الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية الذات الكردية والآخر السوري

أحمد جان عثمان

2004 / 4 / 7
القضية الكردية


كان على أحدهما أن يصعد الصليب: باراباس أو الناصري.
على الكردي السوري حرية أن يكون، في قدره المأساوي هذا، إما باراباس وإما الناصري. لكنّنا، كسوريين، نطالب به عكس ما طالب اليهود بباراباس، ونغسل أيدينا، مثل بيلاطس، من دمه البريء، المسفوك وهو يطالب بحقوقه الإنسانية والقومية. ينبغي أن نكون حوارييه وأن لا ننكره، مرات ومرات، قبل طلوع الفجر السوري حتى نستحقّ، بجدارة، أن نكون صخوراً تُبنى عليها كنائس الحوار.

تبقى الذات منغلقة على نفسها في طور التحقّق. فهي، هنا، ليست بمقدورها الانفتاح على الآخر. إنها تشبه، في هذا الطور، الشجرة التي تمتصّ جذورها ما حولها في الأرض من ماء وأسمدة للنّمو والإثمار. كذلك هي الذات، تثمر حتى تلتفت حولها بحثاً عن الآخر، وكمراهِقة، معلِنةً مرحلة البلوغ. الانفتاح على الآخر يستدعي الذات المتحقّقة. سوريا، بوصفها وطناً للحوار، تؤكِّد على الذات الكردية بقدر ما تفعل ذلك تجاه الذات العربية. إنها (سوريا) الآخر الوسيط لجميع الذوات الفاعلة في مجالها الجغرافي.

نكران الذات، بمعناه الآخر، هو التأكيد على الذات. تسقط الثمرة عن الشجر حتى تنبت، ذاتها، في مكان آخر. الثمرة هنا... هي بذرة هناك. إنها حاضرة على الدوام. السوري حاضر في الكردي كما أن الناصري حاضر في باراباس وكما أن الظلّ وجه آخر للضوء... الآخر هو أنا في ما مضى، كذلك أنا لن أعود أنا حتى أستمر. حضوري في غيابي. هكذا، بين الحضور والغياب يستمر الآخر. بهذا المعنى فإن الذات ما هي إلاّ الآخر.

الآخر قدري، يتحقّق بتحقّقي. فبقدر ما أستغرق في ذاتي أستهلك الزمن الفاصل بيني وبين قدري، الذي هو الآخر. عندما ينعدم الحوار بين الذات الكردية وآخرها السوري فلن يبقى أمامها سوى المآل إلى آخرها الكردستاني. فإننا، بنفي المسألة الكردية، وعدم التعاطي معها انطلاقاً من وحدة الحوار السوري، نكون قد نفينا أن يكون الآخر السوري هو قدرها. سوريا و"كردستان" تتنازعان على مصير الكردي السوري والفوز في النهاية للتي تساهم في تحقيق ذاته بين الواقع والحلم. سوريا الآن واقعه وكذلك يمكن أن تغدو حلماً له في حين أن "كردستان" الآن هي حلمه ويمكن أن لا تتحقّق كواقع له.

للكردي أن يحقّق كرديّته كما تنمو البذرة إلى الثمر. ولنا أن نرعى هذا الفعل، لا بالوصاية بل بالمشاركة، حتى نتلافى في المستقبل إمكانية أن يقطف الآخر الكردستاني ذلك الثمر. ليس بوسعنا بلوغ موسم القطاف، قطاف نكران الذات، إلاّ من خلال الرعاية والاعتناء، منذ البداية، بالتأكيد على الذات. وحده حوار الذات والآخر هو السياج المنيع، الذي يحول دون "دخول الدبّ إلى كرومنا".

كان على أحدهما أن يصعد الصليب: باراباس أو الناصري.
على الكردي السوري أن يختار، بملء إرادته، قدره. إما أن يصعد صليبه من خلال نكران الذات والتأكيد على الآخر السوري، فالمشيئة السورية تطالبه بهذه التضحية، وإما أن يذهب في سبيله نحو الآخر الكردستاني من خلال التأكيد على الذات. ما يجدر الذكر، ههنا، هو أن اتّصال الكردي بالحوار السوري تضحية منه في حين أن نضاله في تحقيق ذاته حقوق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كم عدد المعتقلين في احتجاجات الجامعات الأميركية؟


.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين




.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في


.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال




.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال