الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوردستان وصعوبات النهوض الديمقراطي

عزيز العراقي

2009 / 4 / 4
القضية الكردية


منذ ازاحة نظام صدام ولحد الآن نسمع الكثير عن تميز تجربة اقليم كوردستان , وضرورة الاقتداء بها من قبل باقي مناطق العراق . والغالب على هذه الدعوات مقارنة الاستقرار الامني فقط , ولابد من التذكير ان كوردستان لم يحدث فيها انهيار مؤسسات الدولة التي خلقت الفوضى وخربت كل شئ . وقد فات الكثيرين عن جهل او عمد , ان استقرار الوضع في كوردستان نتيجة التحاصص ( العسكري ) وتقاسم النفوذ بين الحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكوردستاني في السليمانية والديمقراطي الكوردستاني في اربيل . ولاشك ان بسط النفوذ الذي يأتي بعد صراع دام بين الحزبين ولعدة سنوات , يفرض ادارة شبه عسكرية في كلا المنطقتين, تعتمد في اغلب مفاصلها على الهيكل الحزبي الموثوق به وجهاز الامن الاكثر وثوقاً . ولاتزال سيطرة الاجهزة الحزبية والامنية على ادارات الحكومة ودوائرها مستمرة .

ان اية قيادة حزبية تعتمد على الانفراد في ادارة الدولة – حتى وان وضعت بعض الاحزاب الصغيرة معها لاجل الديكور – لن تتقبل الفات النظر الى النواقص بايجابية , وبالعكس فانها تبذخ في اقامة المهرجانات الاستعراضية التي تمجد التجربة , وكوردستان بادارتيها لاتشذ عن هذه القاعدة , لذا كثر المداحين والطبالين من الاكراد والعرب . ولاشك ان البعض من الكتاب الكورد وتحت ظل التمتع بالنشوة القومية التي تحققت باحقاق حق الكورد المشروع في العراق الفيدرالي , غض الطرف عن تجاوزات نظام ادارة المجتمع الكوردستاني . وجاءت النتيجة بعكس ما اطلق على القائمة الكوردستانية من انها( قبة الميزان ) في المعادلة السياسية العراقية , ووجدناها وهي التي تضم الحزبين الرئيسيين ( المتنافسين ) اكثر امكانية لخلق الاحتقانات البنيوية مع حكومة المركز (الاتحادية ) في بغداد التي لم يكتمل بناء مؤسساتها بعد , ولايزال الدستور الذي يحكمها يتحمل الكثير من التعديل . وبدل ان تكون ادارة الاقليم احد الركائز الاساسية للحكومة الاتحادية باعتبارها تمتلك تجربة الحكم منذ عام 1992 ولحد الآن , الا انها اصبحت عامل ضعضعة للحكومة الاتحادية . ويبدو ان الاصرار على اعتماد القائمة المغلقة في الانتخابات القادمة للاقليم ما يؤكد استمرار النهج على ذات المنوال .

في الفترة الاخيرة وبالذات بعد ان كشفت احدى الصحف الامريكية عن ارصدة مام جلال رئيس الجمهورية ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني , والسيد مسعود البارزاني رئيس الاقليم ورئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني , ازدادت الاصوات التي تطالب بالشفافية وضرورة تغيير البنية المتبعة في ادارة الاقليم . ولعل ابرز هذه الاصوات صوت محمد الحاج محمود الامين العام للحزب الاشتراكي الكوردستاني , والنائب في برلمان اقليم كوردستان . فقد توقع في المقابلة المنشورة معه في صحيفة " الشرق الاوسط " يوم 20090330 حصول تغييرات في الخارطة السياسية الكردية في الاقليم واخرى في التحالفات بين القوى السياسية الكردية في اعقاب الانتخابات النيابية المزمع اجراؤها في كوردستان . ورفض وصف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ب" الدكتاتور" كما ردده بشكل مباشر او غير مباشر بعض الساسة الكورد . وداعيا اربيل الى ان تحذوحذو بغداد على صعيد الديمقراطية . وشكا حمه حاج محمود من سيطرة الحزبين الرئيسيين على مقاليد السياسة والاقتصاد في الاقليم . وقال : " ان بغداد تقدمت علينا في مجال الحرية والبرلمان من خلال استدعاء الوزراء وتغيير رئيس البرلمان وهذا الامر يبني الامل في المستقبل , كما توجد هيئة نزاهة في بغداد بينما لايوجد لدينا شئ من هذا القبيل " . واضاف قائلا :" في السابق كانت عين بغداد على اربيل , اما الآن فعيوننا على بغداد " واضاف " لكن اهم شئ هو تسلط الحزبين ( حزب بارزاني وطالباني ) على مجريات الامور في اقليم كردستان , وان هناك اتفاقاً مغلقاً بين الحزبين حول توزيع السلطة والاقتصاد لحد الآن لانعرف تفاصيله " , وقال محمود " نريد ان تكون هناك شفافية في العمل وان تحدد ميزانية الاحزاب في البرلمان بحسب القانون , ففي احيان تدفع الحكومة المنحة وفي احيان اخرى لا , اي كما تشاء , فعندما تكون علاقتك جيدة بالحكومة تعطيك المنحة , واذا انتقدت شيئاً فانها تؤخر وتعرقل الدفع " . وهذا السبب يوضح عدم تمكن الاحزاب الكوردستانية الاخرى من توجيه اي نقد الى قيادة الحزبين الا القليل جداً منها مثل قادر عزيز سكرتير حزب ( زحمة كيشان ) والذي يطالب بالشفافية ايضاً , وما يقوله حمه حاج محمود في هذه المقابلة . ويضيف محمود " حتى علبة الكبريت لايمكن لنا صناعتها , فاذا ذهبت الى محل بقالة فان كل شئ مستورد فيها الا ان البائع كردي " .

لقد استنفذت الاحزاب الدينية حدود استغلالها للطائفية , كموجة ثبتت لها بعض المواقع الوقتية القوية , استعادت هذه الجماهير وعي مصلحتها ورفضت زيف الطائفية في انتخاب مجالس المحافظات , واجبرت هذه الاحزاب على اعادة النظر بتوجهاتها او مواجهة الاضمحلال عن طريق الانتخابات التي بدءت تترسخ قيمها وتقاليدها داخل المجتمع العراقي . ان بعض قيادات الاحزاب الكوردستانية التي اندفعت برفع سقف مطالبها القومية , وآثرت عدم ربط الفيدرالية بالكردية مثلما قال احد الكتاب : على امل ان تأخذ باقي الاقاليم – وبالذات اقليم التسع محافظات الطائفي – ذات الحقوق الكردية ان لم تكن اكثر , ويتم تجريد الحكومة المركزية من صلاحياتها مما يضمن الوضع شبه المستقل لهذه الاقاليم . يحدونا الامل ان تعيد هذه الاحزاب توجهاتها وتضع الفيدرالية الكوردية في سياقها الوطني المقرور , والذي يضمن استمرار ونمو نجاح تجربة كوردستان العراقية, وهو احد الاختلالات الرئيسية التي اعاقت النمو الديمقراطي لكردستان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدعي عام الجنائية الدولية لشبكتنا: تقدمنا بطلب مذكرات اعتقال


.. تعرف إلى إجراءات المحكمة الجنائية الدولية لإصدار وتنفيذ مذكر




.. بايدن ونتنياهو يعلقان على مذكرة المحكمة الجنائية الدولية


.. الجنائية الدولية تطلب إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيل و




.. بايدن عن طلب الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو