الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السمكة لا تفسد من ذيلها

ناهد نصر

2009 / 4 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


النظام السياسى يكذب حين يرفض إنشاء أحزاب على أساس دينى، ثم تتورط مؤسساته فى صراعات مع مواطنين على أساس الدين، فما مصلحة وزارة الداخلية فى أن تطعن على حكم المحكمة السابق بوضع "شرطة" فى بطاقة البهائيين، وما مصلحة وزارة التربية والتعليم فى إجبار تلميذين على الامتحان فى مادة التربية الإسلامية رغماً عنهما، أو وزارة الثقافة فى الصمت المطبق والتدخل السلبى أحياناً فى المذابح التى تتعرض لها أعمال وأشخاص، بحجة أنهم أساءوا للدين.

مؤسسات الدولة لا تلعب دوراً محايداً حين يفترض بها ذلك، فبدلاً من أن تكون هى الطرف الذى يجمع الكل على أساس المواطنة، أى المساواة فى الحقوق والواجبات، لا تربأ تلك المؤسسات عن الدخول فى معارك جانبية، وخصومات مع مواطنين من المفترض أنها قائمة على خدمتهم ورعاية مصالحهم العليا.

إن اختيار العقيدة وإعلانها والاعتراف بها واحترامها أحد الحقوق الأساسية للمواطن، والدولة مطالبة بأن تزيل كل شكل من أشكال التمييز على أساس الدين من كل ما هو رسمى، وأن تعترف قلباً وقالباً بأن جميع المصريين متساوون أمامها دون عائق، أما الاختلاف فى أمور العقيدة فهو أمر طبيعى تماماً، كما الاختلاف فى الرأى. لكن من غير الطبيعى أن يترتب على هذا الاختلاف انتقاصاً فى الحقوق، أو أن تجور جماعة على أخرى، أو تتوجه لها بالإساءة والإهانة والتجريم، وما هو أكثر.

والدولة عليها أن تضع قواعد واضحة لإدارة الاختلاف، وأن تضرب مثلاً على ذلك من خلال مؤسساتها التشريعية والتنفيذية، فلا تنحاز لمعتقد على آخر، ولا تميل لأصحاب ديانة بعينها، وأن تفعل القوانين التى تجرم التمييز على أساس الدين بكل أشكاله، بما فى ذلك ما ينطق به اللسان من صفات وألفاظ تقلل من شأن الآخر وتهينه، فيشعر المواطن أنه قادر على اللجوء لدولته لتحميه وتدافع عنه، لا أن يجد نفسه بين عدة خيارات أحلاها مر.

ولسبب غير معلوم، رأت الدولة ألا تأخذ باقتراح توافق عليه الكثيرون، وعلى رأسهم المجلس القومى لحقوق الإنسان بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية. وفضلت على ذلك أن يكون لدينا مواطن "مسلم" ومواطن "مسيحى" ومواطن "مسلم سابق"، وأخيراً مواطن "بشرطة". و"الشرطة" ترمز حتى هذه اللحظة للبهائيين، ولا ندرى إن كانت ستتسع مستقبلاً لتضم آخرين من غير الديانات المعتمدة رسمياً، أم سيكون هناك مواطن بشرطتين وثلاث شرطات، وهكذا، حتى تصبح البطاقة الشخصية خير معبر عن التنوع الدينى على الطريقة المصرية.

فالمسألة ليست فى حكم المحكمة، كما أنها ليست فى عبارة تكتب على البطاقة الشخصية، وإنما فى اعتراف المجتمع والدولة، بحرية العقيدة كمكون أصيل ضمن مكونات "المواطنة"، وهو أمر غير متحقق لأننا نعانى من غياب ثقافة الاعتراف بالآخر، وسوء إدارة الاختلاف، لكن السمكة لا تفسد من ذيلها.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب