقال: خيراً.
ثم قالوا له:ما قولك في علي وقبوله التحكيم؟
قال: علي أعلم مني ومنكم بالقرآن.
فذبحوه.
ويمضي ابن حزم قائلاً: وكان إلى جوارهم ضيعة لأحد النصارى فقالوا لصاحبها: بعنا بعضاً من تمر؟
فقال :خذوه بلا ثمن.
قالوا:ديننا ينهانا عن ذلك.
فقال لهم: أتقتلون ابن خباب (المسلم) وتحافظون على تمري؟!.
وفي ذات الطريق سلك واصل ابن عطاء مؤسس الفكر الإعتزالي (المسلم) فسأله الخوارج هو وجماعته: من أنتم؟
فقال ابن عطاء: مشركون نستجير بكم.
فقال الخوارج: ابتعدوا.
فرد عليهم واصل: ألم تسمعوا بالآية الكريمة: « فإن أحداً من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله".
فأجلسوهم وأسمعوهم كلام الله،فأكمل لهم واصل الآية"ثم أبلغه مأمنه".
فأرسلوا معهم حراساً منهم حتى أبلغوهم مأمنهم.
نري في هذه الحادثة مخاطر التفسير الحرفي للقرآن،فالذي علق المصحف في عنقه قتلوه،والذي قال إنه مشرك حرسوه حتى بلغ مأمنه !!!!.
المتأسلمون،خوارج هذا العصر، يتبنون نفس المنهج :القراءة الحرفية والذبح على الهويه .حسن البنا عندما تعرض إلى أول خلاف داخل جماعته حيث(اختلف معه بعض الإخوان عندما قبل دعماً مالياً من شركة قناة السويس الإستعمارية) فأمر بضرب أعناق المخالفين،مستنداً إلى الحديث القائل: « من خرج عن الجماعة فاضربوا عنقه بحد السيف".
خوارج هذا العصر يريدون العودة بنا إلى عصور الجاهلية الأولى،فشكري مصطفى أمير تنظيم الجهاد في فترة الثمانينات في مصر يتشبث في كتابه "التوسمات" بالتفسير الحرفي للآية"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل" بقوله: « هذا خطاب موجه للمؤمنين في أول الزمان وفي آخر الزمان،والقوة كما جاء في الحديث هي الرمي،والخيل هي الخيل،فإذا جاء من يقول إن الخيل لا تصلح الآن نقول له عندما نقاتل سيكون قتالنا بالسيف والرمي والخيل" بالله عليكم أليس هذا الهراء جنوناً!!!.
والدليل على أنهم كاذبون وأنهم يقولون الشيء ويفعلون ضده، أن شكري مصطفى وجماعته عندما إغتالوا الشيخ الذهبي لم يقتلوه بالسيف ،كما يدعون، بل قتلوه بالمسدس وهو من وإختراع الغرب "الكافر".
ولماذا عندما يمرضون لا يتداوون بالحجامة وبول الإبل ،كما يزعمون أن في ذلك شفاء، ويهرعون إلى مشافي أوربا وأديوتهم الكافرة،مثلاً الشيخ القرضاوي يذهب إلى لندن لإجراء أبسط العمليات الجراحية،لكنه يحرم في الوقت نفسه تشريح الجثث لطلبة الجراحة المسلمين!.
آن الأوان لتسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، علينا أن نركن إلى العلم ونسمع ما يقوله، مجال الدين هو الروحانيات والعبادات والأخلاق الحميده،والتآخي ،والتضامن مع الفقراء والمستضعفين. هذا هو مجاله وليس له في سوق العلم ما يذوق كما يقول المثل.
علينا أن نعاصر عصرنا، لأننا -الآن- مصابون بإنفصام في الشخصية، فنحن نتمتع بآخر ما أنتجه العقل البشري "الغربي" من تكنولوجيا "ونكفرهم" لأنهم "أولاد القردة والخنازير"،ونعيش على فقه القرون الوسطى حيث فتاوى ابن تيميه وفقه الجهاد والإستشهاد، نعيش بأجسادنا في القرن الحادي والعشرين،وبأرواحنا في القرون الوسطي،فالعالم العربي والإسلامي مريض بإزدواج الشخصية، فإما أن نأخذ بالعلم وأسبابه ونواكب روح عصرنا، وإما أن نظل متسمرين في فقه القرون الوسطى ليحكمنا الأموات من وراء قبورهم، فالمسألة لم تعد تحتاج لمزيد من تضييع الوقت، فهي بالتعبير الشكسبيري "نكون أو لا نكون" فعلينا الإختيار،ولكن إذا ما إخترنا التمسك بفقه القرون الوسطي علينا أن نترك للغرب كل ما إخترعه من تكنولوجيا غير مسبوقة وكل ما هو جميل في حياتنا وكما قالت د. وفاء سلطان، سيتخلون عندئذ حتى عن سراويلهم!!!.
[email protected]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مخاطر القرآن
محمد ( 2009 / 3 / 17 - 21:20 )
كان المفروض أن تضع العنوان على الشكل التالي مخاطر القرآن
لانه لا يوجد تفسير حرفي أو غير حرفي
ثم يبدو انك عدت الى رشدك حيال كتابات الدكتورة وفاء سلطان
فانت تستشهد باقوالها الآن بعد ان تهجمت عليها في مقالات سابقة
ما اغرب امركم ايها المدافعون عن القران تنسون ماكتبتم في السابق


2 - الطرق المؤديّة إلى روما
رياض الحبيّب ( 2009 / 3 / 17 - 22:10 )
لقد بدأت بمقالتك على أساس أنّ الدين ثابت وتقصد به الدين الإسلامي الذي هو في نظري غير ثابت بل أسطوري ومُختَلَف عليه وقد بدأ بالزوال.

وأيّاً كان فهم الدين الصحيح منه أم الحرفيّ أم المنحرف
وايّا كانت نصوص الدين المُحرّف منها والمحسّن
المختفي منها والضائع
والمحترق والمنسيّ
والباقي منها وما أُسقِط
فهو قطعاً ليس من عند الله- حاشا
بل من صنع بشر غير رسول والأدلّة عندي كثيرة!

فأتمنى عليك أولاً إيجاد ادلّة عقلانيّة على أنّ القرآن كتاب سماوي، علماً أنّي طالبتُ الفقهاء جميعاً بدليل واحد ولا دليل حتى اللحظة وتالياً لا فقيه في الإسلام! رح


3 - الاصوب
سلوان الحكيم ( 2009 / 3 / 18 - 07:29 )
الاخ المعلق محمد احسنت والاصوب ان نسميها مخاطر الكتب المقدسه
الاخ المعلق رياض احسنت والاصوب كل طرق الاديان تؤدي الى نفس الخرافه فهل تملك حضرتك ادله عقلانيه على ان التوراة والانجيل كتب سماويه ومن عند الله
وشكرا للجميع


4 - مخاطر التفسير
محمد الخليفة ( 2009 / 3 / 18 - 09:00 )
تعليقاً على تعليق الأخ محمد (من خلال هذا المقال للاستاذ أشرف أتوقع أن الاستاذ أشرف ليس بعيدا لكي يعود إلى رشده فأول السيل قطرة كما يقال


5 - استاذنا
عيساوي ( 2009 / 3 / 18 - 10:55 )
لايهم...
الامام الشافعي غير فقهه: على أي فقه يسير تابعيه، الاول او الثاني بعد التغيير؟، انا اعتقد بانه في الاثنين كان يدعو الى محاربة الكفار والمشركين اولاد القردة والخنازير –اقصد اهل الكتاب-.

لو نفحص كل الايات والسور –الحربية- نرى على الاغلب لها اسباب نزول في وقتها، تحكي السورة او الاية عن حدث وقع وقتها...ولكن، لكن، بما ان –المتأسلمون، كما تدعوهم- يستندون عليها في هذه الايام حتى، ولا نرى ولا نسمع أي فقيه او عالم او شيخ يدحض عملهم بعرض تفسير الاية الصحيح ولايقوم ضدهم، فمعنى هذا ان الكل، الجميع مؤيدون لما يحدث، لذا لا آتي انا او حضرتك فنقول: معلش، خليهم يذبحوا النصارى لانهم لم يفهموا بالضبط معنى الاية، هم اللي غلطانين... فاهمني سيدي؟. بل سنقول بان هذا هو الايمان المحمدي، حيث يستندون على كلام مقدس ويفعلوا فعلتهم، وخصوصا حين لانرى احدا منهم يعارضهم. ولو كانوا هؤلاء خوارج فتلك ليست مشكلتي، لان الاحداث المحمدية اليومية تأتي من هؤلاء –الخوارج- لذا فاني احكم على ان المحمدية هي الخوارجية. انتهى.

الجملة –الاية- التي ذكرتها حضرتك هي هذه: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَو


6 - الأخ سلوان
رياض الحبيّب ( 2009 / 3 / 18 - 11:14 )
شكراً على سؤالك ونحن المسيحيّين نرحّب بكلّ سؤال ولا يسوؤنا أيّ سؤال! ولقد قمت سلفاً بالإجابة على سؤالك الكريم فيما يخصّ المسيحيّة- التي هي امتداد للعهد القديم الذي من ضمنه التوراة ومكمّلة له- وذلك عبر الرابط أدنى:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=164794

فأدعوك بالمناسبة إلى قراءة العهد الجديد أي الإنجيل ثمّ العهد القديم لكي تتعرّف على علاقة الله مع خلقه منذ البدء.

فإن خطرَ سؤال ما في ذهنك فبإمكانك وضعه في أحد محرّكات البحث لتجد جواباً مقنعاً من أحد المواقع المسيحيّة فإن لم تجد فاكتبه لي في هامش أحد مواضيعي القادمة على صفحات الحوار المتمدّن. مع التقدير

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah