الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى شهداء حلبجة

صباح قدوري

2009 / 3 / 22
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



في يوم 16اذار/ مارس من الشهر الجاري ،مرت علينا الذكرى الحادية والعشرين للفاجعة الكبيرة، وهي قصف قضاء حلبجة ، التي تبعد 83 كم جنوب شرق مدينة السليمانية. تم ضرب هذه البلدة بالاسلحة الكيماوية المحرمة دوليا،وبامر مباشر من الدكتاتور المقبور صدام حسين، ونفذها مجموعة من ازلامه . بعد سقوط النظام تم سوق بعض منهم الى العدالة وتجري الان محاكمتهم لينالوا جزاءهم، والبعض الاخر لازال هاربا من قبضة العدالة ،وخاصة الطيارين الذين ساهموا في عملية قصف حلبجة، وكانوا في وقت قريب موجودين في سجون الادارة الفيدرالية وفروا منها بقدرة قادر!، واخرين يعيشون بحرية تامة ،ويحظون بحماية ، وينعمون بالعيش الكريم ، ويساهمون في صنع القرار السياسي في ادارة فيدرالية كردستان العراق، من خلال اشغال المناصب المختلفة في هذه الادارة!،في الوقت الذي كانوا رؤساء فرق (جاش) لدى الطاغية، وساهموا معه في هذه المجزرة في حينه!.سببت هذه الكارثة المفجعة الى مقتل خمسة الاف من اهالي هذه البلدة ، معظمهم من النساء والاطفال والشيوخ، وجرح عشرات الاف اخرين. وان نسبة كبيرة من سكانها ،لا زالوا يعانون ايضا من مشاكل صحية، منها امراض سرطانية ، وضيق النفس ، وتشوهات خلقية للولادات، وان نسبة كبيرة من النساء يعانين من مشكلة الاجهاض. وعلى اثر هذه الفاجعة ، وبهذه الطريقة الهمجية والوحشية انتقم النظام السابق من ابناء هذه البلدة ، واصبحت مقبرة كبرى لجثث الاطفال الابرياء والامهات والشيوخ والكثير منهم قد تسمموا بغازات مختلفة. لا تزال اثار واضرار هذه الكارثة الاجرامية البشرية والنفسية والمادية باقية في نفوس سكانها وفي ضمير الشعب الكردي والعراقي والعالم اجمع. لابد للمجتمع الدولي ان يدرج هذه المجزرة الكبرى على لائحة ابادة الجنس البشري ، على غرار الجرائم الاخرى التي ارتكبت عبر التاريخ بحق البشرية في اجزاء اخر من كوكبنا ، من هيروشيما وناكازاكي في اليابان، ورواندا في افريقا وكمبوديا في جنوب شرق اسيا ، والبوسنة في اوربا ودارفور في السودان ، وصبرا وشتيلا في لبنان، وغزة في فلسطين، وهولوكوست اليهود وغيرها. كانت حلبجة تعتبر قبل هذه الفاجعة من الاقضية المتقدمة على صعيد العراق وكردستان، من حيث مساحتها الجعرافية وكثافة سكانها وعمرانية ابنيتها وطرقها وشوارعها، وتطورها من الجوانب الاجتماعية والفنية, من الموسيقى والغناء والمسرح ودور المراة المتقدمة في مجتمعها ، ومركزا للثقافة والادباء ، وهي مسقط راس الشاعر الكبير كوران وعشرات اخرين ، ومركزا تنويريا حيث ان ابناءها من المتحمسين للتعليم والتربية والحضارة والحداثة ، وكانت اراضيها ذات طبيعة جميلة، وغزيرة وغنية بانتاجها الزراعي، وتتمتع ايضا بانتعاش اقتصادي في المجالات التجارية والصناعية والسياحية والبناء. رغم مرور عقدين وسنة على هذه الكارثة الانسانية التي دمرت كل معالمها وبنيتها التحتية ، ولاتزال هذه البلدة وسكانها بحاجة الى المساعدات الانسانية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية . فمن الجانب الانساني ، لم تعطي لهذه الكارثة الانسانية حجمها الحقيقي سواء على صعيد العراق او الدول الاقليمية او العالمية . ولاتزال المساعدات الانسانية من المعالجات الطبية وفتح مستشفيات خاصة لمعالجة اثار هذه الكارثة وتاهيل ابناءها ، ليست في مستوى المطلوب. وكثير من المساعدات الدولية الانسانية والمادية التي قدمت لهذه البلدة ، لم تصل الي سكانها بشكل كامل ، بسبب اهمال المسؤولين المحليين وتفشي مرض الفساد الاداري فيهم. اما على الصعيد الاقتصادي ، رغم ان حلبجة تعتبر من اكبر الاقضية في الاقليم الحالي ، لم تجري فيها اعادة اعمار واعادة بناء حسب الاولوية والضرورة، لما خربه النظام السابق من البيوت والطرق والمواصلات والمؤسسات بشكل مريع . لم يتم مراعاة لعوائل الشهداء واقامة المشاريع الصناعية والزراعية لامتصاص البطالة المتفاقمة، بل تم بناء متنزهات وحدائق، واقامة بعض مشاريع صغيرة، ونصب تذكاري رمزا لشهداء ابنائها ،الذي تم حرقه نتيجة غضب الجماهير ومعاناتها الاقتصادية. اما من الجانب الاجتماعي ، فان البلدة لم تنتعش ولم تشهد تطورا في الفعاليات الاجتماعية المختلفة ، مثل المجالات الفنية والادبية والموسيقى والمسرح والثقافة والادب ، كما ان هذه البلدة عانت ايضا الخراب على ايدي جماعة انصار ومجاهدي الاسلام من اتباع القاعدة ، الذين تمركزوا على هذه البلدة في منطقة هاورامان لفترة من الزمن، الى ان تم تصفيتهم بعد سقوط النظام السابق من قبل القوات الامريكية وفروا الى ايران.لم يلمس ابناء هذه البلدة اي تغير جذري في حياتهم بعد هذه الكارثة وحتى يومنا هذا ، وقد عبروا مرارا عن معاناتهم وبطرق مختلفة للمسؤولين الاداريين والحزبيين، ولكن من دون جدوى، هذا رغم ان الموارد المالية التي تمتلكها الادارة الفيدرالية في الاقليم اليوم ،هي هائلة بالقياس الى السابق . وهي كافية لتحسين الخدمات من الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، وبناء المدارس والمستشفيات ومراكز التاهيل الصحية والبدنية ودور الرعاية الاجتماعية، ودورالثقافة والفنون والشبيبة والنشر، وفتح الجامعة بفروعها المختلفة والمعاهد التابعة لها، وتبليط الشواريع وفتح الطرق وتحسين النقل والمواصلات، وتوفير المساكن اللائقة لابناء هذه البلدة ، واقامة المشاريع الزراعية والصناعية والتجارية، واجراء تغيرات ضرورية، حتى يستطيع ابناء هذه البلدة ان يخففوا من معاناتهم وحزنهم الطويل والمستمر بسبب نتائج هذه الكارثة الكبرى. ولا يمكن اكرام هذه البلدة من دون توفير وتقديم هذه الخدمات لها وتضميد جراحها واعادة بناءها مجددا، واخذ بيد ابناءها نحو مستقبل زاهر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مدينه في القلب
عدنان عباس سكراني ( 2009 / 3 / 22 - 06:08 )
هذه المدينه الشهيده هي في وجدان كل عراقي وهول المعاناة التي جرعها اهلها زمن حكم الدكتاتوريه لا مثيل له في كل العراق فكان الاجدر من حكومة الاقليم والحكومه الفدراليه اعتبارها استثناءا في الاعمار وتوفير البنيه التحتيه للخدمات

اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية