الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف خارج المصالحة

جمال المظفر

2009 / 3 / 26
المجتمع المدني




شهدت مرحلة ما بعد التغيير هجمة شرسة ضد بعض المثقفين بدعوى انحرافهم عن الخط وأدلجة خطابهم الثقافي لصالح النظام الدكتاتوري ، ولم يقف الهجوم عند الملاسنة الكلامية او المقالات التحريضية ، بل وصل الى التهديد بالقتل ، بالرغم من ان اغلب هولاء لم يكونوا من حملة الصفات الرفاقية التي كانت طاغية في اغلب المؤسسات الاعلامية ايام الحكم الدكتاتوري البائد ...
المشكلة اننا، وفي كل العصور نصنع المنافي ونؤسس لمعارضين ، نتهم الاخرين ونخونهم لمجرد كتابة مقال او قصيدة، وبذلك تصنع الحكومات والانظمة مثقفين معارضين يكون لهم ثقل سياسي فضلا عن الثقل الثقافي، ويكون تأثيرها في المنفى كبيرا كما حصل مع الشاعر الكبير مظفر النواب، وشاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري، والبياتي والكثير غيرهم ...
فلو احصينا الآن عدد المثقفين الذين تضمهم المنافي لوصلنا الى احصائية مرعبة ، فلكل زمن رجال وقادة ، ولكل رجال وجهات نظر متطرفة ، من يوصف في هذا الزمن زمارا وطبالا يعد في الزمن الآتي علما من اعلام الامة، ورمزا من رموزها ...
فالعراق يعد من الدول المتقدمة في صناعة المنافي ، ما ان يحدث انقلاب او ثورة شعبية او تحول ديمقراطي حتى تبدأ مرحلة جديدة من التهجير الثقافي، واصدار لوائح وقوائم بـ ( المنتفعين ) والتي هي تهمة جاهزة لكل شخصية غير مرغوب فيها حتى لو كانت تكتب ( قدوري قاد بقرنا ) والتي تؤول على ان قدوري هو ( الزعيم ) وفقا للمنطق الايديولوجي ...
الغريب في الامر ان الرفض للمثقفين قائم ولا جدال فيه ، بل لا تمد لهم يد التسامح للعودة الى ارض الوطن من اجل إعادة بناء الثقافة الجديدة ، بينما تمد الايادي بكل تودد للمصالحة مع البعثيين الذين اذاقوا الشعب مرارة الحياة، وزوجهم في حروب خاسرة على مدى خمسة وثلاثين عاما ...
المصالحة الوطنية يجب ان تبدأ بالمثقف لأن الأخير هو صاحب المشروع النهضوي، والباحث عن السلم والامان والبناء الحضاري، ولا يبحث دائما عن لغة او ( لعنة ) الكراسي التي يتقاتل عليها السياسيون، ويتآمرون على بعضهم من اجل أربع قوائم، وحضن دافئ لا يضاهيه حضن أية امرأة أخرى ...!!
المثقفون صنّاع الحياة وقادة المستقبل ، لا يفكرون بالانقلابات العسكرية او خيانة اعز اصدقائهم او التآمر على بعضهم بعضا ، ما يحلمون به يعطونه للآخرين، ويعوضون خساراتهم بالامنيات، لا يفكرون بالاختلاسات او الرشاوى او الركض وراء دراهم ولاة الامر الذين يبذخون بأموال المسلمين على المداحين والرداحين والزاحفين على فتات الموائد ...
ما يبحث عنه المثقف حياة حرة كريمة لكل ابناء الشعب ، وان يبنى بلده الغني بآبار ( الغضب الاسود ) أسوة ببلدان العالم التي لا تمتلك خيرات كالتي يمتلكها العراق ، بلد يليق بناؤه بحضارته وتاريخه ، لا بلد يبنى على الدماء وتؤسس العروش على جماجم ابنائه ...
فلنمد ايدينا للمثقفين، ومن انحرف منهم نعيده الى جادة الصواب من اجل بناء مجتمع مثالي خال من الحقد والكراهية ، مجتمع يعتمد المصارحة والتسامح لا الثأر ، ولنحاسب من تلطخت ايديهم بدماء العراقيين الابرياء ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري


.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان




.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو


.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يتظاهرون في باريس بفرنسا