الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوانين الحرية في المجتمع الديمقراطي

كاظم الحسن

2009 / 3 / 24
المجتمع المدني



حينما ننظر الى القانون كقوة رادعة مرئية تتجسد في الاجهزة التنفيذية، على شكل رجل الشرطة او رجل الامن، ليكون الالتزام بالقانون من خلال وجودهم اي ان القانون لم ينم في داخل النفوس، وتحول الى قوة مجسدة تحمل الاكراه وليس التوافق بين الدولة والفرد.ولذا ينظر الكثير منا الى الحرية بشكلها المطلق حينما حلت علينا مباشرة بعد القمع المطلق وتكميم الافواه، دون ان يكون للقانون اي دور في الحفاظ على الحريات.

وهذا ما ادى الى الفوضى في كل شيء، واصبحت القوة هي الفيصل في حل المنازعات والازمات وبما ان الانسان يميل الى مصالحه الخاصة وان الحرية المطلقة مفسدة بالضرورة كما هو الحال مع الحكم المطلق فهو فاسد بالضرورة ايضاً.

ان النسبية للحرية والحكم الذي يتمثل بالقانون واحترام الاخر والقبول بالتعددية والتعايش يضمن حياة كريمة للجميع، فالارض تتسع للجميع والثروات تكفي للعيش المشترك، فالبديل للعنف والارهاب والتطرف، هو ثقافة التسامح والديمقراطية والخروج على التزمت والتعصب والانفتاح على العالم واعتبار الاخر جزءاً من الانا له الحق في التمتع بذات الحقوق التي نطالب بها لانفسنا.

ان غياب الحرية بشكله النسبي يجعل الانسان في حالة استلاب فتغيب عنه ذاته الانسانية، وتتحول الحياة الى صراع من اجل البقاء وتسود شريعة الغاب ويصبح الكل عدو الكل.

ولكن الحرية المطلقة تتحول الى جحيم، وربما يشعر البعض ان الدكتاتورية اهون منها، ويشعر بالحنين اليها، الى السوط والبندقية بشكله التعسفي وهذه حالة مرضية ان ترى في الاضطهاد والظلم حالة الامان والاستقرار وقد تشكل عملية حفظ الذات وغريزة البقاء عاملاً مهماً في هذا التصور.

وفي الحياة على مستوى الاسرة حين تشعر بالخوف من خلال القمع والقوة فاننا ننظر الى الاب من خلال الخضوع والطاعة المطلقة، فيشكل التمرد على تلك السلطة من خلال غياب الاب او انهيار سلطته، وان مثل هذا النظام الابوي الذي تمتد سلطته من الاسرة حتى اعلى الهرم السياسي، يشكل ذوات خائفة، كثيرة الشك والقلق لا تملك المبادرة والخلق والابتكار، تميل الى السلبية والاتكال، وتسعى الى إلقاء اللوم على الاخر وتتنصل من المسؤولية، لانها لا تشعر بذاتها لكي تحاسبها وتكاشفها وتلقي اللوم عليها او تعترف بالخطأ عند حدوث ازمة ما، وهي بذلك لا تستفيد من الدروس والعبر لانها لا تفشل ولا تخطىء، الاخر من يتحمل النتائج السيئة انها تعيش مع لحظة النجاح والفوز والتمجيد والتبجيل واستثمار المغانم.

والعلاقات التي تتكون من خلال النظام البطريكي، تكون قائمة على التسلط والخوف، فتكون الذات منشطرة الى حب وكراهية الى رفض وقبول الى رضوخ وتمرد، فهي من جهة تكره هذه القوة التي نهددها باستمرار حتى تندس في اللاشعور، ومن جهة اخرى تشعر بالحاجة اليها لانها لا تستطيع القيام باي عمل من دونها، ولهذا فالاسر التي يحكمها الاب بصرامة وقسوة، يصيبها التفكك والانحلال حال غياب الاب، الذي ينظر الى العنف والبطش والقوة على انها من ضرورات العيش البشري او الاجتماع الانساني، دون النظر الى جذور المشكلة التي تتمثل بالتسلط والتنكيل بحيث تحرم الافراد من طاقاتهم وامكانتهم الكامنة، وسوف ترتد عليهم على شكل مشاعر تأنيب للضمير يتزايد حدة بسبب العجز والسلبية التي يخلقها النظام الابوي.

اما على مستوى الدول فيكون الزعيم هو الحاكم المطلق الذي يحق له ما لا يحق لغيره في شؤون الرعية والحكم وفي غياب دولة القانون ونظام المؤسسات والتنظيمات الشعبية التي تملأ الفراغ بين الدولة والمجتمع، تمتلىء الفجوة ما بين الاثنين بحالات الشك والتربص والخوف وانتظار الفرصة للانقضاض على الاخر.
ويحيط الدكتاتور نفسه بالعساكر والبوليس ويتحول القصر الذي يسكنه الى ثكنة عسكرية، ويصبح الاخر عدوا حتى يثبت براءته، وافعال الناس تؤخذ على محمل الشك والتآمر، والشيء نفسه، ينظر الطرف المحكوم الى السلطات على انه يبحث عما يضر الناس ويسلب ثرواتهم وربما حياتهم، فحتى بناء المدارس والجسور، تنظر الناس اليه على انه جهد عسكري مسخر من اجل الدكتاتور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقالات وإعفاءات في تونس بسبب العلم التونسي


.. تونس– اعتقالات وتوقيف بحق محامين وإعلاميين




.. العالم الليلة | قصف إسرائيلي على شمال غزة.. وترمب يتعهد بطرد


.. ترمب يواصل تصريحاته الصادمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين




.. تصريحات ترمب السلبية ضد المهاجرين غير الشرعيين تجذب أصواتا ا