الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي العمالي العراقي والدين

سمير عادل

2004 / 4 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليس بجديد على الشيوعيين، ان يشهر بوجههم سلاح معاداتهم للدين من قبل اعدائهم من الطبقة البرجوازية. فالدين الذي اركنه نفس الطبقة البرجوازية جانبا بعد الثورة الفرنسية، واقصي من التدخل في حياة المجتمع واصبح شأنا شخصيا بالافراد، اعيد من جديد من لدن نفس الطبقة لتخدير الجماهير كأحدى الوسائل المهمة لادامة الاستثمار واستغلال الانسان وتقديس المجتمع الراسمالي القائم على النظام الجور والعوز والفاقة من اجل حفنة من المتطفلين. وبين البيان الشيوعي عام 1848 الذي اصدره ماركس، محاولات البرجوازية في محاربة الشيوعيين تحت عناوين مختلفة منها"ان الشيوعيين يدعون الى الاباحية الجنسية ومعاداتهم للدين…".وبالرغم من ان البرجوازية الصاعدة عام 1789 هي التي شرعت اول قانون للالحاد واصبح بندا من الدستور الفرنسي، الا انها اول من اعاد الى المجتمع الدين كمؤسسة ايدلوجية تنتج الافكار والقيم لتخليد ازلية النظام الراسمالي وتقديس ابدية نظام اللامساواة، كنظام الهي مفروض على المجتمع البشري. وكانت محاولات بونابرت في الغاء قانون الالحاد وفرض الضريبة على الورق هي جزء من الحملة التي شنها لتقويض الحرية ومحاولة منه لتخليص المجتمع من الثورات العمالية اللاحقة. وهكذا اصبحت الكنيسة المستبدة والقمعية التي اقصيت من حياة الجماهير في الغرب، لتعود بشكل آخر الى المجتمع من قبل نفس الطبقة التي نفتها. ويمكن ملاحظة دور الكنيسة في امريكا الشمالية بشكل واضح كنموذج لما قلناه في الغرب، وخاصة بعد احداث الحادي عشر من ايلول.حيث سل هذا السلاح الدعائي والسياسي من غمده من قبل ادارة بوش في ما سميت بحملته "ضد الارهاب". ولولا انتقادات التيار الليبرالي في اوربا لمضى بوش في حملته الصليبية كما اعلنها بكل صراحة ووقاحة منذ تلك الاحداث.
ولو عدنا الى فترة الحصار الاقتصادي، تلك الفترة الحاكلة في حياة جماهير العراق، نجد ازدهار الدين والافكار القدرية. ولقد لعب نظام صدام الدموي من خلال حملته الايمانية الى جانب الجوع والفقر المدقع يتخلله دولايب الدم والتعذيب وقطع الالسنة والاذان في فرض الاسلمة على المجتمع العراقي. فكانت محاولة ناجحة لانقاذ نظامه خلال كل هذه السنوات من الاطاحة به من قبل الجماهير.
فيما يخص الحزب الشيوعي العمالي في العراق، فأنه ينظر الى الدين كما جاء في البيان الشيوعي لماركس وانجلز وهو ايدلوجية الطبقة البرجوازية لجر الجماهير للحيلولة دون مس اسس العلاقات الرأسمالية "علاقات الاستغلال" التي تستند هذه الطبقة في ادامة وجودها على حساب الجموع الغفيرة من العمال والنساء والاطفال. ولم يكتف الدين في دورها لخداع الجماهير وتخديرها، بل اصبح وسيلة لتقسيم المجتمع العراقي بيد الاحزاب الاسلامية وغيرها من الاحزاب البرجوازية على اسس طائفية"شيعي وسني، مسيحي وصابئي ومسلم". وادامة وجودها من خلال هذا السلاح البتار.
ولكن المثير للسخرية، عندما تحاول جميع القوى البرجوازية في مجلس الحكم وخارجه في ترويج دعايتها بمعاداتنا للدين لوضع الحواجز النفسية والايدلوجية بين الحزب الشيوعي العمالي والجماهير" انظر مقال: المارد الشيوعي ينهض في العراق-العدد 131"، ناسيا ان الجماهير لا تنجر وراء الافكار بل وراء مصالحها المادية. ولو لا الة القمع ومصادرة الحريات والسيطرة على ثروات المجتمع لما كانت لهذه القوى الاستمرار ليوما واحدا. ومن جانب آخر تعطي لنفسها الحق والشرعية لترويج الخرافات الدينية للتفريق بين والبشر وتحليل من "الحلال والحرام" كما يقولون لتصفية كل من لا يؤمن بأيدلوجيتهم. لكن عندما نفضح تلك الممارسات عن طريق دعايتنا وتحريضنا ، تنقلب الدنيا ولا تقعد، بأن الشيوعيين اعداء الدين وكفار وملحدين وزنادقة وشعوبيين ومجوس… كما كان يحلو للبعث في نعت مخالفيه.
ان برنامج الحزب الشيوعي العمالي واضح وجاء فيه حرية الدين والالحاد. ان الشيوعيين يوجهون نقدهم للدين كما يوجهون نقدهم للفلسفة والاخلاق والاقتصاد ..الخ من البنى الفوقية للنظام الراسمالي. الا ان القوى البرجوازية لا تكترث لانتقاداتنا الاخرى مثلما تكترث لانتقادنا للدين. انه السلاح الماضي ودونه لا معنى للحياة بالنسبة لهم. انها تريد ان تظفر بالدنيا اما الاخرة فهو للمحرومين والجياع. والحق يقال هنا فأن المحرومين والمضطهدين يخسرون الدنيا. وفي الاخرة ايضا ينتظرهم الجهنم لانهم لم يوالوا ولم يطيعوا ممثلي الله في الارض. ان الدين كما هي القومية ايدلوجيتين لمسخ الهوية الانسانية للبشر. انهما وسيلتين بيد البرجوازية في فرض الاستغلال والاستعباد والتفرقة على اساس المعتقد والجنس بين البشر. نحن لا نعترض أي انسان يؤمن باي معتقد مثلما لاي شخص الحق ان لا يؤمن بأي دين. لكن السؤال الذي اريد اطرحه لماذا يجب ان نعرف الانسان على اساس قوميته ودينه؟ لماذا لا تقبل هذه القوى بتعريف الانسان بهويته الانسانية؟ لماذا لا يصبح الانسان مقدس وحقوقه وحرياته مقدسة؟ لماذا يجب ان تقدس المعتقدات والافكار؟ ان المسالة واضحة، فدون الدين لا معنى لوجود هذه الاحزاب التي تعتاش على اساس مسخ الهوية الانسانية. واخيرا اخاطب الذين يريدون مننا ان نجامل القوى الاسلامية وغيرها، اقول لهم أن طوال تاريخ البرجوازية، فأنها لم تجامل العمال والكادحين ولم تجامل النساء والشباب في تطلعاتهم. فرضوا ادنى الاجور وحرموا الجماهير من حق السكن وشروط انسانية في المعيشة وحاولوا فرض قوانينهم اللانسانية مثل الحملة الايمانية وقرار 137 وتأهيل الادارات البعثية القديمة وتنصيب البعثيين… الخ. كيف نجامل تلك القوى على حساب اولئلك الذين ربطوا مصيرهم بمصير الحزب الشيوعي العمالي في الحرية والمساواة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال