الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تظاهرة (أيام سينما الواقع) DOX BOX 09: السينما التسجيلية وثيقة تاريخية ذات مضمون سياسي

مايا جاموس

2009 / 3 / 22
الادب والفن


اختتمت الدورة الثانية من تظاهرة الفيلم التسجيلي: مهرجان (أيام سينما الواقع) DOXBOX الذي استمر بين 4 و11 آذار في صالة سينما الكندي ومسرح القباني في دمشق. وقد عُرض نحو40 فيلماً تضمّنت مجموعة من روائع المهرجانات، ومختارات رسمية، وتظاهرة لقاء مع مخرج، وتظاهرة صوت امرأة، وتظاهرة ملاحظات عن الحرب، ولقاء مع مخرج هو الفرنسي نيكولا فيليبير. كما أقيمت ورشتا عمل، الأولى لكتابة سيناريو الفيلم التسجيلي، والأخرى للصحفيات الكاتبات في مجال السينما، وندوات ولقاءات مع مخرجين ومانحين.
تميز المهرجان بمسابقة فيلم الجمهور، فقد قام الجمهور بالتصويت لاختيار الفيلم مباشرة بعد كل فيلم فذهبت الجائزة إلى الفيلم الفلسطيني (هوب هوب المقلاع) الذي يرصد تجربة فرق الراب الفلسطينية في مواجهة معاناتهم بسبب الكيان الصهيوني.
المهرجان الذي خصص هذا العام موضوعَي الحرب والمرأة لتظاهرتيه ولعدد من النشاطات المرافقة، تميز بحضور الأفلام ذات المحتوى السياسي التي تتحدث إما عن الحروب أو عن التغيرات والأوضاع المجتمعية، أو عن سياسة الحكومات والأنظمة. تميز بينها فيلما الافتتاح والختام (ولو في الصين)، و(مراسلو بورما)، وعن حضور السياسة في السينما التسجيلية تقول أولا جاكوبسون (صحفية دانماركية مستقلة حالياً، رئيسة تحرير مجلة (دوكس بوكس) سابقاً، والمدربة في ورشة الصحفيات): (بشكل عام أعتقد أن الأفلام التي تحظى بالأهمية في الغرب لها مضمون سياسي، كما أن اهتمام الشباب الغربي بالسياسة يزداد، وتاريخياً كان للأفلام الوثائقية مضمون سياسي على الأغلب).
أما عن اختيار الحرب والمرأة بقول عروة نيربية (سينمائي- عضو اللجنة التنظيمية للمهرجان): (فهما موضوعان هامان، فبالنسبة للحرب لدينا قناعة أن سورية ناجية من الحرب لكنها محاطة بالحروب، وهي تتعرض للحرب نفسياً وروحياً ومعنوياً عن طريق جيرانها، وإن كانت لا تتعرض لها بشكل مادي. أما المرأة فهي موضوع أبدي إذ رغم أن وضع المرأة في سورية أفضل من بلدان أخرى لكن بالمقابل أسوأ من بلدان أخرى والوضع عموماً غير مريح. كما أن هذين الموضوعين من اهتماماتنا نحن المنسقين).
جاكوبسون التي ترى أن الفيلم التسجيلي يشكل في جانب هام منه (وثيقة تاريخية ذات مضمون سياسي)، في حين يرى نيربية أن (التاريخ ليس موضوعياً)، وبالتالي تقوم السينما التسجيلية بنفس الدور في التعامل مع التاريخ. وحول معايير انتقاء الأفلام، يقول: (إنها الأفلام التي تحضر فيها شخصية المؤلف، وتحمل وجهة نظر شخصية وموقف، ولها تأليف فني، وليست تغطية حيادية للموضوع)، متابعاً: (نحن ضد الأفلام التي تدّعي الموضوعية، لأن ادعاء الموضوعية في السينما هي حالة بروباغندا لبيع الموقف وليست تغييب الموقف أو اللاموقف).
تضمنت المشاركة السورية هذا العام ثلاثة أفلام هي (المنام) لمحمد ملص، و(ستة قصص عادية) لميار الرومي، و(أزرق رمادي) لمحمد الرومي. مع غياب لافت لأفلام المخرج السوري عمر أميرالاي الذي تتميز أفلامه بتناولها الواقع السوري بشكل جريء، يبرر نيربية هذا الغياب: (هنالك مشكلة مباشرة تتجلى بأن العديد من أفلامه لا تلقى ترحيباً (رسمياً) لعرضها في سورية وهذه ليست مسؤوليتنا، إنه ألمع السينمائيين التسجيليين ويساندنا ويحضر العروض ويعطينا الرأي والمشورة، لكن أفلامه من جهة أخرى لا توجد بالضرورة كل عام، وهو ليس كل السينما التسجيلية)، ويضيف: (كل الأفلام التي تعرض تراقب أصولاً وهي قوانين لا نتجاوزها، لكن كان هنالك تعاون حقيقي من مديرية الرقابة في وزارة الثقافة في دورتي المهرجان، لكن حتى الآن لا توجد ضمانات).
وعن المشاكل التي تعيق إقامة نشاط ثقافي مستقل يتحدث نيربية: (نحن لدينا مشكلة حقيقية: أنه ليس هنالك تعليمات ناظمة أو قوانين للتعامل مع النشاطات المستقلة، وبالتالي نتعامل مع كل دورة من المهرجان كنشاط مفرد، نحن بحاجة إلى وجود صيغة تضع الأمور على أرضية واضحة، كما نحتاج إلى التمويل، ليس بالضرورة حكومياً، إذ على الأرجح لدى المؤسسات الثقافية الحكومية هي الأخرى أزمة بالتمويل، لكن يمكن أن نوجد صيغاً أخرى لتأمين هذا التمويل، وهذا بحاجة إلى تطوير قوانين الضرائب، وهذا يضمن لنا تأمين تمويل محلي نحن بحاجة إليه ويضمن بقاءنا. ونرى أنه ما من شيء يضمن لنا المستقبل سوى وجود مساندة محلية). ويتساءل عن سبب إحجام السينمائيين السوريين الشباب عن المشاركة وحضور الورشات والندوات.
وفي جانب آخر لمشكلة التمويل تقول أولا جاكوبسون: (أعتقد أن مشكلة التمويل التي يواجهها السينمائيون العرب تجعلهم يركزون على مسائل محددة، إذ إن مصادر التمويل للسينما العربية غربية وهذا ينعكس أحياناً على أعمالهم بحيث يكون لها طابع أوربي).
السينما التسجيلية ذلك الفن الذي يُتعامل معه في العالم كسينما ثانوية بعد الروائية، يفتقد في سورية مقوماته من أكاديميات تدرّس السينما بشكل عام، وبالتالي وجود مخرجين وكتّاب له باستثناء القليل منهم ممن درس في الخارج، إلى جانب افتقاد تقاليد وطقوس فرجة سينمائية، والأهم مسألة تأمين التمويل، وتعقيدات الحصول على موافقات التصوير والعرض.
ومن هنا جاءت الورشتان في المهرجان كفرص تدريبية، تقول زينة ارحيّم (صحفية- مشاركة في ورشة الصحفيات): (كانت الورشة فرصة لأرى الفيلم بطريقة مختلفة، من نواح متعددة).
لقي المهرجان إقبالاً بشكل خاص من قبل الشباب، وكان لافتاً للنظر مستوى ترتيب المهرجان وتنظيمه وهو تظاهرة مستقلة، يشرف عليها مجموعة من الشباب.
من أفلام المهرجان (ولو في الصين) لمخرجه الجزائري مالك بنسماعيل، الذي يأتي إلى بلدة (غسيرة) التي انطلقت منها الثورة الجزائرية. ويبدأ بتقصي تاريخ الجزائر والثورة وهذه البلدة ومدى تأثر الجيل الجديد من أطفال المدارس بالثورة وأقاربهم من الثوار، لنرى أن هذا الجيل كأنما لا تربطه أية صلة أو علاقة بالتاريخ، لا يميز بين الثائر والإرهابي، بين الشهيد والقتيل، لا هوية له ولا ملامح، يعيش حاضراً متردياً في ظل نظام حكم قمعي، حيث تغيب الدولة، وتغيب الخدمات عن البلدة، وتبقى مظاهر القمع حاضرةً سواء من خلال أسلوب التعليم التلقيني، وتهميش البلدة، ليصبح أبناؤها (مهجَّرين في داخل بلدهم). وكأن المخرج يسأل عن الثمن الذي دُفع لتحرير الجزائر، أين صُرف وكيف؟ تاركاً المتلقي يصيغ تاريخ (غسيرة) وحاضرها بالشكل الذي فهمَه من خلال الفيلم.
فيلم (لا رمان في طهران) هو الآخر يبحث في تاريخ مدينة طهران، فيكتشف أنها مدينة (دون تاريخ محدد إذ إن الأجانب المتحيزون هم من كتب تاريخها)، طهران التي تأثر فيها حكامها على مدى زمن طويل بما عرفوه من ثقافة غربية، تصبح مدينة للفوضى والازدحام والتلوث الذي يحرم أبناءها من فاكهتها المميزة (الرمان)، وبالمحصلة فإن ناسَها يعيشون بطريقة تدبير الحال وهم راضون.
فيلم (مراسلو بورما) إخراج أندرسن هوغسبرو أوسترغارد، هو فيلم أبطاله الصحفيون مصوّرو الفيديو الذين ينقلون أخبار بورما المعزولة، إلى العالم في فترة تاريخية شديدة التوتر، حين قام الرهبان البوذيون باحتجاجهم السلمي على نظام الحكم في البلاد، لتتسع الاحتجاجات والمظاهرات في بورما، وتقع مواجهات عنيفة بين السلطة والمحتجين، تنتهي باعتقال الرهبان وعدد من المصورين المراسلين، وإخماد الثورة. هذا الفيلم الذي يقحم المتلقي بالحدث إذ يطرح مجموعةً من الأسئلة العامة.
مايا جاموس
جريدة النور- 381 (18/3/2009)









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟