الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عفة زائفة ودعارة مقدسة

رمضان متولي

2009 / 3 / 20
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لا نقول جديدا إذا أكدنا أن النفاق الأخلاقي في مجتمعنا بلغ ذروته مع تزايد مظاهر التدين في الملابس وممارسة الطقوس الدينية وغير ذلك من إضفاء المسحة الدينية على كل جانب من الجوانب التافهة في نشاطنا اليومي.

ولا نقول جديدا إذا أشرنا أيضا إلى أن هذه المظاهر الدينية المغالية في تشددها طرأت على مجتمعنا عندما ساد الإحباط وفقد مجتمعنا الأمل في الرقي والتقدم وتحقيق الطفرة في العلوم وفي الصناعة والاستقلال السياسي والاعتماد على الذات، ذلك الإحباط الذي ترتب على هزيمة المشروع القومي الذي قادته الناصرية في أواخر ستينيات القرن الماضي.

الاهتمام بالشكل والمظاهر على حساب المضمون الأخلاقي يأتي ملائما تماما لثقافة المجتمع المهزوم أمام طغيان القوة والثروة، لأن المجتمعات المهزومة والمحبطة تعجز عن الإبداع سواء في المجال المادي أو في المجال الأخلاقي، وكل ما تفعله لشرعنة سلوكها أن تضفي عليه عددا لا يحصى من الإجراءات والممارسات الشكلية لتجنب الشعور بالذنب حتى في ممارسة أبسط حقوقها، فالمهزوم لا يملك حتى الدفاع عن حقه أمام نفسه والآخرين.

شاهدت نموذجا لذلك في أحد برامج "التوك شو" على قناة "أون تي في" يوم الأربعاء الماضي الذي تناول فكرة العلاقة بين غشاء البكارة والعفة أو الشرف، ورغم أن ضيوف البرنامج حرصوا على تأكيد اعتقادهم بأن الشرف لا علاقة له بذلك الغشاء، بل إن بعضهم أكد الحقيقة البسيطة بأن الفتاة والمرأة هي المالكة الوحيدة لجسدها وأن لا أحد غيرها له أي حقوق على هذا الجسد، فقد حرصوا جميعا أيضا على تأكيد رفضهم لممارسة الجنس خارج إطار الزواج، وأكدت مقدمة البرنامج أكثر من مرة على هذا الرفض وكأنها تنفي اتهاما ولا تناقش قضية.

لم يلاحظ أي من ضيوف البرنامج هذا التناقض الصارخ بين تأكيد حق المرأة على جسدها وبين تقييد أهم ما يخص جسد هذه المرأة بإطار قانوني لا يستطيع أحد أن يزعم أنه إطار عادل أو رباط صحي بين الرجل والمرأة. جميع الضيوف ركزوا على المعايير المزدوجة في مجتمعنا الذكوري، وطالبوا ببرامج تربوية تهدف إلى إلزام الرجل أيضا بنفس القيود في ممارسة العلاقة الجنسية. لكن لم يرفض أحد فكرة أن للآخرين حق منع الرجل والمرأة من اختيار شكل العلاقة بينهما خارج إطار تلك المؤسسة العتيقة والقمعية – مؤسسة الأسرة.


وأنا أشاهد البرنامج تذكرت حالة نموذجية لهذا النفاق الأخلاقي في مجتمعنا والتي أدركت بعد ذلك أنها ليست الحالة الوحيدة، بل هناك الآلاف من الحالات المماثلة – وهي ممارسة الدعارة في إطار شرعي. لا تتعجب أيها القارئ من هذه الصياغة، فالحالة التي سأحكي عنها لا يمكن وصفها بغير ذلك. ففي أوائل تسعينيات القرن الماضي شكت لي زميلة في العمل مر الشكوى من استغلال المحامين لها ماديا وجنسيا، وعندما سألتها عن حاجتها للذهاب إلى المحامين قالت إنها تزوجت من أحد الشبان العرب من منطقة الخليج خلال زيارته لمصر. كانت تنتمي إلى أسرة مصرية فقيرة وتتمتع بقدر من الجاذبية والجمال، وقالت لي أن زوجها استأجر لها شقة بحي العجوزة الراقي كما استأجر سيارة ودفع لأهلها مهرا كبيرا وقضى معها في هذه الشقة فترة طويلة أنجبت منه ولدا وأصبحت حاملا في الثاني. وسرعان ما اكتفى زوجها من مصر ومنها ومن الشقة والسيارة، فتركها وعاد إلى بلاده دون أن يترك لها ما يكفيها ذل السؤال والإنفاق على ابنيهما.

وعندما سمعت قصتها أفلتت مني العبارة رغم قسوتها، قلت لها لقد استأجر الرجل شقة وسيارة وامرأة حتى وان اتخذت علاقته بك شكلا رسميا. اكتئبت زميلتي قليلا ولكنها أقرت بتلك الحقيقة، وكان قانون الجنسية آنذاك لا يعطي المرأة المصرية حق منج جنسيتها لأبنائها من الأجانب، مما كان يضطرها لقبول أي شكل من أشكال الاستغلال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي لها، من أجل الإنفاق على الأولاد الذين كانوا يعاملون معاملة الأجانب.

لا أعرف ما حدث لهذه المرأة بعد ذلك، لكنني عرفت أن هناك نساء كثيرات غيرها مارسن الدعارة أو تم بيعهن في هذه السوق تحت ذلك الإطار الشرعي المقدس الذي تباح من خلاله تلك الممارسة القذرة. والحقيقة أن أي مقارنة بين هذا الزواج وممارسة الجنس في إطار العلاقة الحرة بين الرجل والمرأة، سوف تكون في صالح العلاقة الحرة، فهي أكثر قدسية وأكثر احتراما لحقوق الرجل والمرأة في التصرف في جسديهما بحرية وفي نفس الوقت لا تعامل هذا الجسد على أنه سلعة تباع لمن يدفع أكثر حتى وإن كان ذلك في إطار "شرعي".










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انها دعوة
عيساوي ( 2009 / 3 / 20 - 06:22 )
كلامك هو دعوة صارخة لكي تصحوا ضمائر المجتمع ومشرعي القوانين، وليفرضوا هؤلاء ان هذه المرأة هي من بيته

تحية لك على هذه الدعوة


2 - أشكال اخرى للدعارة
أحمد السعد ( 2009 / 3 / 20 - 07:15 )
تحية لك وعلى اختيارك لهذا الموضوع الحساس ، انت ذكرن حالة واحده وقد تكون محدوده ولكن سأذكر لك عشرات الآلاف من الحالات التى تحصل فى بلدنا العراق وهى كيف تستغل الفتيات ومن فاتهن قطار الزواج فى زيجات يطلقون عليها عندنا( زواج المتعه) ويمكتلك الشيوخ ورجال الدين - الشيعه حصرا- اكثر من ثلاث او اربع زوجات يدخل عليها مرة او مرتين فى الأسبوع ثم يتركها لأخرى وهكذا حيث تنتهك كرامة المرأه باسم الدين وتترك لمصيرها المجهول دون حقوق وحين يحصل حمل يتبرأ هؤلاء - ذوى العمائم- من علاقتهم بتلك النساء. لقد شاعت هذه الظاهرة فى العراق بعد الأحتلال ومجىء موجات جراديه من رجال الدين المعممين الذين ملأ و البلد وتحكموا فى مصيره ومقدراته ومن ضمن ذلك المرأه العراقيه التى فرض عليها السواد والحجاب وتم التجاوز على حقوقها وحريتها وخياراتها الأنسانيه. أشكرك مرة اخرى وتقبل تحياتى .


3 - الحرية وليس الشرع أساس الزواج الناجح
nashery ( 2009 / 3 / 20 - 08:33 )
شكرا لك على طرح هذا الموضوع الحساس والخطير وذو العلاقة المباشرة في مفهوم الحرية , الحرية هي من تجعل الأنسان يبني العلاقة الصحيحة مع انسان آخر بكامل حريته لا يحكمه شئ سوى المرجعية الأخلاقية الصحيحة وليست الزائفة لكلا الطرفين , ففي حالة المثل المطروح وهو علاقة الزواج بين الرجل الخليجي والمرأة المصرية كان هدف الخليجي هو المتعة وكان هدف البنت المصرية هو المال ولكن الأطار الشرعي المسمى -زواج- هو ما أوهم الطرفين بأن ما يقومان به هو عمل أخلاقي لأنه شرعي , أما لو كان المحرك والدافع الحقيقي هو الأرتباط الروحي والعاطفي لما احتجنا للأطار الشرعي من أساسه ولكانت ثمرة العلاقة زواجا سعيدا وأطفالا سعداء وجنة وارفة الظلال من المحبة والعطاء ...أشد على يديك ومزيدا من هذا الطرح الذي نفتقده في كتاباتنا


4 - شكرا ونعم ان الاوان
مصرى ( 2009 / 3 / 20 - 08:53 )
ان الاوان لاعاده النظر ليس فقط في موضوع العفه الجنسيه الزائفه بل كما قلت في البدايه فى جميع التفاهات الدينيه والمظاهر الكاذبه وكل هذا النفاق والرياء المثير للغثيان ولكم اتمنى ان اعش لارى اليوم الذى تخرج فيه حركه نسائيه مصريه لحرق الحجاب على غرار حرق السوتيان منذ عقود فى العالم المتحضر


5 - هل المتعة زنا؟؟؟؟؟؟
واعي جدا ( 2009 / 3 / 20 - 08:55 )
اذا كانت المتعة زنا اليوم فهي كذلك منذ اول يوم احلت فيه.... الم يشرعهاالرسول وفارق الدنيا وهي حلال


6 - اضافه بسيطه
مصرى ( 2009 / 3 / 20 - 09:00 )
فيلم لحم رخيص للمخرجه المبدعه الجريئه ايناس الدغيدى وتمثيل الهام شاهين وكمال الشناوى تعرض لهذه القضيه


7 - وااااااااااااااا اسفاه
ولد لبلاد ( 2009 / 3 / 20 - 18:51 )
انها دعوة علنية للفساد و تشريع الزنا و الفسوق . والتدمير الكيان الاسري الدي دافعة عنه جميع القوانين الوضعية و الديانات السماوية .لهدا فمقال الكاتب بعيد عن ارض الواقع وسماء العقلانية بكتيييييييييييييير.وشكرا للجميع


8 - المهم اننا يجب ان نتطور
المتابع ( 2009 / 3 / 20 - 19:36 )
الاستاذ حامد لا يبدو ان لنا بد من بقائنا على محبتنا للحزب والاعتزاز به وهذه المحبة انما زرعتها ايام طويلة من المودة والحميمية التي غالبا ما غلفتها احلام وامال وطموحات مخلصة لبناء وطن حر على اسس من عقيدة الاشتراكية الغضة طوال القرن الفائت وياسيدي حين احببنا الحزب كنا قد احببنا الناس وفقرائهم وحين عشقنا الماركسية كنا قد عشقنا السلم والمساواة والعدالة وهي قيم لا شك رائعة ومن جملة ما تعلمنا من الماركسية هو مفهوم الديالكتيك وحكمية تطور الاشياء وتغيرها فهل تقبل لنا الماركسية ان نبقى في سجن عبادة الايدلوجيا مشكلة الحزب يا عزيزي وارجو ان لا يزعجك توصيفي لا يمكن حلها بالترقيع ولا بعقد المؤتمرات والكونفرنسات انما هي الحتمية التي قال بها ماركس هكذا هو التاريخ انما يمضي ولا مكان لمن يريد او يعمل على ايقافه او تغيير مساره مع شكري وتقديري لجهدك

اخر الافلام

.. لأول مرة في المغرب.. تعويض امرأة أصيبت بشلل جراء تطعيمها بلق


.. لبنان: ارتفاع جرائم قتل النساء بـ300 % عام 2023! • فرانس 24




.. ناشطات تخشين أن يصبح مشهد مقتل النساء أمراً اعتيادياً


.. رئيسة جمعية المرأة والمواطنة بالكاف كريمة البرين




.. لوحة تمثيل الثروة